إلى المتشرّد الشّاعر التونسيّ كمال الغالي

clip_image002_aa2e5.jpg

إسفلتُ هذي الشّوارعِ

ــــــ ومهما قَتُمْ ــــــ

لن ينفي عنّا بعض النّخيلِ

والزّياتينِ

بعضَ الجبالِ

وبعضَ الرمالِ

وإن قد عُدِمْ .

صُبُّوا لي كأسا

لن أخشى بَأسا

صُبُّوا لي كأسا .. لأحلم …

في كلِّ رُكنٍ هناكَ حديقَه

وبعضُ الحقيقَه

وإن لم تُلِمْ ،

في كلِّ ركنٍ هناكَ صديقٌ

هناكَ صديقَه

تحاكيكَ جهرا

أو تبتسِمْ ،

في كلِّ رُكنٍ

هناكَ أملْ

ولو أنَّ حُلْمَكَ لم يَكْتَمِلْ .

تجوبُ شوارِعَ هذا البلدْ

وتخشَى زُقاقَهْ

ويَأخُذُكَ العونُ

إذ لم يجِدْ لديكَ بطاقَه

فمن يَسألُ عن غَريبٍ شَرَدْ

غيرُ رفاقِهْ ؟

قلتَ الغريبْ ؟!

لماذا الغريبْ ؟!

لأنَّ الإشاعاتِ قالتْ

بأنّي اهترأتُ بكُثرِ السّفرْ

وأنَّ اشتياقي

وراءَ انزلاقي

في بعضِ الحُفَرْ

وأنَّ ضياعي

بخُلْوِ القلاعِ

قد يَنصهرْ …

فلتخلُو كلُّ القلاعْ

وليُسلخ العشقُ ثمَّ يُباعْ

وليتساقطْ كلُّ الرفاقِ

يكونُ التَّلاقي

متى الفعلُ يَثبُتُ أو يَنتصرْ .

تشهدُ كلُّ العواصمِ كلُّ المدنْ

كيف تحوّلتَ بالطائراتِ

أو بالسُّفُنْ ،

ثمَّ تشرّدتَ

حتى تفرّستَ عمقَ المحنْ

ولم تنزوِ …

إنَّ الزنازينَ تشهدُ لكْ ..

تشهدُ لي ..

لنا كلّنا …

كيف حُرمنا

زئرنا

سُجنّا

هَجرنا الدِّيارْ ،

إنَّ الرصاصاتِ تشهدُ لكْ

تشهدُ لي

لنا كلّنا

كيف انطلقنا

ثَبُتنا

صمدنا

ودون انتصارْ ،

ولكنَّ كلَّ الوقارْ

أن تَلتحمْ

أن تنتقمْ … من الإنهيارْ .

ولا تبكِ يوما

لأنَّ الرفاقَ رَمَوْا بالسِّلاحْ

فتاريخُ حربٍ لن ينتهي

بشُغلٍ

وبيتٍ

وبعضِ ارتياحْ .

طموحُ الشّعوبِ

تحتَ الرمادِ الذي لا يُضاهِي

هبوبَ الرياحْ .

وكلُّ الأراجيفِ لن تصمُدَ

أمامَ أشعّةِ نورِ الصباحْ

وسوم: العدد 706