مع كتاب لأستاذ دكتور مغربي

مع كتاب لأستاذ دكتور مغربي

د. حسن الربابعة

قسم اللغة العربية

جامعة مؤتة

[email protected]

على ضفاف مؤتمر الأدب الإسلامي الذي عقد في جامعة آل البيت الأردنية خلال الفترة الممتدة من 23ـ 24 نيسان 2013م ، التقيت أستاذا أكاديميا مغربي الجنسية ، عرفته من حلال عالم الانترنت ولم اكن رايته عيانا من قبل فما  إن التقيته  على ضفاف المؤتمر حتى اشرأبت النفوس حيث تلاقت  الأرواح والعيون  عيانا وبيانا، انه الأستاذ الدكتور محمد الأمين المؤدَِّّب"بفتح الدال المشددة   وكسرها " وهما اسمان دالان على مدلولين كبيرين له ولعائلته الكريمة ، وهو  رئيس شعبة اللغة العربية وآدابها في جامعة تطوان في مغربنا العربي الحبيب  ،وكم كنا نردِّد صغارا  وما زلنا " بلاد العرب أوطاني  من الشام ل "تطوان " في تصحيف يخدمنا

دفع إلي الأستاذ الدكتور المؤدَّب نسخة  إهداء من كتابه  "في بلاغة النص الشعري القديم ـ معالم  " ـ منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية ـ جامعة عبد الملك السعدي ، تطوان ـ المغرب ، طبعة 201م .

وقد ضم كتابه فصولا ومباحث تلبية لنداء دراسته متخذا من النص الشعري مجالا للدرس والتحليل من جهة ومن أخرى للتطبيق  وجاءت دراسته تمهيدا  وبابين  وكل باب من أربعة فصول .

أما التمهيد فعرض ل"بلاغة النص الشعري  من حيث ثوابت المنهج  ومتغيرات القراءة ، فدرس بلاغة النص الشعري القديم بين خفائه وتجلِّيه وعرض ل"كيفية القراءة  وسبل تحقيقها " وأشكال المنهج وطبيعة المقاربات.

أما الباب الأول فعنونه "في المفهوم ،تحديدات ومعالم" وقسمه أربعة  فصول ، كان الأول بعنوان "النص الشعري وبلاغةالافتتان  وذهب في فصله هذا إلى أن سمة الافتتان من سمات كلام العرب ، وكان الافتتان عنده ممثلا بجوهر العملية الشعرية   وبتجليات الافتتان في النص الشعري  في الأغراض والمعاني لفظا وتركيبا  وتصويرا ، واتسعت ظاهرة الافتتان عنده وابرز أهميتها ،  ومثل عليها بالحماسة التي يشوبها مدح  وهجاء ونسيب ،  ومثلها فن المعارضات والنقائض  التي تقوم على أصل وفرع ، وتبنى على أنماط التشابه والاختلاف،  وتسعى إلى تأسيس فن جديد يستمد مقوماته الفنية والموضوعية من فن سابق ، ويرى  المؤدب وأظن  الحق معه إذ  إن  الافتتان  يمكن أن يعوض بغناه وفائدته  عن مصطلحي "الانزياح والتناص " .(51)

أما الفصل الثاني فوسمه ب"مفهوم النص الشعري "، فدرس فيه اهمية المصطلح وشروط ضبطه  واثر غياب الشروط في تصور المعاصرين في القضايا النقدية منها نفي الوحدة عن القصيدة القديمة  وإصدار أحكام سطحية معممة  وغياب الدراسات الموازية في علوم القرآن الكريم

أما عند القدماء فتساءل الأستاذ المؤدب، هل كان الشعراء والنقاد يملكون رؤية شعرية ونقدية ؟ وفي السياق التاريخي ذكران   فهم النص الأدبي كان  على غير وجهه الصحيح في كثير من الأحيان.

وفي الفصل الثالث "الاستصراخ غرضا شعريا "عرفه ومجاله الفخر ،  أصوله مفارقة الوطن  بالطرد والإبعاد وارتباطه بالحزن  والبكاء ولوعة الفراق ، ومثل المؤدب على صراخ عمرو بن جرهم لما فارقوا مكة إلى اليمن بقصيدة  من اثني عشر بيتا منها ينقلها عن سيرة ابن هشام ج1/114

وقائلة ِوالدمـع سكْــــــبٌ مبـــــادرُ                 وقد شرقت بالدمع منها المحاجر

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا                 أنــــيس  ولم يسمر بمكة سامر

إلى أن يقول :

وفيه وحوش لا ترامُ أنيسة                            إذا خــــرجت منه فليس تغادر  

وتتداخل الأغراض في الاستصراخ منها الرثاء  والمديح والهجاء  والنسيب  والحكمة  وقد مثَّل المؤدِّب على الاستصراخ بقصيدة سينية لابن الأبَّار في القرن السابع الهجري ، يستصرخ ممدوحه أبا زكرياء الحفصي  فيقول :

نادتْك أندلس فلبِّ نداءها           واجعل طواغيت الصليب فداءها

صرخت بدعوتك العلية فاحبها        من عاطفاتك ما يقي حوباءها

ويقول في أخرى :

أدرك بخيلك خيل الله أندلــــــــسا                      إنَّ السبيلَ إلى منجاتها درسا

وهبْ لها من عزيز النصر ما التمست             فلم يزل منك عزُّ النَّصر ملتمسا

ودرس المؤدب خصائص بعض القصائد من الجوانب الموضوعية والفنية منها الثضاد  والجناس  والترصيع المشوب بالجناس  وخصائص الروي  وتعداد الأماكن  وغيرها ، واتخذ من شعر الاستصراخ  الأندلسي أنموذجا ودالا  على انموذجات مشرقية ومغربية .

وفي الفصل الرابع "النص الشعري وفاعلية التلقي "كافوريات المتنبي انموذجا "

أما الباب الثاني فعنونه "في النص لوحات وعوالم "فقسمه أربعة فصول هي هاشميات الكميت  بين النمطية  والخصوصية وتماسك النص الشعري  والمعنى الشعري  وأشكال التحول والإيقاع وبناء المعنى  في النص الشعري ، في مساهمة فعلية من المؤدب لقراءة النص الشعري القديم على مستوى الرؤية والمنهج والمقاربة ، وجاء كتابه في "215"مائتين  وخمس عشرة صفحة من القطع الكبير ، اعتمد على "125"مائة وخمسة وعشرين مصدرا و64واربعة وستين مرجعا وأربع مجلات علمية تعد دوريات جيدة يتكأ عليها لباحث جاد.