مَرْثِيَّةٌ لِلْجَفافِ الطّارِئ

مَرْثِيَّةٌ لِلْجَفافِ الطّارِئ

صقر أبو عيدة

[email protected]

لِمَ الأَحْزانُ تَعْزِفُ لَحْنَ أَيّامِكْ

وَتَكْتُبُها بِحِبْرِ الْجُنْدِ في مَوَّالِ سُمّارِكْ

تُغَشّي شَمْعَةَ الإصْباحِ عَنْ دارِكْ

***

لِمَ الأَحْزانُ نَكْرَعُها عَلَى الرّيقِ

وَتَخْطُرُ في مَساكِنِنا وَلا تُبْقِي

مَجالاً لِلنَّسِيمِ وَتُغْلِقُ الأَقْفالَ في بَابِكْ

***

طُيُورُ الْفَجْرِ تَضْحَكُ أَينَما حَلَّتْ

هُنا ارْتَعَدَتْ وَلَمْ نَعْرِفْ لِمَ انْصَرَفَتْ

وَكُنّا نَمْلِكُ الضَّحِكاتِ وَالأَعْداءُ لا تَمْلِكْ

***

سَمَاءُ اللهِ نَعْلَمُها، فَما بَخِلَتْ عَلى بَلَدِ

يَراعُ الْحُبِّ يَرْسُمُها بِغَيرِ الْغِلِّ وَالْكَمَدِ

لِماذا رِيقُ عِنْبَتِنا يَجِفُّ عَلى شَفا نَهْرِكْ

***

لِمَ الْعَثَراتُ تَكْثُرُ في نَوَايَانا

وَحُوتُ الْبَحْرِ يَهْرُبُ مِنْ خَطايَانا

لِمَ الزّيتُونُ لا يَرْوي جِرارَ الزّيتِ مِنْ أَرْضِكْ

***

مَصَابِيحُ الْخَلائِقِ زَيتُها الشَّمْسُ

وَضَوءُ بِلادِنا حَنَّتْ لَهُ الْقُدْسُ

أَلَيسَ اللهُ يُعْطِي خَلْقَهُ شَمْساً وَلَو أَشْرَكْ

***

لِمَ اخْتَلَفَتْ حُرُوفُ الْحُبِّ في الدّارِ

وَقَدْ حَاوَلْتُ أَحْميها بِأَشْعاري

وَلَكِنْ رِيحُ شِقْوَتِنا تُعَبِّئُ قَلْبَ أَولادِكْ

***

لِماذَا الْقَهْرُ يَمْرَعُ في خَوَاطِرِنا

وَيَكْلأُ في ذَرارِينا وَيَشْقِينا

فَلا عَجَبٌ نَرَى هِجْرانَ أَقْمارِكْ

***

لِمَ الأَشْجارُ تَلْفُظُ رُوحَها عُنْوَهْ

وَتُنْزَعُ مِنْ فُؤادِ الأَرْضِ في ضَحْوَهْ

وَتُفْرِغُ دَمْعَها في حُرْقَةٍ تَجْرِي عَلى جِيدِكْ

***

صَبايَانا تَمُدُّ عُيُونَها هَرَباً مِنَ اللَّيلِ  

وَغُصْنُ الشَّوقِ يَعثُرُ في ثَرَى الْوَصْلِ

لِمَ الأَفْراحُ تَغْرَقُ في دِمَا شَعْبِكْ

***

لِماذَا الْوَرْدُ لَمْ يَحْمِلْ هُنا عِطْرا  

وَيُسْلَبُ مِلْكُنا مِنْ لَيلِنا غَدْرا 

فَقُومِي وَانْزَعي غَصْباً سَنا شَأْنِكْ

***

إِذا زَمَّتْ عَلَيَّ هُمُومُ دُنْيانا

وَلَمْ أَرَ في جُمُوعِ الْخَلْقِ خِلّانا

تَحِنُّ شِفاهِيَ الْحَرَّى إلى بَوسِكْ