كيف تصبح أستاذاً ناجحاً (تدريس البالغين)

تأليف: دان سبالدنغ

ترجمة: فاطمة الأسدي

clip_image001_a4fb2.jpg

إصدار: دار ضفاف (الشارقة/بغداد) للطباعة والنشر

يُقال أن أحد رؤساء الوزارات اليابانيين سُئل عن سر نهضة اليابان المعجزة أجاب: "لقد منحنا المعلم سلطة القاضي وهيبة الضابط وراتب الوزير".

قد تكون الحكاية مُسقطة من أناسنا أو معلمينا المُحبطين في دول العالم الثالث التي تعيّن صيدلانيا كوزير لوزارة التربية التي تؤسس القاعدة التحتية لشخصية وعقل المواطن التي سيُبنى عليها كل شىء لاحق من وعي ومثابرة وصدق وحب للوطن وعمل وأخلاق .. كل شىء.. كل شىء. لكن الحكاية تحيلنا إلى حقيقة لا يمكن نكرانها وهي ان أي قائد أو مسؤول أو مهني (طبيب أو مهندس أو ..) في المجتمع لا بد أن يمر تحت رعاية المعلم وقيادته وإرشاده. وخراب أي مجتمع – وهو سبب انحطاط الحياة في العالم الثالث – هو أن أعداد البشر الذين تتم تربيتهم من قبل المعلم باتت تتضاءل في ظل المحنة الاقتصادية والفساد الاقتصادي والاجتماعي ونمو التطرف الديني الذي دمّر في نيجيريا وحدها 1000 مدرسة في سنة واحدة على أيدي إرهابيي "بوكو حرام". وما معنى "بوكو حرام" باللغة النيجيرية ؟ معناه : التعليم حرام !!!. والطغيان الأمريكي سبب رئيسي وراء انحطاط التعليم في العالم الثالث من خلال سعي أمريكا لإسقاط كل الأنظمة العلمانية في المنطقة ودعم الحكومات الملكية الدينية الفاسدة والتدمير بالعدوانات العسكرية والتخريب الاقتصادي واستنزاف الثروات الذي تقوم به الشركات المافيوية الغربية وصندوق النقد والبنك الدولي. قبل مدة صرح مسؤول غربي قائلا لقد كان القذافي يمنع بقاء أي بنت في البيت لا تلتحق بالمدرسة. وها نحن أسقطناه وجئنا بمن يجلد المرأة إذا خرجت من البيت إلى المدرسة ويرجمها بالحجارة.

وهذا الكتاب الذي بين أيدينا: كيف تصبح استاذا؟ (تعليم البالغين)، هو خلاصة تجربة أستاذ (في الواقع معلّم) أفنى حياته في مهنة التعليم المقدسة وها هو يقدّم خلاصة تجربته مطروحة بصورة علمية وسردية مشوقة لتكون دليلا للمعلمين من بعده. إنه يصلح أن يكون دليلا لمعلمينا (وكذلك لعائلاتنا) خصوصا وأن لا أحد من معلمينا لديه الإمكانية على أن يقدم تجربته كدليل عمل علمي تربوي. ماذا يقدّم وهو يحتقر مهنته ويّجبر على تعليم 100 طالب في الصف وفي مدرسة طينية لم تشهدها العصور القديمة (أول مدرسة في تاريخ البشرية تأسست في العراق قبل 4000 سنة وكانت مبنية ونظيفة ولكل طالب رحلة واسمها المكتب؟ والمعلم فيها نبي محترم داخل وخارج المدرسة- راجع كتاب كريمر: ألواح سومر).

التعليم تضحية ومحبة:

ومن ميزات هذا الكتاب هو أنه مكتوب بحب وإخلاص لمهنة سفح فيها المؤلف سنوات عمره وهو غير نادم برغم أنها لم تغرقه بالأموال والامتيازات (بالمناسبة مات أغلب المعلمين العرب القدماء فقراء وفي مقدمتهم الجاحظ والتوحيدي). وهذه وصيّة المؤلف:

(أن تصبح استاذاً عظيماً – يوسّع من تعلم الطلبة في الصف ويسهم في مجال التدريس – هو مكافأةٌ بحدّ ذاته. الأساتذة العظماء يمرحون اكثر. انهم مسترخون في الصف لأنهم قد حضّروا درس اليوم سلفاً ويعرفون ما هو المتوقع ويعرفون كيف يديرون الصف ويتطلعون الى الإفادة من المفاجئات التي تعترض طريقهم.

يستفيد الأساتذة العظماء من تجربتهم التدريسية كثيراً. فهم يلاحظون ما يقوله، وما لا يقوله، الطلبة مما يثري فهمهم لكيفية تعلم الطلبة. يطبّق الأساتذة العظماء كل ما يمرون به في حياتهم اليومية – الاحداث اليومية والمحاضرات الشهيرة والتجارب الحياتية – في تجربتهم التدريسية. لذلك لا يفقدون نشاطهم ابداً.

يجب ان تطمح الى ان تكون مدرّساً عظيماً او أن تعزف عن التدريس الآن. فالتدريس يحتاج الى الكثير من العمل مقابل ما لا يكفي من المال). (ص 34 و35).

أهمية اليوم الأول في المدرسة:

وفي مخطوطة كتيّب لي عن الهروب من المدرسة أفاد بعض عوائل الأصدقاء وسيصدر بعد وفاة الكاتب بإذن الله كما كان يقول علي الوردي، وضعت مخططا لليوم الأول في المدرسة وهو يوم خطير في حياة أي تلميذ وطالب يحدّد مسيرته التعليمية اللاحقة. وفي حين نأتي نحن بأولادنا ونرميهم عند باب المدرسة ونمضي!! يقول المؤلف:

(في أول يومٍ من الدراسة أخبر طلبتك عن نفسك: من أي مدينةٍ أنت ولماذا تدرّس وكيف انتهى بك الأمر في مهنة التدريس. يجب أن تفكر دائماً باهتماماتك الوظيفية وأهدافك. فهذا الخليط من الملف العام والطموح الشخصي هو رسالتك.

تساعدك هذه الرسالة على السيطرة على عملك وحياتك. وفي الإطار اليومي ستبلغك رسالتك عن المجال الذي تبرع فيه. وعندما تكون اهتماماتك في صراعٍ شديدٍ ستساعدك تلك الرسالة على التوصل الى قرار ماذا ستفعل بشكلٍ يدلّ على هويتك بغض النظر عن الظروف المحيطة).( ص 42) .. ويواصل:

(أول درسٍ هو الأهم؛ ركز موقعك كأستاذ.

اليوم الاول هو اليوم الذي يقرر فيه معظم الطلبة اذا كانوا سيستمرون في المقرر او سينسحبون منه. إن التهيؤ لليوم الأول هو الذي سيحدد نجاح المقرر.

أنصحك بالتأنق وبالتصرف بشكلٍ رسمي في الدرس الاول فذلك يساعد على ترسيخ صورتك كأستاذ، خاصةً اذا لم تكن تتناسب مع مفاهيم الطلبة: أي اذا كنت صغير السن ودقيق البنية ولا يتناسب جنسك مع المادة الدراسية، الخ. وبمرور الوقت سيكون من السهل الانتقال من المظهر الرسمي الى مظهر اقل رسمية. ولكن من الصعب القيام بعكس ذلك.

بالاضافة الى مراجعة مخطط المنهج هناك بعض الأشياء الأخرى التي يجب أن تقوم بها في اليوم الأول. اولاً يجب أن تمنح الطلبة فرصة التعرف على بعضهم بعضاً والا سيتشتت انتباههم فيما بعد. يكون ذلك في نشاطٍ منظم يتعرف الطلبة فيه بعضهم بعضا. ثانياً عليك ان توضح للطلبة ان التعلم هو مسؤوليتهم وان عليهم المشاركة في الصف.

وأخيراً سوّق الدرس. اعرض الاسئلة التي سيتقصاها الطلبة في المقرر. بيّن لهم أن الموضوع شيّق. يحكم الكثير من الطلبة على المقرر من اليوم الأول. ابذل جهدك كي يستمتعوا بدرسك).

ثم يضع برنامجا تفصيليا لمخططك اليوم الأول لاهميته الكبرى:

الفقرات التي يجب مراعاتها قبل اليوم الاول

قبل بداية الدرس تأكد من الفقرات التالية كي تتأكد من انسيابية اليوم الأول:

تأكد من الوقت المطلوب لوصولك الى الصف. تأكد من موقف السيارات اذا كان لديك سيارة. تأكد من موقع الصف. تفحص وضعية الصف (هل يحتوي على مقاعد ثابتة ام متحركة...الخ). تأكد من اقرب مغاسل وهل هي صالحة للاستخدام.

الفقرات التي يجب التأكد منها في اليوم الأول

تأكد من الفقرات التالية بالترتيب الآتي:

ليكن زيك رسمياً. احضر للصف قبل نصف ساعةٍ من بداية الدرس. حضّر غرفة الصف. هيّء الادوات التي ستستخدمها. اكتب اسمك واسم المقرر على السبورة. رحّب بالطلبة عند حضورهم. أطلب من الطلبة تقديم انفسهم وانتبه على لفظ اسمائهم وطريقة كتابتها. قدّم نفسك. سوّق للدرس بنشاطٍ او محاظرةٍ اولية. راجع مخطط المنهج بأكمله مع الطلبة. اجب عن الاسئلة. اكّد موعد الدرس القادم ووقته. عند انتهاء الدرس انتظر قليلاً للاجابة عن اي سؤالٍ اضافي.

إبدأ الدرس باستبيان واختبار دخول. سيساعدك الاستبيان بمعرفة طلبتك ومستواهم.

اطلب من الطلبة ملء استبيانٍ في نهاية الدرس عن انفسهم وعن الحقائق التي تؤثر على تعلمهم: الاسم الكامل، تاريخهم الدراسي، مدى معرفتهم بالموضوع، اهتماماتهم، التزاماتهم خلال المقرر، إعاقات التعلم، المحددات الجسدية، الخ.

اختبار الدخول عبارةٌ عن سلسلة من الاسئلة التي تعتمد على اهداف مقررك. وهي تساعدك على تحديد بُعد الطلبة عن تحقيق هذه الاهداف. يجب ان توضح للطلبة ان هذا الاختبار لن يصحح. اجمع اجاباتهم في نهاية الدرس ثم راجعها عند عودتك الى المنزل ولا تعدها اليهم. فهي تساعدك على معرفة مدى تقدمهم وتساعدك على تعديل خطط الدرس بما يتلائم واحتياجات بعض الطلبة.

في صف الكتابة كتب كل طالبٍ مقطوعةً في اليوم الاول. ساعدتني تلك المقطوعة على معرفة مدى معرفة الطلبة بالقواعد وتركيب القطعة واستخدام اللغة الاكاديمية. وقد كانت هذه المقتطفات مفيدة جداً لأنني دائماً أبالغ في قدرة طلبتي). (ص 75 – 78).

المعلم ليس صديقا للطالب:

وقد ظهرت لدينا "مودة" جديدة أعتقد أنها من نفايات العملية التعليمية في الغرب الهوليودي وهي أن "المعلم صديق للطالب" في حين كنا نهرب من شارع لشارع في المرحلة الإبتدائية حين نشاهد ظل معلمنا من بعيد. وهذا درس من المؤلف يؤكد فيه خطل هذه " الصرعة" :

(لا يمكنك أن تكون صديقاً لطلابك. "لا تقترب مني كثيراً"

لا أعتقد أنك تستطيع أن تكون صديقاً لطلبتك. الصداقة هي علاقةٌ بين الرفاق. وطالما أنت تمتلك سلطةً على طلبتك فأنت لست رفيقاً لهم. إذا صادقت طلبتك فستخاطر بالحفاظ على صداقتك أكثر من دفعهم خارج حيّز الأمان.

يمكنك أن تحب وتحترم طلبتك ولكن لا يجب أن تضيفهم على حسابك الشخصي على موقع الفيسبوك

لا تطلب أبداً مقابلة الطلبة في بيتك أو في بيت شخصٍ آخر. وأخيراً لا تواعد طالباتك فذلك قد يؤدي الى طردك من الوظيفة. وإذا أعدت الكرّة فقد تُعزل من الوظيفة الى الأبد). (ص 43)

الصف ليس ساحة للديمقراطية:

وقد وسّع بعض المتحضّرين الحداثويين هذا الموقف تحت غطاء الديمقراطية وأن الديمقراطية تفرض المساواة والعلاقة الإنسانية القائمة على التكافؤ مهما كانت المواقع . وهذه وصيّة من أهدر عمرا كاملا في التعليم في أكثر البلدان مدنيّة:

(الصف ليس ساحة ديمقراطية، ولكن يمكنك تهيئة الطلبة للديمقراطية.

يظن بعض الاساتذة أن الصف يجب أن يكون ساحةً للديمقراطية. انا لا اتفق مع ذلك. والسبب هو ان الجميع في البيئة الديمقراطية لديهم حقوقٌ ومسؤولياتٌ متساوية. اما في الصف فالاستاذ اكثر مسؤوليةً من الطلبة. والسبب الآخر والأهم هو اننا لا نعرف ما هي الديمقراطية الحقيقية. فحكوماتنا تسيطر عليها بعض المؤسسات الثرية وتدّعي أنها تمنحنا الديمقراطية. حتى في العمل نحن نمارس القليل من الديمقراطية حيث تحدد مؤسساتنا شروط العمل ويمكن ان نُطرد لأقل سبب). (ص 119)

القصّة أداة تربوية وتعليمية ناجعة:

وقد تحدّثنا كثيرا في كتبنا ومقالاتنا عن أهمية العودة إلى "القصّة" كوسيلة تعليمية وتربوية في المدرسة والبيت. أمهاتنا الريفيات اللائي لم يكن يقرأن أو يكتبن وليس لديهن وسائل حضارية كالتلفزيون والراديو والمكتبات كنّ يقرأن علينا قصة – حتى لو كانت مكررة – قبل النوم . الآن الأمهات متعلمات ومتخصصات لا يجدن وقتا لحكاية المساء لأطفالهن حين يوازن هذه الممارسة بالفرجة على مسلسل تركي أو سوري مثلا!. اعتمد هذا الأستاذ المعلم على القصة كأداة للتعليم الناجح :

(قُم بسرد القصص؛ القصص تجذب الانتباه وتعمق الفهم.

القصة طعمٌ تقليدي. والقصص التي تحتوي على سؤالٍ ضمني تكون ممتازةً لبدء الحوار. لماذا لم يستطع موسى دخول الارض الموعودة؟ ماذا قال بيل موراي لسكارلت جونسون في نهاية قصة الضياع في الترجمة؟

القصص تشبه الوسائل الايضاحية الجيدة لانها تمثل ايضاً ما تقوم بتدريسه. استغل هذه الفائدة بسرد القصص لايضاح النقاط المجردة المهمة. ويجب ان تحرص على كون القصص مقتضبة وتتعلق بالموضوع بصورةٍ مباشرة. ومهما كان ما تفعله  لا تسرد كل قصصك، وانما هيئها كطريقةٍ اضافيةٍ لشرح الفقرات. فاذا فهم الطلبة الفكرة من دون سماع القصة التي هيأتها فذلك جيد، وسرد القصة في هذه الحالة سيكون مضيعةً لوقت الطلبة). (ص 85 و86)

 (إن التحدي الأكبر في التدريس هو تفكيك معرفتنا للطلبة، مثلاً كيف يقرأون ويفهمون النص الصعب، أو كيف يقطعون شيئاً بطريقةٍ دقيقةٍ بالمنشار. يجب أن يكون الأستاذ الجيد قادراً على تجزئة السؤال أو المفهوم أو المهارة الى مكوناتها. فعلى سبيل المثال، فيما يلي الطريقة التي أُدرّس فيها طلبتي لكتابة قصةٍ متكاملة:

يقرأ الطلبة قصةً متكاملةً. يحدد الطلبة خصائصها: البطل والتحدي الذي يواجهه والتطورات ونقطة التحول والنهاية. يفكر الطلبة بقصصٍ متكاملةٍ أُخر. يناقش الطلبة القصص التي فكروا بها. يكتب الطلبة قصصهم الشخصية. وأخيراً يقارن الطلبة خصائص قصصهم بالخصائص التي تعرفوا عليها في القصة التي حللولها بادئ ذي بدء.

وبالطبع انا لم أُدرّسهم بهذه الطريقة، وإنما اتبعت الخطوة 1 و 2 و 5 لأنني لم أكن أعرف كم سيكون صعباً عليهم أن يكتبوا قصصاً متكاملة. ولم أدرك حاجتهم الى نشاطاتٍ منظّمة إلا بعد أن صححت أوراقهم). (ص 59 و60)

نعم لعملية "المشاهدة":

ومن الظواهر السلبية ليس في العملية التعليمية والتربوية لدينا حسب بل في حياتنا الاجتماعية عموما هو الموقف السلبي من عمليّة "المشاهدة" أي أن يحضر شخص ليراقب نشاطك ويستفيد منه. بعض المعلمين يتحسّسون وقد يرفضون حضور معلم آخر في صفّه لمشاهدة طريقة تعليمه لطلبته. يقول المؤلف:

 (كن منفتحاً على المشاهدات

الأساتذة السيئون فقط هم الذين لا يحبون المشاهدة. (مشاهدة الزملاء في العمل ومشاهدة الآخرين لك)

الاستثناء الوحيد، من وجهة نظري، هو أن تسمح لمديرٍ أن يشاهد صفك من دون سابق إنذار. الاداريون في العادة مقيّدون بالقوانين التي تفرض عليهم اين وكيف يشاهدون الدروس. إذا بدأت بالسماح لهم بمشاهدتك وقتما أرادوا سيضغطون على بقية الأساتذة كي تتم مشاهدتهم من دون اتباع الطريقة الصحيحة). (ص 48 و49)

لا للتعليم "النظري":

وفي الوقت الذي مازال فيه التعليم "نظريا" في الكثير من البلدان المتخلفة يؤكد المؤلف على ضرورة ربط التعليم بالحياة العملية ودمج النظرية بخبرات الطلبة:

(أعتقد أن هناك فرصاً لتدريس المحتوى والقدرة في الوقت نفسه. عندما درّست التواصل في مكان العمل لصفٍّ من لحّامي المعادن اللاتينيين السود ابتكرت أدواراً يناقشون فيها مع مديرهم التعامل مع موقفٍ حرجٍ في محيط العمل. مثلاً، يقرأ الصف تقرير حادث مقتل أحد العمال بسبب سقوط عارضةٍ معدنيةٍ عليه بعد أن كان واقفاً على أرضٍ غير مستوية. بعدها يلعب الطالب دوراً يطلب فيه من المدير (الذي يلعب دوره طالبٌ آخر) أن يستعمل رافعةً لتحريك العارضة الخطرة. يراقب الصف ذلك الطالب ثم يقدمون له الملاحظات التي تساعده في أن يكون أكثر إقناعاً باقتراحه.

يمكنك القول إنني كنت أدرّس مهارةً وظيفيةً أخرى. وبالطبع يمكن لبعض الأشياء أن تؤخر البناء أكثر من الإصابة في موقع العمل، ولكن هناك الكثير من العاملين الذين لا يعرفون كيف يتفاوضون مع مدرائهم). (ص 18 و19)

(تفترض الثقافة الأمريكية بأن الاختبارات تقيس مقدار انتقال المعرفة ولكن ذلك لا يحدث في الحقيقة. فقد أظهرت دراسةٌ نُشرت في عام 1999 في كلية القانون في جامعة مشيغان أن أداء الطلبة في اختبار القبول لكلية القانون لم يتنبّأ بالدخل المهني أو المهارات الوظيفية (فقد وجدوا ارتباطاً سلبياً بين النتائج المرتفعة ونتائج الاختبار والخدمة المجتمعية). ولم تجد دراسةٌ أُجريت في عام 1984 أيّ ارتباطٍ بين درجات المدرسة والدخل المستقبلي أو المهارات الوظيفية. ولم تختلف الدراسات الراهنة عن تلك الدراستَين كثيراً ولم تناقضها أيضاً). (ص 20 و21)

(أسّس التربوي البرازيلي المتطرّف باولو فريري التعليم أيضاً على أساس خبرة الطالب الحياتية. فقد علّم العمّال الريفيين الأمّيين القراءة والكتابة متّبعاً منهجاً يعتمد على استغلال نشاطاتهم الحياتية. وفي الوقت نفسه شرح كيف يكون المدرّسون عاملاً في التحرر والاضطهاد من خلال تدريس الطلبة كيف يصبحون عمالاً يتم استغلالهم بدلاً من تدريسهم طريقة القتال ضد الاستغلال. وهذا يقوّض فرضية ديوي بأن التربية هي عمليةٌ تحريريةٌ بالوراثة). (ص 26)

حِكَم من حياة حافلة بالعطاء:

وضع المؤلف في بداية كل فصل وكل فقرة مدخلا على شكل "حكمة" هي خلاصة وإطار أيضا للفصل أو الفقرة أولا، وتكثيف لتجربته في هذا المجال ثانيا، وقطعة يمكن للقارىء أن يلتقطها ويحفظها في ذهنه بصورة أيسر وأسرع من الشرح المنساب ثالثا. وهذه بعض "حِكَم" المؤلف:

 # كونك خبيراً لا يعني أنك أستاذٌ جيد

معاناتك في موضوعٍ ما تساعدك على تدريسه

# معاناتك في موضوعٍ ما ستعمّق تعاطفك مع طلبتك.

# تحرّ عن موقع الطالب في رحلة حياته

مراحل البلوغ تساعدك على فهم طلبتك

# درّس من أجل نقل المهارات والمعلومات

لا تدرّس من أجل الامتحانات والاختبارات فقط

# قُم بتنمية الدافع الذاتي

إذا أردت بناء سفينةٍ لا تحشّد الرجال لجمع الخشب وتوزّع العمل وتعطي الأوامر. وإنما علّمهم الشوق الى البحر اللامتناهي." انطوان دي سينت-ايكسوبري، مؤلّف الأمير الصغير 

# التعلم عملٌ شاق

لن يأخذ الطلبة الواجب على محمل الجد أكثر من الأستاذ نفسه. أظهر للطلبة أنك تعمل بجِدٍّ وهكذا سيعملون بجدٍّ هم أيضاً.

# كل شيءٍ في التعليم مثيرٌ للجدل

خاصةً الأشياء الصحيحة

# سيجعلك التدريس تشعر بأنك أحمق

   

أو سيكون طريقةً ملهمةً ومثمرة في الانتباه الى أخطاءك (بالمناسبة كان عنوان الكتاب الأصلي هو: سيجعلك التدريس تشعر بأنك أحمق، كما يقول المؤلف)

# التدريس مهنةٌ صعبةٌ تصبح أسوأ باستمرار

أوقات الحاضر العصيبة ستصبح أوقاتاً سعيدةً في الغد

# لتكُن لديك رسالة

رسالتك هي قصّتك

# عليك أن تُحب وظيفتك

يجب أن تُحب كل شيءٍ يتعلق بها

# درّس الشيء نفسه

التكرار معلّمٌ جيد

# اقرأ خارج تخصصك

ستجد الكثير مما يتعلق بالمقرر الذي تدرّسه

ملاحظات نقدية بسيطة:

 (1). جاء عرض الكتاب مباشرا بالدخول إلى المحتوى بلا مقدمة أو تمهيد من المترجمة للتعريف على الأقل بالكاتب والكتاب وأهميته.

(2). لا أدري هل كان العنوان الاصلي للكتاب هو: كيف تصبح معلما ناجحا؟ (تعليم الكبار). كنتُ أتمنى أن يكون كذلك لأنه أكثر دقة وتعبيرا. وقد اطلعت على عروض للكتاب بلغته الأصلية فوجدته يستخدم مفردة المعلم teacher التي هي صفة كل من يقوم بعملية تعليمية مهما كان مستواها. بالمناسبة يبدو المؤلف في الصور شابا وهذا هو كتابه الأول.

(3). لا يعرف أغلب القرّاء معنى الرمز (م.م) الذي سبق اسم المترجمة وأعتقد أنه يعني: مدرس مساعد إن لم أكن مخطئا.

الخلاصة العبرة:

والخلاصة الذروة والعبرة التي يقدّمها المؤلف فهي أن مهنة التعليم مقدّسة وهي كأي شىء مقدّس لا يمكن أن تُقارن بالأموال والامتيازات، وهي كالنبوة؛ من يمارسها ينظر إلى البعيد اللامرئي الخلودي الذي لا تراه العقول الوضيعة التي صدأت بفعل أتربة الحاجات اليومية الحيوانية . في التعليم شىء إلهي .. ولهذا يمارسه الإنسان بطريقة الأنبياء؛ بمحبة وتعفّف برغم آلامه وشقائه:

(ورغم ذلك يمارس معظمنا التدريس لأننا نعتقد أن التعليم يمكن أن يغيّر طلبتنا، وبالتالي يمكن أن يغير العالم. وهذا لا يتعلّق كثيراً بالمهارات الوظيفية، بل بمساعدة الناس على العيش حياة قديرة أكثر معنى). (ص 18)

المعلّم يمكن أن يغيّر العالم .....

وسوم: العدد 695