أغليت نورك

مصطفى الزايد

أغليْتُ نورك أن يُمحى لدى النُّوب

وصرحَ مجدك أن يفنى على الحقبِ

ما يبتني الناس يبقى صامداً أمداً

فكيف بالصّرح من وحيٍ وإرثِ نبي

يبقى عزيزاً وإن هانت محاملهُ

وكم كَبَوْنا فأحيا نهضةَ التَّرِبِ

لمّا حملناه ألْفيْناهُ يحملُنا

حتى غدونا أولي ملك من النّخَبِ

لولاهُ لم يُدْرَ عنّا غيرُ قافيةٍ

بين النّياقِ وبَيْتٍ شُدَّ بالطُّنُبِ

ولا بذاكرة الصحراء غيرُ صدىً

لصيحة الثّأر أو قتلٍ على السَّلَبِ

أبو حضارتِنا الإسلامُ ما بَرحَتْ

عيناهُ ترقُبنا بالشوقِ من كثبِ

فهل نعود إليهِ علّ يحملنا

رغمَ القطيعةِ والخِذلانِ والحَرَبِ

فالعصر كشّف عن جلّى تحيق بنا

وساورَتْنا ذئاب الغدر والرِّيَبِ

عصرٌ به عَصرُنا فاقت قساوتُهُ

فِعلَ المعاصرِ بالزيتونِ والعنبِ

عصر تذوب قلوب المؤمنين بهِ

بين العدوّ وبين الجار والصّحِبِ

طاحونُ موتٍ على الإسلامِ دائرةٌ

رحاهُ ليس على الأشباهِ والعربِ

من غزةَ الدّمُ للفسطاطِ سال إلى

دمشقَ نهراً إلى بغداد ذا حبَبِ

والمُدّعونَ لهم أفواه فاجرةٍ

تبيع عِرضاً وتعلي راية الأدبِ

يصانعون وفي إسرارهم تَبعٌ

لنا رؤوسٌ وللباغين كالذنبِ

تقدّموا ثورةً ليسوا بها لهباً

ولا دخاناً ولا شيئاً من الحطبِ

والمُمسكون على الإسلام تحسبُهمْ

قد أمسكوا الجمرَ بين اليأسِ والرهَبِ

فلِلعدوِّ سيوفٌ فوق أرْؤسِهمْ

وللصّديق حبالاتٌ من الكذبِ

عصرُ الرّجالِ فطوبى للألى عُصِروا

وتَبَّ عاصرُهُم بَغْياً أبو لهبِ

وخاب خاذلُهم من أمّةٍ نسِيَتْ

عهدَ الإلهِ لِتَلقى سوءَ مُنْقَلبِ

الزاعمين وحبلُ الخوف يلجمهم

أن السلامة في صمتٍ وفي هربِ

والنأيِ بالنفس لا عن عزة وإبا

لكنه الأمرُ من عَبادة الصّلُبِ

نصفُ الخريطةِ يدمى في حرائقه

والنصفُ يغرق في لهوٍ وفي لعبِ

وفي القلوب عمىً عن هُوّةٍ بلغوا

شفيرِها أو غدَوا منهُ على قُرُبِ

يقينهُم بوعيدِ الغربِ أو عدةٍ

أشدُّ منه بوعدِ اللّهِ والكُرَبِ

والسافكين دماءَ المسلمين على

نهج الكتاب بتدليس بلا سببِ

والزاعمين رسولَ الله في ضحكٍ

يُقَتِّلُ النّاس هذا منتهى العجبِ

أيَفتَرون على الرّحمن مُرسِلِهِ

للناس أرحمَ من أمٍّ بِهم وأبِ

أم يَفترون على الهادي وما قطعتْ

كفَّاه رأسَ أسيرٍ في عُلا الغَلَبِ

واسألْ ثمامةَ لم يُسلِم فأطلقه

رغمَ الدّماءِ وثأرٍ ظاهرِ الوَثَبِ

من أيّ مُستنقعٍ أُسْقُوا فأورثهم

حمّى الذّئاب فأظماهم لدى الشُّرُبِ

لا يرتوون بماءٍ غيرِ ما نبضتْ

به عروقُ بني الإسلامِ في طربِ

هل يمتحونَ من التّلمودِ أم لهمُ

دينٌ يخالفُ ما نلقاه في الكُتُبِ

قد بغّضوا الناسَ بالإسلامِ لا سَلموا

وأنهكوهُ بِقَتْل الصِّيدِ والنُّجُبِ

في ظلِّ كلِّ مُضلٍّ أمَّتي رتَعتْ

تُعلي رؤوس بنيها هامة القُضُبِ

فيا مُحَمَّدُ هل بُشراكَ مُنجِدةٌ

من يفتدونك بالأهلينَ والنَّشَبِ

ويبذلونَ لدينِ اللَّهِ أنفسَهمْ

في غوطةِ الشامِ والمسرى على رغبِ

ربّاهُ إنّ بِبُشراهُ لنا أملاً

أنت الضّمينُ بها فامْنُنْ على الكَرِب

فالمسلمون غَدوا سبياً لحاكمهم

قتلاً ونفياً وتجريداً من الرُّتَبِ

يا ربّ نصرَك.. قد ضاقت بأمّتِنا

أرضٌ تَفَتّحُ للباغين في رحبِ