مسراك طه

هائل سعيد الصرمي

[email protected]

أسرى بك الله

أسرى بك الله يا طــــه بأنوارِ

في عتمة الليل  محفوفا بأقدارِ

والليل يضرع والأملاك مسفرة

والنور يفتح أسراراً بأســــرار

وأنت دوما شفاء الروح إن عرضت

هذي التراتيلُ في أفقي وأفكاري

تنفك عن كاهلي الغيمات تلهمني

تلك التسابيح في تجميع أشطاري

سريتَ ليلاً وعين الله راعيةٌ

لظل خطوك تمحو كل  أكدار

طه وتنمو بأرض القدس سنبلة

وتنتشي صخرة المعراج بالساري

ويَنْقُشُ المجدُ تاريخا بصفحتها

كنقشِ هجرتهِ العظمىَ على الغارِ

وكنت أنت أمامَ المرسلين وهم

من عهد آدم خلفٌ  كالندى الجاري

وأنت تقرأ والآفاق خاشعةٌ

وتزدهي ساحة الأقصى بِسُمَّار

وترتقي  سلم المعراج منطلقا

من قبة الصخر محمولاً بأنور

وتخرق الطبقات السبع متجها

الى الحميد المجيد الخالق الباري

لمالك الملك من أوفاك مكرمةً

ومن ستلقاه عيناً دون أستار

ومن حباكَ مقاماً فوق صفوتهِ

ومن أحاطكَ في الأقصى بأبرار

والقلب من هيبة اللقيا على وجل

وكم مررت بآياتٍ وأقمار

نحو المهيمن من أوحى وأنطقها

رد السلام بإجلال وإكبار

والروح من فرحةِ التكريم طائرةٌ

مع الفضاء كأضواءٍ وأطيار

تمرُّ من أفقٍ رحبٍ إلى أفقٍ

كما يمرُّ السنا من غير إعسار

أسرى بك الله يا طه وقد حَمَلتْ

أرض الجزيرة أوزاراً بأوزار

وذاق من وهجَ التعذيب من تبعوا

خطاك حتى تشظوا بين أسفار

فكان معراجكم يا سيدي فرجا

لزمرة الحق يمحو كل أكدار

وللطواغيت اعصاراً يزلزلهم

وآية.. فيه إعذاراتُ إنذار

فهل لذكراك فينا اليوم من فرج

يا سيدي "إننا من نسلِ أنصار"

 

وماء مزنك هطال بساحتنا

لكننا نتلظىَّ بين أشـــرار

إخواننا في ربوع الشام قد ذُبحوا

ذبح النعاج وهذي بعض أخباري

وفي مروج أراض النيل شرذمة

عاثوا فسادا بإقلال وإكثار

ماذا سأرويك يا طه وفي شفتي

صمت وفي بدني ساطور جزار

أوتاد شرذمةٍ تجثو على نغمي

وبين قافيتي أحزان قيثاري

أتنجلي غيمة التهويد من وطني

وتنثني ظلمات الأفك من داري

ما إن نثور على إعصار طاغية

إلا ويدهمنا طغيان إعصار

هزائمٌ وانتصاراتٌ تمر بنا

كالغيث حينا وكالطوفان والنار

تحوم حول روابي المجد ثورتنا

فهل سيغلب جيش الإفك ثواري

دوامة السفهِ المأفون دائرة

بكأسِ خمرتها من كل خمار

لتقتل القيم المثلى بأمتنا

وتنشر الزور أطنانا  بأغوار

ومخلبُ الطمع المغرور متجه

لينزع القوت من أفواه أبرار

ويهلك الحرث لو تغفو بيارقنا

والنسل والهمة العليا بأحرار

يا سيد الرشد إنَّا معشر طمعت

فينا الأعادي.. وهذي حكمةُ الباري

غنائما قد غدونا في أكفهمُ

وبعضنا بين سمسارٍ و غدَّار

قد جندوا من بني عمي بيارقهم

وألبسوا بعضهم  شالي وأطماري

وأحرقوا بدنانيرٍ ضمائرهم

وكلفوهم  قتالي دون إنـــذار

كأنها خشب تلك السيوف غدت

وما لنا لجمٌ  في كف كرار

متى توضتْ نفوس ُالمصلحين سمتْ

بطاعة الله واستقوتْ بأذكار

وأورق الخيرُ في أرجائها وهمى

غيثٌ ليطفئ نار الحقد  والثارِ

فما يزال  بنا في كل منعطف

أشاوسٌ حفظوا أرضي وأسواري

لله درُهمُ صاروا للحمتنا

حصنا منيعا تحدى كل أخطار

أبدانهم جسر حب مدّ أذرعه

لضم وحدتنا الكبرى بإصرار

كادت تمزقها أهواء من مكروا

لكن فتيتنا كالغيث للنار

صانوا بهمتهم تلك الربوع

وقد ثاروا براكين تيار بتيار

تنمو برابية الإيمان عزتهم

وحول شوك القتاد المر أزهاري

شبابنا كأسود الغاب لو زأروا

يخور كل عُتلٍ طامع ضاري

هذي كتائبنا تدعو لوحدتنا

تحمي الحمى وتذود الغر عن داري

ومن يروم  بأزهار الربيع أذىً

يبوء بالخزي والخذلان والعار

ويح المزابل كم أذتْ بجيفتها

طهارةً  وتمَطَّتْ  بين أطهـــار

تود تمسح تاريخي ومعتقدي

وكلما أقبلت باءت بإدبــــار

تزيد في همم الأحرار.. رغبتهم

على التدافع...أقدارا  بأقدار

تزيدُ في خافق الثوار.. حرصهمُ

على التلاحم بين الجار والجار

طه وقد برئت من كل آبقةٍ

نفسي وخاف إبائي وصْمةَ العار

متى سيكتمل البنيان في بلدي

وتنهمي بروابي الجدب أمطاري

متى سيأمن فلكي في مسيرته

وتَرْدِمُ الهوةَ السوداءَ أحجاري

متى سيبحر سلمي فوق زورقه

في لجة الطهر يُردي كل جرار

وينتهي القتل والتخريب من وطني

ويبتدي  فجر أبطالي وثواري

متى يتم لنا البنيان.. جيرتنا

والهادمون ببخسٍ دون أسعار

متى الحنايا بصدقٍ تستقي حكما

ويرضع الكون جناتي وأنهاري

متى زوارق حرفي تنتشي طربا

وترتــدي  حلل التأثير أشعاري

أين العزيمة في روحي تسافر بي

الى مرافي أبي بكرٍ وعمارِ

أنا يراعك يا تاريخ سر قدما

حتى أجاريهمٌ في كل أدواري

سيوفنا صدئت من طول هجعتنا

متى تعانق كفي سيفها العاري

يا أرض حمير لا ماءٌ ولا كلأٌ

وهل ستدرك يوم النصر أدهاري

معارك نشبت في كل رابيــــة

فلا يُفَرَّقُ بين البائع الشــــاري

أطماع  سيدهم  أرخى غريزته

في كل شبر. سأمحو فيه أوزاري

وها أنا اليوم أسعى كي ألقنه

درسا عظيما.. وأردي كل جبـار