قصائد حب

طالب همّاش

[email protected]

((1))

هنا الحبُّ غيمٌ قديمٌ،

وأكواخُ أرزٍ

وبنتٌ تودّعُ عند البحيرةِ

شمسَ الغروبْ

**

هنا الحبُّ سبعُ سنابلَ تبكي

على قمرٍ راحلٍ في الجنوبْ

**

هنا الحبُّ سربُ إوزٍّ حزينٍ

ينامُ على شرفةِ النهرِ مثل الشموعِ

فتمضي الكؤوسُ إلى حزنها في المساءِ،

وتأتي الأباريقُ مثلَ صغارِ الذنوبْ

**

هنا الحزنُ أمٌّ

تقصُّ جدائلها في الخريفِ

وتحفرُ أسماءَ من رحلوا

في جذوعِ النصوبْ

2

هنا الحبُّ

فلاّحُ حقلٍ من القمحِ

يُشجي الطيورَ بأحلى المواويلِ

حتى إذا تعبَ اللحنُ

نامَ على حفنةٍ من ترابْ

***

هنا الحبُّ امرأةٌ

تنشرُ اللوزَ فوقَ حبالِ الغسيلِ

وتغسلُ ثوبَ الأغاني

منَ الحبرِ

ثم تغنّي على المهدِ

حتى ينامَ الكتابْ

                **

هنا الحبُّ عاشقةٌ

من زنابقَ بيضٍ

تجمّعُ باقةَ وردٍ

وتذهبُ خلفَ الغيابْ

                **

هنا الحزنُ

أرملةٌ من أرزّ

ترشُّ على الأمسيات دمَ الوردِ

ثم ترغرغُ بالدمعِ

قربَ نحيبِ الربابْ

***

غناء بين ضفتين

لا تتركوا قمري مع المطرِ الحزينِ!

فالغيمُ أغزرُ من دميْ،

والريحُ أشجى من أنيني

لا تتركوني!

**

لا تتركوا عند الغروبِ غزالةً!

لأحبّها

لا تقربوا أسرارها أو حزنها،

وحنينها للناي في صيفِ الجنوبْ

لا تتركوني مفرداً بين النصوبْ!

وبريشةِ الحزنِ اذبحوني!

لا تتركوني!

**

لا تتركوا حزني بلا قمحٍ

شريداً في الحواكيرْ!

فأنا حفيدُ حفيفهِ المجروحِ،

وابنُ حفيفِ أجنحةِ العصافيرْ

لا تتركوني مفرداً في النهرِ

أستجدي بكاءاتِ النواعيرْ!

أنا شجرةُ الرمانِ

كفّتْ عن حلاوتها الأغاني

فاقطعوني!

**

لا تتركوا الجيتار في شباكهِ

أنأى وأبعدْ!

ليرقّصَ الغيمات في الأفقِ المشرّدْ

لا تتركوا الجيتارَ يبكي مفردا!

تعبَ المدى

ضاقَ المدى

وأصابَ ديجوري التعبْ

لا تتركوهُ فإن ذهبْ

رحل الصغارُ

وفارقوني

لا تتركوني!

***

"يا أختي الحنطةُ"

وخلف الحواكير ليلٌ أحنُّ

على الروحِ،

ريحٌ أحنُّ على الدوحِ

طيرٌ يغرّدُ في جنباتِ الغروبِ

ويملأُ أسماعنا بالحنين

**

هنالك غيمٌ حنونٌ

يمرُّ على شجر الأمسياتِ

ويغمرهُ بالهديلِ،

وغيمٌ يلاعبُ سنبلةَ القمحِ:

يا أختي الحنطةُ

اليومَ ما بالُ قلبي حزينْ؟

**

وخلف الحواكير دربٌ صغيرٌ

يؤدّي لصفصافةٍ

تقرأُ الحزنَ في وجهِ عاشقةٍ واسمها،

وترددُ عند هبوبِ النسائمِ

أسماءَ كلّ المحبينْ

**

هنالك بنتٌ

تُذاكرُ درسَ النشيدِ

وتجلسُ تحت شجيرةِ توتٍ

ليسمعها بلبلُ الحبِّ

لحنَ الغيابِ،

وأنشودةَ العاشقينْ

***

"أغنيــــة"

بنايكِ يا قرويّةُ

سوقي قطيعَ الأيائلِ نحو المراعي،

وسيري من البيتِ حتى أقاصي الحنينْ!

**

بنايكِ يا قرويّةُ

صُبّي الأباريقَ في النهرِ

ثمّ املئيها دموعاً لتستيقظَ الروحُ

فالفجرُ أشرقَ،

وانتشرتْ كالمحارمِ رائحةُ الياسمينْ

**

وردّي عن القمحِ سربَ الحساسين يا "قرويّةُ،

رُدّي الغزالةَ عن حزننا البدويّ

وغطّي بثوبِ زفافكِ رفّ الحمامِ الحزينْ!

**

بنايكِ يا قرويةُ

سوقي قطيعَ الكمنجاتِ خلفَ المواويلِ،

وانتبهي للأغاني التي تحطبُ الموتَ

من رجعِ زغرودةٍ في أعالي الزفاف،

وأفئدةِ العاشقين

**

وطيري بثوبكِ خلفَ الخريفِ

لتبقى المناديلُ بيضاءَ بعد غيابي،

مرفرفةً في مهبّ الحنينْ!

وسيري من البيتِ حتى أقاصي السنينْ!

**

"قمــح"

مع القمحِ ترحلُ ريحُ الهديلِ،

وتهدلُ سبعُ ضفائرَ في شجر الحورِ

حينَ يمرُّ الغريبُ

فقطّعْ بنايكَ إني كئيبُ!

**

وخذني إلى امرأةٍ

لا تُسمّي غنائي حماماً عليها

وإن كبرَ الليلُ في دفترِ الحزنِ

نادتْ:

تعالَ إلى غربتي يا حبيبُ!

**

فتبكي الرباباتُ رجْعَ الخريفِ

على راحةِ الروحِ..

تبكي اليمامةُ: خذني إلى شجني

فريشي حنينٌ،

وجنحيْ نحيبُ!

**

مع القمحِ

نتركُ أرواحنا للحفيفِ،

وتتركُ امرأةٌ شعْرها

ليطيرَ مع الغيم:

طِرْ يا حمامُ إلى الشامِ

واحمل سلامي!

فيأتي إليها الجنوبُ

**

مع القمح نرحلُ يوماً

ونتركُ في وحشةِ الدارِ

زوجاتنا الباكياتِ

فيطعمنا القمحُ،

يمسحُ أهدابنا بالدموعِ

وتبكي علينا النصوبُ

**

مع القمحِ

ترحلُ قصّةُ حبٍّ

لتصبحَ بعدَ الغيابِ ربابهْ..

وترحلُ قطعةُ خبزٍ

لتطعمَ طيرَ الكآبهْ

وتمضي الصبيّةُ ذاهلةَ الياسمينْ

**

فقطّعْ بنايكَ إني حزينْ!

**

ستسمعُ حزني الغماماتُ

ثم ستمطرُ فوق دروبِ الأحبّةِ،

والحور سوف يذرُّ رذاذَ الدموعِ

على تربةِ الحبّ

لا تتركوني بعيداً عن القمحِ

أبكي!

فقلبي شهيدُ الطحينْ

**

وقطّعْ بنايكَ إني حزينْ!