موت الغرب كتاب للمؤلف الأمريكى "باتريك جيه بوكانن"

موت الغرب كتاب للمؤلف الأمريكى "باتريك جيه بوكانن"... الكاتب ، فهو سياسي ومفكر أمريكي معروف، عمل فى منصب مستشار لثلاثة رؤساء أميركيين ..

والمؤلف في هذا الكتاب يتوقع فيه موت وإنتهاء الغرب وينبه إلى أن الموت الذي يلوح فى أفق الغرب هو فى الواقع موتان :

1) موت أخلاقي بسبب السقوط الأخلاقي الذي ألغى كل القيَم التربوية والأسرية والأخلاقية التقليدية.

2) موت ديموغرافي وبيولجي (النقص السكاني بالموت الطبيعى) .

ويظهر بوضوح في العائلة و فى السجلات الحكومية التي تشير إلى اضمحلال القوى البشرية فى الغرب وإصابة ما تبقى منها بشيخوخة - لا شفاء منها إلا بإستقدام المزيد من المهاجرين الشبان أو بالقيام بثورة حضارية مضادة تعيد القيم الدينية والأخلاقية إلى مكانتها التى كانت من قبل .

ويقول الكاتب أن الموت المقبل مريع ومخيف، لأنه وباء و مرض من صنع أيدينا ومن صناعة أفكارنا وليس بسبب خارجي مما يجعل هذا الموت أسوأ بكثير من الوباء الأسود الذي قتل ثلث سكان أوروبا في القرن الرابع عشر ..! 

فالوباء الجديد لا يقتل إلا الشباب مما يحوّل الغرب عموماً وأوروبا بشكل خاص إلى "قارة للعجائز" .!

القصة ليست مجرد تخمينات أو توقعات أو احتمالات، إنما هى حقيقة واقعة وسوف تصدمك لشدة وضوحها خاصة عندما تبدأ الأرقام بالحديث ..!

فوفقاً للإحصاءات الحديثة ,؛ هبط (معدل الخصوبة) عند المرأة الأوروبية إلى (1 طفل) لكل إمراة علما أن الحاجة تدعو إلى معدل (2 طفل) كحد أدنى لتعويض وفيات السكان الموجودين الآن - دون الحديث عن زيادة عددهم .. و إذا بقيت معدلات الخصوبة الحالية على ما هو عليه، فإن سكان أوروبا البالغ عددهم 728 مليون نسمة بحسب إحصاء عام 2000 مليون سيتقلصون إلى 207 ملايين فى نهاية هذا القرن إلى أقل من الثلث .

وفي المقابل، ففي الوقت الذي تموت فيه أوروبا لنقص المواليد، يشهد العالم الثالت الهند والصين ودول أميريكا اللاتينية (وخاصة المسلمين) إنفجاراً سكانياً لم يسبق له مثيل بمعدل 80 مليونا كل عام ..!

ومع حلول عام 2050م , سيبلغ مجمل نموهم السكاني 4 مليارات إضافية (4 مليارات إضافية من البشر) ..!

وهذا  يصبح كابوس الغرب حقيقة وتصبح أوروبا بكل بساطة ملكاً لهؤﻻء بعد وقت ليس بالبعيد ..! و يقول المؤلف أن الأرقام تصبح مخيفة أكثر عند تناولها لتشخيص مرض النقص السكاني على مستوى الدول والأمم بعد 50 عاماً من الآن ..! 

ففى ألمانيا، سيهبط التعداد السكاني من 82 مليونا إلى 59 مليون نسمة، وسيشكل عدد المسنين ممن تجاوزوا الـ 65 عاماً أكثر من ثلث السكان ..! 

أما إيطاليا، فستشهد تقلص عدد سكانها البالغ 57 مليونا إلى 41 مليونا وستصبح نسبة المسنين 40 % من التعداد العام للسكان . وفي إسبانيا , ستكون نسبة الهبوط 25 % . وستشهد روسيا تناقص قواها البشرية من 147 مليونا إلى 114 مليون نسمة .

ولا تتخلف اليابان كثيرا في اللحاق بمسيرة الموت السكاني. فقد هبط معدل المواليد فى اليابان إلى النصف مقارنة بعام 1950 ، وينتظر اليابانيون تناقص أعدادهم من 127 مليون نسمة إلى 104 ملايين عام 2050م .

أرقام مخيفة، لكن السؤال المحيّر :

- لماذا توقفت أمم أوروبا وشعوبها عن إنجاب الأطفال وبدأت تتقبل فكرة اختفائها عن هذه الأرض بمثل هذه اللامبالاة ؟!

يقول المؤلف : إن الجواب يكمن في النتائج المميتة لهذه الثقافة الجديدة في الغرب والموت الأخلاقي الذي جرته هذه الثقافة على الغربيين هو الذى صنع موتهم البيولوجي .

فانهيار القيمة الأساسية الأولى فى المجتمع (وهي الأسرة) وإنحسار الأعراف الأخلاقية الدينية التي كانت فيما مضى تشكل سدا فى وجه منع الحمل والإجهاض والعلاقات الجنسية خارج إطار المؤسسة الزوجية إضافة إلى تبرير لا بل تشجيع العلاقات الشاذة المنحرفة بين أبناء الجنس الواحد، كل هذا دمر بشكل تدريجى الخلية المركزية للمجتمع وأساس إستمراره ألا و هى الأسرة .

وتبدو لغة الأرقام هنا أكثر هولا . فقد ارتفع الرقم السنوى لعمليات الإجهاض في الولايات المتحدة من ستة آلاف حالة سنوياً عام 1966 إلى 600 ألف عام 1976 بعد أن سمح بالإجهاض. و اعتبرت عملية قتل الأجنة حقاً للمرأة يحميه الدستور . وبعد عشر سنوات، ووصل الرقم إلى مليون ونصف حالة إجهاض فى العام الواحد .

أما نسبة الأطفال غير الشرعيين , فهى تبلغ اليوم 25 فى المائة من العدد الإجمالي للأطفال الأميركيين ويعيش ثلث أطفال أميريكا في منازل دون أحد الأبوين (إما بدون الأب وهو الغالب وإما بدون الأم) .

ومؤشر آخر خطير ..! فقد بلغ عدد حالات الانتحار بين المراهقين الأمريكيين ثلاثة أضعاف ما كانت عليه عام 1960 . 

أما عدد مدمنى المخدرات (المدمنين وليس المتعاطين) فقد بلغ أكثر من ستة ملايين شخص فى الولايات المتحدة وحدها ! وقد تناقص كثيرا أعداد الشبان والشابات الراغبين في الزواج . 

ومن الطبيعى لمجتمع يسمح بالحرية الجنسية الكاملة ويتيح المساكنة بين الرجل والمرأة دون أيّ رابط شرعي أو قانوني فى بيت واحد، وخوف الرجل من قانون الأحوال الشخصية الظالم حين تأخذ الزوجة نصف ثروته في حالة الطلاق وإضطرار المرأة للقبول بالمساكنة بدون زواج بسبب حاجتها إلى رجل يقف معها ويحميها ناهيك عن الحاجة البيولوجية، أن يصل لهكذا نهاية .

أما قضية الشذوذ الجنسى وقانون الزواج بين أبناء الجنس الواحد ، فحدث ولا حرج حيث بلغت حداً لم يكن ممكنا مجرد تخيله في السابق ..!

وكانت هيلارى كلنتون المتعجرفة أول سيدة أولى فى البيت الأبيض تمشي فى تظاهرة لـ (مثليين) لإبداء تعاطفها مع قضيتهم ومطالبهم المشروعة !

وأخيرا ، يخلص المؤلف للقول إن هذه هى إحصاءات مجتمع منحط وحضارة تحتضر وتموت، وأن بلداً مثل هذا لا يمكن أن يكون حراً .. فلا وجود للحرية دون فضيلة ولا وجود للفضيلة بغياب الإيمان .

وسوم: العدد 804