نم في البقيع

في رثاء الشاعر الكبير عمر بهاء الدين الأميري :.

الشعر تاجك وهو روض مشرقُ=والفضل دوح في رحابك مورقُ
وعلى مرابعك الفسيحة خيمة=نسج الإباء جلالها والمنطق
فيها السماحة والبشاشة والندى=ومروءة في سيبها تتدفق
أسرجت عزمك للأصالة حارساً=ووفاؤك العالي لعزمك فيلق
ونسجت من ذوب الفؤاد قوافياً=مثل النجوم بهاؤها لا يخلق
ستظل مثل الشمس في رأد الضحى=وعلى غلائلها البهيجة رونق
وتظل للورّاد شهداً سائغاً=ونميره أبداً يفيض ويغدق
والشعر أنت جداول وخمائل=تجري رخاء والطيور تصفق
فكأنه الحسناء ماست تزدهي=والبشر فيها ضاحك يتألق
وبناتك الغر الحسان قلائد=تزهو بمبدعها الفقيد وتشرق
وتقول نحن الخالدات على المدى=والروض نحن وطيبه والزنبق
* * *=* * *
أأبا البراء وأنت رائد عصبة=وحداء قافلة تغذُّ وتعنق
سارت على حد السيوف كتائباً=للحق ترنو والأصالة تعشق
نم في جوار الأكرمين يحفهم=ويحفك الرضوان والإستبرق
* * *=* * *
خمسون عاماً في الجهاد وهبتها=للمسلمين وما هوى لك بيرق
أبداً حسامك دونهم متوثب=والمعتدون جحافلاً قد أحدقوا
سيف كما تهوى البطولة والعلا=نار تلظى أو شهاب يحرق
والأوفياء وأنت منهم قلة=بالفضل والنبل المصفى أخلق
هم في ذُرا الدنيا ذؤابة مجدها=يزهو بها تاج ويزهو مفرق
* * *=* * *
يطوي الزمان الأدعياء وزيفهم=ومآلهم عار وصمت مطبق
وتموت رايات تضل سبيلها=ويموت في أوزاره المتملق
ويظل حراس الحقيقة ذروة=مثل النسور على الجبال تحلق
ولأنت فيهم فارس ومجاهد=وعميد قوم في المكارم معرق
إن قيل من للناس يوم كريهة؟=راحت عيون الناس فيك تحدق
* * *=* * *
أخلصت للفصحى وقمت بحقها =ورفعتها لغة تقال فتعشق
ودفعت عنها جاهلاً ومعادياً=يحدوه سم في الضلالة مغرق
ومشوهاً في فكره وبيانه=كالبوم في الدمن الدوارس ينعق
رضع الكراهة من غثاء عصابة=الحقد ديدنها البغيض الأزرق
أعلامها الغاوون يهرع نحوها=النذل والمخدوع والمتحذلق
من كل ملتاث الضمير يؤزه=غل على اللغة الشريفة موبق
وعلى كتاب اللَّه وهو عمادها=وهو الهداية والحجا والموثق
تاج الفصاحة والبيان سطوره=ومنارها الأسنى وطيب يعبق
المعجز البلغاء إن يتجمعوا=والباهر الفصحاء إن يتفرقوا
* * *=* * *
أأبا البراء خيول أحمد ضُمَّرٌ=والراية الخضراء فيها تخفق
نادى الأذان بها فلبت كالردى=تطوي الطغاة الملحدين وتسحق
ولها على كابول نصر أروع0111 =بالغار والذكر الكريم مطوق([1])
سياف فوق جواده يطأ العدى=والملحدون الغاصبون تمزقوا ([2])
وجلال يبكي شاكراً متواضعاً=وإزاءه برهان سيف يبرق
والخائض الغمرات أحمد صانع=نصراً يجل مدى الدهور ويسمُق
نصر كما تهوى فأين يتيمة=من حر شعرك للأسود تصفق
أترى الملائكة الكرام سعت به=نبأ إليك وبسمة تترقرق
فسجدت للرحمن سجدة شاكر =تعنو له والوجه طلق مشرق
أنعم ببشرى طوقتك حفية=جذلى وأنت إلى لقاها شيق
* * *=* * *
يا راحلاً والقدس في أحزانها=تشكو العنا والقيد قيد مرهق
لم تكتحل بالفاتحين جفونها=وتكاد من غضب وحزن تزهق
نم في البقيع جوار جدك([3]) هانئاً=وإزاءك الأبرار فيه تحلقوا
وارقب جنود المصطفى في =يهفو لها نصر ويعلو بيرق
اليوم في الأفغان عزت شمسهم=وغداً على القدس العزيزة تشرق

([1]) كان من قدر الله أن توفي الشاعر في المستشفى التخصصي في الرياض يوم السبت 23/10/1412 هـ- 25/4/1992م، وهو اليوم الذي دخل فيه المجاهدون الأفغان عاصمة بلادهم ((كابول)) ظافرين منصورين .

([2]) سياف وجلال وبرهان وأحمد ، من قادة الجهاد الأفغاني ورموزه.

([3]) ينتهي نسب الأميري إلى الرسول الكريم e.

وسوم: العدد 876