مَنْ للأُختَينْ

عبد الرحمن هارون

[email protected]

قل لي بربك يا أخي .. كيف النماءُ لغابتي ترى؟

أين السبيلُ إلى التطـوُّر ِوالعُــلا؟

ومتى اللِحاقُ بمَوكبِ الغاباتِ يمضي ...

في ثباتٍ صوبَ هاماتِ الذُرى ؟

عجباً.. فالغابُ من حولي تُوالِى وثبَها

حجزَتْ مكاناً سامياٌ بين العمالقةْ في الفضا

وغابتي هَجَعتْ طويلاً ولم تزلْ

تحبو .. تُراوحُ ذا المكان على الثرَى !!

فهل من سبيلٍ للنهوضِ بهِمةٍ

تمضي بعَزمٍ غابتي  وواثقة الخُطى ؟

ولكنْ .. كيف السبيلُ إلى النهوضِ نرومُهُ

والدائرةْ الملعونةْ قد إستكملتْ حلقاتها.. يا للأسى ؟!

فبين مفسدةٍ وهدرٍ ..  ففقرٍ مدقعٍ .. طفِقتْ تدورُ

طحنت ظباءَ الغابةِ المكلومةْ طحناً كالرَحى

ومُحيطُها ينمو بقدرٍ مُذهِلٍ

ليُضيفَ  للفقرِ الموثَّـقِ  ألافاً مؤلَّــفةً تـ،تــرى

وقضيةُ التخطيطِ للغدِ المنظورِ ظلَّت عقدةً

دع عنكَ بعدَ الغدِ والأبعدْ مدى !!

غيــابُ الرؤيـــةْ والأهدافِ مُــعــضِـلــةٌ هنا

نبدو كمن يسيرُ في الظلماءِ بلا هُدى

حتى وان أتت الرؤى تبقى  بلا أثــرٍ

فنسبةُ التنفيذِ نصفُ العُشْرِ  في أفضلْ سَنةْ

وترتيبُ البدائلِ مرهونٌ بحالِ الطقسِ .. جَـدُّ مُشاكسٍ

مُتقلـِّبٌ كالبهلوانِ.. مُتغيـرٌ كأمزِجةِ الصِــبا

فالفيءُ  رغمَ حداثــتـِهِ تــبــوأَ قمَّــةً

فيما هوى الرمزُ القديمُ بــذلَّــةٍ .. كمنبوذِ الحَصى

وذابَ كلوحِ الثلجِ  تصريحُ  عَتيقٌ مُغلَّــظٌ :

(يظل الفيءُ عبداً للمليكةْ .. وإن غــلا)

لكنه والحاشيةْ  المرموقةْ قادوا إنقلابــاُ غادِراً

فبكت مليكتـــُنا الخُــــضَيرةُ  أجهشــتْ .. لبستْ رداءً أسودا

و ترجَّلتْ تلك الشعاراتُ التي كنَّــا نَلوكُ تفاخُراُ

بزعامةٍ خضراءَ لنـا على كُلِّ الوَرى

و تذمَّرً الموعودُ قمـحـاً وافِــراً في حســرةٍ

خمسونَ مرَّت و(السلَّةُ) الحسناءُ خاويةٌ تُرى !!

ثم ثــارَ بُـركانُ البذورِ مع السمادِ بمــنعةٍ

جلــبَ الكثيرَ من المآسي والأذى

فتدهورت الخُضَيرةُ .. جاءها الداءُ العُضالُ مُــلازِماً

لتخَــرَّ صيدا للأنين وللردى

ومفجِّــرُ البركان أمسى كالزعيمِ مُكرَّماً

فالمجلسُ ألغابيُ أفتى بسُموِّهِ عن المفاسدِ والخَنا!!

عجباً لأمرِ الغابةِ الفُضلى .. تجوعُ

والعابثون بقوتها يمسونَ أبطالاً فكيفَ لنا النــــَما

وهنا الصُنَـيـعَةُ تـذرفُ الدمعَ السخينَ تأسُّـفاً

تشكو التنكُّــرَ والهجرَ المؤبَّــدَ والصدأ

العنكبوتُ بنا فوقَ المكائنِ بيتَــهُ

والفأر ُ مختبئٌ بينَ (التُروسِ) كما القَطا

النصفُ من طاقةِ الإنتاجِ مُنزويٌ

الكُــلفةْ صاعِدةٌ والجودةْ هابِطةٌ .. فأنَّى لنا الرِضا ؟!

شُحُّ الحِمايةِ للصُنَيعةِ هدَّها ..  وجُورُ الجِبايةِ شَـلَّــها

تحالفَ الضِدّانِ ليقصما ظهرَ الصُنَيعةِ .. كانت تُسابقُ كالـمَها

فعادت الحاجاتُ عبــرَ الشَـــطِّ والأجواءِ تنهمِــرُ

وغادر المارِدُ اليانكيً مَصرِفَنا .. مضي سُدى ؟

وظلَّ ميزانُـنا تعِـباُ .. الدَينُ يُثـــــقِلــُهُ ..

والعجزً طابـِعـُهُ .. متوثــِّبٌ أبدا

وخدمةُ الدَينِ والديـَّـانِ مرهِقةٌ

الأصل مُرتفعٌ بحكمِ حاجتِنــا والفرعُ طالَ.. ســما

.............................................

هل من بديلٍ إذاً لكسرِ الدائرةْ الملعونةْ .. ننسِفُها

لوقفِ الهدرِ والإفسادِ في الأرضِ ..  وردعِ الذاتِ  لا تطْغى؟

و وضعِ الخُطَّــةِ الموزونةْ.. يسندُها وضوحُ الرؤيةْ ثاقبةً وبذلِ الجهدِ في التنفيذِ والإخلاصِ في المسعى؟

لننجدَ الأُختينِ .. تحتلانِ فوقَ القِمَّةْ منزِلةٌ

تشفى الخُضَيرةُ  ترفِـد أختَها الصُغرى

ويسهرُ الفيءُ ذاكَ الناضبُ الغالي

في خدمةِ الأُختينِ لدعم توجه أسمى

حتى إذا ما جَفَّ بحرُ الفيءِ أو فلَّ رِيــعُــهُ

إشتدَّ عودُهُما لحملِ الرايةْ .. لن تــُلْــقى

وتنصهر الأُختانِ  .. تضيفانِ للخيراتِ قيمةً

فذاكَ جِسرٌ متينٌ لحصدِ عوائدٍ أعلى

فتصنيعُ خيراتِ الخــُضًيرةِ قبل البيع يدعمُنا

تخبو بطالتـُنا وتزدادُ غَلــَّتــُنا من اليانكيِ .. لا يفنى

ولكن ليست الغاياتُ بعدَ الكـــدِّ نبلغُــــها

ما لم يقُــدْ جَهابِــذةٌ لنا برزوا.. مسيرةً كُبرى

عجبا ..  كيفَ المــــاءُ ينسابُ فوقَ الأرضِ رقراقاً

والــمُزنُ يُغــدِقُــها قَـــطْــراً وصافِــياً بَــــرَدا

لكن (الفجوةَ) المجنونةْ بعد الجَنْـــيِ تصدمُنا

لنكتشفْ من بينِنا جوعى ونكتشفْ عطشى ؟!

وكيفَ يستجلِبُ الجيرانُ من أقصى الأرضِ زادَهمو

والخيرُ من حولِـــهم قابُ قوسينِ أو أدنى؟!

عجبـاً

.....................

من أحدث ديوان للشاعر عبد الرحمن هارون (عجباً) "تحت الطبع"