الملل والنحل للشهرستاني

قرأة في مؤلفاته وكتابه

د. حسن الربابعة

قسم اللغة العربية

جامعة مؤتة

[email protected]

عن دار الفكر ، بيروت ،(د.ت)نشر كناب الملل والنحل لابي الفتح محمد عبد الكريم بن أبي بكر احمد الشهرستاني المولود في شهرستان عام (467هـ والمتوفى عن سبعين عاما ) ودفن في بلدته التي ولد فيها رحمه الله تعالى .

أما ابرز مؤلفاته فبلغ عددها (16) ستة عشر مؤلفا منها أولا "الإرشاد إلى عقائد العباد" ذكره الشهرستاني نفسه في كتابه "نهاية الأقدام " وثانيا "الأقطار في الأصول " نسبه إليه الخوارزمي، وثالثا "تاريخ الحكماء "نسبه إليه "كيورتن "في مقدمته لطبعته لكتابه "الملل والنحل" ورابعا "تلخيص الأقسام لمذاهب الأنام "نسبه إليه ابن خِلِّكان وأبو الفداء وحاجي خليفة " وخامسا "دقائق الأوهام " نسبه إليه الخوارزمي 

وسادسا "شرح سورة يوسف بعبارة فلسفية لطيفة" نسبه إليه الخوارزمي ، وسابعا "العيون والأنهار " نسبه إليه البيهقي ،وثامنا "غاية المرام في علم الكلام "نسبه إليه الخوارزمي وتاسعا "قصة موسى والخضر "نسبه إليه البيهقي " وعاشرا "المبدأ والمعاد "نسبه إليه الخوارزمي واحد عشر "مجالس مكتوبة "رآها البيهقي وكانت المجالس لا تكتب إلا للائمة نادرا 

وثاني عشر "مصارعة الفلاسفة أو المصارعة والمضارعة "نسبه إليه صدر الدين الشيرازي، وثالث عشر "مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار في تفسير القرآن " نسبه إليه البيهقي ،ورابع عشر "المناهج والآيات "نسبه إليه البيهقي وابن خلكان وأبو الفداء ،والخامس عشر "شبهات أرسطو طاليس وابن سيناء ونقضها " ذكرها الشهــــرستاني" نفسه أما السادس عشر الأخير "نهاية الأوهام " "فأشار إليه الشهرستاني في آخر كتابه "نهاية الأقدام "

إننا نلحظ أن أربعة عشر من كتبه المتعددة لم تصل إلى أيدي العلماء ، في حين لم يطبع للشهرستاني إلا كتابان هما أولا "نهاية الأقدام في "علم الكلام " وثانيا "الملل والنحل "

كما نلحظ أن الشهرستاني ـ رحمه الله تعالى ـ أشار إلى ثلاثة من مؤلفاته هي أولا "الإرشاد إلى عقائد العباد "وثانيا "نهاية الأوهام"وثالثا"شبهات أرسطو طاليس وابن سيناء ونقضها " أما مؤلفاته الأخرى فذكرها له منسوبة إليه غير عالم منهم الخوارزمي فنسب إليه خمسة منها "الأقطار في الأصول "و "دقائق الأوهام "و"شرح سورة يوسف و"غاية المرام في علم الكلام " و"المبدأ والمعاد " أما البيهقي فنسب إليها أربعة هي " العيون والأنهار "و"قصة موسى والخضر "و"ومفاتيح الأسرار ومصابيح الإبرار في تفسير القرآن "و "مجالس مكتوبة "رآها البيهقي نفسه .

أما ابن خِلِّكان فنسب إليه كتابين هما "تلخيص الأقسام لمذاهب الأنام"و "المناهج والآيات "أما صدر الدين الشيرازي فنسب له مؤلفا "عنوانه "مصارعة الفلاسفة أو المصارعة والمضارعة "

أما كتابه "الملل والنحل "فيمتاز بالاستقصاء في البحث ، ودقة الموضوعات ، واعتداله في الأحكام التي يصدرها ، فلا يصدرها عن ميل أو عن هوى، كما شَّرط على نفسه في مقدمته الثانية "وشرطي على نفسي أن أورد مذهب كل فرقة على وحدته في كتبهم من غير تعصب لهم ولا كسر عليهم " ومنهجه الإحاطة التامة بموضوعات بحثه من جميع أطرافه ، وفي كتابه الملل والنحل خمس مقدمات هي "في بيان أقسام أهل العالم جملة مرسلة ، وفي المقدمة الثانية "في تعيين قانون يبنى عليه تعديد الفرق الإسلامية وفي مقدمته الثالثة "في بيان أول شبهة وقعت في الخليقة وَمن مَصدرُها ؟ومَنْ مُظهرُها ؟ وفي المقدمة الرابعة "في بيان أول شبهة في الملة الإسلامية ، وكيفية انشعابها ؟ ومن مصدرها ؟ ومن مظهرها ؟ أما المقدمة الخامسة فموسومة "في بيان السبب الذي اوجب ترتيب هذا الكتاب على طريق الحساب "وفي كتابه ذكر أرباب الديانات والملل من المسلمين وأهل الكتاب ومن له شبهة كتاب ، وبدأ بالمسلمين وأهل الأصول والمعتزلة ، وذكر اثنتي عشرة فرقة منهم ،وانتقل للجبرية وذكر ثلاثة منهم ثم إلى الصفاتية منهم الأشعرية والمشبهة والكرامية ،ثم انتقل للخوارج وذكر ست فرق رئيسة منها الثعالية وقسَّمها سبعا هي الاخنسية والمعبدية والرشيدية والشيبانية والمكرمية والمعلومية والمجهولية والبدعية ثم ذكر ثلاث فرق للاباضية هي الحفصية والحارثية واليزيدية، وذكر المرجئة وست فرق منها، ثم ذكر الشيعة وذكر خمس فرق رئيسة هي الكيسانية وعدد فروعها أربعة مختارية وهاشمية وبيانية ورزامية والفرقة الثانية الزيدية وذكر منه الجارودية والسليمانية والصالحية والبشرية ،وذكر رجال الزيدية أما الفرقة الثالثة فهي الإمامية وأقسامها ستة هي الباقرية والجعفرية الواقفة والناووسية والافطحية والشمطية والإسماعيلية الواقفة والموسوية والمفضلية وأخيرا الاثنا عشرية ، وذكر الغالبة وأقسامها الاثني عشر وكتب عن الاسماعيلية وأشهر ألقابهم 

أما الباب الثاني فذكر فيه أهل الكتاب من اليهود وهم أربعة العنانية والعيسوية والمقاربة والبوذعانية ثالثا والسامرة وتحدث عن النصارى وفرقهم الملكانية والنسطورية واليعقوبية اعتمادا على ما اجمع عليه أصحاب التثليث . وذكر من له شبهة بالكتاب من نحو صحف إبراهيم والمجوس، وخصَّ فصلا لأصحاب الهياكل والأشخاص ومناظرات سيدنا إبراهيم الخليل لأصحاب الهياكل  ـ عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلوات وأتم التسليمات ـ  وفي كتابه ذكر آراء الحكماء السبعة وآراء الحكماء الأصول وعددهم أربعة عشر، وآراء متأخري حكماء اليونان في ست عشرة مسالة ، وفي كتابه عن تقاليد العرب التي أقرها الاسلام وفيه اراء عن الهنود والبراهمة واصحاب البددة واصحاب الفكرة والوهم واصحاب التناسخ واصحاب الروحانيات وعبدة الكواكب وعبدة الاصنام وحكماء الهند واختتمها بالاسكندر في الهند في كتابه ذي (532) الخمسمائة واثنتين وثلاثين صفحة . ويحسن ان اعرض تمثيلاعلى المقدمة الثالثة التي عنونها ب”بيان أول شبهة وقعت في الخليقة فكانت شبهة ابليس لعنه الله ومصدرها استبداده بالراي في مقابلة النص ،واختياره الهوى في معارضة الامر واستكباره بالمادة التي خلق منها وهي النار على مادة الطين التي )خلق منها ادم (ص14))

أما المقدمة الرابعة فبينت أول شبهة في الملة الإسلامية فكانت حديث أبي خويصرة التميمي في قوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم "اعدل يا محمد، فانك لم تعدل " حتى قال عليه الصلاة والسلام "إن لم اعدل فمن يعدل ؟!"فعاود اللعين قولا"هذه قسمة ما أريد بها وجه الله تعالى "وهذا خروج صريح على النبي الكريم ، ولو صار من اعترض على الإمام الحق خارجيا فمن اعترض على الرسول أحقُّ أن يكون خارجيا ، ومثل ذلك خروج بعض المنافقين على قدر الله تعالى "أنطعم من لو يشاء الله أطعمه "(يس 47) واعتراض بعضهم على قوله تعالى "لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء"(النحل 35)

ونخلص إلى مجمل القول إن الشهرستاني وصل إلى قمة السلم العلمي فلقب بالإمام ، وبرع بالفقه والاصول وعلم الكلام كان عالما بفنون كثيرة ،وتنوع مجالات مؤلفاته شاهدة عليه ،وكان فيلسوفا متكلما صاحب تصانيف ، كان مخلصا لعقيدته ، ومؤلفاتُه تدحض كل افتئات عليه رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فساح جناته .