كتاب تاريخ المخابرات من الفراعنة وحتى وكالة الامن القومي الأمريكية NSA

المؤلف: ولفغانغ كريغر

الطبعة : الاولى أبريل 2018 م

يعرض لنا المؤرخ الألماني فولفغانغ كريغر تاريخ الأجهزة المخابراتية...بإعتبار أن فعل التجسس على العدو واستخلاص المعلومات منه سرا هو فعل قديم قدم الحرب نفسها... 

فإعتمادا على ما توفر له من وثائق ومعلومات ،

يسير بنا كريغر عبر رحلة طويلة في الكشف عن أجهزة المخابرات المعروفة وتاريخها منتقلا من العمومية في الفصول الاولى - نظرا لان المصادر التاريخية القديمة قلما تتطرق إلى دور الجواسيس والكاتب فسر ذلك - الى الخصوصية عندما تحدث بإسهاب عن الجاسوسية والتجسس في الحروب النابليونية وكيف تحولت مهنة التجسس من مجرد مهنة عادية الى جهاز بيروقراطي معقد لا غنى للدولة عنه...

مستعرضا في ذلك اهم الشخصيات التاريخية التي أثرت في مجال هذا التحول الكبير لمهنة التجسس

كالإنجليزي فرانسيس والسينغهام ( القرن السابع عشر) 

و الفرنسي جوزيف فوشيه ( خلال عصر نابليون) وغيرهما...

وكذلك عندما خص بالحديث عن مخابرات الدول العظمى وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا ثم الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية.

وخلال عرضه التاريخي للنشاط الاستخباراتي المتجه من العمومية ( التحدث بصفة عامة عن أنشطة التجسس في العصور القديمة ) الى الخصوصية ( بصفة خاصة عن الأنشطة التجسسية في العصور الحديثة واهم الأجهزة الاستخباراتية و نطاق صلاحياتها حسب قوانين الدول المتقدمة) 

يتحدث الكاتب بشيء من الاسهاب عن التطور التكنولوجي في وسائل الاتصال والعلوم العسكرية مؤكدا بهذا الترابط بين التطور التكنولوجي والنشاط الاستخباراتي على أن فقط الدول المتقدمة تقنيا هي التي تضمن هيمنتها وهي اللي تكون المسيطرة في المجال الاستخباراتي اي مثال البريطانيين الذين كانوا القوة العظمى خلال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين لا في السياسة الخارجية فقط وانما في المجال الاستخباراتي بفضل قدراتهم على فك تشفير الاتصالات اللاسلكية للعدو ( ألمانيا في الحربين العالميتين ) وكذلك كيف تفرع النشاط التجسسي ليشمل ايضا الأمن الداخلي القومي والشرطة الداخلية ( فرنسا في عهد نابليون وما بعده - ألمانيا النازية - الاتحاد السوفياتي) 

ثم يحملنا الكتاب إلى الحروب الاستخباراتية الخفية التي دارت وراء ستائر الحرب العالمية الثانية ثم في الحرب الباردة... 

ويعرض نشأة أجهزة الاستخبارات الأمريكية ( وكالة الاستخبارات المركزية CIA -وكالة الأمن القومي الأمريكية NSA ) وصراعها مع الاستخبارات السوفياتية ( تشيكا Tscheka ثم KGB لاحقا) 

وعكس ما تصوره لنا قصص وافلام التجسس يعرض الكاتب بعضا من اخفاقات المخابرات الغربية في حربها الخفية ضد الاتحاد السوفياتي وكذلك ايضا اخفاقات ال KGB وحوادث انشقاق العملاء .

وفي الفصل ما قبل الأخير يطرح الكاتب إشكالية علاقة أجهزة الأمن والاستخبارات بالقضايا الأخلاقية اي حقوق الإنسان وخاصة الحق في الخصوصية وانتهاك الحريات الشخصية ومشيرا لأهم الحوادث التي انتهكت فيها أجهزة الاستخبارات الحريات الشخصية وفشلت في تحقيق مرادها وفي نفس الوقت سببت خسائر ونتائج كارثية 

وينبه ايضا إلى أن أنشطة التجسس وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية تلقى دعما من الكونغرس وكذلك جانبا لا يستهان به من الرأي العام وهذا مما يعرقل الجهود في تنظيم رقابة على أنشطة هذه الأجهزة.

ويختم الكتاب بتطور النشاط المخابراتي مع ثورة التكنولوجيا والاتصالات الحديثة اي ظهور الإنترنت 

ويعرض لنا السيطرة الشاملة الكلية التامة لوكالة الأمن القومي الأمريكية والمخابرات المركزية الأمريكية على المعلومات التي تتحصل عليها من الإنترنت وبل وحريتها المطلقة في التجسس على الحسابات الشخصية لكل شخص في العالم تقريبا على وسائل التواصل الإجتماعي بفضل علاقة التعاون والتكامل اللامحدود بين هذه الأجهزة والشركات الأمريكية المهيمنة على شبكة الويب

ويعرض لنا قضية ادوارد سنودن وتفاعل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما والحكومة الأمريكية مع هذه القضية. والتي تعكس الثقة المفرطة بل والتعجرف الأمريكي في بسط النفوذ على المعلومات من الفضاء السايبراني (Cyber space).

وسوم: العدد 801