الكتاب الثاني: البدائل عن الحضارة الغربية المادية (1)

البدائل عن الحضارة الغربية

مقدمة

الدعوات القومية والوطنية .

الدعوة النازية والفاشية .

الدعوات العنصرية .

الشيوعية .

الدعوات العلمانية .

الدعوة الإنسانية العالمية كبديل عن الدين .

الدعوة الرأسمالية .

الدعوات الديمقراطية .

الحركات السرية .. الماسونية .

العقيدة النصرانية كأساس حضاري .

العقيدة اليهودية كأساس حضاري .

العقيدة البوذية كأساس حضاري .

السيخ

الديانة المجوسية

الشيوعية

الوجودية

الديمقراطية

الفاشية

العقيدة الهندوسية كأساس حضاري .

العقيدة الإسلامية وحتمية الحل الإسلامي .

مقدمة البحث :

لقد وصلنا في الفصول السابقة إلى نتيجة هامة وهي أن الحضارة الغربية المادية التي تمتلك زمام القوة والسلطة المادية على مستوى العالم أجمع قد بدأت مرحلة الهبوط والانحدار لابسبب فقدانها القوة المادية أو القوة الاقتصادية ولكن بسبب إفلاسها في عالم القيم السامية والأخلاق الفاضلة والمبادئ الإنسانية العادلة .. وبسبب فقدانها الهدف والمنهج القويم الذي ترتكز عليه الحضارات وبسبب انحرافها عن الطريق الصحيح .. وبسبب عنصريتها وعدوانيتها التي وصلت إلى حد من البشاعة لم تصل إليه في تاريخ الإنسانية الطويل .. إن الحضارة المادية الغربية تسير نحو الهبوط والانحدار وستصل إلى الانهيار في فترة ليست بعيدة في عمر التاريخ وذلك إذا لم يتدارك الأمر دعاة الإصلاح من العلماء والفلاسفة وعلماء الاجتماع والساسة والمسؤلين ورجال الدين ويقوموا بواجبهم في إصلاح و إنقاذ هذه الحضارة الغربية المادية الآيلة للسقوط .. حيث يجب على هؤلاء القيام بعملية إصلاح جذرية تشمل كل مجالات الحياة الاقتصادية والأخلاقية والاجتماعية والروحية  وحتى المادية منها .. إن الحضارة الغربية بحاجة ماسة إلى عملية اصلاح جذري تصلحها من الجذور من الأسس لأنها حضارة بنيت على أسس فاسدة نخرة ستؤدي بها إلى الهبوط والانهيار ولو بعد حين .. وهنا تلح علينا أسئلة كثيرة ونحن نلاحظ بداية الهبوط والانهيار للحضارة المادية الغربية ..

**   ماهي البدائل بعد سقوط الحضارة الغربية ؟..

**   وما هي الحضارة الجديدة التي ستخلف هذه الحضارة الآيلة للسقوط ؟...

**   ومن سيتسلم قيادة البشرية بعد سقوط الحضارة الغربية في المستقبل القريب أو البعيد ؟...

**   وهل يمكن إصلاح الحضارة المادية الغربية بعد أن استشرى فيها الفساد من كل جانب ؟...

**   وهل يمكننا إهدار هذا الكم الهائل من العلم والمعرفة والإمكانات العلمية والفنية والتكنولوجية من أجل بناء حضارة جديدة ؟...

**   وهل يمكن الاستفادة من هذه الإمكانات المادية والعلمية الهائلة وتوجيهها في خدمة الإنسانية بدلا عن  الخراب والدمار الذي تسعى إليه الحضارة الغربية الحالية ؟...

**   وهل يمكن أن تعيش الحضارة الغربية بدون روح أو بدون عقيدة سماوية إلهية ؟...

أسئلة كثير تمر أمام كل إنسار يفكر في هذه الحياة ويفكر في مصير البشرية جمعاء وفق هذا النهج المادي المنحرف الضال الذي أفرزته الحضارة الغربية المادية عبر تاريخها الطويل ..

أقول وبالله التوفيق : لقد اختلفت القناعات بين المفكرين والباحثين في مصير الحضارة الغربية المادية الحالية .. فمنهم من يرى أن لها مستقبلا زاهرا سيتطور بشكل أكبر بكثير من الواقع الحالي وذلك لما تمتلكه الحضارة المادية الغربية من مقومات وإمكانات مادية وعلمية وتكنولوجية واقتصادية هائلة إذا ما أجري عليها بعض الاصلاحات .. بينما يرى البعض الآخر أن الحضارة الغربية قد بدأت بالهبوط التدريجي في سلم الحضارات على كافة الأصعدة وأنها لا بد أن تصل إلى مصيرها المحتوم بعد فترة زمنية ليست بعيدة وذلك لتكاثر الأمراض الداخلية الفتاكة المتنوعة التي تعصف بالمجتمعات والحضارات .. وهذا ما أجمع عليه معظم الباحثين والمفكرين الغربيين وغير الغربيين المنصفين والذين ينظرون إلىالحضارة الغربية بأنها لا بد أن تصل إلى الانهيار التام مالم يتداركها المصلحون المخلصون لإعادتها إلى الطريق الصحيح في جميع مسارات الحياة .. وهنا يقف الناس ليتساءلوا من جديد في حيرة ودهشة بعد أن شهدوا مظاهر الهبوط والانحدار في هذه الحضارة المادية الغربية ..  ترى من سيتسلم قيادة العالم بعد سقوط الحضارة المادية الغربية ؟. وأية حضارة ستقوم كبديل للحضارة الغربية الآيلة للسقوط ؟.. وأي نظام عالمي يستطيع أن يوفق بين كل أقطار العالم بالعدل والإنصاف ؟.. وأي نظام إنساني يستطيع أن يحقق للإنسان ـ أي إنسان على وجه المعمورة ـ العزة والكرامة والتكريم اللائق بهذا الإنسان ؟.. إنني ومن خلال استعراض كافة الأنظمة والشرائع والعقائد والأديان والحكومات والدول أستطيع أن أقرر أن الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية هي الحل الوحيد لأن هذه الحضارة الإسلامية هي وحدها التي تستطيع تحقيق العدل والمساواة والكرامة الإنسانية لكل شعوب العالم وهي وحدها تستطيع أن تحقق إنسانية الإنسان وكرامة الإنسان بعيدا عن الصلف والتكبر والاستعلاء .. بعيدا عن الاستعمار والاستعباد .. بعيدا عن القتل والتشريد والتدمير .. بعيدا عن الحروب التي أنهكت كاهل البشرية خلال فترة تسلط الحضارة المادية الغربية .. بعيدا عن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان .. بعيدا عن سرقة خيرات الشعوب .. إن العالم أجمع بأمس الحاجة إلى حضارة جديدة تجمع كل حاجات الإنسان المادية والنفسية والروحية والاجتماعية والاقتصادية وتقود الإنسانية الجمعاء إلى الحق والعدل والخير لكل شعوب العالم .. إن العالم أجمع بأمس الحاجة اليوم إلى حضارة تخلصه من شبح الحروب التي تشتعل كل فترة لتأكل الأخضر واليابس وتسحق شعوبا بأسرها وتدمر بلدانا بأكملها ولن تكون هذه الحضارة القادمة إلا حضارة الإسلام .. ولكي أعطي الدلائل على أن المستقبل لهذا الدين الإسلامي ولهذه الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية لا بد لنا من أن نستعرض كل القوى والشرائع والأديان والنظم والمذاهب والطوائف المتواجدة على أرض الواقع وأن نقوم بدراسة المقومات الحضارية والعالمية والإنسانية ثم نعرض لخصائص الحضارة الإسلامية العالمية الإنسانية ولسوف نجد أن حضارة الإسلام هي الحضارة الوحيدة التي تتميز بالعالمية والإنسانية وتتميز بالمنهج الإلهي القويم العادل وبالتالي يمكننا أن نقرر حتمية الحل الإسلامي في المستقبل القريب إن شاء الله ...    

وفيما يلي نستعرض باختصار شديد أهم الأنظمة والأفكار والنظريات والمبادئ التي يمكن من خلالها بناء حضارة ومن ثم نقوم بقياسها على مفهوم العالمية أولا بحيث تكون هذه الحضارة شاملو للعالم أجمع بكل شعوبه وأراضيه وطبيعته ثم قياسها على مفهوم الإنسانية بحيث تتعامل مع الإنسان كل إنسان في هذا العالم بالعدل والمساواة والمعاملة السامية التي تناسب هذا الإنسان الذي جعله الله خليفة في هذه الأرض .. وبالتالي فإننا سنجد وبدون أدنى شك أن حضارة الإسلام هي الحضارة الوحيدة العالمية في شمولها الإنسانية في سموها وتطلعاتها ...

الدعوات القومية :

**  الدعوات القومية بشكل عام .

**  الدعوة القومية العربية .

**  الدعوة القومية التركية الطورانية .

الدعوات القومية والوطنية :

الوطنية : معناها أن يشعر جميع أبناء الوطن الواحد بالولاء لهذا الوطن والتعصب له أياً كانت أصولهم التي ينتمون إليها وأجناسهم التي ينحدرون منها فالولاء هو للأرض في المذاهب والمبادئ الوطنية...

القومية : معناها الولاء للأصل الواحد واللغة الواحدة وإن تعددت مواطنهم وأراضيهم والسعي إلى توحيد الوطن القومي بوطن واحد حيث تجتمع القومية الواحدة في وطن قومي واحد وبالتالي يصبح الولاء في هذه الحالة ولاءً مزدوجاً ولاء للقوم وولاءً للوطن .. وهذا هو الحاصل في أغلب القوميات الحديثة .. وفي هذه الفقرة أريد أن أوضح أن الدعوات القومية بدأت في أوربا كحركات مضادة مناهضةللدين  أي أن الدعوات القومية هي دعوات ضد الأديان بشكل عام وضد الدين المسيحي وللكنيسة الكاثوليكية التي كانت ولازالت تتمركز في روما في حاضرة الفاتيكان .. إذا فالدعوات القومية هي دعوات ضد الأديان منذ البداية حيث بدأت ضد الكنيسة والديانة المسيحية ثم انتقلت بعجرهاوبجرها إلى الدول الأخرى وخاصة الإسلامية منها وفق دعوات علمانية إلحادية كافرة مدعومة من المحافل الاستعمارية والصهيونية العالمية  يقول"  وولز "  في كتابه " معالم تاريخ الإنسانية " : ( ولما انفصلت انجلترا واسكوتلندا والسويد والنرويج والدنمارك وبوهيميا وشمال ألمانيا عن الارتباط بروما أظهر الأمراء وغيرهم من الوزراء أقصى بوادر القلق والاهتمام بحفظ زمام القيادة في أيديهم وذلك لأنهم كانوا لا يسمحون من الإصلاح إلا بالقدر الذي يمكنهم من فصم العلاقة مع روما فأما ما تجاوز ذلك فكانوا يصرون على إبقائها وعدم موتها ) .. أي أن الأمراء والوزراء الأوربيين بدؤوا بفكرة الانفصالية القومية عن الكنيسة في روما منذ عهد مبكر بأسلوب دقيق ماكر دون أن يؤدي ذلك إلى التصادم المباشر مع الكنيسة فكانوا يشجعون خفية الحركات الإصلاحية المناهضة للكنيسة من وراء حجاب حتى وصل الأمر إلى إنشاء قوميات مستقلة شكلت فيما بعد الدول الأوربية ولقد انتقلت الفكرة القومية إلى الدول الإسلامية عن طريق أشخاص يمكن أن نصفهم تارة بالسذاجة والبساطة والجهل ببواطن الأمور وتارة بالخيانة والعمالة للدول الغربية التي كان لها أطماع كبيرة في بلاد المسلمين. يقول الأستاذ " أبو الحسن الندوي " رحمه الله في كتابه القيم " ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين " : ( والدين السماوي مهما تحرف وتغير لا يعرف الفروق المصطنعة بين الإنسان والإنسان ولا يفرق بين الأجناس والألوان والأوطان فلقد جمعت الكنيسة النصرانية الأمم الأوربية جميعها تحت لواء الدين حقبة طويلة من التاريخ وجعلت من العالم النصراني عشيرة واحدة وأخضعت الشعوب الكثيرة للكنيسة اللاتينية فقلت العصبية  القومية والنعرة الوطنية وشغلت الأمم عنها ولمدة طويلة ولكن لما قام مارتن لوثر بحركته الدينية الإصلاحية 1483 حتى 1546 ميلادي ضد الكنيسة اللاتينية رأى أن من المصلحة  الاستعانة بالألمان بني جنسه ونجح في عمله نجاحا لا يستهان به وانهزمت الكنيسة اللاتينية في عاقبة الأمر فانفرط عقدها واستقلت الأمم وأصبحت لا تربطها رابطة ولم تزل كل يوم تزداد استقلالا في شؤونها وتشتتا حتى إذا اضمحلت النصرانية نفسها في أوربا قويت العصبية القومية والوطنية وكان الدين والقومية ككفتي ميزان كلما رجحت واحده طاشت الأخرى ) .. والمعلوم أن كفة الدين لم تزل تخف كل يوم ولم تزل كفة منافستها راجحة وقد أشار إلى هذه الحقيقة التاريخية الفيلسوف الانجليزي المعروف اللورد لوثين السفير البريطاني في اميركا في خطبته التي ألقاها في حفلة بجامعة عليكره في يناير عام 1938 م .. ( والعجيب أن حركة الإصلاح الديني في أوربا كانت نتيجة تأثر الأوربيين بالأفكار الدينية الإسلامية التي كانت تصحح الانحراف الكبير في عقائد النصارى وفي الكتب المقدسة عندهم ثم بالعلاقة السامية الطيبة بين الدين الإسلامي وبين المسلمين فلم يحدث أن كان هناك صراع بين المسلمين وعلماء الدين أو بين المسلمين والمساجد كما هو الحال في أوربا وإنما كان المسجد دائما عنوان الاتحاد والمحبة والأخوة والسمو الروحي لكافة أبناء المسلمين في كافة أصقاع الدنيا في جميع مراحل الدين الإسلامي ) .. لقد رأى النصارى عند احتكاكهم بالمسلمين عالما مختلفا تمام الاختلاف .. عالما لا كنيسة فيه ولا "بابا" ولا رجال دين إنما فيه العلوم الدينية والعلوم الدنيوية كالطب والفلك والرياضيات ..الخ .. بلا تعارض بين هذا وذاك وليس لهم مع تفقههم في الدين كهانة على الناس ولا سلطانا إلا توقير العلماء من أجل علمهم فحسب ولا وساطة لهم بين الناس وبين ربهم الذي يعلمهم أن لا وسطاء ولا شفعاء عنده  وأنه ما على العباد إلا أن يدعوه فيستجيب لهم بلا وسيط عندئذ تحركت نفوس الذين يرغبون في الإصلاح لمحاولة إصلاح مفاسد الكنيسة المتراكمة خلال القرون وخلع السلطان الطاغي الذي فرضه الـ " بابا " ورجاله باسم الدين .. هكذا كان مولد القوميات في أوربا حركات موتورة سمت نفسها إصلاحية مناهضة للكنيسة لم تصل إلى مرحلة النضوج استغلها ذووا  الأهواء من الحكام والأمراء والوزراء والملوك واستغلها ذوو الأهواء من اليهود الحاقدين على النصرانية فأفسدوها وحولوها إلى حركات ثورية طائشة أكلت فيما بعد أبناءها وزعماءها الإصلاحيين .. لقد أثبتت الحركات القومية عبر تاريخيها الطويل أنها حركات غوغائية استبدادية عنصرية بعيدة كل البعد عن الروح الإنسانية وبالتالي فقد كان لهذه الحركات القومية الأثر الكبير في إثارة الصراعات القومية والعرقية وهذا ما رأيناه واضحا في تاريخ أوربا في القرون السابقة وهذا ما رأيناه لاحقا في تاريخ تركيا والبلاد العربية وغيرها من بلاد العالم وذلك في جميع الأقطار التي تبنت الاتجاه القومي سواء في مصر أو الجزائر أو المغرب أو تونس أو سوريا وما نشهده اليوم في العراق من صراعات قومية عرقية لا يخفى على أحد وكلها كانت نتيجة الدعوات القويمة العنصرية الغوغائية .. إن القومية في ذاتها نزعة غير إنسانية لا يتوقع أن ينشأ منها إلا الشر إنها بادئ ذي بدء تحدد عالم الإنسان فبدلا من أن يكون أفقه العالم كله والإنسانية كلها إذ يتحدد أفقه في قومه والرقعة الضئيلة من هذا العالم التي يسكنها قومه وبدلا من أن تكون قيمه معاني رفيعة من التي تقاس بها رفعة الإنسان ويتميز بها إنسان عن إنسان إذا قيمه هي مصالح قومه ومصالح هذه الرقعة الضئيلة من الأرض التي يسكن فيها قومه وهي مصالح مادية يتعارك عليها مع غيره من الهابطين إلى دركه كالمصالح التي يتعارك عليه الحيوان من أرض أو كلأ إذا كان من الضعاف أكلة العشب أو أرض وصيد إذا كان من الوحوش التي يفترس القوي فيها الضعيف .. وهذا ما نراه فعلا في عالم القوميات المادية العنصرية البعيدة كل البعد عن السمو الإنساني العالمي الرفيع لقد أصبح العالم تحت وطأة الدعوات الوطنية والقومية غابة يأكل القوي فيها الضعيف ويتصارع فيها الأقوياء مع الأقوياء والضعفاء مع الضعفاء من أجل الأرض ومن أجل الموقع الجغرافي الاستراتيجي ومن أجل الخيرات التي تختزنها هذه الأرض صراعات لاتكل ولا تمل ولا تنتهي إلا بفناء البشرية كلها فهل هذه الدعوات هي التي يصبو إليها الإنسان الذي جعله الله خليفة  له في الأرض؟... إن الدعوات القومية تقوم على أسس لا إرادة لإنسان فيها ولا خيار فالإنسان الكردي في بلد عربي يولد كرديا دون إرادته ويتكلم الكردية أو العربية دون إرادته ويقطن موقعا معين دون إرادته فلماذا يظلم أو يطرد أو يضيق عليه أو يهجر من أرضه تحت وطأه هذه الدعوات القومية العنصرية .. ما ذنبه..؟ ما الجريمة التي ارتكبها ؟..لاشيْ سوى أن أبواه كرديان وولد في منطقة أو قرية كردية .. لاشك أن الدعوة القومية دعوة عرقية عنصرية بغيضة بعيدة كل البعد عن القيم الإنسانية .. ثم إن الدعوات القومية تنبذ الفكر الإنساني وتنبذ العقل الإنساني وتنبذ الاختيار الإنساني لأنها تلغي اختيار الإنسان لفكره الحر ولعقيدته الحرة وتجبره على تبني الخط القومي العنصري العلماني الذي يفرق ولا يجمع ويشتت الوطن الواحد إلى أوطان متعددة وهذا ما نراه في العراق وفي الجزائر وفي المغرب بل وفي كل دول العالم التي تتبنى الدعوات القومية .. إن الدعوات القومية تقوم على أسس واهية كاذبة لا أصل لها فلو أخذنا القومية العربية وبحثنا عن أصول وجذور الإنسان الذي يقال عنه أن عربي لوجدنا العجب العجاب فهذا ينحدر من أصلا فرعوني وذاك من أصل أشوري أو فينيقي أو ألباني أو كردي أو تركماني أو غير ذلك كثير فمن أين جاءت أسس القومية العربية ومن أين جاءت مقومات القومية العربية ...؟ الحقيقية التي يراد للمسلمين أن يجهلوها أن كل الدول العربية تجمعت تحت أمة واحدة تتكلم اللغة العربية تحت راية الإسلام وتحت راية القران وبدون هذه الراية الإسلامية لم يكن هناك دولا عربية ولا قومية عربية ولولا الإسلام لكانت هذه الدول التي تسمى عربية اليوم خمسون دولة أو قومية لا يربطها  أي رباط وكذلك الأمر فإنه لولا المؤامرات الاستعمارية التي تم إحكامها بإسقاط الخلافة العثمانية لأصبحت تركيا كلها تتكلم اللغة العربية اليوم وأصبحت جزءا من الدول العربية .. إذا الأسس التي تقوم عليها الدعوات القومية هي أسس كاذبة واهية سببت لنا الكثير من النعرات والصراعات الداخلية ولا تزال ولذلك يجب علينا تركها ونبذها وإلقائها في مزابل التاريخ , إن المبدأ الإسلامي الأصيل هو ضد الدعوات القومية العنصرية إنه دعوة للتعارف والتكامل بين جميع الشعوب والقبائل والأعراق والأجناس بعيدا عن العنصرية القومية المقيتة بعيدا عن الدعوات المحدودة في قطعة معينة من الأرض أو في دولة معينة إنها دعوة إلى الإنسانية جمعاء للتوحد والتآخي والتكافل والتعارف والتعاون على الخير لدفع الشر يقول ربنا جل شأنه : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .. إن الناس في العالم أجمع هم فعلا شعوب وقبائل وهذه إرادة الله ولكن الرابطة بين تلك الشعوب والقبائل هي رابطة عالمية إنسانية سامية وليست رابطة قومية عنصرية قاصرة .. إن من الواجب على شعوب العالم أن تتعارف وتتعاون وتتعاضد في سبيل خير الإنسانية جمعاء بعيدا عن الدعوات القومية والعنصرية المقيتة .. إن الدعوات القومية بشكل كامل لم تهتد إلى تلك المعاني السامية التي جاء بها القران الكريم لم تهتدي لان يكون أفق الإسلام هو الإنسانية كلها وأرضه هو العالم كله واكتفت هذه الدعوات القومية والوطنية بذلك الأفق الضيق المحدود وهذا الوطن الصغير التافه وضمن قوم مهملين على ساحة الأحداث العالمية وإلى أفكار هزيلة ضعيفة على ساحة الواقع الإنساني بأسره .. أما في عالم الحضارة فقد أثبتت الوقائع التاريخية أن الدعوات القومية هي دعوات رجعية قديمة تعتمد على أساليب القرون الوسطى التي عفا عليها الزمن وتجاوزتها أحداث التاريخ خاصة وأن هذه الحركات اعتمدت على أسس حضارية قديمة بعيدة كل البعد عن عن الحضارة والمدنية فالفكرة القومية قديمة في أسسها رجعية في مبادئها متخلفة في توجهها عنصرية في منهجها تابعة ذليلة للغرب في تطبيقاتها .. لا شك أن هذه الدعوات التي يسمونا دعوات وطنية أو قومية هي أقرب ما تكون إلى الدعوات العنصرية البغيضة التي تفضل مصلحة قوم معينين على المصلحة العالمية ومصلحة شعب معين على حساب الشعوب الأخرى إن الروابط الإنسانية لا يمكن أن تهبط إلى مستوى الأرض والكلأ والمتاع الحسي ولا يمكن أن تنحصر في بقعة معينة من الأرض تسمى الوطن ولا يمكن أن تحدد بفصيلة معينة من الناس أو عرق معين وإنما يجب أن تسمو وتعلو فوق كل هذه الروابط لتصل إلى الرابطة العالمية الإنسانية التي يدعو إليها الإسلام وحده دون تحيز أو تميز ودون عنصرية أو قومية ودون طغيان أو استبداد... ومن ناحية أخرى فإن الدعوات القومية كلها علمانية إلحادية لادينية وكلها تنص في قوانينها على إبعاد الدين عن واقع الحياة وخاصة إبعاده عن واقع الحياة السياسة وعن نظام الحكم وعن القوانين والدساتير التي تحكم البلاد والعباد وإن تظاهر بعض دعاة القومية بالصلاة في المساجد في بلاد المسلمين أو الكنائس في البلاد المسحية فإن هذا التظاهر لا يخفي النهج العلماني الإلحادي الذي يعتبر جوهر الدعوات القومية .. ولذلك فإننا نلاحظ أن الدعوات القومية قد قامت أول ما قامت على المارقين من الدين وعلى دعاة الإلحاد والإباحية وعلى المستغربين وخاصة من النصارى وعلى أصحاب المذاهب والديانات المنحرفة ولو أننا تصفحنا سيرة هؤلاء الدعاة لوجدناهم وبدون استثناء ضمن هذه الأصناف وكلهم كانوا حربا على الأديان بشكل عام وعلى الإسلام بشكل خاص منذ قيام أتاتورك إلى جمال عبد الناصر إلى حافظ الأسد إلى بورقيبة إلى صدام حسين إلى السادات إلى برفيس مشرف إلى أخر هذه السلسة الإلحادية اللادينية التي أذاقت المسلمين صنوف العذاب وحكمت البلاد والعباد بالحديد والنار والسجون والمعتقلات وحاولت طمس معالم الدين الإسلامي .. الدعوات القومية أبعد ما تكون عن الأديان وإن لبست مسوح الأديان في وقت من الأوقات إن المفاسد والآثام والشرور التي نتجت عن الدعوات القومية والوطنية لم تكن مرتبطة بأشخاص تنتهي هذه الشرور والآثام بانتهائهم وإنما خلفت واقعا عاما أليما وصراعات عرقية شديدة لا تزال آثارها السيئة تنخر في جسد الأمم التي قامت على أسس قومية أو وطنية .. ذلك لأنه لا توجد دولة من دول العالم تضم عرقا بشريا واحدا صافيا وإنما جميع دول العالم تحتوي على عدد كبير من الأعراق المختلفة وتغليب عرق معين من الأعراق لابد وأن يكون على حساب الأعراق الأخرى ولابد أن يتسبب بالظلم والقهر لطائفة على حساب طائفة ولعرق على حساب عرق آخر وهذا ما يحصل للأقليات العرقية في جميع الدول التي تتبنى النهج العرقي العلماني والتي تحاول إذابة جميع الأعراق والأقليات في وعاء الأكثرية القومية .. إن الدعوات القومية كلها دعوات عدوانية توسعية وذلك إذا امتلكت القوة لمثل هذا العدوان والتوسع .. إن الدعوات القومية أول ما تفكر به عندما تمتلك القوة المادية هو السعي لتوسيع رقعتها على حساب قوميات أخرى أضعف منها تماما كما حصل للقوميات الأوربية التي أصبحت قوميات استعمارية استعبادية عندما امتلكت القوة العسكرية المادية يقول الدكتور عبد العزيز محمد الشناوي في كتابه " أوربا في مطلع العصور الحديثة " : ( الحروب الإيطالية هي حروب متقطعة نشبت بين فرنسا واسبانية خلال فترة خمس وستين عاما 1494 حتى 1559 م وكانت هذه الحروب مظهرا من مظاهر التنافس الدولي بين هاتين الدولتين من أجل السيطرة والنفوذ في أوربا والرغبة في التوسع الإقليمي داخل القارة الأوربية أو خارجها وقد بدأ هذا التنافس بين فرنسا واسبانيا قبل أن يلفظ القرن الخامس عشر الميلادي أنفاسه الأخيرة واقترن بصراع حربي مرير خاضته الدولتان وكانت شبه الجزيرة الايطالية موقع لتصارع الجيوش الفرنسية والاسبانية خلال المراحل الأولى لهذه الحروب والتي تطورت بعد ذلك إلى نضال أوربي اتسع نطاقه وانتقل إلى ميادين متعددة خارج شبه الجزيرة الايطالية حيث كانت فرنسا واسبانيا قد تطلعتا إلى ايطاليا واستهدفتا تحقيق غرضين هما التوسع الإقليمي للاستيلاء على ممتلكات جديدة في شبه الجزيرة الايطالية ثم السيطرة والتفوق السياسي في القارة الأوربية لقد بدد ملوك فرنسا واسبانيا قواهم في الحروب طوال فترة امتدت خمسة وستين عاما استهدف السيطرة على ايطاليا وانزل بهم جميعا أضرارا فادحة ) .. لقد عاشت أوربا كلها في فترة الدعوات القومية في دوامة قاتلة كل قومية تتطلع إلى التوسع على حساب جاراتها وكل سلطة تتطلع إلى السيطرة على دول وشعوب المنطقة لقد كانت أحلام ملك فرنسا ومن بعده تتعدى احتلال ايطاليا وإخضاعها لحكمه ولكنه كان يتطلع إلى إقامة إمبراطورية أوربية كاملة تحت حكمه ولا ننسى في هذا المجال أطماع ملك فرنسا فرانسويل الأول وأطماع نابليون بونابارت وغير ذلك من الأطماع التوسعية .. أما جمهورية ألمانيا النازية والدعوة الى استعلاء العرق الجرماني والقومية الجرماني فكلنا نعرف الكوارث والمصائب التي حققها ادولف هتلر ليس على المستوى الألماني فحسب بل على مستوى العالم اجمع .. وهكذا انهارت القومية الألمانية وخضعت للاحتلال والتقسيم عقودا طويلة نتيجة للنهج القومي التوسعي الذي انتهجته النازية الألمانية وكذلك الأمر بالنسبة لجميع الدعوات القومية .. وأذكر في هذا المجال الخطوة التي قام بها رائد القومية العربية جمال عبد الناصر في سوريا عندما قام بتهجير الأكراد من مناطق شمال سورية وإحلال بعض العرب مكانهم تحت ما يسمى ( الحزام العربي  ) .. والذي يهدف  إلى تهجير الأكراد والتركمان بعيدا عن الحدود الشمالية وإحلال العرب مكانهم على الحدود الشمالية لسورية والعراق .. وتبعه في هذه الخطوة اللاإنسانية حزب البعث في كل من العراق وسورية علما بأن هذه الأقليات العرقية عاشت في ظل الدولة الإسلامية مئات السنين بل ألوف السنين لا تعرف التمييز بين عربي أو كردي أو تركي أو غير ذلك حتى أن صلاح الدين الأيوبي الكردي والسلاطين العثمانيين كانوا هم الملوك والسلاطين والقادة في فترة طويلة من التاريخ دون أن يشعر العربي أو التركي أو الكردي بالغبن والحرج ودون أن تكون هناك عنصرية قومية تفرق بين الأقوام والأجناس في ظل الدولة الإسلامية .. إذن نخلص هنا إلى أن الدعوات القومية هي دعوات عنصرية عدوانية توسعية لا تحترم غيرها من الأعراق والقوميات .. الدعوات القومية هي دعوات تشتيتية تجزيئية تقسم البلاد والعباد إلى أجزاء وفقاً للأغراض والقوميات الأخرى المتواجدة على ساحة الوطن القومي ذلك لأن أية دعوة قومية لابد وأن تؤدي إلى استثارة الأعراق والقوميات الأخرى للمطالبة بالاستقلال الذاتي أو إنشاء وطن قومي جديد وهذا ما حصل ويحصل في جميع البلاد التي تبنت الدعوة القومية أذكر على سبيل المثال مطالبة الأكراد في تركيا بالحكم الذاتي ومطالبة الأكراد في العراق بالحكم الذاتي والآشوريين بالعراق بالحكم الذاتي وتيمور الشرقيه بالانفصال وجنوب السودان بالانفصال ودارفور بالانفصال وكلها دعوات مغرضة تدعمها القوى الاستعمارية من أجل مصالحها .. إن الدعوات القومية هي التي مزقت أوربا إلى أشتات صغيرة بعد أن كانت موحدة تحت ظل الكنيسة الرومانية في فترة من فترات التاريخ يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتابه القيم " ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين" : ( لما قضت حركة مارتن لوثر التي تزعمت حركة الإصلاح الديني على وحدة أوربا الثقافية والدينية انقسمت هذه القارة إلى إمارات شعبية مختلفة وأصبحت منازعاتها ومنافساتها خطرا خالدا على أمن العالم ) .. وهذا ما حدث فعلا في أوربا حيث نشبت الصراعات الشديدة وكلها نتيجة تبني الخط القومي والاستغناء وبشكل كامل عن الخط الديني الإصلاحي الذي تبناه مارتن لوثر .. إن الدعوات القومية تحت شعار ( البقاء للأصلح ) كانت تعني في الحقيقة البقاء للأقوى وليس للأصلح تماما كما يحصل في الغابة ولما كانت كل قومية تزعم لنفسها أنها هي الأصلح والأجدر للبقاء فإن تاريخ القوميات كان تاريخا بشعا عنيفا شرسا استحكمت فيه الصراعات القومية حتى وصلت إلى حد الوحشية والدمار بحيث تموت في دوامة الصراع القومي الوحشي كل المعاني الإنسانية والأخلاقية .. ولعل العجيب الغريب في الدعوات القومية أنها دائما تدعي التقدمية وتتهم غيرها بالتأخر والرجعية والجمود وغير ذلك من الصفات المنكرة وتنسى أنها هي التي أوصلت الدنيا إلى التأخر والتناحر  والرجعية والجمود وتنسى أيضا أنها هي التي تتصف بالدكتاتورية والوحشية والقمعية .. إنني لدى مطالعاتي الكثيرة لدعاة القومية والتحرر والتقدمية في الشرق والغرب لم أجد إلا الظلم والقتل والقهر والاستبداد والمعتقلات السياسية وكم الأفواه وتسخير الناس لخدمة الآراء القومية سواء اقتنعوا في ذلك أم لم يقتنعوا .. ولنضرب مثلا من تركيا ذات النظام العلماني نجد أنه وبعد مئات السنين لازال عناصر الجيش التركي المنتشرين في كل أنحاء تركيا تقدم التحية العسكرية وفق مراسم رسمية لأصنام أتاتورك المنتشرة في كل مكان ألم يئن الأوان لتحطيم هذه الأصنام ..؟ أليس من السخف والجريمة أن نخصص  مئات الآلاف من أبناء المسلمين لحراسة وتقديس وتبجيل هذه الأصنام ..؟ ترى كم كلفت هذه الأصنام على الدولة التركية ..؟ هل هذا العمل يعتبر تقدما أو تأخرا ورجعية إلى عهود الأوثان والأصنام ..؟؟ مالفرق بين تمثال هبل وبين تمثال أتاتورك أو تمثال جمال عبد الناصر أو تمثال حافظ الأسد أو صدام حسين؟ الحقيقة المرة أن مثل هذه الأعمال هي أحط وأسخف أساليب العبودية التي مورست على الناس منذ قدم التاريخ وحتى يومنا هذا .. أما القوميات الأوربية فلم تكن إلا البذرة الخبيثة للحركات الاستعمارية ثم الحركات التبشيرية والصليبية التي لم تنقطع لحظة من اللحظات فكيف يتمسك القوميون في البلاد الفقيرة الضعيفة بالمبادئ القومية التي وضعها المستعمرون الغربيون .. إن القوميات الغربية كلها وبدون استثناء اتسمت بالروح الصليبية الحاقدة على الإسلام والمسلمين ولقد كان الغربيون يتنافسون على احتلال الأقطار الإسلامية ومحاولة تنصير المسلمين ولقد أرسلوا في سبيل ذلك حملات مركزة سموها تبشيرية ولكنها في الواقع حملات تنصيرية إجرامية مهدت للاستعمار الغربي لمعظم الدول الإسلامية ولعل من العجيب أن نرى أن الدول الاستعمارية التي حاربت الكنيسة وأهملت الدين النصراني هي نفسها التي استغلت الدين المسيحي واستغلت الحملات التبشيرية الصليبية ضد بلاد المسلمين .. يقول الفيلسوف المسلم " ليوبولد فايس "  في كتابه " الإسلام على مفترق الطرق " : ( إن الاصطدام العنيف الأول بين أوربا المتحدة من جانب وبين الإسلام  من جانب آخر يتفق مع بزوغ فجر المدنية الأوربية ) أي أن الحروب الصليبية الاستعمارية للبلاد الإسلامية توافقت مع عصر النهضة الأوربية فأي نهضة وأي تقدم يبرر استعمار البلاد واستعباد الشعوب .. ويقول أيضا : ( وكانت اوربا في وسط المأزق الحرج قد بدأت حروبها الصليبية العدائية مع العالم الإسلامي .. إن الحروب الصليبية هي التي عينت في المقام الأول والمقام الأهم موقف أوربا من الإسلام لبضعة قرون وهكذا كان شان الحروب الصليبية فإنها أحدثت أثرا من أعمق الآثار وبقيت هذه الآثار في نفسية الشعوب الأوربية وإن الحمية الجاهلية العامة التي أثارتها تلك الحروب في زمنها لا يمكن أن تقارن بشيء خبرته أوربا من قبل ولا اتفق لها من بعد .. لقد استفادت أوربا أكثر مما استفاد العالم الإسلامي ولكن لم تعترف بهذا الجميل وذلك بأن تنقصها من بغضائها للإسلام بل كان الأمر على العكس من ذلك فإن تلك البغضاء قد نمت مع تقدم الزمن ثم استحالت عادة ولقد كانت هذه البغضاء تغمر الشعور الشعبي كلما ذكرت كلمة "مسلم" ثم جاء عهد الإصلاح الديني حينما انقسمت أوربا ووقفت كل شيعة مدججة بسلاحها في وجه كل شيعة أخرى ولكن العداء للإسلام كان عاما فيها كلها بعد أن جاء زمن أخذ الشعور الديني  يخبو ولكن العداء للإسلام استمر ) .. ويقول المستشرق الكندي المعاصر " ولفريد كانتول سميث " في كتابه " الإسلام في التاريخ الحديث " حيث يقول : ( وحتى قيام كارل ماركس وقيام الشيوعية فإن التحدي الحقيقي الوحيد للحضارة الغربية والذي واجهته في تاريخها كله هو نبي المسلمين وإنه من المهم أن نتذكر كم كان هذا التحدي حقيقياً وكم كان يبدو في يوم من الأيام تهديدا خطيراً حقاً .. لقد كان الهجوم من المسلمين مباشرة في كلا الميدانين الحربي والعقيدي وكان قويا جدا ولاشك أن هذا الهجوم بالنسبة للمسلمين كان يبدو أنه الحق والصواب فالأمر الطبيعي المحتوم أن يمتد الإسلام كما امتد من قبل ولكن الأمر كان مختلفا بالنسبة للشخص الواقع خارج نطاق الإسلام حيث كان التوسع الإسلامي على حسابهم وإلى حد كبير وعلى حساب الغرب فقد فقدت المسيحية دفعة واحدة أجمل مقاطعات الإمبراطورية الرومانية لتستلمها منها القوة الجديدة وكانت الإمبراطورية الرومانية مهددة وبشكل كامل بخطر الانهيار والضياع وعلى الرغم من أن القسطنطينية لم تقع بادئ ذي بدء في أيدي الجيوش العربية كما وقعت مصر وسوريا ولكن الضغط عليها استمر فترة طويلة وفي موجة التوسع الإسلامي الثاني فقد سقطت القسطنطينية بالفعل عام 1453 م ودب الرعب والفزع في قلب أوربا حتى أحاط حصار المسلمين العثمانيين فيينا عاصمة النمسا حاليا وذلك عام 1529 ميلادي وظل الزحف الإسلامي العنيد مستمرا في طريقه حتى عام 1683 م .. إن وقوع تشيكوسلوفاكيا في قبضة الشيوعية عام 1948 م في العصر الحديث لم يوقع الرعب والفزع في نفوس الغرب المتهيب كما كان للزحف الإسلامي الذي استمر قرونا طويلة من قبل تلك القوة الإسلامية الضخمة المهددة التي لا تكف ولا تهدأ بل يتكرر انتصارها مرة بعد مرة وكما كان الأمر مع الشيوعية فإن التهديدات والانتصارات الإسلامية كانت قائمة في عالم القيم والأفكار فقد كان الهجوم الإسلامي موجها إلى عالم النظريات كما هو موجه إلى عالم الواقع .. لقد عملت العقيدة الإسلامية الجديدة بإصرار على إنكار المبدأ الرئيسي للعقيدة المسيحية والتي كانت بالنسبة لأوربا العقيدة السامية التي أخذت في بطء تبني حولها حضارتها وكان التهديد الإسلامي موجها بقوة وعنف وكان فاتحا ومكتسحا نصف العالم المسيحي تقريباً .. والإسلام هو القوة الايجابية الوحيدة التي انتزعت من بين المسيحيين  أناساً دخلوا في الدين الإسلامي الجديد وآمنوا به بعشرات الملايين وهو القوة الوحيدة التي أعلنت أن العقيدة المسيحية ليست مزيفة فحسب بل تدعو إلى التقزز والنفور وإنه لمن المشكوك فيه أن يكون الغربيون قد تغلبوا قط على آثار ذلك الصراع الرئيسي المتطاول الأمد أو على آثار الحروب الصليبية التي استغرقت قرنين من الحروب العدوانية المريرة ) ...

إن تاريخ الاستعمار الغربي للبلاد الإسلامية كان استعمارا صليبيا حاقدا حاول محو الإسلام عن طريق الحملات التنصيرية والغزو الفكري وتشويه مناهج التعليم ودس الأفكار الفاسدة ونشر الأخلاق الفاسدة إضافة إلى امتصاص خيرات هذه البلاد ولنضرب مثالا على ذلك الاستعمار البريطاني لشبه القارة الهندية والتي كانت تضم ( بنغلاديش وباكستان وكشمير والهند ) .. فقد كان أول عمل قامت به بريطانيا هو إزالة الحكم الإسلامي الذي كان مركزا في العديد من المقاطعات الهندية والذي كان ينتشر وبشكل هائل بين الهنود من العقائد الأخرى أما بقية العقائد الوثنية فتركوهم دون التعرض لعقائدهم بشيء .. لقد وجهت بريطانيا الحرب الضارية ضد الإسلام والمسلمين في الهند فصادرت الأوقاف المرصودة للتعليم الإسلامي فجففت منابعه وحاربت التعليم الديني وحاربت المسلمين في الوظائف العامة وأعطيت للوثنين الهندوس والبوذيين وغيرهم أرفع الوظائف ووجهت الغزو الفكري الشرس ضد المسلمين لإخراجهم من حقيقة الإسلام وأخيرا قامت بجريمة فصل باكستان وبنغلاديش  عن الهند  بعد أن رأت دخول كثير من أبناء الديانات الوثنية في الإسلام ثم قامت بإذكاء الصراع بين المسلمين وغيرهم والتي لا تزال مشتعلة تحت الرماد  حتى يومنا هذا .. وهنا يمكننا أن نذكر للتاريخ أن بريطانيا كانت ولا زالت أعدى أعداء الإسلام حيث قامت بأبشع الجرائم ضد الشعوب الإسلامية بشكل عام وهي أول من وضع سياسة الغزو الفكري لعقائد المسلمين إضافة إلى أنها هي التي وضعت الكيان الصهيوني في قلب العالم الإسلامي وأنها كانت السباقة في كل جريمة وفتنة ضد الإسلام والمسلمين ..  إذن فالدعوات القومية التي بدأت في أوربا ارتبطت ارتباطاً وثيقا بالاستعمار والاحتلال والتوسع والعنصرية والحروب والدمار ..  ففي الحرب العالمية الأولى (  1914 حتى 1918 ) م  قتل عشرات الملايين شاب وشوه وأصيب أضعاف هذا العدد واستخدمت الغازات السامة والأسلحة الفتاكة الحارقة والكيميائية والبيولوجية وغير ذلك من الأسلحة الفتاكة وكان هذا الصراع وهذه الحروب كلها صراع قوميات ضد قوميات أخرى وان كان هناك تكتل وتخالف بين بعض القوميات .. أما في الحرب العالمية الثانية  ( 1939 حتى  1945  )  ميلادي فقد قتل فيها أربعون مليونا من الشباب غير المدن التي دمرت والمدنين الذي قتلوا أو شوهوا في الغارات الجوية وغير ضحايا القنابل الذرية في هيروشيما وناغازاكي التي أبادت الحياة بشكل كامل في هاتين المدينتين وشوهت الملايين من السكان المجاورين لها وبعد سبعين عاما لا تزال آثار الإشعاعات النووية تظهر على الأجيال المتعاقبة .. هكذا فعل أدعياء القومية وأدعياء الحضارة والتقدمية والمدنية سواء كانوا من تجمع المحور أو من تجمع الحلفاء لأن هتلر لو سبق إلى صنع القنبلة النووية فلربما فعل ما هو أشد وأنكى من أمريكا وحلفائها .. ولعل من خفايا التاريخ أن الحرب العالمية الأولى  هي تدبير يهودي نصراني هدفه الأول القضاء على الخلافة الإسلامية العثمانية ويأتي في المرتبة الثانية القضاء على القومية الجرمانية لحساب القومية البريطانية والقومية الفرنسية .. وهذه حالة الحركات القومية على مدار التاريخ صراعات وحروب وأطماع توسعية وكأن العالم في الفكر والمنطوق القومي غابة مليئة بالوحوش والحيوانات القوي يأكل الضعيف وفق شريعة الغابة المعروفة ..

ومن هذا المنطلق نجد كيف سعت بريطانيا إلى فصل شبه القارة الهندية إلى قوميات متناحرة متصارعة بنغالية وبنجابية وباكستانية وكشميرية بعد أن رأت أن الدين الإسلامي قد أخذ ينتشر وبشكل كبير جدا في الطوائف والعقائد والأديان الأخرى .. وكذلك رأينا كيف قامت النزعات القومية وفتت الخلافة العثمانية الإسلامية إلى دويلات ضعيفة جدا قد لا يتجاوز عدد سكان الدولة عدد سكان مدينة من المدن المتوسطة .. دويلات عربية ودويلات كردية ودويلات تركمانية ودويلات آشورية وسريانية وغير ذلك بعد أن كانت دولة واحدة وخلافة إسلامية واحدة .. أما أفغانستان المسلمة فقد بدأت تدخل مرحلة الصراع القومي بعد أن كانت دولة إسلامية واحدة أخذت القوى الاستعمارية تلعب لعبتها في إذكاء روح العداء بين الطاجيك والبشتون وغيرها من الملل والنحل والقوميات بهدف تفتيت الدول الإسلامية إلى دول صغيرة ضعيفة لا تشكل أي خطر على الحضارة الغربية وعلى الهيمنة الغربية على مقدرات العالم .. بعد حرب فلسطين وقيام الخونة والعملاء بتنفيذ مخططات أعداء الإسلام وعلى رأسهم بريطانيا  ووصول المخطط البريطاني إلى وضع خطة لتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية وأخرى عربية .. ظهرت على الساحة كتائب المجاهدين الإسلاميين بقيادة الشيخ ( محمد فرغلي ) رحمه الله الملقب بصاحب العمامة البيضاء و ( يوسف طلعت ) الملقب بجزار اليهود وجزار الإنكليز على الجبهة المصرية وبقيادة الدكتور ( مصطفى السباعي ) رحمه الله على الجبهة السورية والتي وقفت سداً قوياً منيعا في طريق التقسيم وقامت بعمليات أرهبت البريطانيين واليهود في آن واحد عند ذلك قررت القوى الاستعمارية ضرورة القضاء على البعث الإسلامي أولا وضرورة إيجاد بديل مناسب مقبول عن الراية الإسلامية التي بدأت تنتشر من جديد في ربوع البلاد العربية بعد سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية .. فكان البديل هو القومية العربية والتي سخر لها الاستعمار الغربي بشكل عام والبريطاني بشكل خاص كل إمكانات النماء والقوة .. يقول " جورج كيرك "  في كتابه الشهير "  تاريخ الشرق الأوسط " : ( إن القومية العربية ولدت في دار المندوب السامي البريطاني ) ... !!  فهل عرف القوميون العرب هذه الحقيقة أم أنهم لازالوا في طغيانهم يعمهون ...؟!!!

والجدير بالذكر أن جرائم القوميين لم تقتصر على بلاد العرب والمسلمين وإنما طالت حتى الدول الغربية نفسها في صراع مرير بين القوى العالمية آنذاك ويحدثنا التاريخ الحديث كيف أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تدخل الحرب العالمية الثانية رغم تحالفها مع دول الحلفاء إلا بعد استنزاف كامل لكل من بريطانيا وفرنسا وبقية الدول الغربية وذلك حسب رأي الزعيم البريطاني  الشهير ” ونستون تشرشل "  فلم تدخل أمريكا الحرب رغم قوتها وقدرتها الفائقة على حسم الموقف العسكري في الحرب حتى فقدت بريطانيا إمبراطوريتها التي لا تغيب عنها الشمس وكأن أمريكا كانت تخطط لترث حلفاءها البريطانيين والفرنسيين فدخلت الحرب بعد انهيار كامل لفرنسا وبريطانيا واستنزاف الألمان ومحورهم في حروب جانبية مدمرة خاصة حروبهم على الجبهة الروسية ثم انهيار الألمان في حرب وقعت في الشتاء القارس وعلى بعد مئات بل ألوف الأميال عن مركز القيادة في برلين .. وهنا صعد نجم أمريكا التي لم تخسر شيئا في الحرب بل ربحت كل شيء حتى على حساب حلفائها وأصدقائها وهذه هي عقلية الأمريكان منذ نشأتهم وحتى هذه اللحظة .. ولما ورثت الولايات المتحدة بريطانيا وفرنسا وورثت مستعمراتهما وبسطت نفوذها على الشرق الأوسط حيث قامت عن طريق الانقلابات العسكرية تغرس زعامات كاملة تحمل لواء القومية العربية وفي نفس الوقت تنفذ المخطط الأمريكي الصليبي في حرب الإسلام والمسلمين .. ولقد جرى للزعامات القومية عمليات دعم قوية وتلميع أمام الجماهير المغيبة عن ساحة الأحداث وقالوا أن إسرائيل لا تخشى شيئا أكثر من القومية العربية .. وقالوا أن أمريكا تخشى من تنامي الشعور القومي .. وقالوا أن القومية العربية ستدمر إسرائيل وتلقي بها في البحر .. وقالوا أن القومية العربية ستوحد مئات الملايين العرب ولكننا وخلال أكثر من سبعين عاما من المراقبة والانتظار والترقب لم نر إلا الأوهام والهزائم المتكررة وخسارة البلاد والعباد والتآمر والخيانة من وراء حجاب .. فبدلا من تحرير فلسطين من اليهود ابتلعت إسرائيل في ظل الحكومات القومية أضعاف مساحتها في سيناء والجولان وغزة والضفة الغربية والعرب يتفرجون بل ويقيمون علاقات دبلوماسية طبيعية وحوارات مع اليهود الغاصبين المحتلين ولعل أسوأ ما نلاحظه الآن على شاشات التلفزة العربية العناق المتبادل بين زعماء العرب وزعماء الكيان الصهيوني العنصري ولعل أسوأ ما نسمعه أن يكون العربي الكافر أو النصراني أو اليهودي أفضل من المسلم التركي أو الباكستاني فقد قال بعضهم وبكل تبجح :             غدا الصليب هلالا في توحدنا               وجمع القوم إنجيلاً وقرآناً

وهكذا تكون المبادئ في مفهوم الحكومات القومية العربية وغير العربية صراع وأحقاد وحرب لله ورسوله وللإسلام والمسلمين منذ أن تولى الزعماء القوميون ذمام الأمور ...

القومية العربية:

إن فكرة الوطنية أو القومية التي نقلها المستعمرون الغربيون إلى بلاد المسلمين لم تكن إلا لإحلالها محل الفكرة الإسلامية والرابطة الإسلامية وكان الهدف منها تحويل حركات الجهاد الإسلامي ضد الاستعمار إلى حركات وطنية تدافع عن ما يسمى بالتراب الوطني وتحويل أهداف الجهاد الإسلامي السامية الإنسانية إلى دفاع عن الأرض والتراب .. وهذا ما فعلته كل الحركات الوطنية التي تربت على الأفكار القومية والوطنية الغربية مع الأديان جملة وتفصيلا ً.. الحركات الوطنية أو القومية لا تنظر إلى المستعمرين الغربيين على أنهم مستعمرون صليبيون حاقدون يهدفون إلى القضاء على الفكر الإسلامي والعقيدة الإسلامية إضافة إلى احتلال البلاد واستعباد العباد ولكنها تنظر إليهم على أنهم مستعمرون للأرض والوطن .. الهدف الثاني من إحلال فكرة القومية والوطنية هو تحويل حركات الجهاد الإسلامي إلى حركات وطنية سياسية لأن أعداء الإسلام لا يمكنهم التفاهم مع كل ما يمت إلى الإسلام بصلة .. يقول الزعيم الوطني المصري سعد زغلول بعد أن نكص الانكليز بعهودهم مع الوطنيين وضحكوا عليهم  : ( لقد خسرنا المعاهدة وكسبنا صداقة الانكليز ) .. ويقول أيضا : ( الإنكليز خصوم شرفاء ومعقولون ) .. ما هذه الصداقة وهذا الشرف ..؟! ويقول معلم الأجيال الأستاذ لطفي السيد من دعاة القومية : ( إن الإنجليز هم أولياء أمورنا في الوقت الحاضر وليس السبيل إلى أن نحاربهم بل السبيل أن نتعلم منهم ثم نتفاهم معهم ) .. ترى أي شيء تعلم المصريون من الانجليز سوى الذل والصغار والفساد الاجتماعي والأخلاقي والسكر والعربدة والمخدرات والبعد عن روح الدين الإسلامي            إن المسلم حين يفقد شخصيته الإسلامية ويبتعد عن دينه وخالقه فإنه يمكن أن يفقد بعد ذلك كل شيء .. لقد أثبتت الأيام أن القومية العربية كان لها دور أخبث وأشد من كل التصورات والتوقعات حيث سخرت القومية العربية للحرب على الإسلام فكراً وتشويها وشبهات واستخدمت العلمانية واللادينية وفصل الدين عن الدولة في مناهج التعليم وفي الإعلام وفي الثقافة وفي كل مجال  لقد جندت القومية العربية للحرب ضد الإسلام من قبل الحركات الصليبية والصهيونية ومن قبل الدول الاستعمارية فكانت الجندي المخلص والخادم الأمين المطيع لأعداء الإسلام والمسلمين ..

وعندما لاحت في الأفق الدعوة إلى إنشاء جامعة إسلامية تجمع كافة الأقطار الإسلامية وفق تحالف استراتيجي ثقافي عسكري قامت بريطانيا بوضع فكرة بديلة للجامعة الإسلامية ألا وهي الجامعة العربية حيث قام وزير الخارجية البريطاني عام 1946 م بزيارة القاهرة ودعوة الملوك والرؤساء العرب إلى الاجتماع به في القاهرة وعرض عليهم فكرة إنشاء الجامعة العربية في القاهرة لتتبنى قضايا العرب وتدافع عنهم وعن مصالحهم فوافق الجميع وبذلك تم القضاء على فكرة الجامعة الإسلامية واستبدلوها بذلك الكيان الهزيل الذي لم يتخذ أي خطوة إيجابية قوية ضد المستعمرين وضد اليهود والمحتلين خلال  سبعين عاما من الزمان أو تزيد .. لقد ولدت الجامعة العربية ولادة قسرية غير شرعية .. ولدت أيضا في أحضان أعداء الإسلام آنذاك وعلى رأسهم بريطانيا وهل يمكن أن تكون هذه الولادة غير الشرعية التي نشأت وترعرعت  في أحضان الخيانة والعمالة والعداوة للإسلام والمسلمين أن تقدم الخير للإسلام والمسلمين .. لذلك نجد أنه ومنذ أن نشأت الجامعة العربية لم نسمع عن تحقيق أي موقف هام يعود بالخير على الإسلام والمسلمين أو حتى على العرب أنفسهم .. اللهم إلا قرارات الشجب والاستنكار التي لا تقدم ولا تؤخر في ساحة الأحداث العالمية أو الإقليمية أي شيء .. وبعد أن تم إرساء الجامعة العربية ككيان غريب هزيل في قلب العالم الإسلامي وبعد أن أدت الجامعة العربية دورها التآمري في تقسيم فلسطين أولا وفي إبعاد فكرة الجامعة الإسلامية ثانياً وفي إبعاد الفكر الإسلامي عن ساحة الأحداث ثالثا جاء دور القومية العربية ليكمل المشوار التآمري على الإسلام والمسلمين  ولقد رأينا بأم أعيننا كيف أعلنت وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفني حرب الإبادة للشعب المسلم الفلسطيني في غزة الصامدة من مؤتمر صحفي عقد في القاهرة بمباركة من الخونة والعملاء في أرض الكنانة ..

ولقد أخذت الفكرة القومية في القرن الماضي طابعا  عنصريا مقيتا عندما أعلن وزير الخارجية البريطاني ( بلفور ) في الأربعينات عن إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ثم بدأت بريطانيا بتنفيذ هذه الجريمة النكراء بطرد الفلسطينيين من وطنهم لإحلال شذاذ الآفاق من اليهود الذي قدموا من كل حدب وصوب لتشكيل دولة وفق أسس قومية يهودية عنصرية .. وهذا أبشع ما وصلت إليه القوميات في العصور المتأخرة ... هذا ويحدثنا التاريخ عن أن أول من نادى بالقومية العربية هم نصارى لبنان وسوريا .. وانضم إليهم فيما بعد بعض المسلمون الذي تربوا في المدارس التبشيرية والتنصيرية  وانضم إليهم بعد ذلك المغفلون والمخدوعون من المسلمين الذين زين لهم شياطين الأنس أن لا تعارض بين الإسلام والدعوة إلى القومية العربية على أساس أن العروبة هي عصب الإسلام وعموده الفقري وأن العرب هم الذين حملوا راية الإسلام إلى البشرية جمعاء .. ولعل من عجائب التاريخ أن يكون ( لورنس ) البريطاني المخطط والمنفذ لإحياء القومية العربية ضد الخلافة العثمانية الإسلامية ومن الأعجب أن يكون اللورد ( اللنبي ) البريطاني أيضاً هو قائد الجيوش العربية التي حاربت الخلافة العثمانية .. يقول اللورد (اللنبي) : ( لولا مساعدة الجيوش العربية والعمال العرب لما استطعنا أن نتغلب على تركيا )

وهكذا نجد أن الحركات القومية في البلاد العربية وتركيا قد ساهمت في تنفيذ المخطط الاستعماري لتفتيت الدول الإسلامية إلى دويلات ضعيفة مسلوبة الإرادة لا حول لها ولا قوة إضافة إلى عمل المستعمرين وأعداء الإسلام في إذكاء روح العداء والصراع بين هذه القوميات المختلفة التي عاشت مئات السنين بل ألوف السنين في ظل الإخاء الإسلامي والمحبة والمودة .. أما غير المسلمين من الأقليات التي عاشت في الدولة الإسلامية فقد شهد التاريخ أن المسلمين قد عاملوهم بالاحترام اللائق والتعاون والتحاور والتشاور بعيداً عن العصبيات الإقليمية أو القومية البغيضة .. إن مقومات القومية العربية التي أعلنها القوميون عملاء الاستعمار كلها مقومات سطحية فارغة هزيلة إذا عزلت عن الإسلام أذكر هنا على سبيل المثال بعض هذه الأسس والمقومات التي قامت عليها فكرة القومية العربية ...

*    وحدة اللغة العربية : تري لو لم يحفظ الإسلام هذه اللغة باعتبارها لغة القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرناً من الزمان هل كان من الممكن للمغاربي في الجزائر وتونس ومراكش أن يفهم لغة سورية ولبنان والأردن ... استطيع أن أؤكد أنه لو لا الإسلام ولولا القرآن لأصبحت اللغة العربية أكثر من ثلاثين لغة ولأصبحت لغة  شمال مصر مختلفة تماماً عن لغة جنوب مصر.. ولغة الساحل السوري مختلفة عن لغة العاصمة دمشق وهكذا .. إن الإسلام هو الذي أعطي اللغة العربية هذا البعد الكبير ليس على مستوى العالم العربي الحالي وإنما أعطاها بعداً عالمياً على كل بقاع العالم الإسلامي فالتركي كان يتكلم العربية ويقرأ القرآن ويفهمه بالعربية والباكستاني والبنغالي والاندونيسي والماليزي والبوسني والشيشاني وغيرهم كلهم كان يتكلم اللغة العربية ويقرأ ويفهم القرآن باللغة العربية ولو لا وجود الدعوات القومية التي يغذيها الاستعمار في الشرق والغرب والشمال والجنوب لأصبحت اللغة العربية بفضل الإسلام وفضل القرآن اللغة العالمية الأولي واللغة الأوسع انتشاراً في العالم ...

*     وحدة التاريخ المشترك : وهذه فرية ثانية لمدعي القومية العربية كأحد مقومات القومية العربية وأنا أتساءل هنا أي تاريخ للأمة العربية بدون الإسلام بالتأكيد أنه تاريخ الحروب الطاحنة والسلب والنهب والتفاخر بالغزو والسبي حتى قال أحدهم عن الغزو :

                                                                        وأحياناً على بكر أخينا        إذا ما لم نجد إلا أخانا

أي أن العربي لا يتورع أن يغزو أخاه ويسلبه ماله ويسبي أهله وحريمه إذا لم يجد غير أخيه يغزوه  فهل هذا هو التاريخ المشرف الذي يعتز به أصحاب القوميات ؟!!.. أما بعد انحسار الحضارة الإسلامية فنحن نرى بأم أعيننا هذا التاريخ الذي يخجل الإنسان من أن ينتسب إليه ... إن تاريخ الأمة العربية الزاهر هو تاريخ الإسلام وتاريخ الحضارة الإسلامية ولو حذفنا هذه الفترة من تاريخنا حصلنا على تاريخ سيء مخزي ملئ بالذل والمهانة بالعمالة والخيانة ملئ بالحروب والمؤامرات ملئ بالدسائس والفتن والمحن ... وفي هذه الحالة لا يمكن لمثل هذا التاريخ أن يكون أساسًا لبناء أمة ولا أساساً لبناء دولة ...

*     وحدة الأرض : ترى أي أرض وأي وحدة هذه التي يتحدثون عنها بوجود قناة السويس وبوجود صحراء سيناء تفصل بين القسم الأفريقي والقسم الآسيوي .. ترى أليست إيران وتركيا أقرب للقسم الآسيوي من الوطن العربي أليست الحبشة ونيجريا أقرب إلي القسم الأفريقي من العراق ودول الخليج ... الحقيقة أن هذا الأساس أيضاً من الأسس المختلقة الباطلة التي لا يمكن الركون إليها لبناء أمة بل لبناء دولة ...

*    وحدة العادات والتقاليد المشتركة : وأنا في هذه النقطة المضحكة بالذات أبحث عن بعض هذه العادات والتقاليد المشتركة فلا أجد ، أنظر إلي المرأة السعودية مثلاً وأقارنها بالمرأة اللبنانية وبالمرأة السودانية وبالمرأة التونسية فأجد الاختلاف الشديد بل لا أجد نقطة التقاء بينهما .. أبحث في موضوع اللباس مثلاً بين السودان والمغرب الغربي ودول الخليج وسورية ولبنان فلا أجد أي قاسم مشترك بينها أبحث عن الزواج مثلا فأجد عادات وتقاليد مختلفة جداً بل أحياناً متنافرة متباعدة تماماً .. أبحث عن الأعراس أبحث عن المآتم أبحث عن العلاقات الاجتماعية والأسرية فلا أجد بينها أي التقاء إلا ما التقى على شعائر الإسلام ومبادئ الدين الإسلامي ففي وجود الإسلام نجد هناك نقاط التقاء وبدون هذا الإسلام وخارج نطاق الشريعة الإسلامية فكل هذه العادات والتقاليد مختلفة متنافرة أشد التنافر حتى موضوع العطور فالعطور المستخدمة في السعودية تختلف عن العطور المستخدمة في السودان تختلف عنها في سورية حتى أنني لا أستطيع تحمل رائحة العطور التي يستخدمها أقطار عربية أخري

*     وحدة الآمال والآلام المشتركة : وهذه الفرية تكذبها وقائع التاريخ الحديث الذي نعيشه الآن ووقائع التاريخ القديم الذي عاشه سلافنا حيث نجد شعوباًً تذبح ودياراً تهدم وأطفالاً ونساءً وشيوخاً تقتل وجامعة الذل والخيانة لا تجد وخلال مئات السنين ما تدافع به عن شرف الأمة وأعراضها ودمائها إلا اجتماعات فارغة صاخبة يقتتل فيها المجتمعون وبيانات شجب فارغة لا تسمن ولا تغني من جوع .. تري هل هذه هي وحدة الآلام والآمال المشتركة التي يضعها القوميون ضمن أسس بناء القومية العربية المتهالك .. وفي المقابل نجد أن التضحيات وأن الدفاع عن شرف الأمة من المحيط إلي الخليج لم يصدر إلا من المتمسكين بدينهم وبإسلامهم والتاريخ شاهد على ذلك .. إن التاريخ العربي الحديث ليثبت أن دعاة القومية العربية هم الذين قوضوا بناء الأمة العربية وبناء القومية العربية من أجل مصالح إقليمية أو شخصية أو غير ذلك وهذا ما حدث منذ ظهور الشريف حسين رائد الثورة العربية الكبرى حتى أن الحزب القومي الواحد في قطرين عربيين متجاورين لم يستطيع أن يصل بهذين القطرين إلي الوحدة وإلي الالتقاء بل على العكس من ذلك كثيراً ما رأينا الحشود العسكرية في دولة خوفاً من اجتياح مسلح لدولة مجاورة ... فأين مصداقية هذه الادعاءات التي يطلقها دعاة القومية سواء من العرب أو من غير العرب ...

أضف إلي ذلك أن إطلاق مبدأ القومية العربية حرك القوميات والأعراق النائمة في بلادنا الإسلامية بشكل عام والعربية بشكل خاص مثل الأكراد والتركمان والشركس والطاجيك والأزبك وغير ذلك .. وحرك أيضاً الدعوات الانفصالية التي ارتكزت على أساس تاريخي فئوي مثل الفينيقية والفرعونية والبربرية وغير ذلك .. فماذا جنينا من هذه الدعوات إلا الخراب والدمار والتفكك والانحلال والذل والهوان .. إن اللقاء بين الدول العربية أولاً والدول الإسلامية ثانياً يجب أن يكون على الإسلام وتحت راية الإسلام وحده وكل دعوة غير هذه الدعوة مصيرها الفشل والفشل الذريع لأننا : ( قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله )  .. وتاريخ أمتنا شاهد على ذلك .. إن الصلة بين المشرق العربي والمغرب العربي هي صلة إسلامية راسخة الجذور وليست صلة عنصرية ولا قومية ولا فئوية ولا تاريخية .. الصلة الوحيدة التي تجمع الشرق الإسلامي والغرب الإسلامي مهما تعددت الجنسيات ومهما تباعدت الدول ومهما اختلفت الأجناس هي صلة إسلامية وإن حاول أعداء الإسلام ذر الرماد في العيون فإننا على ثقة بالصباح القريب .. وما أجمل قول الشاعر الإسلامي إذ يقول :

وكـل بلاد الله أرضي إذا انتهي            إلي الله فيها الحكم والنهي والأمر

ولو أن ظهر البحر دنيا عقيدتي             لأصبحــت الدنيــا لدي هي البحر

وكثيراً ما يظهر دعاة القومية وفاقهم وتمسكهم بالإسلام ويعلنون عدم عدائهم للإسلام كشريعة ومنهج حياة إلا أن وقائع الأحداث خلال القرنين الأخيرين قد أثبت التصادم الاستراتيجي بين الإسلام ودعاة القومية ليس على مستوي الوطن العربي فحسب وإنما على مستوي الدول الإسلامية بشكل عام .. ولقد تبين بشكل واضح وجلي أن الذين يتجهون إلي الدعوة القومية يسقطون الدين تماماً من حساباتهم ويتجهون بهذه الدعوة القومية إلي الاتجاه العلماني الكامل وإن تظاهر الكثير منهم بأنه يصوم ويصلي إلا أنهم وبشكل كامل مؤمنون بفصل الدين عن الدولة وبإبعاد الإسلام عن مظاهر الحكم السياسية وهذه هي الخدعة التي نسجها وحبكها الغرب الصليبي للسيطرة على بلاد المسلمين بشكل عام .. إن تهميش دور الإسلام في البلاد الإسلامية على يد دعاة القومية يعتبر أكبر جريمة في حق البلاد العربية والإسلامية وأكبر خدمة يقدمها دعاة القومية لأعداء الإسلام في الشرق والغرب وخاصة لدول الغرب الصليبي الذين بذلوا جهوداً جبارة وجندوا الملايين من المبشرين في سبيل إبعاد المسلمين عن دينهم وعن عقيدتهم فلم يفلحوا فجاء دعاة القومية ليقدموا هذه الخدمة الرائعة للغرب الصليبي وللاستعمار بكافة أشكاله مجاناَ وعلى طبق من ذهب ثم لم يكتف دعاة القومية بتهميش الدين الإسلامي وإبعاده عن واقع الحياة السياسية والعامة ولكنهم ناصبوا الإسلام العداء وأخذوا يمعنون باستفزاز المسلمين المتمسكين يدينهم بشكل سافر وبقوة السلاح وبضغط من أجهزة الأمن المختلفة .. ولو ألقينا نظرة على كفاح الشعوب لوجدنا أن إرادة الشعوب لم تنتصر إلا إذا تحالفت مع العقيدة وخاصة العقيدة الإسلامية التي تدفع المسلمين إلي التضحية بكل شيء من أجل دحر المحتلين ورد الغاصبين وما ثورة الجزائر أو ثورة عمر المختار في ليبيا أو تضحيات أبناء فلسطين المسلمة إلا نماذج بسيطة للصمود أمام الأعداء في حين انهزمت كل الجيوش النظامية التي تتبني الأفكار القومية أو الأفكار ا لعلمانية ...

أعلن رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق " مولييه " : ( بأن الحركة الإسلامية التي تنتشر وتتسع في أفريقيا هي التي تهدد الإمبراطورية الفرنسية في شمال أفريقيا ) .. كما أعلن  " جورج بيدو " وزير الخارجية الفرنسية الأسبق : ( أنه لن يترك الهلال يتغلب على الصليب ) .. ويقول الكاتبان كوليت وفرنسيس جانسون : ( أن الحرب الحاضرة في الجزائر هي حرب مجموع مظلوم يريد أن يتحرر من مجموع ظالم .. إلا أن الإسلام عنصر فعال في وضع الجزائريين وتوجههم إلى طريق التحرر .. لقد أدرك الجزائريون منذ الأيام الأولى للاحتلال أن هدف الفرنسيين هو القضاء على الإسلام من أجل ذلك أدركوا جميعاً أن عليهم أن يعتصموا بالإسلام حتى يحصلوا على التحرر .. والواقع أن الاحتلال الفرنسي للجزائر كان منذ البدء يحمل هذا المعنى من الحروب الصليبية ) .. وشهد شهود من أهل الغرب على أن حروبهم هي امتداد للحروب الصليبية ...

ونخلص هنا إلي أننا لا نرفض الدعوة إلي العروبة شريطة تلاحمها مع الإسلام لأن العروبة والإسلام توأمان لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر وإن كان الإسلام أكثر شمولية وعالمية وإنسانية من الدعوات القومية المجردة عن الإسلام التي لم تخل من أغراض تخدم الاستعمار الغربي وتخدم الحضارة الغربية الصليبية علم دعاة القومية ذلك أم جهلوا فهذه هي الحقيقة المرة التي نتجرع مرارتها عقودا طويلة والتي سنورثها للأجيال القادمة في المستقبل القريب .. لقد نشأت الجامعة العربية كما خطط ونظر لها المستعمرون الغربيون كبديل عن الجامعة الإسلامية التي انتشرت فكرتها في الأوساط الإسلامية في تلك الفترة من التاريخ في جميع الدول الإسلامية .. وقام العلمانيون اللادينيون بتنفيذ فكرة الجامعة العربية على أساس فكرة القومية العربية بشكل منفصل تماما عن الإسلام حتى وصل الأمر ببعضهم إلى معاداة الإسلام ومحاربة كل مايمت إلى الإسلام بصلة ونسو في ذلك قول الفاروق عمر بن الخطاب الذي قال : ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ) .. وصدقت نبوءة الفاروق عمر رضي الله عنه فعاش المسلمون في ذل وانكسار وضعة عندما تخلوا عن إسلامهم واتبعوا عقائد ومذاهب شتى مختلفة فتارة الإشتراكية وتارة التقدمية وتارة الشيوعية وتارة القومية وكلها أدت إلى طريق واحد حدده الفاروق عمر منذ أربعة عشر قرنا من الزمان طريق الذلة والمهانة .. ولن تستعيد الأمة الإسلامية عزتها وكرامتها إلا بالعودة إلى الإسلام .. لقد اتسمت الحركات القومية كما نظر لها أعداء الإسلام بالتسامح الديني في بداية عهدها والتآلف بين الأديان والمعتقدات ولكن ما لبث الفكر القومي أن تحول إلى فكر علماني لا ديني كافر تبنى محاربة الإسلام والمسلمين وفق مخطط استراتيجي وضعه لهم أعداء الإسلام والمسلمين وهذا ما حدث في تركيا ومصر وسورية والعراق والأردن ولبنان وباكستان وأفغانستان وأندونيسيا وبلاد المغرب العربي حيث بدأت عملية تغييب الفكر الإسلامي والتشريع الإسلامي والفقه الإسلامي عن ساحة الأحداث في جميع البلاد الإسلامية ومن ثم طمس كل المعالم الإسلامية إلا بعض الشعائر والاحتفالات البسيطة المشوهة في كثير من الأحيان وتخلت الأمم الإسلامية عن دينها وعقيدتها بسبب وجود أقليات غير مسلمة على حد زعم القوميين .. ترى هل وجود أفلية مسلمة في دولة غير مسلمة يوجب على هذه الدولة ان تتخلى عن عقيدتها او دينها أو دستورها أو عاداتها وتقاليدها ؟... المهم أن هذه الدعوات القومية بدأت منذ بدأت بتخطيط استعماري لاديني ضال ومنحرف .. وكل الدعوات القومية كانت تسير وفق النهج العلماتي اللاديني حتى وصل الأمر إلى تبني الشعار القومي : ( الدين لله والوطن للجميع ) .. لقد قاد التيار القومي في البلدان الإسلامية الشعوب الإسلامية إلى الانحراف والضلال والابتعاد عن مبادئ الاسلام بشكل كامل ...  

جريمة الثورة العربية الكبرى:

وأريد في هذه الفقرة أن أثبت شهادة للتاريخ أن دعوة الشريف حسين إلى الفكرة القومية وقيامه بإشعال الثورة العربية الكبرى ضد الخلافة الإسلامية العثمانية تعتبر أكبر جريمة في حق الإسلام والمسلمين وفي حق الدول العربية في العصر الحديث ..  فلقد استطاع دهاقنة الغرب الصليبي أن يضحكوا على الشريف حسين بالقيام بالثورة العربية الكبرى للانفصال عن الخلافة العثمانية بل لتدمير الخلافة العثمانية الإسلامية حيث وعدوه بالامداد بالاموال والأسلحة والعتاد .. ثم وعدوه أخيراً بتنصيبه هو وأولاده ملوكاً على جزيرة العرب وبلاد الشام والعراق حيث سيشكل هو وأولاده امبراطورية عربية تشتمل على الجزيرة العربية كلها والأردن وفلسطين وسورية ولبنان والعراق ... وكان أغلب المشاركين في هذه الثورة العربية الكبرى هم عملاء الغرب الخونة من النصارى ومن الحاقدين على الإسلام والمسلمين والحاقدين على الخلافة العثمانية والذين لعبوا دوراً إجراميا هاماً لصالح الدول الإستعمارية في ذلك الحين ولعل من أغرب ماحصل في تاريخنا الحديث أن يقوم لورنس القائد البريطاني والذي سموه ( لورنس العرب ) بالتخطيط وقيادة الثورة العربية الكبرى ضد الخلافة العثمانية .. وعندما سقطت الخلافة العثمانية زحفت جيوش الصليبيين لنتقاسم تركة الرجل المريض الذي كانت كل جيوش أورربا تخافه حتى في أضعف أيامه .. ومات الشريف حسين ومات أولاده من بعد مخلفين ثروة طائلة من المعاهدات والاتفاقيات والوعود التي قطعها  الغرب الصليبي له مثل اتفاقية  ( سايكس بيكو ) .. واتفاقية ( حسين مكماهون ) .. واتفاقية ( فيصل كليمنصو )  وغيرها من الاتفاقيات والوعود  السرية وكلها صكوك خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين ولأوطان المسلمين ثم ما لبثت هذه الوثائق والمعاهدات أن اختفت من الوجود لأنها صكوك خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين .. وأصبحت معظم بنود هذه الاتفاقيات بنودا سرية رغم تعاقب الأيام والأعوام عليها ...

القومية التركية الطورانية ومؤامرة إسقاط الخلافة الإسلامية :

أبدأ حديثي عن الدعوة القومية التركية بقول المؤرخ الصليبي المتعصب الحاقد على الإسلام " تويني " في محاضرة له بعنوان " الإسلام والغرب والمستقبل " بعد أن مدح حركة كمال أتاتورك العلمانية حيث يقول : ( يجب على المراقب الغربي أن يراعي حدود اللباقة لأن مايحاول الأتراك العلمانيون القيام به هو تغيير وطنهم ومواطنيهم مما هم فيه إلى حالة كنا ننتقدهم لعدم وجودها عندهم وهاهم يحاولون إقامة صورة طبق الأصل لدولة غربية وشعب غربي .. وعندما ندرك تماما هدفهم الذي يهدفون إليه لا نستطيع إلا أن نتساءل بحيرة هل يبرر هذا الهدف الجهد الذي بذلوه في صراعهم لبلوغه .. من المؤكد أننا لم نكن نحب التركي المسلم الذي كان يثير حنفنا عندما ينظر إلينا من عل على أننا فريسيون زناديق ويحمد الله على أنه لم يجعله مثلنا .. إن التركي التقليدي القديم كان يعتبر نفسه من طينة خاصة .. ولقد حاولنا أن نحطم كبرياءه إلى أن استطعنا أخيرا أن نحطم سلاحه النفسي وحرضناه على القيام بهذه الثورة التي ستهلكه أمام أعيننا .. والآن بعد أن تغير التركي بتحريضنا ورقابتنا وبعد أن أصبح يفتش عن أية وسيلة ليجعل نفسه مماثلا لنا وللشعوب الغربية من حوله .. الآن نحس نحن بالضيق والحرج بل بالسخط والحنق .. لذلك فإن شكوانا الجديدة من الأتراك أقل مايقال فيها أنها غير لائقة وبإمكان التركي أن يجيبنا أنه مهما فعل من أجلنا فهو مخطئ في نظرنا .. على كل حال قد يكون انتقادنا للأتراك فظا وغير لائق ولكن ليس فيه أي تحامل ولا هو خارج عن الموضوع إذ مالذي سيكسبه التراث الحضاري في حالة نجاح الأتراك في إعادة بناء مجدهم وتاريخهم ) ...   

               إن تحطم آخر خلافة إسلامية والمتمثلة في الخلافة العثمانية يعتبر أكبر جريمة ضد الإسلام والمسلمين في العصر الحديث فلقد قام القوميون العرب وعلى رأسهم الشريف حسين والقوميون الأتراك وعلى رأسهم مصطفى كمال أتاتورك بأكبر جريمة في تاريخ المسلمين الحديث حيث تآمروا مع المستعمرين الصليبيين لضرب الخلافة الإسلامية يعاونهم في ذلك ثلة من المتآمرين والعملاء للغرب .. إن هذه الخلافة العثمانية الإسلامية رغم ضعفها كانت تقف سداً منيعاً في وجه الزحف الصليبي أو الزحف الصهيوني .. أنا لا أقول إن الخلافة الإسلامية العثمانية في أواخر عهدها كانت خلافة إسلامية نقية صافية راشدة وإنما أريد أن أركز على أن هذه الخلافة الهزيلة الضعيفة كانت الشبح المخيف لأعداء الإسلام من الصليبيين والصهيونيين فلم تتجرأ أية دولة غربية على غزو أي بلد من بلاد المسلمين إلا بعد سقوط الخلافة العثمانية .. وبعد سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية حدثت الكارثة وبدأ أعداء الإسلام يتسابقون إلى بلاد الإسلام كما تتسابق الأكلة إلى قصعتها .. تهاوت كل الدول العربية والإسلامية وقدم الصليبيون بقضهم وقضيضهم بحقدهم وإجرامهم حتى أن الجنرال " غورو "  قائد الحملة الصليبية الفرنسية على سوريا ذهب أول دخوله دمشق إلى قبر صلاح الدين الأيوبي ليركله برجله ويقول بلهجة متعجرفة متكبرة : ( ها قد عدنا يا صلاح الدين ) ...  

هذا على صعيد الدول العربية أما على صعيد تركيا فقد كانت مؤامرة القوميين الأتراك أدهى وأمر .. وكان على رأس القوميين الأتراك  " مصطفى كمال أتاتورك " الذي يرجع أصله إلى يهود الدونمة في سالونيك .. لقد كانت مؤامرة القوميين الأتراك مؤامرة لاجتثاث الإسلام بشكل كامل من الوجود التركي .. أتاتورك الذي قاد الأمة التركية بعيداً عن الإسلام بعيداً عن اللغة العربية لغة القرآن وأخذ يمحو كل شيء يمت بصلة إلى الحضارة العربية أو الحضارة الإسلامية بل كل شيء يمت إلى الإسلام والقرآن والعروبة بصلة .. فألغى اللغة العربية والأحرف العربية التي كانت متداولة في ذلك الزمان ومنع القراءة والكتابة بالعربية حتى وصل به المقام إلى منع الأذان باللغة العربية ولا عجب في ذلك ما دام " كمال أتاتورك "  يعود أصله إلى يهود الدونمة المتواجدين في منطقة سالونيك في اليونان .. وبذلك اجتمع الحقد الصليبي مع الحقد الصهيوني لتدمير الخلافة الإسلامية العثمانية .. إن المخطط القومي التركي سار وفق المبدأ العلماني اللاديني الإلحادي ليقود الأمة التركية إلى تدمير كل ماله صلة بالعروبة والإسلام وذلك بتخطيط وتدبير من قوى الشرالصهيوني  والصليبي آنذاك وهذا ماقام به الهالك "  مصطفى كمال أتاتورك " الذي لم يكتف بالنهج العلماني اللاديني وإنما تعداه إلى مبدأ المعاداة الشرسة لكل مايمت إلى الإسلام بصلة فحارب الشعائر والرموز الإسلامية وقتل الدعاة المسلمين والمشايخ والعلماء والأئمة والخطباء وأجبرهم على الخطابة والوعظ باللغة التركية وأجبر المؤذنين على الأذان باللغة التركية فترة من الزمان إلا أنه تراجع عن ذلك وأجبر الناس على على اللباس الأوربي للرجال والنساء وأقدم على منع الحجاب الإسلامي بقوة القانون وأقدم على إحراق ملايين الكتب الإسلامية المكتوبة باللغة العربية ثم إنه ألغى الكتابة بالأحرف العربية واستخدم الأحرف اللاتينية إمعانا منه بالتغريب والتخريب وبذلك كانت دعوة القوميين الأتراك كارثة ووبالا على الإسلام والمسلمين في تركيا المسلمة في دار الخلافة الإسلامية التي وقفت سدا منيعا ضد كل الأطماع الصهيونية والصليبية .. ولم تتخلص تركيا المسلمة من هذا الحكم العلماني العسكري المتسلط المستبد إلا في فترات بسيطة لا يلبث أن يعود جيش أتاتورك للتسلط على رقاب الناس واستلام السلطة من جديد عند ملاحظة أي انحراف عن المبادئ العلمانية الكافرة التي وضعها أعداء الإسلام ونفذها أتاتورك وزمرته الفاسدة المجرمة .. لقد خسرت تركيا وخسر العالم الإسلامي مئات الألوف من الكتب والمخطوطات الإسلامية التي كانت مشعلا حضاريا وضاء للأمة التركية وللخلافة الإسلامية العثمانية ثم خسرت تركيا بعد ذلك العقيدة الإسلامية والتشريع الإسلامي الذي يعد من أهم عناصر القوة للأمة التركية والذي كان الأساس لبناء الحضارة العثمانية التي كانت أقوى حضارة في ذلك التاريخ واستبدلته بتشريعات من صنع أعداء الإسلام لاتمت إلى الأمة الإسلامية بأية صلة .. وعندما تخلت تركيا المسلمة عن دينها وعقيدتها انكمشت وتقوقعت ضمن حدودها الإقليمية الضيقة وعاشت في ذل وضعة وتزلف للغرب الصليبي الذي لا يكن لها إلا الحقد والكراهية فعاشت حياتها كالأيتام على موائد اللئام بعد العزة والمنعة والإمبراطورية القوية الواسعة .. لقد كانت الحركات القومية في البلاد الإسلامية ولا تزال صنيعة الإستعمار تسعى إلى إضعاف الشعور الديني الإسلامي وإلى إضعاف الترابط والتلاحم الإسلامي بين شعوب الدول الإسلامية أو بين الحكومات الإسلامية نفسها حيث رأينا في حرب قبرص كيف كانت بعض الحكومات العربية تؤيد دولة اليونان الصليبية على القبارصة الأتراك المسلمين المضطهدين المسحوقين من قبل الرئيس القسيس مكاريوس ورأينا كيف رفضت كل الدول الإسلامية الاعتراف بدولة شمال قبرص التركية المسلمة .. أما تيمور الشرقية التي سلخت من الوطن الأم أندونيسيا فهذه قصة أخرى يطول شرحها حيث اعترفت بها فورا غالبية دول العالم بما في ذلك العديد من الدول العربية والإسلامية .. إن الاتحاد الأوربي الذي لملم شذاذ الآفاق من أشباه الدول ومن مخلفات الاتحاد السوفياتي مثل ليتوانيا ولاتفيا وبيلاروسيا وأستونيا وملديفيا وجيورجا وقيرص اليونانية وغيرها من أشباه الدول التي لا تكاد تظهر على خارطة العالم لصغرها يرفض وبشدة دخول تركيا المسلمة التي تعتبر من أقوى دول المنطقة لا لشيء إلا لأنها دولة مسلمة .. وكذلك يرفض قبول دولة البوسنة والهرسك بعد أن دمرتها ومزقتها الحروب الصليبية المجرمة لالشيء إلا لأنها دولة غالبيتها مسلمة حتى وصل الأمر إلى تصريح للرئيس الفرنسي الأسبق ( فرانسوا ميتيران ) يقول فيه وبكل وقاحة : ( إن أوربا المسيحية لن تسمح بقيام دولة مسلمة في قلبها ) , إذن يجب أن ندرس التاريخ دراسة دقيقة لنعرف أعداءنا وبشكل واضح وصريح ونعاملهم وفقا لما تعلمناه من التاريخ .. وعليه فإن كل الأنظمة التي نشأت على الأسس القومية كانت مجرمة بحق شعوبها ظالمة لأبنائها خاصة في الدول العربية والإسلامية ذلك لأنها أنظمة ودعوات قامت لخدمة الغرب الصليبي الذي كان ولايزال يخطط لضرب الإسلام والمسلمين بمثل هذه الدعوات العلمانية المعادية للدين الإسلامي العظيم والتيقامت بتمزيق بلاد المسلمين إلى دويلات متحاربة متناحرة وفق ما يخطط لها أعداء الإسلام في الشرق والغرب .. ولا أريد أن أطيل البحث في الدعوات القومية على مستوى العالم الإسلامي كله لأن الأمر سيطول والدعوات القومية كلها كانت ولا تزال صنيعة الاستعمار الغربي الحاقد على الإسلام والمسلمين ولكنني أكتفي هنا بهذين المثالين السابقين عن الدعوات القومية في البلاد الإسلامية التي أذاقت البلاد الإسلامية والشعوب الإسلامية الذل والهوان والظلم والفساد  ...

وقبل أن أختم هذه الفكرة عن الدعوات القومية أريد أن أقرر هنا أن هذه الدعوات باعتبارها دعوات انفصالية عرقية تفرق الأمم والشعوب إلى كيانات ضعيفة هزيلة .. وكذلك لافتقارها لمنهج عالمي إنساني متكامل يرسي مبادئ العدل والمساواة في ربوع العالم أجمع .. فإن هذه الدعوات اللهزيلة لايمكنها بحال من الأحوال أن تقيم حضارة عالمية إنسانية .. عالمية تشمل دول العالم أجمع وتحكمها بالعد والمساواة .. وإنسانية تشمل كل إنسان في هذا الوجود وتعطيه حقوقه الإنسانية كاملة مقابل واجباته الإنسانية كاملة وتساوي بين الناس كل الناس في هذا الوجود لافضل لعربي على أعجمي ولا لأمريكي على صومالي ولا لأبيض على أسود كل الناس سواسية كأسنان المشط .. إن الدعوات القومية هي دعوات عاجزة قاصرة لا يمكنها إنشاء حضارة عالمية إنسانية بحال من الأحوال ..

الدعوات العنصرية :

**  عنصرية الرجل الأبيض .

**  الدعوة النازية  .

**  العنصرية الأوربية ( مثال جنوب أفريقيا )

**  الدعوة العنصرية الإسرائيلية ..

**  الدعوات العنصرية الصليبية .

الدعوات العنصرية :

النظرية العنصرية : وهي النظرية التي تقيم الحضارة على أساس عرقي أو عنصري وهو تمييز عرق معين أو شعب معين على سائر شعوب العالم من وجهة نظرعنصرية مقيتة .. ومن دراستنا للتاريخ نجد أن كل الدعوات العنصرية قد فشات فشلا ذريعا ..  فلقد انهارت النظرية العنصرية الألمانية التي تعتبر العرق الجرماني هو أفضل والشعوب والذي يجب أن يكون هو السيد وهو المتحكم بمصائر شعوب العالم بينما بقية الناس عبيدا أو سخرة لهذا العرق .. لقد سقطت هذه النظرية العنصرية النازية لأنها تتصادم وبشكل كبير مع الفطرة البشرية وتتصادم مع الحس والمنطق السليم وتتصادم مع أدنى المفاهيم الحضارية .. وبالفعل سقطت نظرية هتلر العنصرية وسقطت معها الامبراطورية الألمانية لترزح ألمانيا تحت قوانين الاستسلام مئات السنين ...

وقامت دولة عنصرية أخرى في جنوب إفريقيا على أساس سيادة الرجل الأوروبي أو الرجل الأبيض بشكل عام وجعل العرق الأسود عبيداً وخدماً للأسياد البيض حيث يسامون أصناف العذاب والقتل والتشريد ولكن هذه الدولة العنصرية أيضاً سقطت تحت ضربات الواقع وانهارت دولة الرجل الأبيض والتي كان آخر زعمائها ( إيان سميث ) وعاد الحق إلى أصحابه الشرعيين السود في جنوب إفريقيا .. ونقل زعيم العنصرية ليلقى جزاءه المحتوم أمام المحاكم الدولية ...

وقامت دولة عنصرية أخرى في فلسطين على أساس سيادة اليهود من العرق السامي واعتبار غير اليهود عبيداً وخدماً للعنصر اليهودي السيد وجرت حروب طاحنة لإقرار هذا الوضع الشاذ والخاطئ بقوة السلاح ولكن النتيجة أن النظرية العنصرية الصهيونية ستفشل لا محالة كما فشلت كل الأنظمة العنصرية الأخرى وستنهار كما انهارت قبلها كل الأنظمة العنصرية مثل نظام هتلر النازي ونظام سميث العنصري وغيره من الأنظمة العنصرية ..  أما في القارة الأمريكية فقد كانت عنصرية الرجل الأبيض الأوربي على اختلاف أعراقه عنصرية إجرام وإبادة للسكان الأصليين فقد قام الأوربيون بإبادة مئة وثلاثة عشر مليونا من الهنود الحمر في حرب إبادة مجرمة لم يشهد التاريخ لها مثيلا وحرب الإبادة هذه لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا ...

**   يقول " وورد تشرشل " أحد زعماء الحركة الهندية المعاصرة : ( إن الولايات المتحدة الأمريكية تتزعم اليوم أكثر أنظمة الاستعمار تطورا وإحكاما وإجراما على وجه الأرض وإن الولايات الاستيطانية في كل أنحاء أمريكا لا تزال إلى الآن تنتهج سياسات إبادة للشعوب الأصلية ) ..

**   يقول " جيمس بولدون " أحد نواب الكونغرس الأمريكي عام 1839 م : ( قدر الهندي الذي يواجه الإنكلوسكسوني مثل قدر الكنعاني الذي يواجه الإسرائيلي .. إنه الموت ) .. منطق إجرامي عجيب ..!!!

**   في خطاب للرئيس الأمريكي " بيل كلينتون " والذي يعتبر من الرؤساء الأمريكين المعتدلين أمام رجال الأعمال والسياسة والفكر يقول فيه : ( الشعب الأمريكي شعب الله المختار وأنا سأحاول أن أكون سليمان الملك وإني لأشكر كل الأمريكيين على نصائحهم وإرشاداتهم التوراتية للتعامل مع العراق ورسائلهم المشجعة على قصفه ) .. وهكذا نجد أن هذه العقلية العنصرية الإجرامية البغيضة تجسدت في كل المسؤولين والرؤساء الذين تعاقبوا على الولايات المتحدة بل على دول الغرب جميعها .. من جورج واشنطن إلى أبراهام لينكولن إلى جونسون إلى نيكسون إلى ريغان إلى كلينتون إلى بوش الجد وبوش الأب وبوش الإبن في حلقة عنصرية إجرامية ظنوا أنفسهم فعلا أنهم شعب الله المختار وأن بقية البشر ماهم إلا عبيد وحيوانات خلقها الله لخدمتهم أو  أنهم وحوش ضارية يجب استئصالهم وإبادتهم لصالح العرق الإنكلوسكسوني الأبيض ...

**   يقول السيناتور الأمريكي بول جونسون : ( لقد ظلت أمريكا دائما تعد العدة لتلك المدينة الجبلية أورشليم الجديدة التي ستبنى على أنقاض مدينة القدس ) ...   

**    يقول السيناتور الأمريكي جورج هاور : ( منذ الأيام الأولى في مستعمرة ويشاغوستا وحرب هنود البيكو كان التعامل مع الأعراق الدنيا ـ يقصد الهنود الحمر ـ بالسكين والبندقية هو الأجدى .. نعم كانت عملية إبادة ولكنها كانت أيضا خلاصا لعرقنا الإنكلوسكسون وطهورا لصفائه .. لقد حفظت حرب الإبادة هذه الإنكلوسكسون من التهجين فلماذا لا تستمر عملية الإبادة هذه أثناء التوسع خارج القارة إذن ؟!!! ) .. منطق إجرامي عنصري عجيب ..!!!!

**  وتفيد التقارير والوثائق الأمريكية التاريخية .. أن الحكومة الأمريكية قد وقعت 371 معاهدة مع الشعوب الهندية السكان الأصليين لأمريكا ولكن الحكومة الأمريكية خرقتها كلها ولم تحترم أية معاهدة من المعاهدات وكانت النتيجة إبادة الهنود الحمر بشكل كامل ولكن بالتقسيط .. فلماذا يتهافت المهزومون روحيا على توقيع المعاهدات مع دول الحضارة الغربية التي لا تحترم العهود والمواثيق ... 

إن الإسلام ومنذ اللحظة الأولى قضى على كل نعرة جنسية أو عنصرية أو قبلية حيث رد البشر كل البشر إلى أصل واحد وأم واحدة وأب واحد لا فرق بين أبيض وأسود ولا فرق بين غني وفقير ولا فرق بين عربي وعجمي واعتبر كل هذه الفروقات إنما هي نعرات عصبية جاهلية لا أصل لها ولا وزن لها في ميزان الشرع الإسلامي لأن الإسلام وضع ميزانا واحدا لتقدير الفضلية بين شخص وآخر ألا وهو ميزان التقوى والعمل الصالح .. يقول ربنا جل شأنه في ذلك : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .. ويقول ربنا جل شأنه  أيضا : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجال كثيرا ونساءً ) .. ويقول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى ) ..      وهكذا نجد أن الإسلام قد ألغى وبشكل كامل فكرة التمييز العنصري وفتح أبوابه للبشرية جمعاء على قاعدة أساسية هي قاعدة وحدة الأصل وعلى أساس سامي هو تقوى الله .. وقد عانت شعوب العالم أجمع بعيداً عن الإسلام الويلات تلو الويلات من مثل هذه الدعوات العنصرية والتمييز العنصري منذ قدم التاريخ فنجد مظاهر استعباد الإنسان لأخيه الإنسان منذ أقدم العصور نجدها في الحضارة الفرعونية ونجدها في الدولة اليونانية البيزنطية ونجدها في الدولة الرومانية ونجدها أيضا في العصر الحديث في الدعوات النازية والدعوات الفاشية ونجدها في الحركات الصهيونية وفي التمييز العنصري في جنوب أفريقيا وفي التمييز العنصري ضد الهنود الحمر في أمريكا وغير ذلك كثير مما راح ضحيته عشرات الملاين بل مئات الملايين من أبناء البشر إضافة إلى الذل والهوان والاستعباد الذي عانى منه مئات الملاين من البشر  عبر عصور التاريخ  المختلفة .. الإسلام رفع من قيمة الإنسان وقضى على الاستعباد والرق حتى أنه رفع من قيمة الصحابي الجليل بلال الحبشي رضي الله عنه وهو عبد أسود وجعله مؤذن الإسلام وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصعد ظهر الكعبة المقدسة أقدس بقعة على ظهر الأرض لينادي :  ( الله أكبر  الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله  ) .. وقبل الإسلام ما كان لأحد أشراف العرب وما كان لعبد رقيق مثل بلال أو غيره أن يطأ بقدميه ظهر الكعبة المشرفة ولكن الإسلام إمعانا في القضاء على أي أثر أو فكرة للعبودية في نفس المسلمين أمر بلالا العبد الحبشي أن يصعد ظهر الكعبة المشرفة يؤذن للصلاة وكان الصحابي الجليل بلال الحبشي رضي الله عنه أول مؤذن في الإسلام وكان أيضا مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم وقد كان قبل الإسلام  عبدا رقيقا حبشيا أسودا  ليس له في المجتمع الجاهلي أية قيمة أو شأن ... الإسلام إذن أول دعوة عالمية إنسانية في التاريخ ناهضت الرق وناهضت التمييز العنصري وأول دعوة في التاريخ أقرت بوحدة الأصل للإنسان كل إنسان في هذا الوجود .. وأول دعوة في التاريخ أقرت بوحدة النسب للبشرية جمعاء .. وأول دعوة في التاريخ ساوت بين بني البشر بشكل كامل وأول دعوة في التاريخ قضت على كل العصبيات والمفاهيم الجاهلية الخاطئة الظالمة  ووضعت ميزانا واحدا دقيقا وعادلا هو ميزان التقوى .... 

وأريد هنا أن أنوه أن النهج العنصي الذي قامت به الولايات المتحدة الأمريكية بعد القضاء على السكان الأصليين وإبادتهم ومن ثم حاجتها إلى أناس للعمل والكد في هذه القارة الشاسعة فقامت بأبشع جريمة عنصرية أخرى في التاريخ الحديث عندما قامت بنقل قوافل العبيد التي يزيد عددها على عشرات الملايين  من السواحل الأفريقية بقوة الحديد والنار ضمن بواخر ضخمة لتقلهم وهم مصفدين بالأغلال إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليعملوا في المصانع والمزارع مقابل أكلهم ومعيشتهم .. إن هذا التمييز العنصري البشع ظل وحتى عهد قريب ولا تزال آثاره باقية في النفوس حتى يومنا هذا .. لقد كان التمييز العنصري الأمريكي من أبشع أصناف التمييز العنصري الذي شهدته الإنسانية على الإطلاق حيث كان الأمريكان يقتلون كل من تسول له نفسه عصيان أوامر الأسياد  .. ولا أزال أذكر ومنذ عهد قريب كيف كانت المطاعم والمدارس والمتاجر تضع على بابها لافتة كتب عليها ( ممنوع دخول الكلاب والسود ) ..!!! فهل بعد هذه التصرفات

لشنيعة الفاسدة مجال للكلام ..!!!..

الدعوة النازية العنصرية :

كيف بدأت الفكرة النازية ؟.. وكيف وصلت إلى قمة مجدها ؟.. ثم بعد ذلك كيف انهارت ؟.. ولماذا انهارت هذه القوة التي كانت تعتبر أكبر قوة مادية عسكرية ضاربة على وجه الأرض في ذلك الزمان ؟..

بعد أن سيطرت الفكرة الرأسمالية على الحضارة الغربية وأخذت رؤوس الأموال تتجمع بأيد قليلة ويستفحل أمرها .. بينما بقية الشعوب المسحوقة التي تكد وتتعب وتشقى من أجل إرضاء رب العمل الذي استحوذ على كل شيء في النظم الرأسماية التي فرضت على العامل أن يكد ويشقى مع كل أفراد عائلته ليحصلوا على كفايتهم من ضرورات الحياة بينما الطبقة الأخرى تسرح وتمرح في ثروات طائلة لا يمكن حصرها .. ونتيجة لهذا الظلم الاجنماعي الذي مارسته طبقة رأس المال جاءت فكرة النازية والتي تدعوا إلى اشتراكية من نوع خاص وإلى تنظيم جماعي حر لجميع أفراد الشعب بحيث يمتلك الشعب كل الموارد وكل الأرباح وكل الفعاليات في المجتمع  وكان أول من أطلق فكرة التنظيم الجماعي النازي الزعيم الألماني النازي " أدولف هتلر " والذي كان يعرف بالرجل الفولاذي أما ألمانيا النازية في عهده فكانت تسمى القوة التي لاتقهر .. بدأ هتلر بتطبيق خطته النازية وفكرة التنظيم الجماعي للدولة الألمانية حيث تستفيد الدولة من كل الطاقات الفردية ويستفيد الأفراد من كل الطاقات والثروات المتوفرة في المجتمع الألماني .. وبالفعل أعطت الفكرة النازية في بداية عهدها زخما قويا هائلا للصناعة الألمانية وخاصة الصناعات الحربية والدراسات والبحوث المتعلقة بالأسلحة الاستراتيجية فكانت صناعة الطائرات والغواصات والمراكب البرية والبحرية والدروع والمدافع وكل ما يخص العتاد الحربي فكانت أول دولة في العالم في هذا المجال .. لقد تقدمت ألمانيا تقدما باهرا حتى أصبحت أو تكاد القوة العالمية التي لا تقهر حسب تصور النازيين .. والجدير بالذكر أن العلماء الألمان هم أول من بحث في موضوع الطاقة النووية والقنابل النووية وفقا لنظرية العالم الألماني " إينشتاين " في التحول بين الكتلة والطاقة .. ولقد توصلوا إلى نتائج باهرة في موضوع القنابل النووية والهيدروجينية وقد استطاعوا تقدير القوة التدميرية الهائلة لهذه القنابلولكنهم لم يستطيعوا القيام بتجربة مثل هذه القنابل في مثل تلك الظروف .. لقد بدأ أدولف هتلر نظريته النازية على أساس وطني يسعى للنهوض بألمانيا بشكل قوي هائل ملفت للنظر وبالفعل فقد قدم هتلر لألمانيا الشيء الكثير في سبيل تقدمها علميا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا إضافة إلى الأسس النظرية للفكرة النازية وهذا ما نلاحظه في كتابه " كفاحي " الذي يظهر فكرته النازية بشكل واضح وجلي وعنيف بنفس الوقت .. وبالفعل تطورت ألمانيا في عهد هتلر تطورا هائلا حتى وصلت إلى أوج قوتها ومجدها وامتلكت أعتى أنواع الأسلحة في ذلك الزمان .. وعند هذه النقطة بالذات ظهرت الفكرة العنصرية البغيضة فكرة استعلاء العرق الجرماني على كافة الشعوب في العالم تدعمها القوة الحربية الهائلة ثم تطورت هذه النزعة العنصرية كغيرها من النزعات العنصرية إلى نزعة استعلاء العرق الجرماني .. ثم بعد ذلك إلى نزعة عدوانية ضد كل ماهو غير ألماني .. وهذه الفكرة كانت مكمن الخطر والخطأ القاتل للنازية الألمانية ..

بدأت حملات التوسع الألماني بقوة السلاح لضم الدول المجاورة التي وقفت في وجه الزحف الألماني الغاشم ولكن هذه الدول لم تصمد كثيرا أمام القوة الهائلة للنازيين مما زاد في عنصرية النازيين وجشعهم وحبهم لاستعباد الشعوب الأخرى .. واستمرت الزحوف النازية في هجماتها المسعورة ضد شعوب العالم المجاورين لها حتى اكتسحت معظم الدول الأوربية .. ويمكننا هنا وبشكل سريع أن نقرر أن الفكرة النازية سقطت عندما تحولت إلى فكرة عنصرية عدوانية حيث تألبت عليها غالبية دول العالم لتحطيمها ومن ثم تمزيق الوطن الألماني قرونا من الزمان وهي لاتزال ترسف تحت شروط الاستسلام حتى يومنا هذا .. وهذا هو مصير كل الحركات والدعوات العنصرية العدوانية البغيضة الخراب والدمار والذل والانكسار ولو بعد حين .. لقد كانت فكرة التنظيم النازي الجماعي فكرة نظرية تصطدم مع الواقع البشري والواقع العملي وتصطدم مع الفطرة البشرية اصداما مباشرا وزاد في تصادمها مع الفطرة البشرية عندما تحولت إلى فكرة عنصرية عدوانية .. لذلك سقطت الفكرة النازية في عقر دارها وبسقوطها خلفت جروحا عميقة في الجسم الألماني أولا وفي البلاد المجاورة لألمانيا ثانيا وفي جسم العالم بأسره ثالثا هذه الآثار المدمرة لا تزال آثارها شاخصة للعيان في كثير من بقاع العالم .. لقد فشلت العنصرية النازية بسرعة فائقة لأنها تفتقر إلى المبادئ والقيم الإنسانية والأخلاقية .. 

امتدت الحرب العالمية الثانية لتشمل غالبية دول العالم بشكل مباشر أو غير مباشر وقتل فيها أربعون مليونا من الشباب في ميادين القتال وأكثر من عشرين مليونا من البشر عن طريق الفقر والمرض والحاجة وندرة الحاجات الضرورية نتيجة هذه الحرب القذرة وأكثر من ثلاثين  مليونا بين قتيل وجريح ومشوه ومعتوه جراء القنبلتين النوويتين  التي ألقتهما الولايات المتحدة الأمريكية على هيروشيما وناغازاكي .. ورغم كل مايقال عن أدولف هتلر النازي الألماني من ظلم  وإجرام فإنه لم يبدأ الحرب من تلقاء نفسه وإنما استجره إليها الحلفاء الغربيون أصحاب المبادئ القومية والديمقراطية في أوربا وأمريكا ضمن حرب إعلامية شعواء شنتها الصحافة الغربية على ألمانيا وحكومتها النازية خاصة وأن اليهود كانوا آنذاك يسيطرون على الصحافة وأجهزة الإعلام حيث أخذت هذه الصحافة تتكلم عن هتلر واستعداداته الحربية وخطره الماحق على الدول الغربية أولا وعلى العالم ثانيا وعلى المبادئ الديمقراطية الحديثة ثالثا وأخذوا بإثارة الأزمات وتضخيمها وخاصة أزمة ( دانزج ) التي اعتبرت الشرارة الأولى لاندلاع الحرب العالمية الثانية  .. لقد عمدت الصحف الغربية على نقد النازية ووصفتها بالديكتاتورية وأعداء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وإن على الديمقراطيات أن تتحد للتصدي للنازيين والدكتاتوريين والفاشيين وأن تؤدب الطاغية النازي الذي يهدد العالم بشر مستطير تماما كما حدث مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين حين احتل الكويت .. ونحن هنا لاندافع عن الزعيم النازي هتلر لأن المسلمين قد عانوا من ظلمه وديكتاتوريته أكثر مما عانى اليهود وأحرقوا في المحارق تماما كما أحرق اليهود .. ولا أريد أيضا أن أدافع عن صدام حسين لأن كثبرا من أبناء الشعب العراقي قد لاقى الويلات إبان حكمه ..  و لكن أريد أن أقرر هنا أن أن أصحاب الديمقراطيات الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية هم الذين استجروا هتلر إلى الحرب  وهم الذين ورطوا واستجروا صدام حسين إلى احتلال الكويت ومن ثم إلى حرب طاحنة لأهداف ومآرب غير معلنة حتى أن أحد المسؤولين الغربيين قال : ( حتى لو خرج صدام من الكويت فسنقوم باحتلال العراق ) .. ذلك لأنهم وعلى مدار التاريخ هم صناع الحروب .. ولقد كان بإمكانهم استئناس هذا الديكتاتور والتفاوض معه إلى اتفاقيات ومعاهدات وحلول ترضي الأطراف القوية في اللعبة الدولية على أقل تقدير .. بعيدا عن شبح الحرب المدمرة الطاحنة التي قضت على كل شيء في الدول المتحاربة  أو المجاورة لها .. وأريد هنا أن ألقي الضوء على العقلية النازية العنصرية كي يستبين الأمر للقارئ الكريم فأنقل هنا قول أدولف هتلر في كتابه كفاحي حيث يقول : ( إن كل عمل الطبيعة هو صراع عنيف بين القوة والضعف وانتصار أبدي للقوي على الضعيف .. إن القوة هي القانون الأساسي في الطبيعة فالقوي في شرع الله وشرع الطبيعة هو الذي يملك الحق في أن يفعل ما يشاء .. إن ظاهرة الصراع قديمة قدم الحياة نفسها فالحياة لم تستمر إلا لأن بعض الأحياء الضعيفة الأخرى قد اختفت .. والإنسان نفسه لم يستمر في الحياة ولم يتحكم بالحيوانات عبر المبادئ والقيم الإنسانية وإنما عبر صراع قاس مميت ومن خلال هذا الصراع فإن هذا المخلوق يشرب دم ذلك المخلوق وفي موت هذا حياة لذاك .. فلا تشفق على أحد ) .. هذه هي العقيدة  النازية الإجرامية والتي هي نفسها عقلية الغرب بشكل عام لافرق بين هتلر ولينين وموسوليني وبوش وستالين وميلوزوفيتش وماوتسيتونغ كلهم مجرمون في حق شعوبهم أولا وفي حق الإنسانية جمعاء ثانيا .. إن الحقيقة المرة التي ألمحها من خلال دراستي للتاريخ أن المصالح الأمريكية بشكل خاص كانت وراء هذه الحرب الطاحنة التي دمرت كل الإمبراطوريات وكل مراكز القوى في العالم لتبقى الولايات المتحدة وحدها القوة العظمى التي لامثيل لها في العالم .. ولتصبح أمريكا فيما بعد الإمبراطورية الوحيدة التي تتزعم العالم .. وهذا ما كنت أستشفه من مطالعة مذكرات الزعيم البريطاني وينستون تشرشل االذي استنجد بحليفته أمريكا للدخول في الحرب ولكن أمريكا تباطأت  وتأخرت عن الدخول في الحرب حتى استنزفت كل القوى الداخلة في الحرب منذ بداية الحرب ولكن أمريكا ظلت تماطل وتداور ولم تدخل الحرب العالمية بشكل فعلي إلا في نهاية الأحداث الدامية المروعة .. لقد دخلت أمريكا الحرب لتجمع غنائم الحرب وإن لم تكن قد شاركت فعلا بهذه االحرب .. ولقد كان من نتيجة هذه الحرب أن خسرت بريطانيا معظم مستعمراتها وعادت دولة عادية من الدول بعد أن كانت الإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس .. إن من يقرأ مذكرات وينستون تشرشل لابد وأن يلحظ المرارة والأسى لما فعلته حليفتها الأولى في الحرب الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تدخل الحرب إلا بعد أن أنهكت كل الجيوش المحاربة سواء جيوش المحور النازي أو جيوش الحلفاء فقد دخلت الحرب لا لنجدة حلفائها ولكن لتحصل على حصة الأسد من غنائم الحرب العالمية الثانية .. وهكذا تكون الصداقة دائما مع الولايات المتحدة الأمريكية ...

الدعوة العنصرية الصهيونية الإسرائيلية :

وهنا أريد أن أفرق بين اليهودية كدين سماوي نحترمه ونحترم أنبياءه ورسله والكتب السماوية المقدسة التي أنزلها الله على الأنبياء والرسل من بني إسرائيل قبل أن تطالها يد التحريف والتبديل والتشويه وذلك تنفيذا لأمر الله تبارك وتعالى حيث يقول : ( قولوا آمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله لانفرق بين أحد من رسله ونحن له مؤمنون ) .. واستنادا إلى هذا الأمر الإلهي فإننا نؤمن بأنبياء الله موسى وهارون وسليمان وداود واسحق ويعقوب وزكريا وبحيى وعيسى ويونس وكل الأنبياء والمرسلين .. ولكننا نكفر بالعنصرية التي ابتدعها الإسرائيليون ليعتبروا أنفسهم فوق بني البشر وأنهم شعب الله المختار وأن الأمميين من غير اليهود هم بهائم وحمير خلقها الله ليركبها ويستعبدها شعب الله المختار من الإسرائيليين وهنا أريد أن أبين الأسس العنصرية للحركة الصهيونية الإسرائيلية التي تجاوزت كل حدود المنطق والعقل .. تعتمد الحركة الصهيونية اليهودية على المبادئ العنصرية التوراتية والتلمودية المحرفة التي تفيد بأن اليهود بني إسرائيل هم شعب الله المختار وأن جميع البشر عبيد وخدم سخرهم الله لخدمة بني إسرائيل وزيادة في العنصرية فإن التلمود يؤكد على أن جميع البشر هم حمير خلقهم الله على هيئة البشر ليركبهم بنو إسرائيل ..

**   عندما دخل " موسي دايان " وزير الحرب الصهيوني الأسبق أحد الأسواق في القدس فواجهه شاب ببشارة الرسول صلى الله عليه وسلم بانهيار دولة إسرائيل فقال : ( إن ذلك سيحدث ولكن عندما يكون عدد المصلين في صلاة الفجر في كل مسجد مثل عدد المصلين في صلاة الجمعة ) .. فهل يعي أبناء المسلمين وحكامهم هذه الحقيقة وهذا المعنى ..

**   عندما دخلت القوات الإسرائيلية القدس عام 1967 م تجمهر الجنود الإسرائيليون حول حائط المبكى وأخذوا يهتفون : ( هذا يوم بيوم خيبر .. يا لثارات خيبر ) ...

**   استغلت إسرائيل صليبية الغرب وكراهيتهم للإسلام والمسلمين فقد خرج أعوان إسرائيل في باريس بمظاهرات قبل حرب 1967  وهم يحملون اللافتات المعادية للإسلام ( قاتلوا المسلمين ) فالتهب الحماس الغربي الصليبي وتبرع الناس هناك لإسرائيل بألف مليون فرنك فرنسي ...

**   طبعت إسرائيل بطاقات معايدة كتب عليها ( هزيمة الهلال ) بيعت في بلاد الغرب بالملايين ...

**   يقول رئيس وزراء إسرائيل الأسبق بن غوريون : ( إن أخشى مانخشاه أن يظهر في العالم العربي محمد جديد ) .

**   تفيد الإحصائيات أن عدد اليهود في العالم 18 مليون نسمة موزعين على العالم كما يلي :

في أمريكا    7     ملايين نسمة

في آسيا      5    ملايين نسمة

في أوربا     2     مليون نسمة

في أفريقيا   100  ألف نسمة فقط

في فلسطين المحتلة حوالي ( 4 ) مليون نسمة

في حين أن عدد المسلمين في العالم وصل إلى ( 1500 ) مليون نسمة أي أن نسبة عدد اليهود إلى عدد المسلمين حوالي ( 1 % ) على مستوى العالم وهذه النسبة تتناقص بسبب التزايد السكاني الكبير للمسلمين وبسبب اعتناق عدد كبير من اليهود والنصارى والديانات الأخرى للإسلام ... 

**     ادعى اليهود أن كتبهم المقدسة تقول أن لهم تاريخا في فلسطين حيث كانوا هم أصحاب الأرض منذ آلاف السنين .. إلا أن حميع البحوث والحفريات والتقنيات الأثرية والبحوث العلمية الموضوعية لم تسفر عن أي شيء يؤيد كذبهم وباطلهم إذ لم يكتشف أي أثر يهودي في فلسطين رغم الحفريات والدراسات التي لم تنقطع لحظة واحدة منذ عام النكسة 1948 م وحتى الآن .. فأي تاريخ هذا الذي يزعمون .. ولقد زعموا وجود أنقاض هيكل سليمان تحت المسجد الأقصى وقاموا بحفريات رهيبة في أنفاق تحت المسجد الأقصى إلا أن علماء الآثار اليهود الذين عملوا سنين طويلة من أجل اكتشاف ما يثبت زعمهم قد باؤوا بالفشل واعترفوا بذلك ...

**    في عام 1940 م كانت الحكومة الفرنسية تساير موقف النازيين وعلى رأسهم أدولف هتلر في عدائها لليهود كما هو الحال في معظم الدول الغربية آنذاك .. ولقد أصدرت الحكومة الفرنسية قوانين استثنائية قاسية ضد اليهود الفرنسيين خاصة في مجال التعليم حيث حظرت عليهم الكثير من الحقوق وحدت من نشاطهم وحريتهم ومنعتهم من تدريس اللغة العبرية في مدارسهم ..

**     أما ألمانيا النازية بزعامة هتلر فكان عداؤها لليهود أشد وأمر حيث قام هتلر بسحق معارضيه وخاصة اليهود الذين لاقوا حرب إبادة عنصرية ومعسكرات اعتقال جماعية .. والحقيقة أن طبيعة هتلر النازية العدائية لم تكن موجهة ضد اليهود وحدهم بل كانت موجهة ضد جميع شعوب العالم فلقد ذاقت أوربا كلها من ويلات الحروب التي قادها هتلر ثم بعدها ذاقت روسيا أيضا نفس المصير وقدموا في دفاعهم عن أوطانهم ضد النازية ملايين القتلى والجرحى والمشوهين .. وهنا أريد أن أقرر بعد أن زرت معسكرات الاعتقال النازية في بولندا والمحارق وصالات التعذيب ومعسكرات العمل الشاق أن هذه الأحداث شملت اليهود وغير اليهود حيث نلاحظ أن هذه الحوادث قد تم تضخيمها وبشكل مقصود ضد اليهود فقط دون غيرهم لأهداف صهيونية مع أن هتلر قام بسحق كل معارضة وقفت في طريقه سواء كانوا من اليهود أو من النصارى أو من المسلمين .. سواء كانوا من بولندا أو فرنسا أو روسيا أو هولندا أو رومانيا .. لقد قام هتلر بحرب إبادة ضد جميع الشعوب التي وقفت في طريق توسعه وطموحاته .. حتى أن روسيا في عهد ستالين قدمت ملايين القتلى لصد الهجمات النازية في جميع المدن الروسية والتي تساقطت الواحدة تلو الأخرى أمام أطماع هتلر .. ولكن الصهيونية العالمية استغلت هذه الأحداث ووجهتها باتجاه مصالحها .. لقد قامت الصهيونية العالمية بمطالبة ألمانيا بالتعويضات عن ضحايا المحارق النازية في حين أن عدد الضحايا من الدول الأوربية وروسيا يفوق عدد ضحايا اليهود بمئات المرات .. إن هذه الحوادث ضد اليهود قد تم تضخيمها والتهويل منها بشكل كبير جدا يفوق حجم الكارثة بملايين المرات فلو قارنا عدد الفلسطينيين الذين قتلهم اليهود العنصريون في فلسطين المحتلة منذ عام 1948 م وحتى الآن بعدد ضحايا اليهود على يد النازيين لكانت النتيجة مذهلة مثيرة للدهشة والجدل ذلك لأن اليهود قد قتلوا من الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين أضعاف أضعاف ما قتله النازيون منهم فلماذا تقوم الضجة على النازيين المجرمين ولا تقوم على الصهاينة المجرمين ؟!!... إننا رغم عدائنا للنازية ورغم اعتراضنا ومخالفتنا لعمليات قتل الأبرياء من أي دين أوطائفة أو ملة أوعرق أو لون إلا أننا يجب أن نقر ونعترف أن عملية قتل النازيين لليهود قد استغلت أبشع استغلال لقتل وتصفية العرب مسلمين ومسيحيين في حرب لم تنطفئ منذ أكثر من ستين عاما حيث يقدم أبناء فلسطين الضحايا والشهداء في كل يوم على أيدى عصابات الإجرام الصهيونية دون أن يهتز لذلك ضمير الإنسانية ودون أن نجد صيحة حرة تنطلق من أدعياء الحرية والديمقراطية وأدعياء حقوق الإنسان ومنظمات العفو الدولية المسيسة العميلة ...

اسرائيل الدولة العنصرية الأولى في العالم :

تعتمد الحركة الصهيونية اليهودية على المبادئ العنصرية التوراتية والتلمودية المحرفة التي تفيد بأن اليهود بني إسرائيل هم شعب الله المختار وأن جميع البشر عبيد وخدم سخرهم الله لخدمة بني إسرائيل وزيادة في العنصرية فإن التلمود يؤكد على أن جميع البشر هم حمير خلقهم الله على هيئة البشر ليركبهم بنو إسرائيل .. بعد إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 بدعم من القوة العسكرية البريطانية والتي كانت تحتل فلسطين وفي منتصف الليل من نفس اليوم أعلنت أمريكا اعترافها وتأييدها للدولة الصهيونية العنصرية .. وبعد عشرة دقائق فقط اعترفت روسيا الشيوعية بدولة إسرائيل .. فهل كان هذا الأمر مصادفة أم أنها مؤامرة دبرت بليل بين أعداء الإسلام قاطبة في الشرق والغرب ..؟ ..  يقول ديفيد هارتلي اليهودي : ( لن تكون هناك سعادة كاملة أو حقيقية قبل تدمير هذا العالم كله بالنار ) .. ويقول غاري باور اليهودي : ( إن الله هو الذي أعطى أرض إسرائيل للشعب اليهودي ولهذا فإن هناك تحريما مطلقا لإعطائها لأي شعب آخر غير اليهود  ) ...

نشرت مجلة القرن الأمريكية في عدد فبرايرعام 1928 م خطابا مفتوحا إلى نصارى العالم بقلم الكاتب اليهودي " ماركس ليلي رافاج " نعرض بعض المقتطفات منه لطوله : ( إنكم أيها المسيحيون لا تنقمون على اليهود لأنهم صلبوا المسيح بل لأنهم أنجبوه .. إن نزاعكم الحقيقي مع اليهود ليس لأنهم لم يتقبلوا المسيحية بل لأنهم فرضوها عليكم .. لقد وضعنا العوائق في سبيل تقدمكم وفرضنا عليكم كتابا ودينا غريبين عنكم وبذلك شتتنا أرواحكم وشللنا تطلعاتكم وجعلنا سبل حياتكم مرتبكة .. إنكم أيها المسيحيون تتهموننا بإشعال نار الثورة البلشفية والتي لا تعدوا نقطة في بحر الثورة التي أشعلها بولس اليهودي في روما .. إنكم أيها المسيحيون تثيرون ضجة حول النفوذ اليهودي الذي هو أساس كنائسكم ومدارسكم وقوانينكم وحكوماتكم وحتى الأفكار التي تدور في أخلادكم كل يوم .. إن هذا النفوذ اليهودي الذي تتذمرون منه موجود وهو أكثر ضخامة وهولا وأشد مكرا مما تتصورون .. لقد سربنا عناصر التنافر والارتباك وخيبة الأمل إلى حياتكم العامة والخاصة وليس هناك من يعرف إلى متى سنظل نفعل ذلك .. إنكم أيها المسيحيون تحقدون على اليهود لأنهم انتزعوكم من عالمكم الوثني الجميل وغزوا بلادكم ونفوسكم بلا جيوش ولا أسلحة ولا حروب ولا دماء بل كان غزوا وفتحا بالروح والمبادئ والدعاية بلا شعور منكم .. أيها المسيحيون لقد جعلناكم تحملون رسالتنا إلى العالم أجمع إلى برابرة الأرض كلها ) .. وهذه الرسالة كلها تهديد ووعيد للمسيحيين وهي طويلة جدا أثبتنا هنا بعض الفقرات القليلة للإشارة فقط إلى مدى العداء المستحكم بين اليهود وأقرب الناس إليهم من النصارى الذين يدعمونهم ويمدونهم بالمال والعتاد والسلاح وكل مكونات الحياة ...            هذا ولقد ذكر الأستاذ " زهدي الفاتح " في كتابه القيم " اليهود " أمثلة عديدة عن فضائح تجمع " بناي برث " اليهودي الذي انعقد في باريس ونشرته مجلة " كاثوليك غازيت " في عددها الصادر في شباط فبراير عام 1936 م وعن جرائم اليهود ومخططاتهم ومؤامراتهم ومنها اعترافات هذه الجماعة اليهودية المتطرفة عن الممارسات الإجرامية التي قامت بها حيث يقول رئيس المؤتمر : ( لقد نشرنا روح الثورة والتحررية الكاذبة بين شعوب الأغيار لإقناعهم بالتخلي عن أديانهم بل والشعور بالخجل من الإعلان عن تعاليم هذه الأديان ومزاياها وأوامرها ونواهيها كما نجحنا في إقناع كثير من الناس بالإعلان عن كفرهم وإلحادهم الكلي وعدم الإيمان بوجود خالق البتة بل وأغريناهم بالتفاخر لكونهم من أحفاد القرود .. لقد قدمنا لهم عقائد ومبادئ جديدة يستحيل عليهم سبر أغوار حقيقتها وأهدافها ومبادئها التي تخدم مجتمعة ومنفردة مصالحنا وأهدافنا وتلقى الأغيار المعتوهون هذه العقائد والمبادئ بقبول حسن وحماس شديد دون أن يراودهم أي شك بأنها إنما وجدت لخدمة مصالحنا وأنها بحد ذاتها تشكل أمضى الأسلحة التي نستخدمها للقضاء على وجودهم .. لقد برهنوا عن سذاجة ما كنا نتصورها فيهم فقد كنا ننتظر من البعض ذكاء ووعيا أعمق لحقيقة الأمور لكنهم جميعا لم يكونوا أفضل من قطيع غنم فلنتركهم يرعون في حقولنا حتى يسمنوا ويكونوا صالحين للذبح كالأضاحي والقرابين أمام ملك عالم المستقبل .. من بين أهم الانتصارات الماسونية أن هؤلاء الأغيار من أعضاء محافلنا لم يرتابوا في الأمر ولن يعرفوا أننا نستعملهم لبناء سجونهم بأنفسهم والتي على شرفاتها سنقيم مملكة إسرائيل العالية كما لم يفكروا بأننا نأمرهم وهم في محافلنا بصنع سلاسل عبوديتهم لملكنا المنتظر على العالم .. والآن دعونا نوضح لكم كيف مضينا في سبيل الإسراع بقصم ظهر الكنيسة الكاثوليكية وكيف استطعنا التغلغل إلى دخائلها وكيف أغوينا البعض من كهنتها ليكونوا روادا في حركتنا ويعملون من أجلنا فلقد أمرنا عددا من أبنائنا المخلصين بالدخول في جسم الكاثوليك مع تعليمات صريحة بوجوب العمل الدقيق والنشاط الكفيل بتخريب الكنيسة من قلبها عن طريق اختلاق فضائح داخلية عملا بوصية أمير اليهود الذي أوصانا بقوله : " دعوا بعض أبنائكم يكونون كهنة ورجال دين ورعاة أبرشيات فيهدمون كنائسهم من الداخل " .. نحن أبناء جميع الثورات التي قامت في العالم حتى تلك التي انقلبت علينا فيما بعد ونحن سادة الحرب والسلام بلا منازع ونستطيع التصريح بأننا نحن الذين خلقنا حركة الإصلاح الديني ضد الكنيسة فـكالفن كان أحد أبنائنا و مارتن لوثر أذعن لإيحاءات بعض أصدقائه اليهود وقد نجحا بإرادة اليهود وبتمويلهم .. إننا لنشكر البروتستانت على إخلاصهم لرغباتنا ونحن ممتنين جدا للعون الذي قدموه لنا في حربنا ضد معاقل المسيحية في العالم استعدادا لبلوغ مواقع السيطرة الكاملة على العالم .. لقد استطعنا حتى اليوم قلب الأنظمة في معظم ممالك العالم والبقية آتية لا ريب فيها فروسيا تمهد الطريق لمسيرتنا وفرنسا بحكومتها الماسونية تحت أصبعنا وإنكلترا با عتمادها على تمويلنا هي تحت أقدامنا ولكونها بروتستانتية فهي معولنا للقضاء على الكنيسة الكاثوليكية أما بقية دول أوربا فإنها دمى في أيدينا أما الولايات المتحدة الأمريكية فإنها واقعة في شراكنا وحبائلنا وهي تحت سيطرتنا .. فلنمض في مخططاتنا بتغذية الحقد العالمي على الكنيسة الكاثوليكية وتسميم أخلاق الأغيار واعتبار الدين أي دين هراء ومضيعة للوقت وقضية سبقها العصر ولم تعد تتماشى مع متطلبات العصر الحديث المتطور .. لتتذكروا أخيرا أن ملك اليهود المنتظر لن يرضى بحكم العالم قبل أن يخلع البابا عن كرسيه في روما والإطاحة بجميع ملوك العالم

**   جاء في كتاب " القوى التي تحكم " للكاتب اليهودي " لويس ليفي " : ( لقد سيطر اليهود على الأماكن الحساسة في المجتمعات الغربية وبذلك استطاعوا أن يوجهوا الدول الغربية لتنفيذ مصالحهم هذه المواقع تتمثل في الأسواق المالية والمصارف والوزارات والصحافة والمطابع ومجالس الشورى والمجالس النيابية وشركات التأمين والمستشفيات ووزارات العدل والقضاء وقيادات المخابرات ومراكز الأمن ... وذلك بشكل مباشر أو غير مباشر ) ...

**   يقول الدكتور اليهودي " أوسكار ليفي " في كتابه " الأهمية العالمية للثورة الروسية " : ( نحن اليهود لسنا إلا مفسدي العالم ومدمريه وناشري الفتن والثورات فيه .. نحن مازلنا هنا كلمتنا الأخيرة لم نقلها بعد هدفنا الأخير لم يتحقق حتى الآن ثورتنا النهائية لم يحن وقتها بعد ) ...

**   ويقول اليهودي " ماير أمشال روتشيلد " في كتابه " حكومة العالم الخفية " : ( اذكروا يا أبنائي أن الأرض كلها ستكون لنا نحن اليهود أما غيرنا وهم حثالة الحيوانات وبرازها فلن يملكوا شيئا قط ) ..

**   بقول مؤسس الإتحاد الإسرائيلي العالمي " أدولف كريمبو " في البيان الرسمي عام 1860 م : ( كل اليهود من أجل كل يهودي .. وكل يهودي من أجل كل اليهود في العالم .. إن هدفنا عظيم ومقدس ونجاحه محتوم ومؤكد فعدوتنا اللدودة الكنيسة الكاثوليكية ممرغة في الأوحال وفي رأسها جرح قاتل .. إن الشبكة التي ترميها إسرائيل فوق الكرة الأرضية تكبر وتنتشر يوما بعد يوم وعلى هذا فلسوف تتحقق نبوءات كتبنا المقدسة .. لقد دنت الساعة التي تصبح فيها القدس بيت الصلاة لكل الأمم والشعوب وسترتفع راية الديانة اليهودية فوق أبعد الشطآن ) ...

**   يقول القس الأب " جوزيف لومان " في كتابه " دخول اليهود إلى المجتمع الفرنسي " : ( ثمة خطة جهنمية لتفكيك المجتمع المسيحي بضربة واحدة تمهيدا لخلق أجواء لا يعود فيها من يتحدث عن مسيحي أو يهودي بالمعنى الديني إنما هي مجتمعات علمانية لادينية نزعت عنها وحدانيتها وإيمانها بالله ليغدوا المسيحي من الناحية السياسية على الأقل الأدنى شأنا من اليهودي السيد إن لم يكن عبدا له ) ...         

**   إن فلسطين ظلت أرضا إسلامية أريعة عشر قرنا من الزمان ثم جاء اليهود ليطردوا أهلها ويذبحوهم ويقتلوهم ويقيموا دولتهم على أشلاء الأبرياء ... 

بعض النصوص العنصرية من التوراة والتلمود :

في سفر التكوين   : ( بإرادة الله يهوه رب الجنود لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى نهر الفرات )..

في سفر التكوين   : ( بإرادة الله يهوه رب الجنود ملعون كنعان وعبد العبيد يكون ) ..

في سفر أرميا     : ( بإرادة الله يهوه رب الجنود سأسحق بك الأمم ) ..

في سفر حزقيال   : ( بإرادة الله يهوه رب الجنود .. تشرب الدم حتى نسكر بالدم ) ..

في سفر صموئيل  : ( بإرادة الله يهوه رب الجنود سأرمي بجثث الفلسطينيين لطيور السماء ووحوش البرية ) ..

هذا وسأقوم في هذا الكتاب بعرض العديد من النصوص التوراتية والتلمودية في بحث اليهودية كأساس حضاري فليرجع إليه القارئ الكريم للاستزادة من النصوص العنصرية الحاقدة لأمة اليهود ...

الدعوات العنصرية الصليبية :

وهنا أيضا أريد أن أفرق بين الديانة المسيحية التي جاء بها نبي الله المسيح عيسى عليه السلام وبين الدعوات الصليبية الحاقدة التي ظهرت قديما ولا تزال تذر قرنها بين فترة وأخرى ذلك لأن ديننا الإسلامي يأمرنا أن نؤمن ونحترم كل الأنبياء والمرسلين وأن نقدس كل الكتب السماوية التي أنزلها الله على أنبيائه من لدن آدم عليه السلام وحتى سيدي رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين ولكن قبل تحريفها وتبديلها ذلك لأن التوراة والإنجيل وبشهادة علماء النصارى واليهود هي كتب محرفة تختلف اختلافا كبيرا فيما بينها وتختلف اختلافا كليا عن الكتب السماوية التي نزلت على أنبياء الله موسى وعيسى عليهما السلام وفيما يلي أعرض لبعض النزعات والدعوات العنصرية الصليبية التي ظهرت سابقا وتظهر الآن بشكل عنصري سافر ...

**   يقول شاتيلييه  في كتابه " الغارة على العالم الإسلامي " : ( ولا شك في أن إرساليات التبشير من بروتستانتية وكاثوليكية تعجز أن تزحزح العقيدة الإسلامية من نفوس منتحليها ولا يتم ذلك إلا ببث الأفكار التي تتشرب مع اللغات الأوربية حيث يحتاج المسلمون إلى أوربا وبذلك يتمهد السبيل لتقديم إسلام مادي وبذلك تقضي أساليب التبشير لبانتها في هدم الفكرة الدينية الإسلامية التي لم تحفظ كيانها وقوتها إلا بعزتها وانفرادها ) ...

محاكم التفتيش حرب عنصرية صليبية :

                  يتشدق اليوم كثير من الغربيين وعلى رأسهم كثير من العلماء والأدباء والسياسيين المرموقين عن ظواهر الإرهاب والعنصرية والعنف التي بدأت تتفشى في المجتمعات الغربية بشكل كبير ملفت للنظر.. ويتحدث آخرون عن محارق هتلر لليهود والمضطهدين منذ عهد النازية حتى الآن .. وأنا هنا لا أبرر أي عمل إجرامي سواء كان ذلك ضد المسلمين أو اليهود أو النصارى أو أي عقيدة أخرى لأن الجريمة هي جريمة ولأن إزهاق روح إنسان لا يجوز إلا وفق قانون سماوي إلهي عادل بعيدا عن الأهواء والآراء الفردية والنزوات الشخصية أو العنصرية .. وهنا أريد أن أعقد مقارنة بسيطة بين حدثين تاريخيين هامين الحدث الأول محارق هتلر النازية لليهود .. والحدث الثاني مذابح محاكم التفتيش للمسلمين في بلاد الأندلس .. حيث أود هنا أن أوضح للقارئ الكريم مدى الفظاعة والبشاعة والإجرام الذي مارسته محاكم التفتيش الكنسية بزعامة رجال الدين المسيحيين يدعمهم ويؤلبهم على الجرائم النكراء القساوسة والبابوات ورجال الدين المسيحي وكل المعادين للإسلام .. والتي تفوق آلاف المرات محارق هتلر النازية لليهود .. ثم بعد ذلك لنرى كيف تعامل الغرب الصليبي مع مشكلة اليهود وكيف تم طمس معالم الجريمة الكبرى التي قام بها رجال الكنيسة في بلاد الأندلس ضد كل المسلمين حيث شنوا على أبناء المسلمين حرب إبادة كاملة لم يستثنوا في ذلك طفلاً أوامرأة أو شيخاً أو شاباً إنما كانت حرب إبادة كاملة وتطهير عرقي بكل ما في هذه الكلمة من معنى .. تماماً كما فعل الصرب المجرمون بأبناء المسلمين في يوغسلافيا السابقة في العصر الحديث ..

عندما سقطت بلاد الأندلس في يد الصليبيين أصدر البابا قرارا بتقسيم أرض الكفار ـ يعني أرض الخلافة الإسلامية في الأندلس ـ إلى دولتين هما إسبانيا والبرتغال حيث قامت محاكم التفتيش الصليبية بأبشع عمليات التطهيرالعرقي التي عرفها التاريخ في القديم والحديث .. فقد قام الصليبيون الإسبان والبرتغاليون بأبشع الأعمال الوحشية من القتل والحرق والتعذيب والصلب واقتحام بيوت المسلمين في الليل والنهار والاعتداء على الحرمات تماما كما يفعل إخوانهم الأمريكيون والبريطانيون في أفغانستان والعراق .. وتماما كما يفعل أبناء عمومتهم الصهاينة بأبناء فلسطين .. حتى أن سماع الشرطة لآية من القرآن كان مدعاة لاقتحام هذا البيت وصب أفظع أعمال  القتل والتعذيب على أهله .. واستمر الأمر في بلاد الأندلس مئتي عام من الإرهاب الوحشي استطاعوا خلالها إبادة كل مسلم يوحد الله أو تنصيره إلا من استطاع الهرب إلى البلاد المجاورة وبالتالي محو كل أثر للإسلام في بلاد الأندلس فردوسنا المفقود ولم يبق من حضارة المسلمين إلا الآثار المعمارية والحضارية الرائعة التي لاتزال شامخة شاهدة على رقي حضارتنا وعلى وحشية الصليبيين في كل عصر ومصر .. وفي عام 1492 م سقطت رسميا آخر المعاقل الإسلامية عندها شجع البابا اتباعه الصليبيين على ملاحقة فلول الكفار ـ يقصد أبناء المسلمين ـ خارج بلاد الأندلس في حروب صليبية وحشية تهدف إلى القضاء على الإسلام في جميع أقطار العالم ولكن ظهور الخلافة العثمانية القوية الفتية حال دون هذا المخطط الإجرامي الصليبي الذي كانت تعد له الكنيسة البابوية .. يقول " وول ديورانت " في كتابه  " قصة الحضارة " : ( وإذا ما عفونا عن بعض الشذوذ الجنسي والانهماك في ملاذ الأكل والمشرب لدى رجال الدين فإننا لا نستطيع أن نعفو عن أعمال محاكم التفتيش ) .. ترى لماذا ..؟! لا شك أن فظاعة هذه المحاكم كانت فوق تصور العقل وكانت جرائم شنيعة لا يمكن لأحد حتى لأبناء النصارى أن يعفو عنها أو يتسامح في أمرها .. إن جرائم محاكم التفتيش التي كان يتزعمها رجال الدين المسيحي كانت أبشع حدث وقع في التاريخ القديم والحديث .. ولبشاعة هذه المحاكم نسوق هنا بعض أقوال المنصفين من العلماء والمؤرخين الغربيين كشواهد من أتباع النصرانية ...

**   يقول ويلز في كتابه "  معالم تاريخ الإنسانية " : (  وجد البابا " أنوسنت الثالث " في عقد الرهبان الدومينيكيين الجديد أداة قوية للقمع .. ومن ثم نظمت محاكم التفتيش كأداة تحقيق مستديمة تحت إدارتهم .. وبهذه الأداة نصبت الكنيسة نفسها لمهاجمة الضمير الإنساني بالنار والعذاب .. وعملت على إضعافه مع أنه مناط أملها الوحيد في السيادة على العالم .. وقبل القرن الثالث عشر لم تنزل عقوبة الإعدام إلا نادراً بالملاحدة والكفار .. فأما الآن فإن كبار رجال الكنيسة كانوا يقفون في مئة ساحة من ساحات الأسواق في أوروبا ليراقبوا أجسام أعدائها تحترق بالنار وتخمد أنفاسهم بحالة محزنة .. وتحترق وتخمد معهم في نفس الحين الرسالة العظمى لرجال الكنيسة على البشرية فتصبح رماداً تزروه الرياح .. لقد أصبح القساوسة والرهبان رجالاً مكيفين وفق مذاهب واعتقادات حتمية وإجراءات مقررة وثابتة ولم تعد لهم بعد ذلك رغبة في رؤية مملكة الرب موطدة في قلوب الناس فقد نسوا ذلك الأمر وأصبحوا يرغبون في رؤية قوة الكنيسة التي هي قوتهم هم متسلطة على شؤون البشر ونظراً لأن كثيرًا منهم كانوا على الأرجح يرون الريبة والشك في سلامة بنيان مبادئهم .. ولم يسمحوا بأية مناقشة فيها .. كانوا لا يحتملون أسئلة ولا يتسامحون في مخالفة لا لأنهم على ثقة من عقيدتهم بل لأنهم كانوا غير واثقين فيها .. ولقد تجلى في الكنيسة في القرن الثالث عشر ما يساورها من قلق قاتل حول الشكوك الشديدة التي تنخر مبادئها بشكل كامل .. فلم تكن تستشعر أي اطمئنان نفسي .. وكانت تتصيد الهراطقة في كل مكان كما تبحث العجائز الخائفات عن اللصوص تحت الأسرة وفي الدواليب قبل الهجوع .. ومنذ بدء يقظة العقل بعد طول سبات راحت الكنيسة تكيل الضربات المجنونة لكل من يسألها أو يناقشها أو حتى من يخيل إليها أنه سيسألها أو يناقشها لتحاول أن تدفع عن نفسها المصير الأسود الذي كان ينتظرها على بعد خطوات من الزمن غير بعيد) .. انتهى قول ويلز...

وهنا نلاحظ مدى الانحراف والتسلط والقهر الذي كانت تمارسه محاكم التفتيش الكنسية العنصرية ضد كل من يخالف آراءها وخرافاتها، أما حصة المسلمين من محاكم التفتيش فكانت حرب إبادة وتطهير عنصري عرقي مقيت بدأ في بلاد الأندلس فردوسنا المفقود ولا يزال حتى يومنا هذا يمارس تحت شعارات وأقاويل كاذبة في البوسنة والهرسك في بلغاريا في العراق في أفغانستان في الشيشان عشرات الألوف من المسلمين يقتلون كل يوم ولا نجد باكياً عليهم أو شاكياً أو منقذاً لأمة الإسلام ولأبناء المسلمين.,,

لقد كانت محاكم التفتيش وما صاحبها من الفظائع عميقة الأثر في الحس الإنساني بشكل عام وفي الحس الإسلامي بشكل خاص وأدت إلى نتائج سيئة بالنسبة للحضارة المادية الجاهلية التي انبثقت من أوروبا منذ القرن الثالث عشر وحتى يومنا هذا .. فلقد أصبح العداء للدين المتمثل هناك بالكنيسة ورجالها أمرًا لازمًا لكل صاحب فكر حر أو ضمير حي..  لقد كانت محاكم التفتيش في بلاد الأندلس حرب إبادة مسحت المسلمين وبشكل كامل من بلاد الأندلس وطمست كل ما يمت للعقيدة الإسلامية وللدين الإسلامي في تلك البلاد بصلة .. حتى إن عقوبة الإعدام كانت تطال كل مسلم لمجرد أنه مسلم إذا كان بالغاً مميزًا ذكرًا كان أم أنثى .. شابًا كان أم شيخًا كبيرًا حتى وصلت الوقاحة ببعضهم أنهم كانوا يكشفون عن عورة الرجل إذا لم يعرفوا هل هو مسلم أو غير مسلم فيقتلونه إذا كان مختوناً لأن الختان كان من شعائر المسلمين .. أما الأطفال فقد مارسوا عليهم حرباً تنصيرية مسحت من عقولهم كل ما يمت للإسلام بصلة .. رغم قتل أعداد كبيرة من الأطفال .. ويروى أن محاكم التفتيش في الأندلس كانت تتعرف على بيوت المسلمين الذين تنصروا ظاهرًا للفرار من القتل والحرق والتعذيب إما بسماع تلاوة القرآن الخافتة في جنح الليل أو العثور على حمام خاص ضمن المنزل .. حيث تعتبر هذه الحمامات المبنية على الطراز الإسلامي الشرقي  دليل إدانة وعلامة قاطعة على أن أصحاب هذا المنزل من المسلمين الواجب إبادتهم أو التنكيل بهم ...

النصارى العنصريون في لبنان :

تعتبر دولة لبنان الشقيق إحدى مفرزات الاستعمار ذلك لأن لبنان هو جزء عزيز وقطعة غالية من بلاد الشام تم فصله وسلخه ووضع الحدود المصطنعة إمعانا في تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وإضعاف الأمة العربية والإسلامية قدر المستطاع .. ولقد عمدت القوات الفرنسية في لبنان على دعم الطوائف المسيحية وبشكل خاص المارونية منها حتى وصل الحد إلى أن بعض المارونيين كانوا يقولون ( فرنسا أمنا الحنون ) .. إضافة لذلك فقد استطاعت القوى الاستعمارية إذكاء الحقد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد الذين عاشوا آلاف السنين متوادين متحابين متعاونين على الخير للجميع .. ولقد قامت فرنسا بجريمة قذرة في سورية ولبنان إبان الاحتلال الفرنسي وذلك بنبش الأحقاد الصليبية القديمة في سورية ولبنان وتقطيع الوطن الواحد لعدة بلدان صغيرة ضعيفة لا تمتلك مقومات الوطن ولا إمكانيات الدولة فكان لبنان .. تشكل حزب الكتائب الماروني الحاقد الذي تم تسليحه بأحدث الأسلحة من قبل الدول الصليبية الحاقدة فقام بالفظائع التي تقشعر لها الأبدان وفيما يلي نعرض لبعض هذه الممارسات الإجرامية التي قام بها حزب الكتائب الماروي الحاقد في لبنان :

**   إقامة الحواجز على الطرقات لتفتيش السيارات وقتل ركابها من المسلمين على الهوية ..

**   قنص المارة لنشر الرعب والخوف والإرهاب بين الناس ..

**   إرغام المسلمين على البقاء في بيوتهم فترات طويلة تحت تهديد السلاح .. ومنعم من جلب حاجاتهم الضرورية أو الوصول إلى الطبيب أو المستشفى في الحالات الطارئة ...

**   قصف المخيمات الفلسطينية المتواجدة على أرض لبنان ...

**   قصف الأحياء الإسلامية الآهلة بالسكان بعد محاصرتها وقطع المؤن والماء والكهرباء عنها ...

**   اعتقال كل من تقع أيديهم عليه من العمال السوريين المسلمين وقتل العديد منهم وتعذيب العديد منهم وإرسال رؤوس بعضهم إلى حكام سورية ...

**   اعتقال عدد كبير ممن نجوا من القصف المدفعي في المسلخ والكرنتينا وعددهم يزيد على خمسة آلاف من المسلمين بين رجل وامرأة وطفل وتعذيبهم وقلع أعينهم وقطع أطرافهم وهم أحياء ثم قتلهم ...

**   السماح لمندوبي الصحف والمجلات ووكالات الأنباء بأخذ صور لجنود الكتائب المارونية وهم يرقصون على جثث الأبرياء ...

**   نسف بيوت مخيم الضبية وحارة الغوارنة وسبنية وإزالة ما بقي منها بالجرافات تماما كما يفعل إخوانهم الصهاينة في فلسطين المحتلة .. ولقد وجد تحت أنقاض سبنية وحدها ( 250 ) جثة من النساء والأطفال والشيوخ العزل الآمنين ...

**   إحراق شاحنة تحمل نسخا من القرآن الكريم ...

**   السطو على البنوك ونهب محتوياتها من النقود والودائع والأمانات في المناطق الإسلامية ...

**   نهب المخازن والمتاجر والمصانع وإحراقها في المناطق الإسلامية ...

**   سحل بعض من يقع تحت قبضتهم بالسيارات وهم أحياء حتى تتمزق أجسادهم ...

**   اعتقال بعض الأسرى في المقابر ودفن العديد منهم أحياء ...

**   إن مثل هذه الجرائم يمارسها وحوش يزعمون أنهم أتباع السيد المسيح عليه السلام الذي يقول : ( أحبوا أعداءكم .. وباركوا لاعنيكم .. وأحسنوا إلى من أساء إليكم .. ومن ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر ) .. إن مقولة المسيح عيسى عليه السلام هذه نهديها إلى وحوش النصرانية واليهودية الذين يصفون المسلمين بالتعصب لمجرد أننا نشير بأصابع الاتهام إلى الوحوش المجرمين الذين يدعون أنهم أصحاب ديانة سماوية وأصحاب رسالة إنسانية .. إن هذه الجرائم التي يقوم بها الصليبيون الجدد والصهاينة ستظل وصمة عار على جبين كل صليبي أو صهيوني حتى يرث الله الأرض وما عليها في حين نجد في مقابل ذلك عظمة الإسلام وعظمة القادة المسلمين فكان أبو بكر الصديق خليفة المسلمين يوصي قادة جيشه فيقول ( لا تخونوا ولا تغلوا ولا تقتلوا طفلا ولا شيخا ولا امرأة ولا تقطعوا نخلا ولا تذبحوا شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة .. ولسوف تمرون على أقوام فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ) ...

الأحقاد الصليبية العنصرية :

إن مما لاشك فيه أن الغرب الصليبي بنى علاقاته منذ فجر التاريخ مع المجتمعات الإسلامية على أساسين :

الأساس الأول  : المصالح المادية ...

الأساس الثاني : أن الحروب الصليبية لا تزال مستمرة بين الصليبيين والإسلام حتى اليوم أو بتعبير بعضهم حتى تقوم الساعة ...

وسياسة الدول الغربية كلها دون استثناء تخطط وفق هذين المبدأين .. والعداء السافر الذي نلحظه في كل يوم من قبل الصليبيين الجدد .. والتعاون الاستراتيجي بين العدوين اللدودين للإسلام والمسلمين الصهيونية والصليبية يزداد جرأة ووقاحة وصفاقة في كل يوم .. وجرائم العدوين اللدودين ضد الإسلام والمسلمين لم تعد خافية على أحد حتى أن الرئيس الأمريكي بوش قالها صراحة عند غزوه للعراق وأفغانستان بأن هذه امتداد للحروب الصليبية .. ثم تبعه أجيره طوني بلير رئيس وزراء بريطانيا فقال بأنها الحروب الصليبية وأنشد مع الجنود البريطانيين نشيدا صليبيا قديما يمجد الحروب الصليبية .. ثم تبعهم الأجير الثاني رئيس الوزراء الإيطالي والأجير الثالث رئيس الوزراء الأسترالي ليقولوا بأنها الحروب الصليبية .. ثم تبعتهم الدانمارك بالصور المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأسلوب منحط سافل ينم عن عمق الحقد الصليبي وكان ذلك بدعم وتاييد من كل الدول الغربية ومن ملكة الدانمرك التي رفضت حتى مجرد الاعتذار للمسلمين عن هذا الانحطاط الحضاري السافل .. ثم تبعتهم في ذلك فرنسا التي أصدرت قانون منع الحجاب الإسلامي .. وهكذا دواليك في كل يوم هجوم وإساءة من الغرب الصليبي العنصري على الإسلام والمسلمين .. ولكن رغم كل المحاولات اليائسة يقف الإسلام العظيم متحديا كل الزوابع والأعاصير والمحن .. متحديا كل الهجمات السافلة المنحطة ليغزوهم في عقر دارهم .. حيث يعتنق الإسلام من أبناء النصارى في أوربا وأمريكا وكندا مايزيد على مئة ألف نصراني وقلة قليلة من اليهود في كل عام .. لقد قال زعماء الغرب وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران : ( إن الخلافات التي بيننا وبين الشعوب العربية ليست خلافات بين أمم وشعوب وإنما خلافات بين الحضارة المسيحية والحضارة الإسلامية ) .. إن والحملات الصليبية لم تنقطع في يوم من الأيام منذ ظهور الإسلام على العالم أجمع وحتى يومنا هذا فعندما نجحت الحملة الصليبية البريطانية بقيادة الجنرال اللنبي واستولت على القدس قال اللنبي : ( اليوم انتهت الحروب الصليبية ) .. وعندما نجحت الحملة الصليبية الفرنسية باحتلال سورية ولبنان قام قائد الحملة الفرنسية الجنرال غورو بالذهاب فورا إلى قبر القائد الكردي المسلم صلاح الدين الأيوبي وركله بقدمه وقال : ( لقد عدنا ياصلاح الدين ) ...

**   يقول لورنس براون :  ( إن الإسلام هو الجدار الوحيد أمام الاستعمار الأوربي .. لقد كان قادتنا يخوفوننا بشعوب مختلفة .. كانوا يخوفوننا بالخطر اليهودي والخطر البلشفي والخطر الياباني .. ولكننا بعد الاختبار لم نجد مبررا لمثل تلك المخاوف واكتشفنا أن الخطر الحقيقي هو الخطر الإسلامي القادر على التوسع والانتشار وإخضاع الشعوب في حيوية مدهشة ) ...

**   يقول موروبيرغر : في كتابه " العالم العربي المعاصر " : ( إن الخوف من العرب واهتمامنا بالأمة العربية ليس ناتجا عن وجود البترول بغزارة .. ولكنه ناتج عن وجود الإسلام .. لذا يجب محاربة الإسلام للحيلولة دون وحدة العرب التي تؤدي إلى قوة العرب .. لأن قوة العرب تتصاحب دائما مع قوة الإسلام وعزته وانتشاره .. إن الإسلام يفزعنا عندما نراه ينتشر بيسر وسهولة في القارة الأفريقية ) ...

**   وبعد استقلال الجزائر ألقى أحد كبار المستشرقين الفرنسيين محاضرة في مدريد عنوانها " لماذا كنا نحاول البقاء في الجزائر " فكان ملخص المحاضرة ما مفاده : ( إننا لم نكن نسخر نصف مليون جندي فرنسي مدججين بالأسلحة والعتاد من أجل نبيذ الجزائر أو صحاراها أو زيتونها .. إننا كنا نعتبر أنفسنا سور أوربا الذي يقف في وجه زحف إسلامي محتمل يقوم به الجزائريون وإخوانهم من المسلمين ليستعيدوا الأندلس التي فقدوها ) ...

**    يقول غاردنر : ( إن الحروب الصليبية لم تكن لإنقاذ القدس ولكنها كانت لتدمير الإسلام ) ...

**   يقول المستشرق الفرنسي كيمون في كتابه " باثولوجيا الإسلام " : ( إن الديانة المحمدية جذام تفشى بين الناس .. بل هو مرض مريع وشلل عام وجنون ذهولي يبعث الإنسان على الكسل ولا يوقظه إلا ليدفعه إلى سفك الدماء والإدمان على معاقرة الخمور وارتكاب جميع القبائح .. وما قبر محمد إلا عمود كهربائي يبعث الجنون في رؤوس المسلمين .. يعتادون بعدها على عادات تنقلب إلى طباع أصيلة مثل كراهية لحم الحنزير والخمر والموسيقى .. إن الإسلام دين قائم كله على القسوة والفجور في اللذات .. أعتقد أن من الواجب إبادة خمس المسلمين والحكم على الباقين بالأشغال الشاقة وتدمير الكعبة ووضع قبر محمد وجثته في متحف اللوفر ) .. حقد عجيب وسافل على الإسلام والمسلمين ...

**   يقول المبشر تاكلي : ( يجب أن نستخدم القرآن وهو أمضى سلاح في الإسلام ضد الإسلام نفسه حتى نقضي عليه تماما .. يجب أن نبين للمسلمين أن الصحيح في القرآن ليس جديدا وأن الجديد فيه ليس صحيحا ) ...

**   يقول الحاكم الفرنسي في الجزائر : ( يجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم ونقتل اللسان العربي من ألسنتهم حتى ننتصر عليهم ) ...

**   يقول صموئيل زويمر رئيس جمعيات المبشرين : ( إن مهمة التبشير التي ندبتكم الدولة المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست إدخال المسلمين في المسيحية فإن هذا هداية وتكريم لهم لا يستحقونه .. وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلمين من إسلامهم ليصبحوا أشخاصا لا صلة لهم بالله وبالتالي لا صلة لهم بالأخلاق التي تعتمد الأمم عليها في حياتها ) ...

**   يقول المستشرق النمساوي " فون غرينيباوم " في كتابه " الإسلام الحديث " : ( إن الحاجز الذي يحجز المسلم عن التغريب هو استعلاؤه بإيمانه وأنه لابد من تحطيم هذا الاستعلاء لكي تتم عملية التغريب )

**   يقول " موسوليني " : ( هناك شعوب كاملة بروليتارية مثلما هناك طبقات بروليتارية وأفراد بروليتاريين ) يقصد في ذلك الشعوب الإسلامية التي من طبيعتها أن تكون عبيدا في مقابل مجتمعات الأسياد ... 

**   قام الصليبيون الأحباش بالاعتداء على أحد المساجد في إقليم الأوغادين المسلم فقتلوا أكثر من ألف مسلم كانوا يؤدون صلاة الجمعة ولم تتحرك لهذه الجريمة دولة من الدول الغربية حتى بمجرد الاحتجاج على هذه الفعلة النكراء ..         

**   ذكرت مجلة صوت مصر الحر الناطقة باسم أقباط مصر على لسان أحد الأقباط المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية ما نصه : ( أنا القبطي الفرعوني صاحب الأرض .. أنا القبطي الشامخ صاحب هذا الوطن الذي سلب مني منذ الغزو الإسلامي إلى الآن والذي سيرحل قريبا كما رحل من إسبانيا .. فلم تعد النعرة الإسلامية لها جاذبيتها الآن في جو أصبح الغرب المتحضر يفهم أن العرب جرب ) ..

**   تقول جريدة صوت الأقباط : ( يجب علينا أن نعمل بكل جهدنا وطاقتنا وأموالنا وذكائنا وأن نطرد الشر ونقاوم كل سهامه الشريرة وأن نستأصل الاستعمار الإسلامي من جذوره في مصر .. فإن كان طرد الإستعمار الإسلامي قد يأخذ أجيالا ولكنه يمكن أن يحدث فقد حدث في اسبانيا بعد استعمار اسلامي دام لقرون طويلة وحدث في الفيليبين وبعض الجزر اليونانية .. ولن يخرج الاستعمار الإسلامي من مصر إلا بالقوة .. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( استوصوا بالقبط خيرا فإن لكم فيهم نسبا وصهرا ) ...

**   بعد العمل الشنيع الذي قام به بعض الغوغاء الدانمركيين ضد رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وبعد الفضائح التي قامت بها الصحيفة الدانماركية قالت الملكة مارغريت الثانية ملكة الدانمارك بكل وقاحة : ( الملكة تدعوا شعبها إلى إظهار معارضتهم لدين الإسلام بغض النظر عما سيسببه هذا من مشاكل خارج البلاد وتقول : إن دين الإسلام عقبة في طريقنا هذه السنين .. محليا وعالميا .. لقد تركنا الموضوع يتفاقم لأننا متسامحون وكسولون .. مهما قال عنا الناس فيجب علينا مقاومة دين الإسلام لأن هناك أشياء يجب عدم التسامح بها ) ..

**   أظهرت دراسة حديثة أجرتها مصلحة الهجرة في السويد أن السويديين يبدون ريبة من الإسلام والمسلمين ويعتقد كثير منهم أن القيم الإسلامية لا تنسجم مع قيم المجتمع السويدي .. هذا وقد أبدى كثير منهم ( 50 % ) ممن جرت عليهم استطلاعات الرأي معارضتهم لارتداء الحجاب الإسلامي من جانب النساء المسلمات .. وقد اعتبرت الباحثة المسلمة هيلينا بن عودة رئيسة المجلس الإسلامي السويدي أن نتائج هذه الدراسة هو إنذار لمعاداة الإسلام في السويد ..

**   تم توزيع ( 200,000 ) منشور على أبناء مصر ضمن مغلف مكتوب عليه : كل عام وأنتم بخير .. وهذه العبارة هي التي يتبادلها المسلمون في أعيادهم أما مضمون هذا المنشور فهو : ( الإسلام دين لايفهمه أحد .. والقرآن لا معنى له .. المسلمون مخادعون وإرهابيون .. القرآن يدعوا للعنف والفواحش .. المسلم متوحش متخلف مجرم لا يستمع لمنطق العقل ويقتل لأتفه الأسباب .. وأن الشرع الإسلامي يتم تفصيله حسب المقاس المطلوب .. وأن هدف المسلمين تدمير المسيحيين وتخريب الكنائس وقتل القساوسة ) .. يقول ربنا جل شأنه قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر) ...

**   احتلت  اُثيوبيا أريتيريا المسلمة في عهد الامبراطور القسيس هيلاسيلاسي ولما أعلنت الحكومة الأثيوبية ضمها إلى أثيوبيا بشكل نهائي احتج سكانها على هذا القرار واستنكروه فكان رد الحكومة الأثيوبية الحاقدة أن قامت بتسميم الآبار في المناطق التي صدر منها الاحتجاج مما تسبب بموت الآلاف من الرجال والنساء والأطفال وعشرات الآلاف من المواشي .. هكذا يتصرف العنصريون الصليبيون ..!!..

** تقدم عدد من مسلمي الحبشة بخطاب إلى إمبراطور الحبشة هيلاسيلاسي يلتمسون فيه مساواتهم بأمثالهم من النصارى فقامت السلطات الإثيوبية باعتقال كل المطالبين بحقهم وكان عددهم سبعون رجلا لم يعرف عنهم شيئا بعد الاعتقال ...

**   في عهد الامبراطور الصليبي المجرم هيلا سيلاسي وجدت السلطات رجلا مسيحيا مقتولا في إحدى القرى المسلمة فما كان من زبانية هيلاسيلاسي إلا أن قتلوا كل أبناء هذه القرية من شباب وأطفال ونساء وشيوخ وهم يدعون أنهم أتباع المسيح ...  

**   في عام  1962 ميلادية وقف امباراطور الحبشة الصليبي المجرم ( هيلاسيلاسي ) على منصة الأمم المتحدة فألقى خطابا ضافيا أعلن فيه بكل وقاحة : ( أنه في خلال اثني عشرعاما لن يكون في الحبشة إلا دين واحد هو النصرانية ) .. ويقصد في هذا الكلام تنصير المسلمين أو إبادتهم فلم يتجرأ أحد من حماة الدين الإسلامي وأبناء الإسلام المتواجدين في هيئة الأمم على أن يرفع صوته استنكارا لهذه الوقاحة علما بأن نسبة المسلمين في الحبشة آنذاك كانت تصل إلى 55% من سكان الحبشة تم اسئصال وإبادة عدد كبير منهم ...         

**   جزر الفيلبين كانت مثل أندونيسيا بلدا إسلاميا غالبية أهلها من المسلمين فغزاها الصليبيون وحكموها قهرا وطاردوا المسلمين وأخرجوهم من بلادهم وأرضهم وحاصروهم في جزء بسيط من أرضهم وأعملوا فيهم القتل والتنصيرفي حرب إبادة لم يشهد لها التاريخ مثيلا ...

**   في المجامع الكنسية المتأخرة تم اعتبار مصر دولة مسيحية وتحويل أندونيسيا إلى دولة مسيحية ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .. فقد باءت كل مخططاتهم ومحاولاتهم بالفشل الذريع حتى اضطروا أخيرا إلى سلخ البؤرة المسيحية المسماة تيمور الشرقية عن جسد الدولة الأم خوفا عليها من التآكل والاضمحلال ...

**   إن الأحقاد الصليبية لم تنقطع يوما من الأيام عبر تاريخها الطويل ولانزال نسمع الكثير من الأقوال والممارسات الحاقدة ليس على المسلمين فحسب وإنما أحقاد ضد شعوب العالم كلها فقد نشرت جريدة الحياة السعودية مانصه : ( أضاف القس الإنجيلي الأمريكي إسما جديدا إلى لائحته الشيطانية والتي تضم القرآن الكريم وقيادات شرق أوسطية داعيا الإدارة الأمريكية إلى اغتيال الرئيس الفنزويلي المنتخب هوغو شافييز تفاديا لتحول فنزويلا إلى الشيوعية والتطرف الإسلامي وتناسى روبرتسون قيمه المسيحية المسالمة وحرض الإدارة الأمريكية على التحرك واستخدام قدراتها للتخلص من شافييز وكان روبرتسون قد اقترح على الإدارة الأمريكية اغتيال صدام حسين بدلا من الحرب على العراق لأن خطة الاغتيال اقتصادية وغير مكلفة اقتصاديا وقال إن النبي محمد متطرف وأن القرآن الكريم يحرض المسلمين ضد اليهود والنصارى وغير ذلك كثير مما ينم عن الحقد الدفين للصليبيين ضد الإسلام والمسلمين خلافا لتعاليم المسيح عليه السلام ... 

**   وفي مجال آخر أكدت اللجنة المصرية لمناهضة الإكراه الديني في مصر أن لديها حالات عديدة لأقباط اعتنقوا الإسلام ويريدون ضمانات أمنية وقانونية لإشهار إسلامهم حتى يتحاشوا ما حدث للقبطية وفاء قسطنطين والقبطية ماري عبد الله ذكي اللتين سلمتا إلى الكنيسة القبطية في مصر بعد إشهار إسلامهما وأصبح مصيرهما مجهولا .. وأضاف البيان أنه بالنظر إلى الأجواء التي صاحبت اعتناق الإسلام لكل من وفاء قسطنطين وماري عبد الله ذكي والضغوط التي مورست عليهما نفسيا واجتماعيا ودينيا لمنعهما من إشهار الإسلام فإن اللجنة تطالب المؤسسات المعنية بالدولة تحديد الضمانات القانونية لحماية الحالات المشابهة مستقبلا خاصة وأن اللجنة لديها حالات محددة سيتم الإعلان عنها لاحقا عن أشخاص تحولوا من المسيحية إلى الإسلام ويطالبون بضمانات أمنية وقانونية حكومية لتسجيل إسلامهم رسميا ) ... وهكذا نجد الحقد الصليبي الدفين لأقباط مصر الذين أوصى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : ( استوصوا بالقبط خيرا فإن لكم فيهم نسبا وصهرا ) ..

**   قامت الكنيسة القبطية بتسيير مظاهرات حاشدة من الأقباط المصريين والتي تجمعت في ساحة الكاتدرائية المرقصية في ميدان العباسية بالقاهرة وذلك بعد فرار زوجة أحد القساوسة الأقباط بدينها بعد أن أسلمت حيث اعتنقت الدين الإسلامي عن قناعة تامة دون إكراه وآمنت بالله تعالى إلها واحدا لاشريك له ولا أب ولا إبن ولا تثليث في الألوهية وآمنت برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن اكتشفت فساد عقيدة النصارى وانحرافها عن الخط الإلهي الصحيح والكنيسة لا تزال تبحث عنها ليكون مصيرها كمصير أختيها ( وفاء قسطنطين و ماري عبد الله ذكي ) اللتان أسلمتا فاختطفتهما الكنيسة ولا يعرف أحد مصيرهما ..

**   في عام 1497 ميلادي قام البرتغالي الصليبي العنصري( فاسكو دوغاما ) بمعاونة البحار العربي المسلم ( ابن ماجد ) وعلى هدي من الخرائط الجغرافية الإسلامية بالدوران حول أفريقيا والوصول إلى الهند وعندما وصل إلى شبه القارة الهندية قال قولته الحاقدة المشهورة : ( الآن طوقنا عنق الإسلام ولم يبق إلا جذب الحبل ليختنق فيموت ) ...

**   نشرت جريدة الديار البيرونية في 20آذار 1949م مقالات للصحفيين المسيحيين جورج فيليب نقاش وكسروان نعوم اللبكي مقالات تثير النعرات الطائفية وقد حكم عليهما بالسجن لذلك .

**   صرح المطران اللبناني مبارك عام 1948م في باريس ( إن لبنان بلد كاثوليكي ويحاول المسلمون أن يستعبدوه كما يحاولون استعباد جميع المواطنين الذين يسكنون معهم في بلد واحد وطالب بأن يكون للنصارى وطن قومي كاليهود في فلسطين كي يتمكنوا من العيش الهادئ وإلا فإن أية ولاية غير إسلامية لا تستطيع أن تعيش بحرية  وتمارس معتقداتها تحت سيطرة إسلامية بحتة ) ... مجلة بيروت المساء 21 حزيران 1948م ...

**   يقول فؤاد أفرام بستاني في محاضرة له عام 1948م : ( حتى إذا أطلت طلائع الصليبين أمكن للموارنة أن يمدوهم بثلاثين ألف نبال أجمع الفرنجة على الإعجاب بشجاعتهم ومهارتهم فالمارونية بنت لبنان ولبنان في الكثير من مزاياه وخصائصه صنع المارونية ، فلا وطن لها سواه ولا كيان له بدونها ) ...

**   في حرب 1948 بين اليهود والاستعمار البريطاني من جهة وبين الفلسطينيين من جهة كانت منظمة الصليب الأحمر تقوم بإهمال الجرحى الفلسطينيين حتى يموتوا في أرضهم وقد أرسل الدكتور جورج حنا رئيس لجنة إغاثة فلسطين رسالة شديدة اللهجة إلى المركيزة دوفريج رئيسة جمعية الصليب الأحمر اللبناني يطالب فيها منظمة الصليب الأحمر الدولي بإنصاف العرب والمسلمين ولكن دون جدوى ... وأيده في دعوته ضد عنصرية منظمة الصليب الأحمر الدولي المطران جاورجيوس حكيم مطران حيفا وعكا والناصرة وقال في رسالة مطولة انقل فقرة منها يقول فيها : ( آسف أن يعمل الصليب الأحمر الدولي تحت راية الصليب ) ...

**   أما القس (صموئيل زويمر) فيقول عندما هاله أن يجد بعض النصارى يصادقون أشخاصا مسلمين فقال : ( إن الصداقة في رأيي تخلق في نفس النصارى جبنا عن التبشير ) ...

**   يقول الأب شانتور الذي ترأس الكلية اليسوعية في بيروت فترة طويلة إبان الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان : ( على أن اليسوعيين لا يريدون أن يتنازلوا عن روحهم الصليبية ، إنهم لا يزالون يذكرون المبشر بلغة فخمة ملونة مملوءة بالحقد والضغينة والاستفزاز .. إنهم يقولون إن الله يريدها ... ويأتي المبشر تحت علم الصليب .. يحلم بالماضي وينظر إلى المستقبل وهو يصغي إلى الريح التي تصفر من بعيد من شواطئ رومية ومن شواطئ فرنسا ، وليس من أحد يستطيع أن يمنع تلك الريح ، من أن تعيد على أذهاننا قولها بالأمس وصرخة أسلافنا الصليبين من قبل ، إن الله يريدها ) ... وهذه الكلمة كانت ترددها جموع الصليبين القادمين لاحتلال الشرق حيث كانوا يرددون صرخة واحدة (إن الله يريدها) أي أن الله هو الذي أراد الحروب الصليبية ، وكان شانتور ومجموعته يرددون دائما ( يجب أن تكون الإرادة الفرنسية تتمة للاحتلال الصليبي ) ...

**   يقول الكاتب الأرمني اللبناني لطفي ليفونيان ( إن المسلمين جهلة لأنهم يعتقدون التنزيه في الله تعالى ) .. ويقول نلسن : ( إن الإسلام مقلد وإن أحسن ما فيه مأخوذ من النصرانية ، وسائر ما فيه مأخوذ من الوثنية كما هو أو مع شيء من التبديل ) ...

**    في كتاب " البحث عن الدين الحقيقي "  تأليف " المسيو ريكولي " والذي صدر عام 1887م والذي طبعته مؤسسة التعليم المسيحي في باريس عام 1928م  ونال رضا البابا ليون الثالث عشر ، عاش هذا الكتاب في المدارس المسيحية في الشرق والغرب منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا يقول المؤلف فيه عن الإسلام : ( في القرن السابع الميلادي برز في الشرق عدو جديد ، ذلك هو الإسلام ، الذي أسس على القوة ، وقام على أشد أنواع التعصب لقد وضع محمد السيف في أيدي الذين اتبعوه ، وتساهل في أقدس قوانين الأخلاق ثم سمح لاتباعه بالفجور والسلب ، ووعد الذين يهلكون في القتال بالاستمتاع بالملذات ، وبعد قليل أصبحت آسيا الصغرى وأفريقيا وأسبانيا فريسة له حتى أن إيطاليا هددها بالخطر ، وتناول الاجتياح نصف فرنسا ، ولكن انظر هاهي النصرانية تضع بسيف شارل مارتل سدا في وجه سير الإسلام المنتصر عند بواتيه عام 752م  ثم تعمل الحروب الصليبية في مدى قرنين من الزمان في سبيل الدين فتندرج أوربا بالسلاح وتنجي النصرانية وهكذا تقهقرت قوة الهلال أمام راية الصليب وانتصر الإنجيل على القرآن ) .. هذا نموذج من آلاف الكتب التي تؤلف بدعم من الكنيسة وجمعيات التبشير تعصب ذميم وعنصرية مقيتة ، وتشويه للحقائق وإيقاد للأحقاد وهذا الكتاب لا يزال يدرس في مدارس الفرير المسيحية في بيروت ، ولقد قامت حكومة الانتداب الفرنسية قبل الجلاء بفرض مثل هذه الكتب وتدريسها في جميع المدارس الأجنبية .

**    في عام 1909م احتج الطلاب المسلمون في الجامعة الأمريكية في بيروت على إجبارهم على الدخول إلى الكنيسة فاجتمعت عمدة الجامعة الموقرة و أصدرت منشورا طويلا جدا جاء في مادته الرابعة : ( إن هذه كلية مسيحية ، أسست بأموال شعب مسيحي ثم اشتروا الأرض وأقاموا الأبنية وهم أنشأوا كل هذا ليوجدوا تعليما يكون الأنجيل من مواده وتعرض منافع الدين المسيحي على كل التلاميذ وإن كل طالب يدخل إلى مؤسستنا يجب أن يعرف ماذا يطلب منه ) ...

**    يقول المؤرخ البريطاني الكبير إدوارد جيبون عن جيوش الصليبين العنصريين : ( لقد كانوا محاربين همجا متحللين من الأخلاق ) ..

**   يقول " جيمس شليزنجر " عام 2003 م : ( يقولون إن الحرب هي جهنم وأن السلام جنة .. لكننا نعرف جميعا أن هذا كذب فالحرب هي الجنة والسلام هو الجحيم ) ...

العوات العنصرية الصليبية في الفيليبين :

منذ وصول الصليبي الحاقد ماجلان إلى الفيليبين بدأت الحملات الصليبية على الفلبين الدولة التي كانت غالبية شعبها من المسلمين وكان الناس هناك يدخلون في دين الله أفواجا حتى عام 1519م حيث بدأت الحملات الصليبية تتوالى على جزر الفلبين لتنشر الخراب والدمار في كل أرض تطؤها أقدامهم مما أدى إلى توقف المد الإسلامي وانكماش رقعة الإسلام عند حدود ( مندناو ) وبعض الجزر الصغيرة النائية وكانت حصيلة تلك الحروب تزيد على نصف مليون شهيد وخمسة ملايين بين مشرد أو متنصر أو فقيد .. هذا ولقد كان الأمريكيون يريدون إبادة الشعب الفيليبيني المسلم بشكل كامل تماما كما فعلوا مع الهنود الحمر ليستولوا على أرضهم وبلادهم في حملة عنصرية شرسة لم يعرف التاريخ لها مثيلا .. يقول السيناتور الأمريكي " هور " عند مناقشة مسألة ضم الفيليبين للولايات المتحدة الأمريكية : ( فلماذا لا تستمر عملية الإبادة الجماعية أثناء التوسع خارج القارة الأمريكية ؟.. ألم يكن خطر التهجين ماثلا لآبائنا عندما عبروا المحيط الأطلسي إلى العالم الجديد ..؟.. لماذا يجب على أبنائنا الآن أن يتهجنوا وهم يعبرون محيطا آخر ليتعاملوا مع سكان محليين آخرين ) .. وهنا نلاحظ أن كثيرا من العملاء والخونة من القادة والساسة في الدول الضعيفة يقومون بعملية تزيين وتزييف لوجوه الذئاب والضباع والأفاعي ويضعون عليها مساحيق الصداقة والأخوة وألوان المحبة والإنسانية لتخفي عن الناس تلك الوجوه المتوحشة المجرمة الحاقدة التي سمعنا عنها ورأيناها بأم أعيننا في فيتنام والفيليبين .. في نيكاراغوا وكوبا .. في العراق والشيشان .. في البوسنة وأفغانستان بل في كل بقعة من بقاع العالم .. إن هؤلاء الخونة والعملاء يريدون من شعوبهم أن يمتصوا الشهد والعسل من أنياب الذئاب والضباع والأفاعي .. فهنيئا للشعوب البائسة المسكينة بما يخطط لهم أبناؤهم من الخونة والعملاء والمأجورين .. وهنا أود أن أعرض لبعض الوثائق التي تدل دلالة قاطعة على الحقد الصليبي وعلى عنصرية الصليبيين في القديم والحديث . 

الوثيقة الأولى :

صورة لخطاب تلقاه أحد أعضاء البرلمان الفلبيني وهو زعيم مسلم وهذه ترجمته : ( السيد ... نكتب إليك نناشدك بان يتحد المسلمون والمسيحيون تحت إله واحد عن طريق دين المسيح فأيامك أصبحت معدودة كزعيم للمسلمين ومصيرالبنداتون ليس إلا دليلا لكم يا مسلمي الفلبين .. ومصير " أومبا "  يجب أن يكون درسا لكم .. ومصير " الداتومانج " في " كوناباتو "  يجب أن يكون إنذارا لكم وأنه من الأفضل أن تعرفوا مبكرا المصير الذي ينتظركم .. وتذكروا دائما أن الفلبين أمة مسيحية وبأن مصير المسلمين يجب أن يقرره المسيحيون وليس المسلمون أبدا .. إن النزاعات بين المسلمين والمسيحيين بعيدة عن الحل وإن الجهاد للوحدة في دين المسيح يجب أن يستمر .. وعندما زرع ماجلان صليبه في جزيرة " ماكتان " منع انتشار الإسلام في هذا الأرخبيل وكان أيضا إشارة التقدم وإن هذا الصليب هو علامة هذه الوحدة في المسيح .. إن المسيحية هي التي وهبت التقدم للفلبين والمسيحية هي التي حطمت حكم " الداتو "  ومستعمرات " فيساي "  وإن الإسلام هو العامل الأكبر الذي يمنع تقدم المسلمين لأنه لا يكيف نفسه للحياة العصرية  ..  ولقد آن الأوان أيها المسلمون أن تقطعوا صلتكم بالإسلام وبالعالم العربي .. إن المسيحيين لن يتحملوا المزيد من إساءاتكم وإننا لن نتحمل إنذاراتكم عن الحرب المقدسة وكلما توقفتم عن الكلام بخصوص المساعدة من الدول الإسلامية كلما انتهت المشكلة من "  مندناو "  سريعا وطالما أن الفرصة سانحة لكم لكي تظهروا رغبتكم في الانضمام إلى الجهاد للوحدة في الله بواسطة المسيح فمن الأفضل أن تفعلوا ذلك مبكرا فمكانتكم ذات النفوذ مؤقتة ولكن قد تكون الفرصة مواتية بأن تظلوا متمسكين فيها إذا فكرتم بهذه الأشياء .. ففي هذه الأمة المسيحية كنتم مشكلة أيها المسلمون والحل للنزاع المسيحي الإسلامي هو قبولكم للمسيحية كدين وأن تقودوا شعبكم إلى هذا الاقتراح فهو الحل الوحيد لمشكلتكم ) .. انتهى قوله ... وهنا أتساءل أنا من هم المتعصبون والإرهابيون أليسوا هم أتباع الصليب المجرمون في القديم والحديث ...

الوثيقة الثانية :

وهي نص مادار في الاجتماع المغلق الذي عقده " الأنبا شنوده "  في 5-3-1973م مع القساوسة والأثرياء  من الأقباط المصريين بالكنسية المرقسية بالإسكندرية وسجلته الأجهزة الخاصة كما يلي : ( بدأ البابا شنوده كلمته بأن بشرهم بأن كل شيء يسير على مايرام حسب الخطة الموضوعة .. والتخطيط المرسوم لكل جانب من جوانب العمل على حدة في إطار الهدف الموحد ..  وقد تحدث في عدة موضوعات تشمل عدة نشاطات هي كما يأتي  :

**   عدد شعب الكنيسة : فقد صرح بان مصادرهم في إدارة التعبئة والإحصاء أبلغتهم أن عدد المسيحيين في مصر أصبح ما يقارب ثمانية ملايين نسمة ويجب ان يعلم ذلك شعب الكنيسة كما يجب عليهم أن ينشروا ذلك ويؤكدوه .. بين المسلمين لأنه سيكون سندا في المطالب التي سنطلبها من الحكومة وسنذكرها لكم اليوم .

**    والتخطيط العام الذي تم الاتفاق عليه بالإجماع والذي صدرت بشأنه التعليمات وضع على أساس بلوغ شعب الكنيسة إلى نصف الشعب المصري .. حتى يتساوى عدد شعب الكنيسة مع عدد المسلمين لأول مرة  منذ ( الاستعمار العربي والغزو الاسلامي ) .. على حد تعبيره ...

**    والمدة المحددة في التخطيط للوصول إلى هذه النسبة هي بين ( 12 -15 ) سنة من الآن .. ولذلك فإن الكنيسة تحرم تحديد النسل أو تنظيمه .. وتعتبر كل من يفعل ذلك خارجا على تعليمات الكنيسة ومطرودا من رحمة الرب وقاتلا لشعب الكنيسة ومضيعا لمجده وذلك باستثناء الحالات التي يقرر فيها أطباء الكنيسة خطر الحمل والولادة على حياة المرأة وقد اتخذت الكنيسة لتحقيق هذه الخطة بالنسبة لزيادة عدد المسيحيين ما يأتي : 

ـ  تحريم تحديد النسل وتنظيمه بين شعب الكنيسة .

ـ  تشجيع تحديد النسل وتنظيمه بين المسلمين خاصة وأن أكثر من ( 65% ) من الأطباء وبعض الخدمات الصحية هم        من شعب الكنيسة .           

ـ  تشجيع الإكثار من النسل بين شعب الكنيسة بوضع الحوافز والمساعدات المادية والمعنوية للأسرالفقيرة من شعبنا .     ـ   التنبيه على العاملين بالخدمات الصحية على المستوى الحكومي وغير الحكومي بمضاعفة الخدمات الصحية بين            شعبنا المسيحي وبذل العناية والجهد الوافرين وذلك من شأنه تقليل نسبة الوفيات ، بين شعبنا المسيحي على أن يكون        تصرفهم غير ذلك مع المسلمين .

ـ   تشجيع الزواج بالسن المبكرة بتخفيض تكاليفه وذلك بتخفيض رسوم فتح الكنائس ، ورسوم الإكليل بالكنائس الكائنة          بالأحياء الشعبية .    

ـ  تحرم الكنيسة تحريما باتا على أصحاب العمارات والمساكن تأجير أي مسكن أو شقة أو محل تجاري للمسلمين ،           وتعتبر من يفعل ذلك من الآن مطرودا من رحمة الرب ، ورعاية الكنيسة كما يجب العمل  بشتى الوسائل على             إخراج المسلمين الذين يسكنون العمارات والبيوت المملوكة لشعب الكنيسة ، وهذه السياسة الإسكانية إذا استطعنا            تنفيذها بقدر الإمكان فإن من شأنها تشجيع الزواج بين الشباب المسيحي وتصعيبه وتضييقه بقدر الإمكان على              المسلمين مما يكون له أثره الفعال للوصول إلى هذا الهدف حيث لا يخفى أن الغرض من هذه القرارات هو انخفاض        معدل الزيادة بين المسلمين وارتفاع هذا المعدل بين الشعب المسيحي . 

**    انتصار شعب الكنيسة : وقال شنودة في محاضرته : ( إن المال يأتينا مما نطلب وأكثر مما نطلب من ثلاث مصادر هي " أمريكا ، والحبشة ، والفاتيكان "  ولكن يجب أن يكون الاعتماد الأول في تخطيطنا الاقتصادي على مالنا الخاص الذي نجمعه من الداخل وبالتعاون والزيادة من فعل الخير بين أفراد الشعب المسيحي .

**   يجب الاهتمام بشراء الأراضي ، وتسهيل القروض والمساعدات لمن يقومون بذلك لمساعدتهم على البناء ، وقد أثبتت الإحصاءات الرسمية أن أكثر من ( 60% ) من تجارة مصر الداخلية بأيدي مسيحيين ويجب العمل على زيادة هذه النسبة وتخطيطها في المستقبل وفي المقابل يركز على إفقار المسلمين ونزع الثروة من أيديهم وبالقدر الذي يؤدي إلى إثراء شعبنا لذلك يلزم المداومة على تذكير شعب الكنيسة ، والتنبيه عليهم مشددا من حين لآخر لمقاطعة المسلمين اقتصاديا ، والنهي عن التعامل معهم نهيا تاما . إلا في الحالات المستحيلة وذلك يعني مقاطعة المسلمين ممن هم في سلك المحاماة ، والمحاسبين والمدرسين والأطباء والصيادلة ، وكذلك مقاطعة العيادات ، والمستشفيات التي يملكونها والمحلات التجارية والجميعات الاستهلاكية فيما أمكن ، ومادام يمكن التعامل مع شعب الكنيسة لسد حاجتهم وكذلك مقاطعة صناع المسلمين وحرفييهم والتعامل مع شعب الكنيسة لسد حاجتهم أي مع الصناع والحرفيين المسيحيين ولو كلف ذلك الفرد المال والجهد والمشقة .. ثم قال الأب شنودة : ( إن هذا الأمر مهم جدا وخطير بالنسبة للتخطيط المالي والتخطيط العام على المدى القريب ، والبعيد .

**   الجانب التعليمي : يقول شنودة : ( إنه يجب بالنسبة للتعليم العام للشعب المسيحي الاهتمام بالسياسة التعليمية حاليا في الكنائس مع مضاعفة الجهد ، خاصة وأن بعض المساجد بدأت تقوم بمهمات تعليمية ، كالتي تقوم بها كنائسنا ، وهذا سيفرض علينا مضاعفة الجهود المبذولة حتى تستمر النسبة التي نحصل عليها من مقاعد الجامعات ، وخاصة الكليات العلمية .. ثم قال : إني أذ أهنئ شعب الكنيسة وخاصة المدرسين منهم بهذا الجهد ، وهذه النتائج حيث وصلت نسبة الوظائف الخطيرة العامة كالطب والهندسة والصيدلة إلى أكثر من (60%) من الشعب المسيحي ، فإني أدعو لهم الرب يسوع المخلص أن يمنحهم بركاته ، وتوفيقه حتى يواصلوا الجهد لزيادة هذه النسبة في المستقبل القريب ) ...

**   التبشير : يقول الأب شنودة : ( إنه يجب مضاعفة الجهود التبشيرية الحالية ، على ان الخطة التبشيرية التي وضعت بنيت على أساس أن الهدف الذي اتفق عليه من التبشير في المرحلة القادمة هو التركيز على التبشير بين الفئات ، والجماعات أكثر من التبشير بين الأفراد وذلك لزحزحة أكبر عدد من المسلمين عن دينهم أو التمسك به ، على أن لا يكون من الضروري دخولهم في المسيحية ويكون التركيز في بعض الحالات على زعزعة الدين في نفوس المسلمين وتشكيك الجموع الغفيرة في كتابهم وفي صدق محمد وإذا نجحنا في تنفيذ هذا المخطط التبشيري في المرحلة القادمة ، فإننا نكون قد نجحنا في إزاحة هذه الفئات عن طريقنا ، وحتى هذه الحالة إن لم تكن لنا فلن تكون علينا .. على أن يراعى في تنفيذ هذا المخطط أن يتم بطريقة ( لبقة ذكية ) حتى لا يكون ذلك سببا في إثارة حفيظة المسلمين ويقظتهم والخطأ الذي حدث في المحاولات التبشيرية الأخيرة بنجاح مبشرين في هداية المسلمين لإيمانهم بالخلاص على يد الرب يسوع المخلص ، والخطأ الذي يحدث هو تسرب أنباء هذا النجاح إلى المسلمين لأن ذلك من شأنه تنبيه المسلمين ويقظتهم ، وهو أمر قد ثبت من تأريخهم الطويل معنا ، إنه ليس بالأمر الهين ، وهذه اليقظة بالذات من شأنها أن تفسد علينا مخططاتنا المدروسة وتؤثر في نتائجها وثمارها وتضيع جهودنا هباء .. لذلك فقد أصدرت التعليمات بهذا الخصوص وستنشر في جميع الكنائس لكي يتصرف الجميع من شعبنا مع المسلمين بطريقة ودية لا تثير غضبهم ، وإقناعهم بكذب هذه الأنباء ، كما تم التنبيه على رعاة الكنائس ، والآباء والقساوسة لمشاركة المسلمين احتفالاتهم الدينية ، وتهنئتهم باعيادهم ، وإظهار المودة والمحبة لهم ، وعلى شعب الكنيسة في المصالح  والوزارات والمؤسسات وكل أماكن الاحتكاك إظهار هذه الروح لمن يخالطونهم من المسلمين .

**   ثم يتابع الأب شنودة بكل خبث ودهاء فيقول ما نصه بالحرف الواحد : ( إننا يجب أن ننتهز ما هم فيه من نكسة ومحنة لأن ذلك في صالحنا ولن نستطيع إحراز أية مكاسب أو أي تقدم إذا انتهت المشكلة مع اسرائيل سواء بالسلم أو الحرب ) ...

**   ثم هاجم الأب شنودة من أسماهم بضعاف القلوب الذين يقيمون مصالحهم الخاصة على مجد الكنيسة  وتحقيق الهدف الذي يعمل له الشعب المسيحي منذ زمن بعيد في التاريخ فقال : ( إنه لم يلتفت لهلعهم و أصر على أن يتقدم رسميا إلى الحكومة بالمطالب الواردة فيما بعد ، حيث إذا لم يكسب شعب الكنيسة في هذه المرحلة بالذات أية مكاسب على المستوى الرسمي  فإنهم ربما لا يستطيعون إحراز أية مكاسب أو تقدم بعد ذلك ثم ليعلم الجميع وخاصة ضعاف القلوب أن الدول الكبرى في العالم تقف وراءنا ولسنا نعمل وحدنا ولا بد أن نحقق الهدف ولكن العامل الأول والخطير في الوصول إلى ما نريده هو وحدة شعب الكنيسة وتماسكه وترابطه ، ولكن إذا تبددت هذه الوحدة وهذا التماسك فلن تكون هناك قوة على الآرض مهما عظمت في إمكانها أن تساعدنا ) ...

**    ثم يتابع الأب شنودة توجيهاته للنصارى من أقباط مصر فيقول : (  وسوف لا أنسى موقف هؤلاء الذين يريدون أن يفتتوا وحدة شعب الكنيسة وعليهم أن يبادروا فورا بالتوبة وطلب الغفران والصفح وأن لا يعودوا لمناقشة ومخالفة أوامرنا وتشريعنا والرب يغفر لهم ) ...

**   ثم عدد شنودة المطالب التي صرح بأنه سيتقدم بها رسميا إلى الحكومة المصرية  وهي :                            

ـ  أن يصبح مركز البابا الرسمي في البروتوكول السياسي للدولة بعد رئيس الجمهورية وقبل رئيس الوزراء .

ـ   أن يخصص لهم ثمانية وزارات في الوزارة .   

ـ   أن يحدد لهم ربع القيادات العليا في الجيش والبوليس .

ـ   أن يخصص لهم ربع القيادات المدنية كرؤساء مجالس المؤسسات والشركات والمحافظين ، ووكلاء  الوزارات والمديرين       ورؤساء مجالس المدن .      

ـ   أن يؤخذ رأي البابا عند شغل هذه النسبة في الوزارات والمراكز العسكرية والمدنية الرئيسية ، وسيكون له حق ترشيح         بعض العناصر والتعديل .                                                                           

ـ   أن يسمح لهم بإقامة إذاعة خاصة بهم من تمويلهم الخاص .   

ـ   أن يسمح بإقامة جامعة خاصة بهم ، وقد وضعت الكنيسة بالفعل تخطيط هذه الجامعة وهي تضم معاهدا لاهوتية والكليات                العلمية والنظرية وتمول من واردات الكنيسة التي تصلهم من كل دول العالم المسيحية ...

**   وأخيرا اختتم حديثه بتبشير الحاضرين وطلب منهم نقل هذه البشرى إلى شعب الكنيسة حيث أملهم الأكبر في عودة البلاد والأراضي إلى أصحابها من أيدي ( الغزاة العرب المسلمين ) (على حد تعبيره) قد بات وشيكا وليس في هذا أية غرابة ( في زعمه ) .. وضرب لهم مثلا بأسبانيا النصرانية التي ظلت بأيدي المستعمرين المسلمين قرابة سبعة قرون ثم عادت لأصحابها النصارى .. ثم قال ما نصه : وفي التـاريخ المعاصـر عادت أكثـر من بلد إلى أهلها بعد أن طردوا منها قرونا عديدة ( وهو يقصد إسرائيل ) انتهى .

إن الفرد المسلم الواعي لا يجهل المصير المظلم الذي ينتظره فيما لو نجحت هذه المخططات الشريرة لا سمح الله ، ولعلنا لم ننس نكبة فلسطين ، وفاجعة زنجبار ، ومأساة المسلمين في الفلبين ، وفي الحبشة وفي لبنان حيث يشن الصليبيون أقذر حرب صليبية ضد المسلمين في التاريخ .

الوثيقة الثالثة :

وهي ملخص منشور وزعته إحدى المنظمات الإسلامية في الأردن وقد تضمنت افتتاحيته شرحا لنوايا نصارى الأردن إقامة دولة صليبية عنصرية ، ترتبط بأوثق الأواصر مع لبنان من جهة ، ومع الدولة الصليبية التي يخطط لإنشائها في مصر وتكون عاصمتها أسيوط وتشكل معهما حزاما أمنيا يحيط بإسرائيل لحمايتها من الدول العربية بعد طرد المسلمين من جميع البلاد المحيطة بإسرائيل وتحويلهم إلى لاجئين .. ثم تطرق المنشور إلى الخطوات التي تم تنفيذها وهذه هي خلاصته :

**   لقد نظم في الأردن في الخمسينات مجلس أعلى برئاسة المطران ومساعديه .. ولهذا المجلس خبراؤه السياسيون والاقتصاديون والعسكريون ، ويعمل هذا المجلس بتوجيه من مطران لبنان الذي يتلقى بدوره التعليمات من البابا ( في الفاتيكان ) وتسانده الدول المسيحية .

أما أهداف هذا المجلس الصليبي العنصري فهي تتلخص فيما يلي :

**   شراء الأراضي وقد رصد لذلك أموال كبيرة ويلاحظ في عملية الشراء اختيار الأراضي الواقعة على منافذ المدن الكبرى ، ويتبع في شراء الأرضي أن يشتريها أحد النصارى لنفسه وبعد أيام يوقفها على كنيسة معينة .

**   بعد شراء الأراضي وإيقافها تقام كنائس يراعى عند تصميمها أن تكون قلاعا حربية ، ومستودعات للأسلحة لا أماكن عبادة ، ومن هذه القلاع ما يشرف على منافذ القدس الثلاثة المؤدية إلى رام الله والخليل وعمان .

**   أما عمان فقد طوقت بقلاع من الأديرة والمستشفيات التي لا تقل في حصانتها وفي نوعية بنائها عن الكنائس ، منها مستشفى المعشر فكنيسة دائرة السير فمدرسة ودير الفرير فمدرسة ودير راهبات الوردية فدير جبل الهاشمي ثم أراض شاسعة لمؤسسة ألمانية ، وهذا التخطيط متبع في كل مدينة أردنية .

**   إقامة قرى محصنة على الطرق الرئيسية التي تربط الأردن بالعالم العربي ولتحقيق ذلك قاموا بشراء خمس مستعمرات أحدها في ( وادي الظليل ) والثانية قرب قرية ( الكفرين ) والثالثة قرب مثلث ( إربد ـ الرمثا ) والرابعة عند وادي ( الموجب ) والخامسة عند ( رأس النقب ) وقد حصنت هذه المستعمرات بخنادق أرضية ، وقسمت إلى أجزاء صغيرة تقام عليها بنايات شعبية تباع على أقساط للنصارى ونظرا لوقوعها في الصحراء فإنها تستعمل لتدريب ( الجيش المريمي ) وتتراوح مساحة كل مستعمرة ما بين أربعة وستة آلاف دونم .

**   التغلغل في الوظائف الحكومية والمراكز الحكومية والمراكز المدنية والعسكرية ومن نظر إلى هذا القطاع يذهله التخطيط الدقيق للاستيلاء على المناصب الحساسة وخاصة في الاستخبارات ، وسلاحي الإشارة والمهندسين والسلاح الجوي وقد يوجد من المسلمين من يقود أسلحة أخرى ولكنهم يختارون من الجهلة وساقطي الهمة لسهولة السيطرة عليهم وتوجيههم بالمال والنساء .

**   وعلى الرغم من أن نسبتهم العددية لا تتجاوز (7%) فإن ما بأيديهم من الوظائف الحساسة يزيد على (50%) .. وأخطر ما في هذه القضية الجانب العسكري ، وهو صلة الضباط النصارى في الجيش بأجهزة المخابرات الأمريكية والبريطلنية بواسطة الملحقين العسكريين في السفارتين الأمريكية والبريطانية .. ولقد قامت هذه العناصر النصرانية ( بعد أن أتمت خططها، وضمنت بناء القلاع والتحصينات واحتلال المناصب الحساسة ) بتشكيل قوات ميليشيا عسكرية باسم ( منظمة الجيش المريمي ) وتحت شارة كشافة ، ولهذه المنظمة قيادات في الضفة الغربية ومركزها القدس وفي الضفة الشرقية ومركزها ( عمان ) ولكل قيادة مركز حربي أعلى ويتولى تدريب هذا الجيش الضباط النصارى في الجيش الأردني وفي الأمن العام .. ولقد بلغ تعداد هذا الجيش حتى أواخر عام 1966م حوالي عشرين ألف جندي ولهذا الجيش دستور طبع في لبنان ، ومجلة شهرية تحمل اسم مجلة الجيش المريمي تطبع في لبنان أيضا وقد منع دخولها إلى الأردن ، ولكن هذا المنع لم يحل دون وصولها بانتظام وبأعداد كبيرة بواسطة موظفي الجمارك من النصارى في مراكز الحدود ، ويحرر الصفحة الأولى منها المرشد الروحاني وهو عادة يختار العناوين المثيرة مثل ( القدس عاصمتنا المسيحية ) ومثل : (آن لجيشنا أن يخلص البلاد من أعدائه المسلمين ) ومثل ( ليس لغير المسيحيين حق في هذه الديار المقدسة ) .

**     ولقد ضبطت السلطات الأردنية أسلحة كثيرة لهذا الجيش ولكنها سرعان ما تختفي ولا يعرف مصيرها ، بل إن السلاح يتدفق على هذا الجيش من الداخل بواسطة الضباط النصارى في الجيش الأردني ومن الخارج بواسطة موظفي الجمارك في ميناء العقبة ومراكز الحدود .

**    قامت قوات  الجيش المريمي باستفزازات كثيرة ، وخاصة في الاحتفال بعيد الميلاد الذي سبق هزيمة حزيران ، وحمل أفراده صلبانا يبلغ ارتفاعها ثلاثة أمتار وأخذوا يهتفون بهتافات مثيرة مثل ( دين المسيح هو الصحيح ) و ( لا عربية ولا إسلام ) ومثل ( آن لجيشنا أن يبرز لرفع علم مريمي على أرض المسيحية ويقيم دولتها ) .. مما يدل على اعتدادهم بأنفسهم واطمئنانهم إلى قوتهم وعلى مساندة العالم المسيحي لهم ) انتهى .

والآن هذه الوثائق أضعها بين يديك أيها المسلم الكريم لتعرف أي مخطط شرير يعده لك أعداؤك ، ولأكشف لك النقاب عن أخطر مؤامرة تنسج خيوطها الأيدي السوداء الصليبية العنصرية القذرة للقضاء على كيانك وتاريخك وتراثك وكل ما تعتز به من مبادئ سامية .. أنا لا أريد منك أن تثور ولا أن تلجأ إلى العنف ولكني أريد منك كما قالت مجلة اللقاء العربي التي نشرت خطاب ( البابا شنوده ) ( أن تتسلح بالوعي وأن تعمل على إحباط هذه المخططات بكل الطرق والوسائل المشروعة ، وأن يكون لك مخطط تحمي به نفسك من شر ما يدبر لك ، وذلك في هدوء وحرص على أن لا تمكن أعداءك من تحقيق أهدافهم .. كن يا أخي المسلم على يقين بأن الله سيسألنا ولا بد أن يسألنا عما أعددناه من مخططات لحماية دينه من مؤامرات أعداء الإسلام والمسلمين  فماذا أعددنا له من جواب ؟

أما الآن وبعد أن عرفت أيها المسلم الكريم ما يبيته لك أعداء الإسلام فإنني سأعرض في الصفحات القادمة أحداثا ظالمة حاقدة حالكة من أحداث الحروب الصليبية في التاريخ لتعرف أن الحرب التي يشتد أوارها اليوم ما هي إلا امتداد لتلك الحروب الصليبية وتتمة لما بقي منها ، وبعد ذلك سألقي الأضواء على حقيقة النصرانية ، وسأثبت زيف أسسها ومرتكزاتها وأنها لا تمت إلى النصرانية الحقة التي جاء بها السيد المسيح عيسى عليه السلام بأية صلة ، وسنرى بعد ذلك ان الإنسانية لم تجن من ثمارها إلا الدمار ومزيدا من التعاسة والشقاء وخراب الديار ، وسيكون إثبات زيف الأناجيل وتأكيد تحريفها بالأدلة العقلية والنقلية المدخل الأول لكافة الأبحاث الأخرى .

وقبل أن أترك هذا الفصل وهو الحديث عن الدعوات العنصرية في العالم أريد أن أؤكد هنا أن هذه الدعوات هي دعوات عنصرية مجرمة ظالمة في حق شعوب العالم أجمع .. هذه الدعوات لا يمكنها أن ترقى إلى العالمية أو الإنسانية وبذلك لا يمكنها بحال من الأحوال أن تقوم ببناء حضارة عالمية إنسانية ترسخ العدالة والأمن والسلام لكل شعوب العالم ...

الدعوات الدينية الوثنية :

**  العقيدة البوذية كأساس حضاري .

**  العقيدة الهندوسية كأساس حضاري .

**  العقيدة المجوسية كأساس حضاري .

**  عقيدة السيخ .

الدعوات الدينية الوثنية :

إن العالم الشرقي بدياناته الوثنية المختلفة من هندوسية وبوذية ومجوسية وسيخية وبرهمية وغيرها من الديانات المختلفة لايمكن بحال من الأحوال أن تكون صالحة لإقامة حضارة عالمية إنسانية ولا يمكن بحال من الأحوال الاعتماد على أي من هذه الديانات الوثنية لتكون أساسا لبناء حضارة عالمية إنسانية .. لا يمكن لأية ديانة من هذه الديانات الوثنية أن تقود العالم أجمع إلى حضارة عالمية إنسانية .. ذلك لأن مبادئ هذه الأديان ومنذ البداية تعتمد على الخرافات والأساطير والشعوذات والأوهام وهذا بدوره سيصطدم وبشكل مباشر وعنيف مع الفطرة البشرية أولا ومع العلم ثانيا ومع مفهوم الحضارة العالمية الإنسانية ثالثا .. إذ لا مجال لمثل هذه الأديان والعقائد من أن تلعب دورا قياديا عالميا يؤدي إلى قيام حضارة عالمية إنسانية .. ولعل أفضل دليل على ذلك أن هذه الأديان والعقائد ومنذ مئات السنين لم تكتسب إلى صفها مسلما واحدا أو نصرانيا أو يهوديا واحدا ترك دينه ودخل في مثل هذه الديانات الوثنية .. إضافة إلى أن هذه العقائد والديانات الوثنية تتآكل من داخلها .. هذا ولقد كنت في نقاش مع أحد الأصدقاء الهندوس فسألته في آخر الحوار : هل سمعت عن بعض الهندوس الذين تحولوا إلى الإسلام ..؟ فقال كثير .. وسألته سؤالا آخر : هل سمعت عن مسلم واحد ترك دينه و تحول إلى الديانة الهندوسية .. فبهت الذي كفر وسكت ولم يجب .. وفيما يلي أستعرض وبشيء من التفصيل أهم هذه الديانات الوثنية على صغيد العالم ...

الديانة البوذية كأساس حضاري :

تعتبر الديانة البوذية من الديانات الوثنية القديمة جدا والتي ظهرت قبل ظهور الإسلام بفترة طويلة حيث استطاعت هذه الديانة الوثنية أن تنتشر وتتوسع في مناطق الوثنيين عندما جاء بوذا إليهم بتعاليم قيل عنها أنها أخلاقية وقيل عنها أنها تربوية وقيل عنها أنها سامية في أجواء من الجهل والتخلف والعقائد الباطلة المنحرفة وذلك في مناطق شرق آسيا في العهود القديمة عندما كانت الوثنية تنتشر وتسود في كثير من بلاد العالم .. ولم تستطع الديانة السماوية اليهودية أن تنتشر وتقضي على الديانات الوثنية بسبب عنصريتها ـ طبعا بعد تحريفها ـ إذ يعتبراليهود أنهم شعب الله المختار وأنهم وحدهم المكلفون بأمور الدين اليهودي وبقية الناس غير أهل للتكليف بل ويعتقدون أكثر أن الجوييم وهم غير اليهود خلقهم الله كالحمير ليركبهم بنو إسرائيل .. إن مثل هذه العقيدة لا يمكنها أن تنتشر بين الناس ولايمكنها أن تقضي على الوثنية بشكل من الأشكال ... ثم جاءت النصرانية بعدها وقد ابتليت بمؤامرات كبيرة من اليهود السابقين لها ومن الوثنيات اليونانية والرومانية فاستطاعت بدعم من الدولة الرومانية أن تتوسع في اتجاه الغرب محملة برصيد هائل من وثنيات الرومان فلم تستطع أن تقضي على وثنيات الشرق لأنها كانت محملة بوثنيات الرومان إضافة إلى أمر هام وهو استعلاء الدولة الرومانية على كافة شعوب العالم واعتبارهم عبيدا للأسياد الرومانيين وهذه العقيدة بهذا المفهوم الطبقي العنصري الذي لم يات به المسيح عليه السلام لم تستطع الانتشار والتوسع شرقا لتفضي على الديا نات الوثنية .. وعندما جاء الإسلام تقلص انتشار الديانة البوذية حتى لم يعد يتجاوز المناطق التي يعيش فيها أصحاب هذه الديانة في شرق آسيا بل على العكس من ذلك فقد أخذ الإسلام يتوسع وينتشر بشكل كبير على حساب الديانة البوذية في مناطق شرق آسيا وجنوب شرق آسيا حتى وصل المد الإسلامي إلى إلى الصين والفيليبين وإندونيسيا وغيرها وكل ذلك كان على حساب تقلص الديانات الوثنية وعلى رأسها البوذية حيث أسلم عدد كبير من أصحاب هذه الديانة وتحولوا إلى الإسلام وذلك في عهود الإسلام الزاهرة .. وتعتبر الصين واليابان وبعض دول جنوب شرق آسيا أكثر المناطق التي تنتشر فيها الديانة البوذية حيث يبلغ أعدادهم أرقاما قياسية على مستوى العالم إلا أن حصول الثورة الشيوعية الصينية على يد الزعيم الصيني ( ماوتسي تونغ ) قد حصر هذه الديانة في مواقعها ومنع انتشارها وقوض أركانها بل يمكننا أن نقول أنه مسحها من الوجود الصيني بشكل كامل خاصة وأن الصين قبل الثورة الشيوعية كانت تشكل أكبر المعاقل البوذية في العالم .. أما الآن فلا يوجد في الصين إلا عدد قليل من المعابد البسيطة في أطراف الصين يؤمها عدد قليل من البوذيين يمارسون بعض الطقوس بينما تم إغلاق وتدمير معظم هذه المعابد البوذية على أرض الصين ..  لقد منع ماوتسي تونغ الأديان كلها انطلاقا من القاعدة الماركسية : ( الدين أفيون الشعوب ) .. ونظرا لأن الديانة البوذية هي ديانة وثنية أصلا تقوم على العديد من الخرافات والأوهام والأباطيل التي لا يقبلها عقل ولا يقرها منطق لذلك فقد انتهت إلى غير رجعة في أهم معاقلها في الصين وذلك بسبب الثورة الشيوعية الصينية .. فلم تعد هذه الديانة قابلة للانتشار في العالم فلا نكاد نعرف أن مسلما أو نصرانيا أو يهوديا أو حتى هندوسيا اعتنق الديانة البوذية منذ فجر التاريخ وحتى الآن .. إن الدعوة البوذية دعوة فقدت أصالتها وفقدت أنصارها وفقدت فاعليتها وتأثيرها على الناس وفقدت إنتشارها حتى في أهم معاقلها وهي بالتالي دعوة لايمكن أن تكون دعوة عالمية إنسانية ولا يمكنها والحال هذه أن تقوم ببناء حضارة عالمية  إنسانية تنشر العدل والسلام والعزة والكرامة في ربوع العالم كله .. أما عن المبادئ والأسس والعقائد والشرائع  التي تقوم عليها الديانة البوذية فهي عقائد وثنية باظلة منحرفة قاسية في تعاليمها تعتمد على تدريب المؤمنين بها على الصبر على الجوع والعطش والتعب وتطبق الأعمال الشديدة والرياضات القاسية وتلزم أتباعها بالطاعة العمياء .. كما تعتمد على على طقوس رياضية وحركات تمثيلية وعلى تقديس الأصنام والتماثيل وخاصة تمثال بوذا الذي ينتشر وبشكل كبير جدا في المناطق البوذية حيث يقوم الصناع والنحاتون بإنتاج مثل هذه التماثيل بطرق متعددة وأساليب متنوعة من الخشب ومن العاج ومن الكريستال والبرونز والأبانوس والبلاستيك وغير ذلك وتباع بأغلى الأثمان للجهال الوثنيين الذين يسجدون لهذه التماثيل ويتباركون بها وبقدمون لها طقوس العبادة والأناشيد الدينية المختلفة كل يوم .. إن مثل هذه الديانات الوثنية قد عفا عليها الزمن وتجاوزتها أحقاب التاريخ وفقد أنصارها في معاقلها وقل أتباعها وتقوقعت فلا تستطيع الانتقال والانتشار خارج مناطقها علما أن الزعيم الصيني الشيوعي ماوتسي تونغ قد قضى على جذرها في الصين التي كانت وإلى عهد قريب تعتبر من أهم التجمعات البوذية في العالم .. إن الديانة البوذية باعتبارها دعوة وثنية متخلفة متناقضة مع العقل والفطرة البشرية فإنها لا يمكن أن تشكل دعوة عالمية ولا يمكن أن تكون إنسانية وبذلك لا يمكنها أن تقوم ببناء حضارة عالمية إنسانية في مستقبل الأيام بحال من الأحوال    

الديانة الهندوسية والبرهمية كأساس حضاري :

تعتبر الديانة الهندوسية من الديانات الوثنية المنتشرة في بلاد السند والهند منذ أقدم العصور إلا أن ظهور الديانات السماوية في منطقة الشرق الأوسط وخاصة الدين الإسلامي أوقف انتشار هذه الديانة تماما وحصرها في محيطها الأساسي في بلاد السند والهند بل أكثر من ذلك انتشر الإسلام وبشكل كبير جدا في هذه البقعة من العالم على حساب الديانات الوثنية الموجودة في السند والهند .. ويعتبر الدين الإسلامي أقوى حركة دينية استطاعت أن تخترق القارة الهندية وتحول عددا كبيرا من الهندوس إلى الديانة الإسلامية حيث تحول مئات الملايين إلى الإسلام .. لقد قام المسلمون الأولون بفتح بلاد السند والهند وإقامة حضارة إسلامية زاهرة في هذه البلاد لاتزال آثارها شاهدة حتى يومنا هذا .. ولا تزال كثير من المدن الهندية تحتفظ بالآثار الإسلامية الرائعة بل حتى بالأسماء الإسلامية مثل أحمد آباد وحيدر أباد وغيرها .. ولقد أحست بريطانيا عندما كانت تحتل القارة الهندية بالخطر من دخول الهندوس في الدين الإسلامي أفواجا فقامت بأكبر جريمة عرفتها القارة الهندية وهي تمزيق القارة الهندية إلى ثلاثة أجزاء وهي باكستان وبنغلاديش والهند ثم كشمير ومن ثم إثارة النعرات الطائفية والصدامات المسلحة بين المسلمين والهندوس مما أدى إلى وقف المد الإسلامي والتوسع الإسلامي في القارة الهندية وبالتالي وقف انتشار الإسلام الذي كان يسير ضمن القارة الهندية بكل عنف وقوة على حساب الديانة الهندوسية والبرهمية وغيرها من الديانات الوثنية المنتشرة في الهند .. إن الهندوسية والبرهمية قد محتهما ظروفهما الخاصة المعقدة كدين غيرقابل للإنتشار وبقيت في موطنها الأصلي كثقافة وليس كتشريع ودين وروحانيات .. ذلك لأن هذه الديانات تلازمت مع الفقر والجوع والجهل قرونا طويلة فلم يدخل العلم والحضارة إلى هذه المناطق إلا بعد أن قامت بريطانيا بتأجيج النعرات الطائفية الدينية وإثارة الأحقاد بين أبناء البلد الواحد .. لقد تحول عدد كبير جدا من الهندوس إلى الإسلام قبل أن تدخل بريطانيا إلى القارة الهندية حتى وصل عدد المسلمين في الهند اليوم إلى مايقارب أربعمئة مليون نسمة حتى كان الأمل كبيرا بتحول القارة الهندية كلها إلى الإسلام خلال أقل من قرن واحد لو سارت وتيرة التحول إلى الإسلام على وتيرتها السابقة ... ولكن بريطانيا الصليبية أحست بالخطر في أشد الأيام تحولامن الهندوسية  إلى الإسلام وفي أشد الأيام تلاحما وتعاونا بين المسلمين والهندوس ضد الاستعمار البريطاني فقامت بإثارة الأحقاد وبث النعرات العنصرية والطائفية حتى وصل الأمر إلى تمزيق القارة الهندية التي كانت تشكل أكبر تجمع سكاني في العالم .. إن الهندوسية لم تستطع في يوم من الأيام أن تتجاوز حدودها القطرية بسبب أفكارها البدائية التافهة التي لاتملك أي رصيد حضاري أو تشريعي ولو نظرنا إلى معتقداتهم ومقدساتهم لرأينا العجب العجاب فهم يقدسون الحيوانات مثل البقر والفيلة والأسود والنمور وغير ذلك وإنك لتعجب من أشكال الآلهة التي يعبدونها وتعجب أكثر من الطقوس الدينية التي تقدم لهذه الآلهة التي تعد بمئات الآلاف من الأشكال والصور التي تفنن دهاقنتهم في رسمها وتصويرها أضف إلى تقديسهم البقر .. ولقد رأيت بأم عيني كثيرا من المشاهد التي تتقزز منها النفوس وتقشعر منها الأبدان رأيت في الشوارع في بومباي وفي منطقة ساكيناكا الصناعية التي تعتبر من أشد مناطق بومباي ازدحاما رأيت بقرة تقعد في وسط الطريق تجتر ماخزنته من طعام والمنطقة أصبحت في أزمة مرورية خانقة والسيارات تصعد على الأرصفة وعلى الجزر التي في وسط الشارع والازدحام يزداد ويزداد حتى توقف المرور بشكل شبه كامل والبقرة لاتزال مستريحة وقاعدة في وسط الطريق واستمر الموضوع ساعات طويلة دون أن يتجرأ شخص مثقف واعي ويسحب هذه البقرة إلى مكان بعيد ليسهل عملية المرور ولكن لا أحد يتجرأ على هذا العمل لأن البقرة حيوان مقدس في الديانة الهندوسية ... ومثال آخر رأيته في ضواحي بومباي حيث تكون هذه المناطق أشد فقرا وجهلا وتأخرا رأيت امرأة تغسل بقرة بالماء والصابون وبعد الانتهاء من غسل حسم البقرة الخارجي أدخلت يدها في فرج البقرة وأخذت تتمسح ببول هذه البقرة .. ترى من يستطيع أن يقبل مثل هذه الديانة التي تقدس البقرة  وبول البقرة وروثها ..؟! .. لقد أصبحت الديانة الهندوسية تخترع آلهتها تماما كما الجاهليات القديمة تصنع تماثيل ألآلهة وصور الآلهة ثم يعكفون عليها عابدين .. مثال ثالث وهو عيد من أعيادهم حيث يصنعون رمزا ضخما للآلهة على شكل فيل ضخم يضعونه في بداية نهر الغانج ويمشي خلف هذا الفيل الضخم عشرت ا لآلاف بل مئات الآلاف من البشر من شمال أومنتصف القارة الهندية حتى يصلوا وخلال أيام إلى مصب نهر الغانج في المحيط الهندي فيدفعون هذا الإله إلى المحيط لتأكله أمواج المحيط أي أنهم يسبحون ربهم ثم يغرقونه .. ترى من يستطيع أن يطفئ  نور عقله من الناس على مستوى العالم ثم يقبل بمثل هذه السخافات والخرافات .. ولوبحثت في أشكال صور الآلهة لأصابك الدوار من كثرة هذه الآلهة فهناك آلهة على شكل امرأة جميلة وبدينة لها خرطوم يشبه خرطوم الفيل ولها ستتة أيدي وحولها الفئران من كل جانب .. وصورة أخرى لآلهة على شكل جسم أسد وله رأس رجل شاب جميل الطلعة وله عدة أيدي ويحمل القوس يحاول أن يصوبه إلى هدف معين وهناك المئات من الأشكال والتماثيل والصور لايمكن حصرها وهذا نتيجة وجود مئات الطوائف الهندوسية والبرهمية المختلفة بشكل كامل أو جزئي وإن اتفقت واتحدت بوثنيتها وتقديسها للبقر الذي يعدونه حيوانا مقدسا ...

إذن لقد انحسرت الديانة الهندوسية والبرهية عن واقع الحياة بشكل عام حتى في موطنها الأصلي وانحسرت المفاهيم الدينية عندهم وتعددت أحوالها ومشاربها واقتصرت على بعض الخرافات والأوهام إضافة إلى وجود قوى خفية تحاول تأجيج نار النعرات الطائفية والأحقاد الدينية كلما خبا أوارها وذلك بافتعال أحداث وتوريط بعض الناس من هذه الطائفة أو تلك حتى تشتعل نار الفتنة من جديد لتأكل الأخضر واليابس من كلي الجانبين وشياطين الإنس يضحكون ويفرحون ولكن من بعيد .. لقد انحسرت المفاهيم الدينية عند الهندوس فلم يبق منها إلا النعرات الطائفية والأحقاد التي يقودها الجهلة من كلي الجانبين والحكومة الهندية تقف عاجزة أمام الأحداث الدامية التي تقع بين فترة وأخرى بل تنحاز إلى الهندوس في كثير من الأحيان وتدعم عصابات الإجرام العنصرية في أحيان أخرى دون أن ترد الحق إلى نصابه .. إنحسرت المفاهيم الدينية عند الهندوس فلم تعد تشبع أرواح المؤمين بها فلم يعد يرتاد معابدهم إلا نسبة ضئيلة من المتدينين الهندوس الذينهم من كبار السن أو أصحاب الهوى والغايات الخاصة .. ولقد زرت بعض معابد الهندوس في الهند فوجدتها تمتلئ بالتماثيل والصور لأشكال معينة من الآلهة أو الأشخاص المقدسين عندهم أو لحيوانات مثل البقر التي تجمع على تقديسها معظم الطوائف الهندية وهناك عدد من الأشخاص يقومون يحركات التعظيم لهذه التماثيل والصور ويصدرون أصواتا مبهمة بين الحين والحين وهناك رجل كبير بالسن يحمل بيده عصا ويتفوه بعبارات يرددها الموجودون هناك من الهندوس  ..  وعلى الرغم من قذارة المكان الذي كان مليثا بالطين والأوحال نتيجة الأمطار آنذاك إلا أنهم لم يسمحوا لي بالدخول إلى المعبد إلا بعد خلع الحذاء وقالوا إن هذا من تعاليم الكتاب المقدس عندهم .. والجدير بالذكر أن تمسك الهندوس بتعاليم دينهم وطقوسهم الدينية أصبح محدودا جدا وانتشار هذه الديانة في الديانات الأخرى أصبح معدوما تماما حيث لم نسمع أن شخصا اعتنق الهندوسية من ديانة أخرى منذ فجر التاريخ حتى الآن بل على العكس من ذلك فقد بدأت هذه الديانة تتآكل ويتناقص عدد أتباعها يوما بعد يوم بعد أن تعلم الناس هناك وتثقفوا فلم يعد يقنعهم تقديس البقرة التي يذبحها الناس في كل أنحاء العالم دون أن تستطيع رد هذا الذبح عن نفسها ..بل لقد أصبح كثير من الهندوس يأكلون لحوم الأبقار عندما يبتعدون عن موطنهم الأصلي وهذا ما رأيته وعلمت به لدى أبناء الطائفة الهندوسيةالمقيمين في كندا وفي السعودية ودول الخليج بل في كل بلد من بلاد العالم ..  إن الهندوسية دعوة وثنية محلية تصطدم وبشكل مباشر مع العقل والفكر السليم فهي بالتالي لايمكن أن تكون دعوة عالمية إنسانية ولا يمكن بالتالي أن تقوم عليها حضارة عالمية إنسانية .. لقد تزعم ( المهاتما غاندي ) حركة المنبوذين الهندوس وأعلن أنه سيقضي على حالة المنبوذين بعد الخلاص من الاستعمار البريطاني ليبني حضارة كبرى للهند والسند وسجل ذلك في الدستور عام ( 1948 م ) ولكننا نجد بعد أكثر من سبعين عاما من هذا الإعلان أن هذه الحركة قد فشلت فشلا ذريعا في حل مشاكل مئات الملايين من الهنود وإنقاذهم من الفقر والجوع والجهل والمرض بل إنقاذ مئات الملايين من النوم في الشورع وعلى أرصفة الطرقات بل على العكس من ذلك فقد أصبحت عصابات الهندوس تعتدي على العقائد والأديان الأخرى بتحريض ودعم من السلطات الهندية والزعماء الهندوس وأحزابهم مما يشكل زعزعة للأمن الهندي بين فترة وأخرى .. لقد فشلت الهندوسية في حل مشاكلها الخاصة فشلا ذريعا فهي بالتالي لا يمكنها إنشاء حضارة عالمية تحل مشاكل العالم أجمع وبذلك تكون الهندوسية قد قدمت استقالتها من قيادة المجتمع الهندي ثم قدمت استقالتها من قيادة المجتمع الدولي فهي لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون دعوة عالمية إنسانية كما أنها لاتمتلك أية مقومات لبناء حضارة عالمية إنسانية بهذه المفاهيم البسيطة المنحطة المناقضة لأبسط البديهيات العقلية والفكرية والحضارية ...

لقد حكم المسلمون الهند ثمانية قرون فلم يكرهوا أهلها على الإسلام ولم يضطهدوهم وهم يعبدون البقروالأوثان فلما حكمها الهندوس أعملوا في المسلمين الحرب والقتل والتشريد ومن العجيب أن يصرح الزعيم الإنساني الهندوسي (جواهر لال نهرو ) ويقول : ( إن تقرير المصير حق لكل المجتمعات العرقية والدينية إلا في كشمير ) ولم يستنكر ذلك أحد في العالم الإسلامي ولا في العالم الحر وذلك لأن كشمير يقطنها شعب مسلم ...

المجوسية كأساس حضاري :

لقد كان للديانة المجوسية فبل الإسلام دولة وسلطان حيث كانت تسيطر على بلاد فارس وجزء من العراق وجزء من أفغانستان .. إلا أن ظهور الإسلام وانتشاره السريع وقضائه على دولة الفرس المجوسية قد طغى على هذه الديانة الوثنية التي تقدس وتعبد النار .. لقد تم اسقاط دولة الفرس المجوسية في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه .. لقد تم تحطيم دولة الفرس التي تقوم عليها هذه الديانة الوثنية في معركة القادسية ومنذ ذلك اليوم لم تعد للديانة المجوسية دولة أوسلطان ولم يعد للمجوس وجود على مستوى العالم إلا بعض الأقليات المتشرزمة الموزعة هنا وهناك والتي لاتزال تقدس النار وتقيم لها بعض الطقوس الدينية الخاصة بهذه الديانة الوثنية .. إن هذه الديانة على اعتبارها ديانة وثنية تعبد النار لا تنسجم مع العقل والفكر الإنساني بحال من الأحوال  ولاتنتشر إلا في مواقع قليلة جدا على مستوى العالم وهي ديانة غير قابلة للتطور والانتشار حيث لا نجد أن مسلما أو نصرانيا أو يهوديا أو حتى بوذيا أو هندوسيا قد غير دينه إلى المجوسية عبر التاريخ الطويل بل على العكس من ذلك فهي ديانة تتآكل من داخلها فلم تعد تقنع حتى أصحابها .. إن الديانة المجوسية لا تصلح لأن تكون دعوة عالمية إنسانية ولا يمكنها أن تقود الإنسانية إلى بناء حضارة عالمية إنسانية تنشر العدل والخير والسلام والعزة والكرامة على ربوع العالم أجمع .. ولكن على الرغم من ذلك فقد استطاعت المجوسية عبر التاريخ أن تتحول وتتحور وتلبس لبوس الإسلام حتى فرخت العديد من الطوائف التي تعرف تاريخيا بالطوائف الشعوبية والتي كان لها أكبر الأثر في الكيد للإسلام والمسلمين .. لقد قام الشعوبيون المجوس وعلى مدار التاريخ بتفريخ العديد من الطوائف الضالة المنحرفة التي تظاهرت بالإسلام وأبطنت المجوسية والكفر والإلحاد كالقرامطة والحشاشين والاسماعيليين والنصيريين ولا تزال هذه الأفكار الشعوبية تسري وبتوجيه وتأصيل من أعداء الإسلام التاريخيين اليهود والنصارى فظهرت القاديانية والبهائية وظهرت الطوائف الشيعية المختلفة التي أخذت تنحرف وتنحرف عن خط الإسلام القويم حتى أخرجت المؤمنين بها عن دين الإسلام أو تكاد .. وإنني لأقدم شهادة للتاريخ أن هذه الطوائف المنحرفة هي أخطر على الإسلام والمسلمين من اليهود والنصارى ذلك لأنهم وعلى مدار التاريخ كانوا رأس الحربة لكل أعداء الإسلام وليس أدل على ذلك من جريمة ابن العلقمي وشيعته الذين تآمروا مه هولاكوعلى إسقاط الخلافة الإسلامية في بغداد .. أما اليوم فقد رأينا تآمرهم مع الغزاة الأمريكان والبريطانيين لتحطيم قوة العراق وإسقاط بغداد في أيدي المحتلين في العصر الحديث ...

إن هذه الدعوات الوثنية أو تلك الدعوات المنحرفة التي انبثقت عنها دعوات عفا عليها الزمن وتجاوزها التاريخ إلى غير رجعة  وهي بحملها تلك الأفكار الوثنية الضالة المضلة سواء كان ذلك بتقديس وتأليه الأصنام والأوثان أو تلك التي تعتقد بتقديس وتأليه أشخاص من البشر هي دعوات منحرفة ضالة لا يمكنها لا يمكنها أن تكون عالمية في يوم من الأيام لأن شعوب العالم كلها ترفضها ولا يمكنها كذلك إنسانية لأتها دعوات لاتعرف الإنسانية  بلا هي دعوات إقليمية فئوية محلية ضالة وبالتالي لا يمكنها بحال من الأحوال أن تقوم ببناء حضارة عالمية إنسانية بحال من الأحوال ...    

الدعوات الاقتصادية المادية :

**  الدعوة الشيوعية الماركسية .

**  المبادئ الاشتراكية .

**  الدعوات الرأسمالية

النظريات الاقتصادية :

وتعني اعتماد المبدأ الاقتصادي المادي كأساس لبناء الحضارة فنجد في هذا الاتجاه بروز نظامين عالميين أساسيين هما :    

**  النظام الرأسمالي ...     

**  النظام الاشتراكي (الشيوعي).

ففي النظام الرأسمالي نجد أن هذا النظام يرتكز في أساسياته على مبدأ التنافس والصراع الفردي الحر حيث يعتبر هذا المبدأ هو المحرك الأساسي للطاقات الاجتماعية كما صرح بذلك عالم الاجتماع ومنظر الرأسمالية " آدم سيمث  " .. أما النظام الاشتراكي أو الشيوعي والذي كان نتيجة الفلسفة الديالكتيكية الجدلية التي وضعها كارل ماركس وأنجلز فوضع الأسس النظرية للنظام الماركسي الشيوعي الذي يفسر تقديم الضمانات الاجتماعية وهدفها الصالح العام.. ولقد استطاعت هذه النظرية أن تنتشر بقوة السلاح وبإفلاس الناس من الأنظمة والشرائع أن تنتشر في العالم بشكل كبير .. فتوسعت الفكرة الشيوعية لتعم مساحة كبيرة من سطح العالم ولكن لم يمض وقت طويل حتى سقطت الشيوعية في أعتى معاقلها وتبعتها بقية الأقطار الشيوعية تتهاوى الواحدة تلو الأخرى .. أما الصين فقد وضعت أسساً شيوعياً مستمدة من نظرية ماركس أنجلز إلا أن ماو تسي تونج صاغها بطريقته الخاصة التي تناسب وضع الصين في ذلك الزمان أما استمرار الصين في النظام الشيوعي ففي تقديري يرجع إلى أن الصينيين قد ألفوا وعدلوا كثيراً من مبادئ وأسس النظرية الماركسية جعلتها أقرب إلى التطور إضافة إلى السير في خطة تطوير وسائل الإنتاج بشكل كامل مما جعل الصين من أوائل الدول الصناعية في العالم .. أضف إلى ذلك القوة العسكرية الهائلة التي تقوم بحماية النظام الشيوعي المعدل في الصين ..

نلاحظ أن هناك تناقض واحد بين النظرية الشيوعية وبين النظرية الرأسمالية وإن اشتركتا في المبدأ الاقتصادي المادي ولكن بعد أن سقطت النظرية المادية الشيوعية ... فإن الحضارة الغربية المادية أيضاً قد بدأت بالانحراف نحو الهبوط ولن يمر وقت طويل حتى تسقط الحضارة المادية الغربية في أعتى معاملتها إذا لم يتدارك المصلحون الأمر قبل فوات الأوان... إن الأسباب والدوافع النفسية والاجتماعية لا تختلف بين الاتجاهين لاشتراكهما في الطبيعة المادية فهما نظامان اختلفا بالشكل ولكنهما اتحدا بالمضمون وهو النزعة المادية .. وفيما يلي نلقي الضوء على كل من الاتجاهين الماديين البعيدين كل البعد عن الدين وعن الروحانيات ..

النظرية الشيوعية :

انطلقت الثورة الشيوعية البلشفية عام 1917 م وذلك وفق فلسفة وآيديولوجيات اقتصادية وسياسية واجتماعية إلحادية وذلك كرد فعل قوي على ظلم رأس المال وسطوة الدول الرأسمالية الغنية في ذلك الزمان فقد قام " كارل ماركس " ومن بعده تلميذه " إنجلز " بوضع فلسفة مادية اقتصادية سياسية إلحادية دون أي اعتبار للقضايا الروحية والنفسية والاجتماعية وكانت النتيجة والهدف الذي وضعه ماركس لنظريته الشيوعية ( لكل حسب حاجته ومن كل حسب طاقته ) .. وجاء بعد ذلك ستالين ولينين وماوتسي تونغ وهوشي مينه وغيفارا وغيرهم كثير من زعماء الشيوعية في العالم لتطبيق هذه النظرية المستحيلة ولكنهم فشلوا جميعا في الوصول إلى هذا الهدف المستعصي وإلى حل هذه المعادلة المستحيلة وقاموا من أجل ذلك بسحق المتمردين وقتل المعارضين واضطهاد الشعوب ولكنهم لم يصلوا إلا إلى الفقر والكسل والخمول والشقاء والحرمان وقلة البراعة والإبداع الذي أدى إلى التأخر عن ركب الحضارة والمدنية .. ونتيجة لتناقض الشيوعية مع طبيعة الإنسان وفطرة الإنسان فقد سقطت السيوعية في عقر دارها وانفرط عقدها في الاتحاد السوفياتي ثم سقطت في معظم الدول الشيوعية ولم تستطع أن تحقق المبدأ الذي قامت عليه النظرية الماركسية والذي يقول : ( لكل حسب حاجته ومن كل حسب طاقته ) ..جاءت فلسفة ماركس وانجلز في أواخر القرن الثامن عشر وهما يهوديان ألمانيان فكانت انحطاطا مريعا في القيم الإنسانية والأخلاقية والروحية والاجتماعية حيث أهدرت الفلسفة الماركسية كل الروابط الاجتماعية وكل القيم الأخلاقية وكل الشعائر والعقائد ولم تعترف إلا بالمادة كمحرك لكل الفعاليات البشرية .. لقد كانت النظرية الماركسية التي بنيت عليها كل الأنظمة الشيوعية فيما بعد تصادما عنيفا مع الطبيعة الإنسانية ومع الفطرة البشرية ومع القيم الأخلاقية والاجتماعية حتى أصبحت هذه الأنظمة لعنة من لعنات التاريخ الحديث امتدت آثارها إلى بقعة كبيرة من العالم والذي سمي فيما بعد بالمعسكر الاشتراكي أو المعسكر الشيوعي .. وعلى الرغم من مساوئ هذا المعسكر الشيوعي وتأثيره على العقائد والأديان والأخلاق إلا أنه أفاد في عملية توازن القوى العالمية الغاشمة إلى حد بعيد فلقد كانت الكتلة الشرقية الشيوعية قد شكلت حلفا عسكريا قويا هو حلف ( وارسو ) فكان هذا الحلف هم كتلة توازن مع القوى الاستعمارية الغربية والتي شكلت فيما بعد حلفا عسكريا هو حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) فكان للكتلة الشيوعية ممثلة بحلف وارسو فائدة كبرى في عملية توازن القوى العسكرية في العالم استطاعت إلى حد كبير وقف الظلم والتفرد الغربي ووقف جموح القوة الغربية وأطماع القوة الغربية ومنعت سياسة القطب الواحد الذي أصبح يتحكم بمصير الأمم والشعوب في العالم بعد سقوط الكتلة الشرقية  .. إن الشيوعية هي ثمرة الحضارة المادية الغربية اشتركت مع هذه الحضارة في تدمير الأخلاق والعقائد والأديان تحت شعارات زائفة أطلقها دعاة الشيوعية مثل ( الدين أفيون الشعوب ) وقولهم ( لا إله في الوجود والحياة مادة ) .. لقد جاءت الشيوعية لتزيد الأمر سوءا وتزيد العالم ظلاما وضبابية وتباعدا  بين الإنسان والاستقرار النفسي والروحي حيث دمرت العقائد والشرائع والأديان ومنعت الإيمان بالله واليوم الآخر وفقد الناس الثقة بكل القيم الأخلاقية والروحية .. لقد آذنت الشيوعية الماركسية على الرحيل بعد أن أصبحت هيكلا فارغا لا يحتوي من مبادئ الماركسية إلا الديكتاتورية والظلم والاضطهاد وحكم الشعوب بالحديد والنار .. لقد أذنت الشيوعية الماركسية على الرحيل بعد قرون طويلة من خنق الحريات واضطهاد الناس وكتم أفواه العلماء والباحثين وقمع المعارضين بالبطش والتنكيل .. لقد آذنت الشيوعية الماركسية على الرحيل بعد نشر الكفر والإلحاد والاستهزاء بالأديان والاستهزاء بالله خالق كل شيء .. لقد سقط الاتحاد السوفياتي وسقطت الكتلة الشيوعية ولم تعد قادرة على الصمود أمام ضغط الطبيعة البشرية أو الفطرة الإنسانية إلى غير رجعة وبالتالي فقدت عنصر السيادة والريادة على العالم لأنها لا تصلح لقيادة العالم لبعدها عن مبادئ الحق والعدل والإنسانية الحقة .. إن الشيوعية وفق هذه النظرية المتناقضة مع طبيعة الإنسان لا يمكن أن تقوم بدور ريادي أو قيادي على مستوى العالم وذلك لإفلاسها أيضا في عالم القيم وفي عالم الروح وعالم الأخلاق ولفقدانها العقيدة والديانة الصحيحة ولق أثبت التاريخ الحديث فشل النظام الشيوعي فشلا ذريعا فانهار الاتحاد السوفياتي وتبعه بعد ذلك معظم الدول الشيوعية الأخرى .. لقد تخلت معظم الدول الشيوعية عن شيوعيتها وانكفأت تبحث عن مبدأ آخر أو نظام آخر يقوم الفساد المريع ويصحح المسار المنحرف وينفخ الروح من جديد في أمم قد وصلت إلى حافة الموت والتأخر والضياع ..  تخبط آخر واضطراب أشد وأمر وارتكاسة أخرى في أوحال المادية المقيتة تخوضها المجتمعات الغربية تلك هي النظرية الماركسية أو التنظيم الجماعي وفقا للفكرة الشيوعية وتتلخص هذه النظرية بسحب كل الموارد العامة ووسائل الإنتاج وردها ليس إلى جميع الشعب كما هو الحال في النظرية النازية وإنما ردها إلى طبقة العمال والفلاحين الذين هم سبب الثروة بما يقدمونه من عمل في المجتمع .. أما بقية أفراد المجتمع نساء ورجالا فيجب عليهم أن يتحولوا إلى طبقة العمال ليعملوا ويكدحوا حتى يحصلوا على حقهم من ثروة المجتمع .. لقد قامت النظرية الماركسية أول ما قامت في ألمانيا على يد الفيلسوف الألماني " كارل ماركس " ثم تبعه بعد ذلك تلميذه فريدريك إنجلز الذي وضع تنظيرات هامة في النظرية الماركسية وذلك كرد فعل قوي على النظام الطبقي الرأسمالي الذي أخذ يستفحل أمره في الدول الرأسماليةالغربية حيث وجدت هوة سحيقة جدا بين طبقة الرلأسماليين التي تمتلك كل شيء وبين طبقة العمال والفلاحين والكادحين الذين يقدمون كل شيء ولا يحصلون إلا على الكفاف من العيش .. لقد ازدادت الهوة بين الطبقتين بشكل كبير مما مهد للنظرية الماركسية سبل التوسع والانتشار ولكن في هذه المرة كان التوسع باتتجاه الشرق باتجاه موسكو ودول أوربا الشرقية .. يقول العالم المجري " كاريو هنت " في بحثه تحت عنوان " الشيوعية نظريا وعمليا " : ( إن الشيوعية وفقا للنظرية الكلاسيكية على الأقل ترمي إلى مجتمع بلا طبقات تكون فيه جميع وسائل الإنتاج والتوزيع والتبادل ملكا للجمهور وتختفي فيه الدولة التي تعد أداة إرغام واضطهاد .. ولكن مع هذا تقوم الثورة التي تلغي النظام الرأسمالي مع المجتمع الشيوعي بفترة انتقالية تعرف باسم ديكتاتورية البروليتاريا أو ديكتاتورية الطبقة الكادحة وهذه هي المرحلة التي زعمت فيها روسيا أنها وصلت قبل مرحلة السقوط مباشرة .. وكثيرا ما يطلق على ديكتاتورية البروليتاريا بالمرحلة الإشتراكية والتي هي المعبر والطريق إلى الشيوعية الماركسية وذلك حسب الحتميات الجدلية التي وضعها ماركس وإنجلز .. ولهذا أطلق على الإتحاد السوفياتي اسم " إتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية "  لأن الشيوعية مرحلة أعلى وهي نهاية المطاف للنظرية الماركسية .. وذلك عندما تصل قناعات الأفراد المكونة للمجتمع الاشتراكي إلى لب المنطق الماركسي "  لكل حسب حاجته .. ومن كل حسب طاقته " أي أن الفرد الشيوعي يأخذ من المجتمع أقل مايسد حاجته فقط ويقدم للمجتمع أكبر طاقة يمكن أن يبذلها ) .. وهذا أمر مخالف للفطرة البشرية وللطبيعة الإنسانية .. إذ لا يمكن لأي إنسان أن يقدم أكبر جهد وطاقة ويأخذ ما يسد حاجته فقط لذلك حصل تعديل مبدئي في عهد ستالين لأحد المبادئ الأساسية في النظرية الماركسية حيث أصبح هذا المبدأ ( لكل حسب عمله ومن كل حسب طاقته ) .. وبذلك قام لينين واستالين وماوتسي تونغ وغيرهم بتسمية المرحلة الأولى من الماركسية باسم الإشتراكية التي انتشرت فيما بعد وطغت على الماركسية نفسها حيث قال استالين بعد الثورة الباشفية الحمراء التي راح ضحيتها ملايين الأبرياء : ( إن الشيء الوحيد الذي تم تحقيقه هو الاشتراكية فقط ) .. وهذا إعلان صريح بأن الماركسية قد فشلت حتى في الدول التي تبنتها بقوة السلاح وقتلت الملايين من أجل تطبيقها ولكن في النهاية فشلت حتى في تطبيق المرحلة الأولى وهي الاشتراكية حيث انهارت الاشتراكية في معقلها الأول في الاتحاد السوفياتي وكادت أن تنهار في معقلها الثاني في الصين لولا التعديلات المتتالية في النظرية الماركسية التي لم يعد لها وجود فعلي إلا كتراث قديم يسكن متاحف التاريخ .. إن جوهر النظرية الماركسية هو أن ثروة البلاد ووسائل الإنتاج يجب أن تكون ملكا للشعب ولكن وبعد قرون طويلة من الحكم الشيوعي والاشتراكي بالحديد والنار لم نجد في الدول التي تبنت الفكر الشيوعي رجلا يملك مسمارا أو محركا أو أية قطعة من وسائل الإنتاج هذه ...

لقد حصلت تطورات وتعديلات جذرية في الفكر الماركسي والتي تبنتها أحزاب اشتراكية وشيوعية غربية وذلك بإنتاج مزيج فريد بين الاشتراكية والديمقراطية وهذا المزيج الفريد أعطى بعض النتائج الإيجابية بعد أن تخلى عن معظم المبادئ الأساسية للنظرية الماركسية إلا أنه اصطدم عند عتبة النواحي الاجتماعية والإنسانية والروحية والنفسية التي لم تستطع كل هذه الأنظمة من إعطائها دفعة إلى الأمام خاصة وأن وضع الكنيسة كان عاجزا عن إعطاء أي شيء لأن فاقد الشيء لايعطيه .. إن محاولة إلغاء كيان الفرد في المجتمعات المادية شرقية كانت أم غربية شيوعية كانت أم رأسمالية أو إشتراكية تعتبر من أهم المعضلات التي واجهتها كل النظم المادية ذلك لأن الخصائص الفردية في الإنسان خصائص أصيلة عميقة الجذور في التكوين الإنساني البيولوجي والعقلي والنفسي للإنسان .. وبالتالي فإن استخدام هذه الخصائص الفردية وتوجيهها للعمل بأقصى إيجابياتها وطاقتها لما فيه خير المجتمع دون أن تهضم حق الفرد فيما ينتج ضمن أطر وضوابط إنسانية روحية سامية هو النظام المناسب للفطرة البشرية أما محاولة كبح النزعة الفردية وقتلها بشتى الوسائل في تلك الأنظمة الجماعية فهي عملية تدمير تامة للفرد والمجتمع على حد سواء .. لقد فشلت النظم الجماعية وعلى رأسها النظم الشيوعية والنظم الاشتراكية فشلا ذريعا وسقطت النظرية الماركسية رغم عمليات الترميم والتعديل المستمرة على يد كبار الزعماء الشيوعيين .. وسقطت أغلب الدول والنظم الشيوعية والاشتراكية في العالم لأن هذه الأنظمة تصطدم وبشكل مباشر مع الفطرة البشرية التي فطر الله الناس عليها يقول ربنا جل شأنه : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله  ) ...

وهكذا تتخبط المجتمعات الغربية والشرقية المادية وتضطرب حتى يصل أفرادها إلى التشتت والضياع والصراع في ظل الأنظمة المادية التي أبعدتهم كل البعد عن طبيعتهم الإنسانية وعن فطرتهم السليمة وعن أصل تكوينهم ( قبضة الطين ) التي تعني كل الأمور المادية ( ونفخة الروح الإلهية ) التي تعني كل الأمور الروحية والنفسية والعاطفية والعلاقات الإنسانية السامية والتي أهملتها كل النظم المادية شرقية كانت أم غربية .. وبذلك دفعت الحضارة الغربية ضريبة فادحة هبوطا في الأخلاق وفسادا في القيم الإنسانية وتشتتا وضياعا في العلاقات الاجتماعية وحقدا وكراهية في العلاقات الدولية وأصبح العالم مهددا بالدمار والخراب نتيجة حتمية لبعدها عن الله جل وعلا وعن منهجه السامي القويم في هذه الحياة   

إن الشيوعية الماركسية آذنت على الرحيل بعد قرون عديدة من خنق الحريات واضطهاد الناس وكم الأفواه وقمع المعارضين والبطش والتنكيل لكل صوت حر بعد قرون من نشر الكفر والإلحاد والاستهزاء بالأديان والمعتقدات فلقد أعلنت إحدى الصحف الروسية أنه تم افتتاح متحف للإلحاد في روسيا حيث يخصص لهذا المتحف ميزانية ضخمة للإسهام في محاربة الله والأديان والعقائد والشرائع ولكن ماذا كانت النتيجة ؟... لقد سقط الاتحاد السوفياتي وتقطعت أوصاله إلى عدد كبير من الدول أو أشباه الدول وسقطت الشيوعية في معظم الدول الشيوعية في يوغسلافيا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا وهنغاريا وانضمت كلها إلى المعسكر الغربي بعد عداء وحروب للمعسكر الغربي دام قرونا طويلة ولكنها كانت كالمستجير من الرمضاء بالنار فلقد أصبحت هذه الدول الشيوعية دولا هزيلة تابعة للغرب الذي هو أكثر ظلما واستغلالا وبذلك يمكننا أن نقول أن الشيوعية الماركسية قد آذنت على الرحيل رغم كل الإصلاحات والتغييرات والترميمات التي طرأت على النظرية الشيوعية الماركسية وعلى الدول التي . تتبنى الدعوات السيوعية النظريات الشيوعية والاشتراكية وعلى رأسها نظرية ماركس وإنجلز وماوتسي تونغ وتيتو وغيرهم كثير .. يعتمد  النظام الاشتراكي أو الشيوعي على الفلسفة الديالكتيكية الجدلية التي وضعها كارل ماركس وأنجلز فوضع الأسس النظرية للنظام الماركسي الشيوعي الذي يفسر تقديم الضمانات الاجتماعية وهدفها الصالح العام..

قد يعتقد كثير من الناس أن الشيوعية مذهب اقتصادي مادي بحت لا يمت بصلة إلى الأمور النفسية والاجتماعية والأخلاقية والدينية .. ولكن لدى الدراسة والتمحيص والبحث نجد أن النظرية الشيوعية هي مذهب فلسفي لديه تصور كامل شامل ولكنه فاسد منحرف للكون والحياة والإنسان والعقيدة والأخلاق والنظم الأخلاقية والنفسية .. فالشيوعية إذن مذهب اقتصادي اجتماعي سياسي فكري قائم بالدرجة الأولى على نفي وجود الله والأديان والعقائد بشكل كامل تحت القاعدة الشيوعية الأساسية ( الدين أفيون الشعوب ) .. يقول " جورج بولتيرز " في كتابه " أصول الفلسفة الماركسية " : ( ولقد أثارت النزعة المادية هذه الصعوبات وفقدت فكرة الله كل محتواها ولم يعد النقاش حول وجود الله أو عدم وجوده ذلك النقاش الذي أثار النزعة الإلحادية الساذجة عند غير الماركسيين .. لقد أصبح الله كما يقول لابلاس فرضية لا نفع فيها .. ولاشك أن فكرة الله والعواطف الدينية موجودة ولكنها تتطلب تفسيرا .. ويجب القول بأن الله والدين هما ظاهرتان إنسانيتان لأن العنصر الإلهي هو من إبداع الإنسان وليس الإنسان هو من إبداع الله  ) .. ويقول " كارل ماركس " أبو الشيوعية في كتابه " بؤس الفلسفة " : ( إن العزة الإلهية والهدف الإلهي هي الكلمة الكبيرة المستعملة اليوم لتشرح حركة التاريخ والواقع أن هذه الفكرة لا تشرح شيئا  ) ..  ويقول " فريدريك إنجلز "  الفيلسوف الشيوعي الشهير وهو الرجل الثاني في الفلسفة الشيوعية بعد ماركس في كتابه " لود فيج فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية " : ( إن الطبيعة توجد مستقلة عن كل فلسفة فهي الأساس الذي ترعرعنا عليه والناس كلهم من نتاجها .. وخارج الطبيعة والإنسان لايوجد شيء .. أما الكائنات العلوية التي ولدت في مخيلتنا الدينية فليست سوى انعكاس خيالي لوجودنا نحن ..  ومهما يكن من شيء فليس الدين إلا الانعكاس الوهمي في أذهان البشر لتلك القوى الخارجية التي تسيطر على حياتهم اليومية وهو انعكاس تتخذ فيه القوى الأرضية شكل قوى ما فوق الطبيعة .. إن الدين يولد من نظريات  الإنسان المحدودة وهذه النظريات محدودة بعجز الناس البدائيين أمام الطبيعة المعادية التي كانوا لا يفهمونها .. وهكذا كانت الآلهة انعكاسا ذاتيا لعجز الإنسان الموضوعي أمام الطبيعة والمجتمع ) ...

إن الاعتماد على المادة وإرجاع كل شيء إلى المادة أمر أساسي في الفكر الشيوعي بشكل كامل حيث نجد الكثير من شعاراتهم وأقوالهم تصب في هذا المعنى مثل ( وحدة العالم تنحصر في ماديته ) .. ( المادة سابقة في الوجود على الفكر ) .. ( لم يكن هناك وقت لم تكن المادة موجودة فيه وليس هناك وقت في المستقبل لا تكون المادة موجودة فيه ) .. ( الإنسان نتاج المادة ) ( الفكر نتاج الدماغ والدماغ مادة ) .. وغير ذلك كثير وكثير في موضوع تقديس المادة وجعلها أصل كل شيء في الوجود .. أو بمعنى آخر جعلها إلها يعبد من دون الله .. إننا لا يمكننا أن نعول على المذهب الاقتصادي وحده في الفلسفة الشيوعية مجردا عن باقي المجالات الأخرى في الحياة .. بل على العكس من ذلك فقد حشرت الفلسفة الشيوعية نفسها في كل مجالات الحياة دون تمييز وأدخلت أفكارها السامة المنحرفة في كل شيء .. وربما يعتقد بعض الناس أن الفلسفة المادية الجدلية هي من نتاج ماركس وإنجلز ومن جاء بعدهما ولكن الحقيقة أن هذه الفلسفة المادية لها جذور عميقة تمتد إلى الفلسفة الإغريقية القديمة والفلسفة الرومانية القديمة قبل اعتناقها للمسيحية .. أما في أوربا التي تصادمت مع الكنيسة ومبادئها المنحرفة فقد ظهر الكثير من الآراء والأفكار التي تخدم الفكر المادي وتقيد العقل والفكر حيث انتقل هذا الفكر المنحرف الضال إلى الأوربيين في عصر النهضة في أوج الصراع مع الكنيسة وذلك بعد دراسة مستفيضة لفكر اليونانيين والرومانيين القدماء .. يقول ( رايوبرث ) عن عصر النهضة : (  ولذلك تسمى العلماء الذين خصصوا أنفسهم لدراسة آداب اليونانيين والرومانيين والعلوم عند القدماء بالإنسانيين وكان من خير ما أحدثه هؤلاء الإنسانيون نمو الفردية أي الرأي القائل بأن الإنسان ينبغي أن يفكر بنفسه ولنفسه وهو رأي كان قد أهمل في عصر عبودية العقل ) .. يقول غرين برينتون في كتابه " نشأة الفكر الحديث " :  ( إنه طالما كانت العصور الوسطى في الواقع عصورا دينية وكان عصر النهضة على الأقل محاولة للعودة إلى الوثنية الدينية إن لم نقل الزندقة فإنه في العصور الوسطى كان هناك من يرتبط بالكنيسة أما في عصر النهضة فأصبح الفرد يتمتع بالحرية البوهيمية .. إن المذهب العقلي يتجه إلى إزالة الله وما فوق الطبيعة من الكون ومن الوجهة التاريخية فإن نمو المعرفة العلمية وازدياد الاستخدام البارع للأساليب العلمية يرتبط بشدة مع نمو الوضع العقلي نحو الكون .. إن السببية العلمية تهدم كل مابنته الخرافات والإلهامات والمعتقدات الخاطئة في هذا العالم ) .. و يقول " راندال " في كتابه "  تكوين العقل الحديث " : ( إنه للأقرب إلى الطبيعي والمعقول أن نشتق من صور المادة كل شيء موجود لأن كل حاسة من حواسنا تبرهن على وجودها وهذا أفضل من أن نعزو تكون الأشياء لقوة مجهولة أو لكائن روحي لا يستطيع أن يخرج من طبيعته ماليس هو بذاته كائن يعجز بحكم الجوهر المنسوب إليه أن يفعل أي شيء أو أن يحرك أي شيء ) ..

إن ثمة أناسا ذهبوا إلى أبعد من ذلك واعتبروا فكرة الإله فكرة شريرة وخاصة ما يعود إلى الكنيسة الكاثوليكية وأطلقوا على أنفسهم وبكل فخر اسم الملحدين وهم يعتقدون أن ليس ثمة وجود للمسيح ولا لإله المسيح .. وهكذا نجد أن عملية الانسلاخ من الدين والارتباط بالمادة لها جذور قديمة ولم تأت طفرة واحدة على يد الفلاسفة الشيوعيين أو الوجوديين إلا أن الفلسفة الشيوعية أعطت الإلحاد والتفلت من الدين دفعة قوية وصلت إلى حد الوقاحة والتبجح بعد أن كانت تصدر عن المفكرين الغربيين بشيء من النعومة والخجل .. ولقد كان للتقدم العلمي المادي في الغرب أثر كبير في توجيه الفكر الغربي وصبغه بالصبغة المادية والتخلي عن كل المعتقدات والأديان وطمس كل فكرة عن الله الخالق الموجد للوجود .. وفي الحقيقة فإن تحصيل الإنسان للحقائق الكونية والمبتكرات العلمية والتوصل إليها عن طريق التجربة الحسية هو الذي ساعد إلى حد كبير في طمس كل المعتقدات والغيبيات خاصة أن الديانة النصرانية التي كان يدين بها أغلب الغربيين هي ديانة مشوهة ومحرفة حيث ناصبت العلم والعلماء أشد العداء وكلما تطورت العلوم والأبحاث والفلسفات في الغرب كلما ابتعدت عن الدين المسيحي الذي اصطدم بادئ ذي بدء بالعلوم والمكتشفات العلمية خاصة ما قامت به الكنيسة من  سجن وقتل وإحراق للعلماء الذي خالفوا رأي الكنيسة حتى وصل الأمر إلى الإلحاد والتبجح بالإلحاد .. إن هذه الفلسفة المادية الإلحادية التي تدعو إلى سيادة الطبيعة وعبادة المادة وتقديس الحواس البشرية قد كانت بسبب معاداة الكنيسة الأوربية الكاثوليكية المنحرفة بشكل أساسي حيث قام العلماء والفلاسفة بالهجوم الشديد على خرافات الكنيسة الكاثوليكية وأباطيلها باسم العلم والمعرفة والفلسفة المادية ثم تطورت الفلسفة المادية من السببية على يد نيوتن إلى المادية الجدلية على يد فخته  في السبعينات الذي استخدم مبدأ النقيض قي دعم سيادة العقل كمصدر للمعرفة في مقابل الاعتقاد بالدين أو الطبيعة وجاء بعد ذلك الفيلسوف الألماني ( هيغل ) الذي استخدم مبدأ النقيض لتأكيد قيمة العقل من جهة ثم لدعم فكرة الألوهية من جهة أخرى وبالتالي فقد أعاد من جديد فكرة الألوهية والوحي كمصدر أخير للمعرفة حيث كان يعتبر الله سبحانه وتعالى عقلا سماه العقل المطلق أما الطبيعة التي انبثقت عن العقل المطلق فسماها بالعقل المقيد ثم جمع بين الشيء ونقيضه فيما سماه بالعقل المجرد إلى آخر ما هنالك من تناقضات وضلالات كانت هي الأسس النظرية التي ارتكز عليها فيما بعد كارل ماركس وانجلز في نظريته الشيوعية والتي تتلخص في العناوين التالية: ( المادية الجدلية – المادية التاريخية – المذهب الاقتصادي الماركسي ) .. وعلى الرغم من أن ماركس قد تبنى الفلسفة المادية الجدلية التي وضعها هيغل إلا أنه خالفه في المنهج الأساسي لهذه الفلسفة الجدلية حيث يقول هيغل : ( إن الفكرة هي الأصل وهي سابقة في وجودها على المادة ومسيطرة عليها ) .. أما ماركس فيقول: ( إن المادة هي الأصل وهي سابقة في وجودها على الفكرة ومسيطرة عليها ) ..  ويقول ماركس في موضع آخر : ( إن منهجي في الفلسفة المادية الجدلية لا يختلف عن جدلية هيغل فحسب بل يناقضه تماما ) .. وبذلك سميت فلسفة هيغل ( الجدلية المثالية ) بينما سميت فلسفة ماركس ( المادية الجدلية ) .. والشيوعية كما أنها دعوة إلحادية وجودية لا تؤمن بالله الخالق وبما أنها دعوة لا دينية لا تؤمن بالأديان فهي أيضا دعوة إلى الفساد الخلقي إذ أنها لا تؤمن بشيء اسمه الأخلاق  يقول " فريدريك انجليز " : ( وهكذا فإننا نرفض كل محاولة لإلزامنا بأي عقيدة أخلاقية مهما كانت على أنها شريعة أخلاقية أبدية نهائية وثابتة أبداً .. إننا ننادي بأن سائر النظريات الأخلاقية قد كانت نتاجاً لأوضاع المجتمع الاقتصادي السائدة في زمنها .. إن الأخلاق كانت على الدوام أخلاقا طبقية ..  إن الأخلاق التي نؤمن بها هي كل عمل يؤدي إلى انتصار مبادئنا مهما كان هذا العمل منافيا للأخلاق المعمول بها ) .. ويقول " لينين " : ( ليس في الماركسية مثقال ذرة من الأخلاق .. إن الظلم وغيره من وجهة نظر الماركسية ليس أساسيا وإنما هو نتيجة للرأسمالية .. والاشتراكية لا تحتاج إلى أساس أخلاقي وإنما إلى أساس علمي ..  يجب على المناضل الشيوعي الحق أن يتمرس بشتى ضروب الخداع والغش والتضليل فالكفاح من أجل الشيوعية يبارك كل وسيلة تحقق الشيوعية وإذا لم يكن المناضل الشيوعي قادرا على ان يغير أخلاقه وسلوكه وفقا للظروف مهما تطلب ذلك من كذب وتضليل وخداع فإنه لن يكون مناضلا ثوريا حقيقيا ) .. ويقول لينين أيضا  في كلمته المأسورة التي تشكل إحدى قواعد الشيوعية الماركسية : ( إكذب .. إكذب .. إكذب .. حتى يصدقك الناس ) ...

أما الأسرة في المجتمع الشيوعي فهي من التقاليد القديمة التي يجب التخلي عنها يقول جان فري فيل في كتابه  المرأة والاشتراكية : ( لاتشكل الأسرة كيانا اجتماعيا خالدا فلقد طرأت عليها تبدلات عديدة عبر القرون وهذه التطورات كانت نتيجة للعوامل الاقتصادية بالتحديد ) .. ويقول فريدريك انجليس في كتابه " أصل الأسرة "  وهو يتحدث عما يسمى بأسرة الجيل : ( في هذه المرحلة تصنف المجموعات الزواجية تبعا للأجيال جميع الأجداد والجدات هم أزواج وزوجات بالتبادل والأباء والأمهات يؤلفون الحلقة الثانية والأبناء يؤلفون حلقة ثالثة من الأزواج والزوجات المشتركين والأحفاد حلقة رابعه ففي هذا الشكل من الأسرة يعرف السلف والخلف أن أسرة الجيل قد انقرضت ..  وإن كان ثمة أمر اكيد فهو أن الغيرة عاطفة نشأت في عهد متأخر نسبيا وهذا يصدق على موضوع المحارم لأن الأخ والأخت لم يكونا وحدهما يعيشان كما يعيش الزوج والزوجه بل إن العلاقات الجنسية بين الآباء والأبناء مسموح بها أيضا لدى شعوب عديدية وقبل اختراع مفهوم المحارم لم يكن الوصول الجنسي بين الأباء والأبناء يثير من الاشمئزاز أكثر ما يثيره الوصال بين أشخاص من أجيال مختلفة .. إن التطور الأول في المجتمعات أدى إلى حرمان الأباء والأولاد من العلاقات الجنسية المتبادلة فيما أدى التطور الثاني إلى حرمان الأخوة والأخوات من هذه العلاقات وقد حدثت هذه التطورات بالتدريج مبتدأة بحرمان الأخوة والأخوات الطبيعين من العلاقات الجنسية وذلك في حالات فردية ثم أصبح حرمانهم هو العادة .. إن العلاقات بين الجنسين ستصبح مسألة خاصة لاتعني إلا الأشخاص المعنيين أنفسهم ولا دخل للمجتمع في هذه العلاقة وهذا سيكون ممكنا بفضل إلغاء الملكية الخاصة وبفضل تربية الأولاد على نفقة الدولة في المجتمع الإشتراكي وبذلك يتم إلغاء أسس الزواج بشكل كامل لأن المرأة لم تعد تابعة لزوجها وكذلك الأولاد لم يعودوا تابعيين للعائلة وإنما للدولة التي تكفلهم وتصبح العناية بالأطفال وتربيتهم من الشؤون العامة حيث يعنى المجتمع بجميع الأطفال عناية متساوية وبذلك يختفي القلق الذي يستحوذ على الفتاة من جراء عواقب الإتصال الجنسي والتي يعوقها من تقديم نفسها وبلا حرج إلى من تحب وتزداد حرية الإتصال الجنسي شيئا فشيئا يؤدي في النهاية لنشوء رأي عام أكثر تساهلا فيما يتعلق بشرف العذارى وعار النساء ) .. وبعد هذه اللمحات عن النظرية الشيةعية أريد أن أضع بعض النقاط في نقد النظرية الشيوعية الماركسية وذلك وفقا للنصوص المذكورة سابقا وغيرها :

**   المادة أزلية أبدية وفق المبدأ الشيوعي .. وهذا مخالف وبشكل كامل للشرائع السماوية التي تجعل المادة مخلوقة ومن صنع الخالق جل وعلى أضف إلى ذلك أن العلم الحديث ينقض هذه النظرة المادية وبشكل كامل ...

**   المادة هي الخالق فهي التي خلقت الحياة والإنسان .. ووفق المبدأ ( الإنسان هو نتاج المادة ) وللرد على هذا الكلام السخيف هناك العديد من الكتب والبحوث العلمية الغربية ومن أهمها كتاب ( الانسان ذلك المجهول ) للعالم الفيلسوف ( اليكسيس كارليل )

**   الطبيعة هي الخالق يقول داروين : ( إن الطبيعة تخلق كل شيء ولاحد لقدرتها على الخلق ) وقال أيضا : ( تخبط خبط عشواء )  فهل هذا الكون بكل معجزاته جاء نتيجة المصادفات وجاء خبط العشواء ..؟ ... والحقيقة أن أوربا الجاهلية التي تصادمت مع الكنيسة وانحرافاتها لم تشأ أن تلجأ إلى الإسلام إلى الدين الحق ففرت من جاهلية الكنيسة إلى جاهلية أشد سوءا وانحرافا عن منطق العقل .. إن فكرة الاعتقاد بأن الطبيعة هي التي تخلق كل شيء ماهي إلا هروبا من أزمة فكرية روحية نتيجة الصدام بين الكنيسة والعلم .. بين الكنيسة والفكر الانساني المتجدد .. بين الحق المبين وبين الخرافات والأوهام والانحرافات التي كانت مسلطة على رؤوس العلماء والمفكرين من قبل رجال الدين المسيحي والذي أوصل كثيرا من العلماء إلى الموت والحرق والقتل والصلب .. يقول عالم اطلبيعة "جورج دافيس " : ( فالمنطق الذي نستطيع أن نأخذ به والذي لايمكن أن يتطرق إليه الشك هو أنه ليس هنالك شيء مادي يستطيع أن يخلق نفسه ) .. ويقول " رسيل شارلز ارمنست " استاذ الأحياء والنبات في جامعة فرانكفورت ألمانيا : ( لقد وضعت نظريات عديدة لكي تفسر نشأة الحياة من عالم الجمادات وقد يخيل إلى بعض الناس أن هذه النظريات قد سدت الفجوة بين عالم الأحياء وعالم الجمادات ولكن الواقع الذي ينبغي أن نسلم به هو أن جميع الجهود التي بذلت للحصول على المادة الحية من المادة غير الحية قد بائت بفشل وخذلان ذريعين ومع ذلك فإن من ينكر وجود الله له مطلق الحرية في أن يقبل أي تفسير لنشاة الحياة ولكنه إذ يفعل ذلك فإنه يسلم بأمر أشد إعجازا وصعوبة على العقل من الاعتقاد بوجود اله خلق الأشياء كلها ودبرها ) .. ويقول الدكتور " اريفنج وليام " استاذ العلوم الطبيعية في جامعة متشيغان : ( إن العلوم لاتستطيع أن تفسر لنا كيف نشأت تلك الدقائق المتناهية في صغرها والتي لايحصيها عد وهي التي تتكون منها جميع المواد كما لا تستطيع العلوم أن تفسر لنا كيف تتجمع هذه الدقائق الصغيرة لكي تكون الحياة ) ...

**   تضخيم العامل المادي والاقتصادي وجعله أساس كل شيء في الحياة ..

**   اخضاع كل القيم المعنوية للعامل المادي الاقتصادي ونفي وجود أي قيم ثابته في حياة الانسان ...

**   الغاء القيم الروحية بشكل كامل والكفر والاستهزاء بالأديان كلها وبالخالق جل وعلا ...

**   الإستهزاء والسخرية بقيم الحق والعدل وإخضاعها للحتميات المادية والاقتصادية والميكيافيلية في كثير من الأحيان ..

**   إلغاء الملكية الفردية الغاءا باتا واحلال الملكية الجماعية بدلا عنها .. ولقد اضطرت الشيوعية في أعتى معاقلها أن تتخلى عن هذا المبدأ وتسمح بالملكية الفردية على نطاق ضيق أخذ يتوسع وينتشر بشكل كبير مما قضى على المبدأ الأساسي للشيوعية ...

**   مبدأ التطور في اتجاه واحد لابد أن يصل في النهاية إلى الشيوعية النهائية وهذا ماثبت خطأه واقعيا .. فانهارت الشيوعية في معظم معاقلها قبل الوصول إلى حتميات ماركس وإنجلز وأحلامهما في الشيوعية ...

**   مبدأ الحتميات التاريخة وهي أن المجتمعات الإنسانية في تطورها المستمر توجب أن تنتقل من مرحلة إلى المرحلة التالية حتما فمن المشاعية البدائية إلى الرق إلى الإقتطاع إلى الرأسمالية إلى الاشتراكية وأخيرا إلىالشيوعية النهائية التي تحقق المبدأ الاساسي في الشيوعية النهائية ( لكل حسب حاجته ومن كل حسب طاقته ) .. وهذا المبدأ قد سقط فعليا في كل الدول الشيوعية ...

**   مبدأ الحتميات الاقتصادية والتي ترجع جميع القيم والأخلاق والمعاملات والأمور الاجتماعية والروحانية والنفسية إلى المادة والإقتصاد ولقد تنبأ ماركس بحسب حتمياته وحسب الأوضاع الإقتصادية الموجوده من حوله أن بريطانيا ستكون أول دولة تصل إلى الشيوعية وأن الصراع الطبقي سينضج بشكل كبير ليطيح بالرأسمالية فيها ولكن حتمياته وتوقعاته كلها باءت بالفشل والأكثر من ذلك أن الشيوعية حكمت المعسكر الشرقي قرونا من الزمان بالحديد والنار ولكنها مالبثت أن سقطت في عقر دارها ...

**   الغاء الطبقات لإقامة دكتاتوريات البلوريتاريا وابادة الطبقات الأخرى ...

**   كفالة الدولة لجميع المواطنين وذلك بضمان الضرورات الأربعة ( الطعام- الملبس- المسكن- الجنس ) إضافة إلى الضمان الصحي .. وهذا لم يتحقق إلا عند درجة الكفاف حيث أصبحت معظم الشعوب الشيوعية فقيرة بل تحت خط الفقر في كثير من الأحيان

**   تكليف جميع القادرين على العمل بالعمل رجالا ونساءً وأطفالا وشيوخا ومن لا يعمل فلن يجد لقمة العيش أو المسكن أو الملبس .

ا**   المساواة في الأجور حيث يتساوى أقل عامل مع من تعب وشقي للتحصيل العلمي ويتساوى المهملون مع المبدعين ..

**   فشلت كل الأنظمة الشيوعية في الوصول إلى تطبيق المبدأ الأساسي والنهائي للنظرية الشيوعية : ( لكل حسب حاجته ومن كل حسب طاقته ) .. وذلك بعد مئات السنين من انطلاق النظرية الشيوعية وبدء تطبيقها على الشعوب بالحديد والنار.

**   الغاء الطبقات من خلال مبدأ الصراع الطبقي وإنشاء ثورة حمراء تطيح وتقتل كل الامبريالين لتبقى طبقة البلوريتارية وحدها .. وهذه السياسة الخرقاء جعلت كل الناس متساوين في الفقر والذل والهوان .. ولم ترتفع بهم إلى المستوى الإنساني اللائق الكريم ...

**   إلغاء الصراع الطبقي والوصول إلى حالة الاستقرار في المجتمع وذلك بإلغاء جميع الملكيات الفردية .. وهذا أيضا بعد سحق الشعوب وإذلالها ومصادرة جميع أموال الناس وأملاكها لتصبح الشعوب الشيوعية سواسية في الفقر والعوز والحاجة ...

**   إلغاء الحكومة في المستقبل وإقامة مجتمع متعاون متعاطف يحكم نفسه بنفسه ويطبق القوانين من تلقاء نفسه دون حسيب أو رقيب .. وهذه كانت المهزلة الكبرى حيث لم تستطع الشعوب الشيوعية أن تستنشق أنسام الحرية حتى تفكر بأن تحكم نفسها بنفسها دون رقيب أو حسيب .. لقد كانت كل الأنظمة الشيوعية تحكم شعوبها بالحديد والنار والقتل والسجون والمعتقلات وهذه هي سمة الأنظمة الشيوعية منذ بدايتها وحتى هذه اللحظة ... 

**   محاربة الأديان وإلغاءها بشكل كامل .. وبذلك تحول الناس تحت الأنطمة الشيوعية إلى مايشبه البهائم .. ينامون في حظائر مشتركة ويأكلون ويشربون ويمارسون الجنس بشكل فاضح دون خجل أوحياء تماما كما يفعل البهائم .. ثم بعد ذلك يساقون كالبهائم إلى الكد والعمل ...

ويمكننا هنا أن نعرض لبعض الأمثلة والأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها الشيوعية في حق الإنسانية ففي المؤتمر الخمسين للحزب الشيوعي السوفيتي وقف زعيم الحزب الشيوعي آنذاك ( نيكيتا خروتشوف )  يندد بسياسة استالين القمعية الإجرامية ويقول عنه بأنه سفاح مجرم سافل دنيء وأن غلطته وجرائمه يجب أن لاتتكرر وأنه ارتكب من الجرائم ماتقشعر له الأبدان وهنا تقدم مجهول بسؤال مكتوب على ورقة يقول فيه ( لقد كنت عضوا بارزا في الحزب الشيوعي ورأيت هذه الجرائم كلها وكنت عالما بوجودها فلماذا سكت على ارتكابها ولم تمنعها؟ .. فقرأ خرتشوف الورقة وتبسم وقال : من الذي أرسل هذه الورقة ؟ .. لاشك أنه شجاع !! وبالطبع لم يجب أحد فقال خرتشوف : الان عرفت السبب لقد كنت خائفا مثلك فلم أنبس ببنت شفة ) .. ولعل من المفيد أن يعرف العالم كله أن استالين وحده قد قتل ثلاثة ملايين ونصف مليون مسلم عدا عن بقية الأجناس والطوائف الأخرى .. وعندما قامت ثورة المجر عام 1956 ميلادي  قامت روسيا بحرب إبادة ضد أبناء المجر فهدمت البيوت على أصحابها وقتلت النساء والشيوخ والأطفال والشباب العزل في الشوارع وفتحت النار على المتظاهرين المسالمين فقتلت منهم الآلاف وكل ذلك لأنهم تجرؤوا وطلبوا أن يمنحوا حرية التصرف في حكم بلدهم .. أما في بولندا فعندما قامت ثورة عمالية نقابية تطالب بحكم مستقل عن موسكو .. أفاق الشعب البولندي صباح اليوم التالي والدبابات الروسية منتشرة في كل مكان حيث تم نقلها وإنزالها بالطائرات المروحية في الليل .. وتحضرني هنا قصة حقيقية سمعتها من البولنديين في إحدى زياراتي لبولندا تساق على سبيل الفكاهة وهي أن عشرة من كبار الضباط البولنديين قدموا اقتراحا إلى حكومة الإتحاد السوفياتي لإعطاء الحكومة البولندية شيئا من الاستقلالية عن موسكو فطلبت موسكوا أن يقدموا هذه الاقتراحات على شكل تقرير خطي مع التوقيع عليه من قبل المقترحين فكتبوا ووقعوا وأرسلو هذا التقرير إلى موسكو .. والمعروف أن البولنديين من أشهر دول العالم خبرة بالنباتات الفطرية خاصة وأن هناك بعض الفطور السامة وبعضها شديد السمية .. وبعد شهر من الزمان طلبت موسكو من الموقعين الحضور إلى موسكو للتباحث في التقرير السالف الذكر ومناقشة المقترحات ولكن بعد أيام قليلة أعادوهم إلى بلدهم بالتوابيت مع موفد رسمي روسي  وعندما تسلم البولنديون التوابيت فتحوا التابوت الأول ليجدوا فيه أحد الضباط العشرة ميتا فسألوا الموفد الروسي عن سبب موته فقال : أكل نوعا من الفطور السامة فمات .. وفتحوا التابوت الثاني فوجدوا الضابط االثاني ميتا فسألوا عن سبب موته فقال : أكل نوعا من الفطور السامة فمات وهكذا حتى وصلوا إلى التابوت العاشر ففتحوه ليجدوا الضابط العاشر مقتولا رميا بالرصاص في رأسه فسألوا الموفد الروسي عن السبب فقال : هذا لم يأكل الفطر السام فمات .. وهكذا تم استدراج الضباط الذين طالبوا بشيء من الاستقلالية عن موسكو وبكل لباقة وأدب  ثم قتلهم كلهم ليكونوا عبرة لغيرهم ..

لقد كانت الشيوعية أسوأ نظام عرفته البشرية إلى اليوم .. حقيقة أن الشيوعية هي النظام الجاهلي الوحيد الذي فرض على الدولة كفالة أفرادها ولكن ذلك لم يكن كرما إنسانيا منها فهي تأخذ مقابل ذلك جهد الفرد كله .. ومن لايعمل لايأكل على الحقيقة لا على المجاز .. ثم إن الدولة الشيوعية كانت تستذل الناس بلقمة الخبز على نحو غير مسبوق في كل النظم الجاهلية التي مرت على البشرية .. وفي الحقيقة فإن الناس في جاهليات التاريخ كانوا مستذلين  للقمة العيش يبيعون مقابلها كرامتهم وإنسانيتهم وأعراضهم ولكن النظام البوليسي الشيوعي الصارم الذي يحكم الناس بالحديد والنار وكم الأفواه والرعب والإرهاب كان يفرض على الناس مقابل لقمة العيش قدرا من الذل وضياع الكرامة الإنسانية لامثيل لها في كل النظم على الإطلاق إنها تفرض على الناس سياسة القطيع وتعامل البشر معاملة الحيوانات والبهائم .. يقول ميليوفان ديجيلاس نائب الرئيس اليوغسلافي الأسبق جوزيف يروس تيتو في كتابه الطبقة الجديدة :   ( إن الطبيعة البيروقراطية الشيوعية الجديدة صاحبة الامتيازات الضخمة تستخدم جهاز الدولة كستار وأداة لتحقيق مآربها وأغراضها الشخصية الخاصة وبذلك فإن الدولة الشيوعية الخاصة تتجه في نهاية المطاف إلى خلق شكل جديد من الملكية وخلق طبقة حاكمة مستثمرة جديدة .. إن الطغيان الشيوعي والإرهاب في أساليب الحكم هي الضمانة الوحيدة لامتيازات طبقة تبرز على المسرح السياسي .. ولقد أكدت هذه الطبقة أنها أكثر تسلطا في الحكم من أي طبقة أخرى ظهرت على مسرح التاريخ كما أثبتت في الوقت نفسه أنها تحمل أكبر الأوهام وأنها تكرس أعتى أساليب الظلم في مجتمع طبقي جديد ) ...

النظريات الرأسمالية : 

وتعني اعتماد المبدأ الاقتصادي المادي كأساس لبناء الحضارة .. ففي النظام الرأسمالي نجد أن هذا النظام يرتكز في أساسياته على مبدأ التنافس والصراع الفردي الحر حيث يعتبر هذا المبدأ هو المحرك الأساسي للطاقات الاجتماعية كما صرح بذلك عالم الاجتماع والمفكر الرأسمالي " آدم سيمث " .. ولقد كان فيلسوف الرأسمالية آدم سميث معجبا أشد العجب بالتجربة الإنكليزية في عملية إبادة الهنود الحمر المتأخرين في العالم الجديد واستبدالهم بقبائل الإنكلوسكسون الأوربية ودعا إلى تبني خطة التطهير العرقي وإحلال الإنسان المتمدن مباشرة محل الإنسان المتأخر في المستعمرات لأن ذلك سيسرع في نماء ثروة الأمة وعظمتها .. هكذا يفكر المجرمون أو الوحوش الكبار في هذه الغابة ..!!!..

ابتدأت الثورة الصناعية في أوربا بشكل متوائم مع الثورة الفرنسية التي انتقلت فيما بعد لتعم كل أنحاء أوربا وأمريكا بينما كانت بقية أقطار العالم تغط في سبات عميق بعيدا عن العلم والمعرفة والتطور والتقدم .. فظهر إلى الوجود ما يسمى بالمجتمع الصناعي الذي قلب أوربا رأسا على عقب بعد أن كانت أوربا تعيش في ظل النظام الإقطاعي الذي يسيطر عليه الأباطرة والملوك ورجال الكنيسة .. لقد أحدث الانقلاب الصناعي بتطوره السريع هزة عنيفة وانقلابا جذريا في كافة المفاهيم السائدة آنذاك حتى وصل المقام إلى إنشاء نظام اقتصادي وسياسي مادي في غرب أوربا يقابله على الطرف الآخر نظام اقتصادي وسياسي مادي في شرق أوربا فكانت الثورة الصناعية والفلسفات التي تبعتها فيما بعد هي النواة لنشوء كل من النظامين الماديين الشيوعي والرأسمالي في أوربا الشرقية والغربية .. لقد فرض هذا التطور نحو الرأسمالية واقعا جديدا اعتمد في جوهره على مبدأ الربا المحرم في جميع الديانات السماوية إلا أن اليهود استغلوا عدم تحريم الإقراض بالربا لغير اليهود فاستفادوا استفادة كبيرة ( ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ) .. فقاموا بعد ذلك بإقراض المصانع الحديثة الناشئة الأموال بفوائد ربوية فاحشة مستغلين بذلك حاجة المصانع إلى تلك الأموال لإنشائها وتطويرها وكثيرا ما كانت مثل هذه المصانع فاشلة خاسرة مما يؤدي إلى إفلاسها مع ضمان حق المرابين بشكل كامل الذين لا يعرفون إلا الربح فقط أما المصانع الخاسرة الفاشلة فلتذهب بعد أن تضمن حقوق المرابين إلى الجحيم .. من هذه النقطة بالذات بدأت فكرة البنوك الربوية التي هي ركيزة النظام الرأسمالي والتي حرمها الإسلام منذ البداية واقتلعها من جذورها .. لقد كانت الثورة الفرنسية أكبر معول لهدم الإقطاع الذي كان يسيطر عليه الرؤساء والملوك والأمراء  ورجال السلك الكنسي آنذاك ومن باريس أخذت مبادئ الثورة الفرنسية وشعاراتها تنتشر في جميع أنحاء أوربا فحطمت الإقطاع وحررت العبيد والأجراء من سلطة الإقطاعيين حيث قام هؤلاء العبيد والأجراء الجهال وبشكل غوغائي بتحطيم كل شيء وقتل الناس دون تمييز لمجرد الشبهة أو لمجرد الاختلاف بالرأي تحركهم الأيدي الخفية التي استفادت فيما بعد من هذه الغوغائية للوصول إلى سدة السلطة والقيادة بشكل مباشر أو غير مباشر أما عن شعارات ( الحرية والإخاء والمساواة ) فلم تكن إلا من قبيل ذر الرماد في العيون حيث قام الفرنسيون ومعهم بقية العصابة الأوربية باستعباد شعوب العالم مقابل مبدأ الحرية وقاموا بشن حملات عنصرية حاقدة وحروب طاحنة مقابل مبدأ الإخاء أما عن المساواة فحدث عن التمييز العنصري ولا حرج والذي مورس عبر حلقات التمييز الغربي القديم والحديث والذي لا يزال يمارس حتى اليوم تحت مسميات وشعارات مختلفة مثل النازية والفاشية وغير ذلك ومثل النازيين الجدد وتحت مسميات الحرب على الإرهاب وفرض الديمقراطيات المزيفة .. لقد ترك العبيد إقطاعياتهم واتجهوا نحو المصانع رجالا ونساء وشيوخا وشبانا وأطفالا ليكسبوا من هذا الكسب الهائل ومن هذا الفتح الجديد ويتركوا الاقطاعات الضخمة لأصحابها والتي لم تلبث أن صودرت حتى من أصحابها فتحول العبيد تحت الإقطاع إلى عبيد للصناعة ولرؤوس الأموال وهذه هي حكاية الرأسمالية كما يحكيها لنا التاريخ الحديث حيث لا يزال العامل يكد ويكدح ويتعب الساعات الطوال ليكسب لقمة العيش والسكن والملبس أما ما يوفره من دخله ودخل زوجته وأولاده فإنه سيتم صرفه وتصفيته بشكل كامل في عطلة نهاية الأسبوع أو عطلة نهاية السنة على المتع والسياحة و السفر ومن ثم تعود سيرة الحياة من جديد وبشكل مكرور وسأم قاتل إلى حياة الكد والتعب والعمل الإضافي والعمل في المنزل وهذه سنة الحياة تحت ظل الرأسمالية الحديثة .. أما الإقطاعيون الجدد أصحاب المزارع والرأسماليون الجدد أصحاب المصانع أما البنوك وأصحاب رؤوس الأموال فهم الذين يجنون حصيلة عمل وجهد الناس في نهاية المطاف .. وإذا توفر لدى فرد من العبيد الجدد في المجتمعات الرأسمالية مبلغ بسيط من المال فإنه يهرع ليودعه في مثل هذه البنوك المجرمة ليزيد من أرباحها لأنه يجد فيها الملاذ الآمن الوحيد في مجتمعات لا تأمن على نفسها ولا على مالها من اللصوص والمحتالين والمجرمين .. لقد أصبحت طبقة العمال في المنظومة الرأسمالية عبيدا ولكنهم يملكون حرية التنقل وشيئا يسيرا من حرية التصرف بعد أن كانوا لا يملكون أي هامش من الحرية والكرامة الإنسانية تحت ظل نظام الإقطاع الذي كان يسود أوربا في العصور الوسطى .. لقد كان لهذا التحول في بداية الأمر نشوة عارمة في نفوس العبيد الجدد عندما حصلوا على شيء من الحرية ولكن هذه النشوة لم تدم طويلا ذلك لأن المجتمع الرأسمالي لم يكن أحسن حالا من سابقه فقد أفرز تطبيق النظام الرأسمالي مشاكل وصعوبات جمة لم تكن متوقعة بدأ من مشكلة السكن مرورا بمشكلة البطالة ومشكلة الزواج ومشكلة عدد ساعات العمل الطويلة ومشكلة الأجور القليلة التي لم تعد تكفي مصاريف الحياة التي أخذت تتضخم وتزداد بشكل فاحش ثم بدأت مشكلة العمل الإضافي المستمر والمرهق ومشكلة بناء الأسرة ومشكلة التخلي عن الإنجاب تحت ضغط التكاليف الباهظة ثم تبع ذلك مشكلة الاختلاط ومشكلة الجنس بعد أن زادت تكاليف الحياة وأصبح الزواج والركون إلى بيت وعائلة أمرا أقرب إلى المستحيل .. هذه المشاكل صبغت المجتمعات الغربية بطابع إباحي خاص أوصل هذه المجتمعات الغربية فيما بعد  إلى الفساد والفحش والذي كان نتيجته المشاكل الاجتماعية الخطيرة التي تعصف بهذه المجتمعات صباح مساء مثل الإجرام واللقطاء والتحرش الجنسي والاغتصاب واستغلال القصر والقتل والإدمان على المشروبات والإدمان على المخدرات ثم جاءت نتيجة هذا الفساد الاجتماعي الخطير قضية الإتجار بالجنس والذي نسميه بالرقيق الأبيض والذي يعتبر من المآسي الاجتماعية العالمية الآخذة بالانتشار بشكل مخيف في الأوساط الغربية بشكل خاص وبالأوساط العالمية بشكل عام .. يقول الفيلسوف الأمريكي " وول ديورانت " في كتابه مباهج الفلسفة : ( لما كان هذا العصر هو عصر الآلة فلابد أن يتغير كل شيء فقد قل أمن الفرد في الوقت الذي نما فيه الأمن الجماعي .. وإذا كانت الحياة الجسمانية أعظم أمنا مما كانت فالحياة الاقتصادية مثقلة بألف مشكلة معقدة مما يجعل الخطر جاثما كل لحظة .. أما الشباب الذي أصبح أكثر إقداما وأشد غرورا من قبل فهو عاجز اليوم ماديا وجاهل اقتصاديا إلى حد لم يسبق له مثيل من قبل .. ويقبل الحب فلا يجرؤ الشاب على الزواج وجيبه صفر من المال .. ثم يطرق الحب مرة أخرى باب القلب والشاب أكثر ضعفا ومع ذلك لم تمتلئ جيوبه بما يكفي للزواج ثم يقبل الحب مرة ثالثة والشاب أضعف حيوية وقوة عن ذي قبل فيجد الجيوب عامرة  فيحتفل الزواج بموت الحب حتى إذا سئمت فتاة المدينة الانتظار اندفعت بما لم يكن له مثيل في تيار المغامرات الواهية فهي واقعة تحت تأثير إغراء مخيف من الغزل والتسلية والهدايا وحفلات الخمور في نظير الاستمتاع  بالمباهج الجنسية وقد ترجع حرية سلوكها في بعض الأحيان إلى انعكاس حريتها الاقتصادية فلم تعد تعتمد على الرجل في معاشها وقد لا يقبل الرجل الزواج من امرأة برعت مثله في فنون الحب مما يجعل الزوج مترددا في الإقدام على الزواج إذ كيف يمكن أن يكفي أجره المتواضع للإنفاق عليهما معا بنفس المستوى من المعيشة ) .. لقد تحولت المجتمعات الغربية الرأسمالية تحت تأثير الواقع الصعب والتكاليف الباهظة المضنية إلى مجتمعات بغاء لأن طريق البغاء أصبح أقصر الطرق للحصول عل المال .. وأصبح طريق البغاء هو الحل السهل الميسر لإفراغ الشحنات العاطفية الجنسية عن طريق العاهرات بائعات الهوى بعيدا عن التكاليف والمسؤوليات التي يفرضها وجود أسرة في مجتمع ظالم لا يرحم .. ومما يجدر ذكره في هذا المقام أن اليهود في أوربا كان لهم الدور الرائد في هذا المجال حيث اعتمدوا على مبدأ الميكيافيلية  ( الغاية تبرر الوسيلة ) الذي ينسجم تماما مع المبادئ العنصرية التلمودية في كراهية غير اليهود ( ليس علينا في الأميين سبيل ) فاستطاعوا أن يجمعوا أكبر قدر ممكن من المال عن طريق تجارة الجنس إضافة إلى الوصول إلى مراكز القوى في العالم الغربي عن هذا الطريق .. ناهيك عن الفساد والانحطاط الخلقي الذي أخذ ينتشر في بقاع العالم أجمع والذي هو هدف من أهدافهم التلمودية الشريرة المعلنة أو غير المعلنة ليبقوا وحدهم أصحاب الدين وشعب الله المختار على حد زعمهم وبالتالي السيطرة على العالم  .. ومن ناحية أخرى فقد أفرزت المجتمعات الرأسمالية عددا كبيرا من العاطلين عن العمل نتيجة التطور التكنولوجي مما زاد عرض العمالة على الطلب والذي أدى إلى تخفيض الأجور إلى حد قريب من الكفاية أو ربما أقل من الكفاية بحيث لم تعد تفلح معها الإضرابات العمالية أو الاحتجاجات الجماعية أو طلبات الرحمة ذلك لأن هناك جيشا من العاطلين عن العمل ينتظر الفرصة السانحة لاحتلال مكان العامل المستقيل أو المضرب أو المسرح من عمله .. إضافة إلى ذلك فقد كان استخدام المرأة في ميدان العمل الصناعي أكبر كارثة حلت بالمجتمعات الغربية فقد استطاع دهاقنة الشر بأساليبهم الشيطانية جر المرأة للعمل في المصانع تماما كما كان نظام الإقطاع يستغل المرأة في العمل بالحقول والمزارع فكان ما كان من نتائج سلبية وخيمة  تركت آثارا أخلاقية واجتماعية سيئة جدا أهمها زيادة عدد العاطلين عن العمل وانتشار الفضائح الأخلاقية والمحسوبيات بين الجنسين وانتشار الأمراض الجنسية وزيادة عدد المواليد غير الشرعيين الذين تخلى عنهم آباؤهم وأمهاتهم وتركوهم لملاجئ اللقطاء يربون كما تربى قطعان الحيوانات دون رحمة من أب أو حنان من أم حتى أصبحت ملاجئ اللقطاء تعج بعشرات الآلاف من الأطفال اللقطاء .. لقد كان عمل المرأة في المصانع في بداية الثورة الصناعية في أوربا جريمة في حق المجتمعات الغربية وسبة عارفي جبين الحضارة الغربية ...

يقول " روبرت داونز " في كتابه " كيف غيرت العالم " في معرض حديثه عن كتاب " ثروة الأمم " لفيلسوف الرأسمالية آدم سميث : ( إن النظرية الأساسية في كتاب ثروة الأمم نظرية ذات نزعة ميكيافيلية وهي أن العامل الأول في نشاط الإنسان هو المصلحة الشخصية وأن العمل على جمع الثروة ما هو إلا مظهر من مظاهرها وبذلك قرر سميث أن الأنانية والمصلحة الشخصية تكمن وراء كل نشاط للجنس البشري وهي ليست صفات ممقوتة يجب الابتعاد عنها وإنما على العكس من ذلك فهي عوامل تحمل الخير إلى المجتمع برمته ولكي يتم توفير الرفاهية للأمة فلا بد من ترك كل فرد يستغل أقصى إمكانياته لتحسين مركزه بشكل ثابت منظم دون تقييد ) .. هذه هي النظرة الرأسمالية المادية الجشعة التي لابد أن ترفع أناسا إلى قمة الرفاهية وفي المقابل لابد أن يهبط القسم الآخر من المجتمع إلى درجة العبودية .. ومن كتاب " تطور المجتمع الأمريكي " تأليف " كنت لين "  ننقل كلام  جورج فيتز هيو   الذي ينقد الرأسمالية في الغرب فيقول : ( إننا جميعا في الشمال والجنوب نعمل في تجارة الرقيق الأبيض وبقدر نجاح الشخص في هذه التجارة يزداد احترامه في المجتمع الرأسمالي .. وهذه التجارة أشد قسوة من تجارة الرقيق الأسود لأنها تفرض المزيد من العمل على عبيدها في الوقت الذي لايجد فيه هؤلاء العبيد من يحميهم ويسوسهم برفق .. إن العامل بعد انتهاء العمل يظل يروح تحت ظل العناية ببيته وعائلته مما يجعل حريته سخرية جوفاء باطلة أما رب العمل فيبقى حرا بالفعل ويتمتع بالأرباح التي جناها من عمل الآخرين دون اهتمام بمصالحهم ورفاهيتهم ) .. لقد كانت الجاهلية الحديثة المتمثلة بالمجتمعات الغربية الرأسمالية تعامل المرأة أسوأ معاملة وذلك في بداية الثورة الصناعية الحديثة حيث كان أجر المرأة نصف أجر الرجل إضافة إلى استغلالها في أمور الفحش والفساد والبغاء فهل هذا هو مفهوم تحرير المرأة الذي ينادي به المتحررون ..؟..  وهل هذه هي الحضارة التي ستقود الإنسانية جمعاء إلى طريق الخير والصلاح في المستقبل .؟!!.. لقد كان نتيجة ظلم المرأة في المجتمعات الغربية الرأسمالية أن قامت المرأة بالمطالبة بحقوقها والمطالبة بالمساواة مع الرجل في الأجر فرفضت الرأسمالية الناشئة وأصرت على الرفض .. ورفض أصحاب المصانع وهم رجال مطالب المرأة في المساواة واعتبروا هذه المطالبة اعتداء على حقوق الرجل الموروثة وحدثت صراعات اجتماعية خطيرة تحت شعارات مزيفة مثل حقوق المرأة وتحرير المرأة والمساواة بين الرجل والمرأة وتحول الأمر من مجرد مطالبة بالحقوق إلى صراعات حقيقية يزكي أوارها أصحاب المصالح في تلك المجتمعات حتى أصبحت العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة عداء وصراع وتحدي ومنافسة بدلا من أن تكون علاقة ود ومحبة ورحمة كما خلقها الله جل وعلا يقول ربنا جل شأنه : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة  ) .. مما أدى ألى فك روابط الأسرة وتقطيع أواصر المودة والمحبة من خلال عملية الصراع والشقاق بين الرجل والمرأة .. لقد رفضت الرأسمالية الحديثة منذ البداية المساواة بين الرجل والمرأة ولا تزال ترفض في العديد من مجالات الحياة .. لقد رفضت المدنية الحديثة بادئ ذي بدء حق المرأة في الترشيح للمناصب السياسية والإدارية العليا .. ورفضت حقها في الانتخابات العامة ورفض الرجل إعطاءها هذا الحق ولم يعترف أصلا بأن ذلك حق من حقوقها أو أمر جائز بالنسبة للمجتمع الرأسمالي آنذاك .. ولكن حركات الإصلاح المندفعة بدوافع شتى أخلاقية كانت أم غير أخلاقية .. إنسانية كانت أم غير إنسانية .. ولكنها في النهاية استطاعت أن تنتزع بعض الحقوق للمرأة وليست كل الحقوق لأنه ليس هناك نظام يحفظ للمرأة حقوقها وكرامتها وإنسانيتها وأنوثتها وأمومتها إلا نظام واحد هو النظام الإسلامي الذي ارتضاه الله للبشرية جمعاء بعد أن اكتملت حلقاته وتمت خيراته ونفحاته .. أما في مجال الدعوات الرأسمالية يمكننا هنا أن نذكر ببعض الملاحظات على هذا النظام المادي الذي أوصل المجتمعات الغربية إلى حافة الانهيار وذلك في جميع مجالات الحياة ,,,

**   النظام الرأسمالي يعتمد وبشكل أساسي على النظام الربوي في جميع تعاملاته المالية وهذا محرم في النظام الإسلامي لما يجره على المجتمع من ظلم وفساد واستغلال ...

**   يعتمد النظام الرأسمالي على مبدأ الاحتكار وهذا بدوره يؤدي إلى الظلم الاجتماعي أولا وإلى الظلم الدولي ثانيا وهذا أيضا محرم في التشريع الإسلامي .. ولقد أثبتت الأيام فشل هذا النظام حتى على الصعيد المادي حيث رأينا بوادر التصدع والانهيار في اقتصاديات الدول الغربية الرأسمالية الربوية أمتم أعيننا في العصر الحديث ...  

**   النظام الرأسمالي قد اعتمد على مبدأ الصراع بين الدول من أجل تأمين المواد الأولية وسرقة خيرات الشعوب وهذا بدوره أحد الأسباب الأساسية لقيام الحروب المدمرة والحركات الاستعمارية التي أدت إلى احتلال الدول القوية للدول الضعيفة واستعباد شعوبها وسرقة خيراتها عقودا طويلة من الزمن ...

**   الاعتماد على مبدأ الصراع   بين دول العالم من أجل تأمين الأسواق للمنتجات الغزيرة والمواد الأولية إن اعتماد النظام الرأسمالي مفهوم الصراع هذا أدى إلى نشوء الاستعمار واستعباد الأمم والشعوب فكان الاستعمار الغربي هو أعلى مراتب الرأسمالية الحديثة وما تزال هذه الحروب والصراعات تثار من قبل هذه الدول الرأسمالية حتى هذا اليوم يقول لينين في هذا المجال : ( الاستعمار هو أعلى مراتب الرأسمالية ) ...

**     النظام الرأسمالي نظام يقود الشعوب إلى الطبقية وإلى استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ...

**     النظام الرأسمالي يعتمد على إطلاق الملكية الفردية بدون ضوابط وهذا مما خلف آثارا سلبية كبيرة في المجتمعات الرأسمالية ...

**   النظام الرأسمالي يقوم على تقسيم الإرث تقسيما غير عادل من أجل الحفاظ على رؤوس الأموال الضخمة وعدم تفتيتها.

**   النظام الرأسمالي يعتمد على الاستثمارات الضخمة والتكتلات الرأسمالية الكبيرة التي تبتلع وتسحق كل المحاولات الفردية الناشئة ...

النظام الاشتراكي :

وجدنا في النظام الرأسمالي أن هذا النظام يرتكز في أساسياته على مبدأ التنافس والصراع الفردي الحر حيث يعتبر هذا المبدأ هو المحرك الأساسي للطاقات الفاعلة في المجتمع كما صرح بذلك عالم الاجتماع الرأسمالي " آدم سميث " .. أما النظام الاشتراكي الذي كان مرحلة من مراحل الفلسفة الديالكتيكية الجدلية التي وضعها  كارل ماركس وإنجلز فوضع الأسس النظرية للنظام الماركسي الاشتراكي الذي سينتهي بالشيوعية و الذي يفسر تقديم الضمانات الاجتماعية من أجل الصالح العام للدولة ولقد استطاعت هذه النظرية أن تنتشر بقوة السلاح  بعد إفلاس الناس من الأنظمة والشرائع فتوسعت الفكرة الاشتراكية  لتعم مساحة كبيرة جدا من العالم حيث غزت حتى الدول الرأسمالية حيث تشكلت العديد من الأحزاب العمالية والاشتراكية في الدول الغربية .. ولكن لم يمض وقت طويل حتى سقطت الأنظمة الاشتراكية التي هي المرحلة الأولى إلى الشيوعية في أعتى معاقلها وتبعتها بقية الأقطار الاشتراكية الأخرى تتهاوى الواحد تلو الآخر ..   نلاحظ أن هناك تناقض واحد بين بين النظرية الاشتراكية والنظرية الرأسمالية  وإن اشتركتا في المبدأ المادي الاقتصادي ألا وهو الفردية أو الجماعية  .. إن الأسباب والدوافع النفسية والاجتماعية لا تختلف بين الاتجاهين الماديين الاقتصاديين وذلك لاشتراكهما بالطبيعة المادية فهما نظامان اختلفا بالشكل ولكنهما توحدا في المضمون وهو النزعة المادية .. إن المبدأ الاقتصادي المادي وحده لا يمكن الاعتماد عليه في بناء حضارة عالمية إنسانية فبعد أن سقطت النظرية الشيوعية وسقطت معها الأنظمة الاشتراكية المختلفة في عقر دارها بدأت الحضارة المادية الغربية بالانحراف نحو الهبوط ولن يمر وقت طويل حتى تسقط الحضارة الغربية في عقر دارها في أوربا وأمريكا إذا لم يتدارك المصلحون الأمر قبل فوات الأوان  .. إن الأسباب والدوافع النفسية والاجتماعية واحدة بين الاتجاهين الاشتراكي والغربي الرأسمالي ..

الاشتراكية الصينية :

عند النظر إلى النهج الصيني وما حققته الاشتراكية الصينية على ساحة الأحداث العالمية يقف المرء مشدوها حائرا أمام الزخم الاقتصادي الصيني الذي يعتبره كثير من الاقتصاديين والعلماء العملاق الاقتصادي القادم من بعيد .. حتى أن بعض علماء الاجتماع والاقتصاد يرشحون الصين لتكون خليفة للحضارة المادية الغربية الآيلة للسقوط .. إن  الصين التي بنت نظامها على أسس شيوعية مستمدة من نظريات ماركس وإنجلز إلا أن ماوتسي تونغ قد صاغها بطريقة تختلف عن النظم الشيوعية الأخرى وتتناسب مع وضع الصين في ذلك الزمان .. ولا شك أن الثورة الصينية قامت على أشلاء ملايين البشر وترسخت بالحديد والنار والعذاب والاستخبارات القوية وأجهزة الأمن الوحشية الظالمة حتى سميت دولة الصين في عهد ماوتسي تونغ بالدولة ذات الستار الفولاذي .. وكما أن ستالين أقام حكمه الشيوعي على أشلاء ملايين البشر من المعارضين كذلك فإن نظيره ماوتسي تونغ أقام النظام الشيوعي الماوي على أشلاء الملايين .. ولا أريد هنا أن أذكر مساوئ النظام الشيوعي الصيني  لأنني ذكرتها في معرض الحديث عن الشيوعية وهي مشابهة تماما وإنما أريد هنا أن أناقش لماذا استمر النظام الشيوعي الصيني ولم يستمر غيره من الأنظمة الشيوعية الأخرى ..

**   إن  استمرار الصين في النهج الشيوعي حتى الآن يعود إلى التعديلات الكبيرة والمتكررة للنظام الشيوعي  الأساسي وذلك في الفترات التي تلت عهد ماونسيتونغ هذه التعديلات جعلت النظام الشيوعي الصيني يبتعد وبشكل كبير جدا عن الأسس النظرية الماركسية ..

**   وجود أكبر كتلة بشرية في العالم على أرض الصين حيث يبلغ عدد سكان الصين مليار ومئتي مليون نسمة وقيام الشيوعيين بتشغيل كافة أبناء الصين نساء ورجالا جعل الطاقة الإنتاجية للصين طاقة هائلة جدا وجعل البضائع الصينية تغزو كل بلاد العالم وبأرخص الأسعار مما أعطى الاقتصاد الصيني دعما قويا هائلا ...

**    عدم دخول الصين في سباق التسلح مع أمريكا والاتحاد  السوفياتي السابق والدول الغربية جعل اقتصاد الصين موجها باتجاه زيادة النمو بشكل كبير حيث كانت معدلات النمو الاقتصادي في الصين الأكبر على مستوى العالم بينما انخفضت معدلات النمو في البلاد الأخرى بسبب سباق التسلح الذي كلف ميزانيات الدول مبالغ طائلة ..

**    ابتعاد الصين عن الحروب والصراعات الدولية التي تنهك اقتصاديات الدول وتأكل الأخضر واليابس قدر المستطاع أدى إلى الاحتفاظ بالإمكانيات المادية والانتاجية الضخمة للصين ..

**   على الرغم من أن الثورة الشيوعية الماوية في الصين كانت مركزة على القطاع الزراعي في البداية إلا أن الزعماء الصينيين فيما بعد ماوتسي تونغ حافظوا على ضخامة الانتاج الزراعي واتجهوا أيضا إلى القطاع الصناعي الأكثر ربحا واستطاعوا خلال خمسين عاما أن يحققوا ثورة زراعية وصناعية هائلة ..

**   إن التعديلات الجذرية المتكررة للنظام الشيوعي الصيني جعل هذا النظام أقل حدة وأكثر تلاؤما مع الأوضاع العالمية السائدة ومع أوضاع الصين الخاصة إضافة إلى أن الصين انتهجت خطة تطوير الإنتاج بشكل كامل وقوي أوصلها لتكون من أوائل الدول الصناعية في العالم أضف إلى ذلك وهذا الأهم القوة العسكرية والأمنية الهائلة التي تقوم بحماية النظام الشيوعي المعدل في الصين ..

**   إننا لو قارنا النظام الصيني الآن بنظام ماوتسي تونغ نجد أن هذا النظام يختلف اختلافا كبيرا حتى لا يكاد يكون هناك أي وجه للمقارنة ..

**   إن فتح مجالات التعاون العلمي والتكنولوجي مع كل دول العالم أدى إلى تطور الصناعات الصينية بشكل كبير مما دعم الاقتصاد الصيني ..

**   إن المشاكل الاقتصادية الهائلة التي كانت تعاني منها المجتمعات الغربية المتطورة صناعية وغلاء أسعار البضائع الغربية جعل هذه الدول تتجه نحو الصين ودول شرق آسيا وتضع استثمارات هائلة في هذه البلاد لتخفيض تكاليف الإنتاج وقد استفادت الصين من هذه النقطة بالذات استفادة كبرى حتى أسبح الاقتصاد الصيني من أقوى اقتصاديات العالم في الوقت الحاضر ..

**   الاكتفاء الذاتي للصين في معظم البضائع والخامات جعل الميزان التجاري للصين إيجابيا دائما دون هزات وطفرات غير متوقعة ..

**    توجيه الاقتصاد نحو الانتاج والابتعاد قدر الإمكان عن الاستهلاك خاصة في أمور الرفاهية والبذخ والإسراف حيث لاتجد العديد من البضائع الترفيهية إلا في الأماكن التي يرتادها الأجانب وهي شبه محرمة على الصينيين وهذا بالطبع حفظ الثروة الصينية من الضياع في سفاسف الأمور ..

** وأخيرا وليس آخرا إخلاص الحكومات الصينية المتعاقبة  في التخطيط والتوجيه السليم لمصالح الصين الاستراتيجية أدى إلى النجاح في دعم الاقتصاد الصيني .. فلولا هذا التوجه السليم لظلت الصين متأخرة تلهث خلف الدول الصناعية الكبرى ...

وبعد هذه التقدمة المختصرة ربما سأل سائل هل تستطيع الصين وهي من الدول العظمى وهي التي تمتلك الآن أقوى اقتصاد في العالم أن تتسلم قيادة البشرية وتنشئ حضارة عالمية إنسانية .؟.. الجواب لا .. وذلك لأسباب متعددة يمكن أن نذكر بعضها هنا :

**       صحيح أن الصين تمتلك اقتصادا هائلا قويا إلا أنه لايمكن بناء حضارة عالمية إنسانية بالاقتصاد وحده ..

**       الصين لا تحترم حقوق الإنسان وتحكم شعبها بالضغط والإكراه والظلم فكيف ستقوم ببناء حضارة عالمية إنسانية تقوم على العدل واحترام حقوق الانسان ..

**       الحضارة الصينية حضارة مادية لا تعترف إلا بالمادة ولقد أثبت التاريخ القديم والحديث فشل كل الدعوات المادية في بناء حضارة عالمية إنسانية ...

**        على الرغم من أن الصين قد تقدمت تقدما هائلا في مجال العلوم والتكنولوجيا إلا أن هذا التقدم قد شمل شريحة صغيرة جدا من المجتمع الصيني فقط أما الغالبية العظمى فلا تزال تعيش في فقر وجهل ولقد زرت العديد من القرى والمدن الصينية البعيدة فرأيت التأخر والجهل رغم أن الجميع يعملون وينتجون .. 

**         الحضارة الصينية حضارة لا دينية بل إلحادية لا تؤمن بوجود إله خالق مدبر لهذا الكون فكيف ستقوم بإقناع  أصحاب الديانات السماوية وهم يشكلون ثلثي العالم بالتهج الإلحادي الكافر الذي لا يؤمن بأي دين من الأديان ..

**       الحضارة الصينية لا تمتلك أسسا روحية تنمي سلوك الفرد وترفعه إلى مرتبة سامية يتفرد بها عن بقية المخلوقات الأخرى ...

**       الحضارة الصينية لا تمتلك أسسا أخلاقية فلقد قام دعاة الشيوعية بتدمير كل المفاهيم الأخلاقية وتغذية الأفراد بالمبادئ الماركسية التي لا تعترف بالأخلاق .. إضافة إلى الميكيافيلية التي نمت وترعرعت في مثل هذه الأجواء ولو لا العقوبات الشديدة الصارمة والرقابة الدقيقة لتفشت في المجتمعات الصينية كل مفاسد العالم ... فكيف لحضارة لا تمتلك أي رصيد من الأخلاق أن تبني حضارة عالمية إنسانية  **       الحضارة الصينية لاتمتلك أسسا اجتماعية راقية سامية .. فالعلاقات بين أفراد المجتمع علاقات مادية بعيدة كل البعد عن المبادئ الأخلاقية أو الإنسانية أما العلاقات الجنسية فتتم بشكل وضيع تماما كما هو الحال عند الحيوانات والشيء الوحيد الذي تحت رقابة الدولة هو موضوع تحديد النسل حيث تقدم الدولة التسهيلات الكاملة في هذا الموضوع إضافة إلى العقوبات الشديدة لمن لايلتزم بالقوانين المرعية في هذا الخصوص حيث تسمح الدولة للزوجين بولد واحد أو ولدين وبعد ذلك تمنع الدولة كافة المعونات والخدمات عن الولادات الأكثر من ذلك إضافة إلى العقوبات الصارمة ...

**      إن الصين باعتمادها على المنهج المادي في جميع أمور الحياة وتخليها عن القيم الحضارية السامية والأخلاق الفاضلة وباستخدامها القوة الغاشمة  المادية وتبنيها منهج الكفر والإلحاد وتصادمها مع الأديان كل الأديان وعلى رأسها الديانات الي السماوية وهيباستخدامها القوة والحديد والنار والسجون والمعتقلات والسطوة العسكرية لتثبيت النظام في الصين لا يمكنها بحال من الأحوال أن تقوم ببناء حضارة عالمية إنسانية .. إذ لا يمكنها أن تجمع سكان العالم أجمع وتقودهم وتسوسهم بالظلم والقهر والحديد والنار لأن مثل هذه السياسة هي بحد ذاتها مخالفة وبشكل كامل لمفهوم الحضارة العالمية الإنسانية .. ولكن أريد هنا أن أنوه إلى تخوف ساسة الغرب ومفكريهم من اعتناق الصينيين للدين الإسلامي والذي سيقلب موازين القوى العالمية رأسا على عقب فبهذه الطريقة يمكن للصينيين أن يمتلكوا منهجا إلهيا حضاريا ساميا إضافة إلى القوة الاقتصادية والمالية والبشرية والعسكرية الهائلة خاصة وأن في الصين ما لا يقل على ( 400 ) مليون مسلم مغيبين عن ساحة الأحداث العالمية ومحجوبين عن الدين الإسلامي وعن الاتصال بالدول الإسلامية بشكل كامل .. خاصة وأن أبناء الصين قد أصبحوا في حالة تعطش هائلة لاعتناق عقيدة سامية بعد الجفاف العقيدي الطويل وبعد التيه والضلال الذي طال أمده .. أصبحوا بحاجة إلى منهج إلهي قويم يغذي روحهم وينمي نوسهم وينقذهم من التيه والضلال وعند ذلك يمكن للصين أن تلعب دورا حضاريا ساميا يجمع بين الزخم المادي بكل أطيافه وبين المنهج الإلهي القويم بكل مجالاته وتشريعاته .. إنني وإن كنت أستبعد مثل هذا الأمر في الوقت الحاضر إلا أنني أتساءل لماذا يخاغ الساسة والمنظرون الغربيون من دخول الصين في الإسلام ..؟!!.. وهل هناك إرهاصات لهذا الأمر دفع علماء الغرب لدق ناقوس الخطر في هذا المجال .؟!!.. الحقيقة أن أحداث مناطق التكستان الصينية الدموية ضد المسلمين بدأت تنبه العالم الغربي إلى العملاق الإسلامي النائم ليس في الصين أو لبهند فحسب بل على مساحة العالم أجمع .. إن الأيام القادمة حبلى بالأحداث التي ربما غيرت وجه التاريخ بشكل كامل وإني لأعتقد اعتقادا جازما أن حركة التاريخ تسير باتجاه هذا الإسلام العظيم ...    

الدعوات العلمانية :

**  الدعوات العلمانية اللادينية .

**  الدعوات الإنسانية العالمية .

**  الدعوات الإلحادية والوجودية .

**  الحركة الماسونية العالمية ..

SECULARISM

لدعوات العلمانية :       

وهي الترجمة السيئة الخبيثة للكلمة الأجنبية (                ) والتي تعني إقامة الحياة بعيدا عن الدين .. وهذه الترجمةخبيثة مضللة وضعها أعداءالأديان لتضليل الناس والإيحاء لهم بأن إبعاد الدين عن الحياة هو الطريق إلى العلم المتحضر المتطور .. وقد جاء في دائرة المعارف البريطانية تعريف هذه الكلمة : ( بأنها حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالدنيا وحدها ) ..إذن فالعلمانية وبشكل مختصر هي حركة معادية ومضادة لكل الأديان مهما وصفها الواصفون بالعلم والثقافة والتحضر .. ولقد كانت ترجمتها إلى اللغة العربية بكلمة ( اللادينية ) ولكن تحولت هذه الترجمة على يد المستغربين في البلاد العربية إلى كلمة العلمانية وأصروا على ذلك رغم عدم وجود أية صلة بينها وبين العلم .. ويدعي العلمانيون كذبا وزورا أنهم ليسوا ضد الأديان إنما فقط إبعاد الأديان عن واقع الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية إلى أماكن العبادة .. فيما يترك للناس حريتهم الدينية الكاملة يمارسونها في أماكن العبادة فقط ومن خلال هذا المفهوم الضيق القاصر صدرت شعارات كثيرة لادينية علمانية منحرفة مثل قولهم : ( الدين لله والوطن للجميع ) و ( فصل الدين عن الدولة ) و( إبعاد الدين عن السياسة ) ثم قاموا بمسخ فكرة الدين بشكل عام حتى أصبحت فكرة باهتة مشوهة وذلك كما حصل على يد المجرمين الكماليين في تركيا أولا ثم على يد دعاة القومية العربية في البلاد العربية ثانيا ثم بعد ذلك انتشرت هذه الفكرة الخبيثة في العديد من البلدان الإسلامية ثالثا .. ولعل من أهم أسباب ظهور الدعوات العلمانية اللادينية في أوربا هو الكنيسة الأوربية المليئة بالانحرافات والخرافات والأباطيل المضللة إضافة إلى انحرافات رجال الدين النصارى السلوكية والأخلاقية خاصة وأن رجال الدين النصارى كانوا يمارسون سلطة ديكتاتورية على الناس حتى وصل الأمر إلى إحراق وإعدام العلماء والمفكرين لمجرد مخالفتهم آراء الكنيسة وخرافاتها وأباطيلها وتناقضاتها ومن هذا المنطلق ظهرت الحركات العلمانية اللادينية أول ما ظهرت في أوربا .. ويخطئ كثير من الكتاب في جعل ظهور الحركات العلمانية متماشيا مع عصر النهضة والعلم أو بعيد عصر النهضة والعلم لإضفاء صورة علمية تقدمية متحضرة لهذه الحكومات اللادينية ولكن الحقيقة أن فكرة فصل الدين عن الدولة وفكرة إبعاد الدين عن جميع مرافق الحياة وحصره في الأمور التعبدية داخل دور العبادة فقط فكرة قديمة سبقت عصر النهضة العلمية بسنين طويلة ذلك لأن الإنجيل في عقيدة النصارى لم يتضمن أمور التشريع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وإنا كانت نصوص الإنجيل جلها إن لم يكن كلها في أمور العقيدة وتربية النفس والأخلاق والعبادات والروحانيات أما أمور التشريع فكانوا يرجعون فيها إلى التوراة ( العهد القديم ) وهذا بالفعل ماحكاه القرآن الكريم على لسان نبي الله عيسى عليه أفضل السلام والتسليم : ( ... مصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم .. ) وهذا في أصل الإنجيل المنزل من عند الله قبل التحريف والتبديل فما بالك بما حدث من تحريف وتبديل عبر آلاف السنين أدت إلى وجود الكثير من الخرافات والتناقضات التي تناقض العلم والفكر والعقل .. إذن الإنجيل كتاب النصارى ليس فيه أصلا الأمور التشريعية المختلفة فإذا قام العلمانيون النصارى بحركتهم العلمانية ضد الكنيسة وخرافاتها وأباطيلها ورفضوا أخذ تشريعاتهم من التوراة كتاب اليهود .. خاصة مع وجود الحقد والكراهية من قبل نصارى الغرب لليهود في تلك الحقبة من التاريخ فلربما نجد لهم شيئا من وجهة النظر .. أما الإسلام الذي يمتلك عقيدة روحية وشريعة تنظم جميع أمور الحياة .. ولم يكن بينه وبين العلم والعلماء أية مشكلة بل على العكس من ذلك فالإسلام هو الذي يأمر بالعلم والتفكر ولم يتناقض مع العلم الحق في أية نقطة من النقاط .. أضف إلى ذلك أن الإسلام كان ولايزال يحترم العلم والعلماء ويرفعهم إلى مرتبة سامية في حين أن الكنيسة كانت تقتل العلماء وتحرقهم لأنهم وضعوا نظريات علمية تخالف خرافات الكنيسة وانحرافاتها وأباطيلها .. يقول " روجرز بيكون " وهو من علماء القرن الثالث عشر الميلادي : ( من أراد أن يتعلم فليتعلم العربية لأنها هي لغة العلم ) ... ويقول " راندال " في كتابه " تكوين العقل الحديث " : ( لقد بنى المسلمون في القرن العاشر الميلادي في إسبانيا ـ بلاد الأندلس ـ حضارة لم يكن العلم فيها مجرد براعة فحسب بل كان علما طبق على الفنون والصناعات الضرورية للحياة العملية ) ... ويقول العالم الهولندي المسلم محمد أسد ( ليوبولد فايس ) في كتابه القيم " الإسلام على مفترق الطرق " : ( إن العصور الوسطى قد أتلفت القوى المنتجة في أوربا فكانت العلوم في ركود تام وكانت الخرافة سائدة وكانت الحياة الاجتماعية فطرية خشنة إلى حد من الصعب علينا أن نتخيلها الآن وفي ذلك الحين أخذ النفوذ الإسلامي في العالم ينتشر من خلال مغادرة الصليبيين عائدين إلى بلادهم ومن خلال الجامعات الإسلامية الزاهرة في إسبانيا المسلمة ـ بلاد الأندلس ـ في الغرب ثم بالصلات التجارية المتزايدة التي أنشأتها جمهورية جنوة والبندقية .. وأمام تلك الأبصار المشدوهة  أبصار العلماء والمفكرين الأوربيين ظهرت مدينة جديدة .. مدينة مهذبة راقية خفاقة بالحياة ذات كنوز ثقافية عالية .. لقد خلق العرب لأنفسهم عالما علميا جديدا تمام الجدة لقد وجدوا طرائق جديدة للبحث وعملوا على تحسينها ثم حملوا هذا كله بوسائط مختلفة إلى الغرب .. ولسنا نبالغ  إذا قلنا بأن العصر العلمي الحديث الذي نعيش فيه لم يدشن في مدن أوربا النصرانية وإنما في المراكز الإسلامية في دمشق وبغداد والقاهرة وقرطبة )  ..

لقد تعلمت أوربا كل العلم الذي وجدته عند المسلمين كما أخذت كثيرا من الأصول الحضارية التي وجدتها عندهم ولكنها ولأمر ما رفضت أن تأخذ الإسلام رغم السماحة الهائلة التي لمسها المسيحيون في أوربا من المسلمين في الأندلس وارتدت إلى الجاهلية الإغريقية الرومانية المتعصبة لتنشئ على أساسها جاهلية جديدة متقدمة كل التقدم في العلم والتكنولوجيا ومنتكسة أشد الانتكاس فيما عدا ذلك من جوانب الحياة .. إن أوربا بدافع العصبية الصليبية وبسبب ارتكاسها وعودتها إلى النهج اليوناني والروماني الوثنيين أعرضت عن دين الله القويم واتجهت لبناء جاهلية تقدس العقل والجسم والمادة والجنس وترتكس في حمأة الشهوات والدنس وتبني مجتمعاتها على العنصرية والحقد بعد أن نسيت التسامح الإسلامي الذي عاملها به المسلمون وأخذت تبني فكرها على الأوهام والخرافات والإلحاد والوثنيات التي ورثتها من اليونانيين والرومانيين على حد سواء ومن هذا المنزلق الخطير انبثقت الفلسفات العلمانية التي تطورت فيما بعد إلى الفلسفات الوجودية المغرقة بالانحراف والوهم والخرافة ثم جاءت بعد ذلك فلسفات وانحرافات أخرى مثل الإليوتية وغيرها والتي تقدس الأساطير والخرافات وتسير وراء الأوهام والظنون والخرافات ... ومن ذلك نجد أن الفلسفة العلمانية اللادينية الحديثة لم تقتصر على النواحي الروحية والتعبدية وإنما كان لها آثارها السلبية العريضة على السياسة والاقتصاد والاجتماع بل على كل نواحي الحياة ,..

ففي مجال السياسة ... استطاعت الحركة العلمانية في أوربا أن تنتزع من الكنيسة السلطة السياسية التي كانت تفرضها على الناس وحتى على الملوك والقياصرة تحت مبدأ الحق الإلهي الذي ورثته الكنيسة ورجال الدين من يسوع الإله على حد زعمهم وفي ذلك يقول البابا نيقولا الأول " 858 ـ 867 م " : ( إن ابن الله أنشأ الكنيسة بأن جعل الرسول بطرس أول رئيس لها وأن أساقفة روما ورثوا سلطات بطرس في تسلسل مستمر متصل ولذلك فإن البابا ممثل الله على ظهر الأرض .. يجب أن تكون له السيادة العليا والسلطان الأعظم على جميع المسيحيين حكاما كانوا أم محكومين ) ... ويقول البابا جريجوري السابع " 1073 ـ 1085 م " : ( إن الكنيسة بوصفها نظاما إلهيا خليقة بأن تكون صاحبة السلطة العليا ومن حق البابا وواجبه بصفته خليفة الله في الأرض أن يخلع الملوك غير الصالحين وأن يؤيد أو يرفض اختيار البشر للحكام أو تنصيبهم حسب مقتضيات الأحوال )

ومن هذا المنطلق فإن الحركة العلمانية اللادينية قد بدأت وبشكل غير ظاهر على يد الملوك والحكام والأباطرة بهدف انتزاع السلطة السياسية العليا من الكنيسة بعد أن أذلت العديد ممن بدؤوا يتمردون على سلطة الكنيسة وبدؤوا يطالبون الكنيسة بالسلطة المادية على أن اقتصارالكنيسة على السلطة الروحية فحسب حول نظرية الحق الإلهي في السلطة المادية السياسية إلى الملوك والحكام بدلا من رجال الدين في مجال السياسة والحكم والأمور المادية والحياتية بشكل عام ولقد ظهر على ساحة الأحداث فلاسفة وكتاب يدعمون الحكام والملوك في ترسيخ فكرة الحق الإلهي المادي للحكام بينما اقتصر الحق الإلهي للكنيسة على السلطة الروحية والتعبدية في الكنيسة .. كما ظهر كتاب وفلاسفة يدافعون عن استبداد الحكام وطغيانهم وديكتاتوريتهم وإعطائهم الحق باستخدام أي أسلوب للوصول إلى أهدافهم حتى ولو كان هذا الأسلوب بعيدا عن الأخلاق أو عن الصفات الإنسانية ومن أمثال هؤلاء الفلاسفة والكتاب ( هوبز ) و ( ميكيافيلي ) الذي أعطى للعلمانيين اللادينيين مجالا أوسع وحرية أكبر في استخدام كافة الطرق والأساليب اللاأخلاقية ولذلك أصبح هذا النهج اللاأخلاقي اللاإنساني الذي ينتهجه العلمانيون اللادينيون يسمى ( الميكيافيلية ) وأصبح النهج الميكيافيلي يسير تحت مبدأ أساسي هو ( الغاية تبرر الوسيلة ) .. والحقيقة أن ميكيافيلي في كتابه الشهير ( الأمير ) قد أعطى الشرعية الكاملة لكل الوسائل الخسيسة اللاأخلاقية التي يستخدمها الحاكم أو الأمير من كذب وغش وخديعة وقتل وسفك دماء وإلقاء القنابل وتدمير المدن وقتل الشعوب في سبيل الوصول إلى الهدف والذي كثيرا ما يكون غير شريف أيضا .. وهذا ما ينطبق فعلا على العلمانيين من دعاة الديمقراطية أو دعاة الإشتراكية أو دعاة القومية أو دعاة الشيوعية أو الفاشية أو النازية فكلهم تتلمذوا على ميكيافيلي في أساليبهم القمعية الديكتاتورية اللاأخلاقية واللاإنسانية .. ولقد قوبل النهج الميكيافيلي بادئ ذي بدء بالاستنكار والرفض ولكن سرعان ما وجد فيه الحكام الظلمة بغيتهم في استعباد الناس وتسخيرهم لخدمة شعب معين أو أمة معينة أو مبدأ معين .. ونظرة فاحصة إلى ما وقع أيام هتلر النازي أو موسوليني الفاشي أو أيام ماوتسيتونغ ولينين واستالين وجوزيف بروس تيتو و سلوبودان ميلوزوفيتش وكمال أتاتورك وجمال عبد الناصر وحافظ أسد وصدام حسين والحبيب بورقيبة وهيلا سيلاسي والأسقف مكاريوس وبابراك كارمل وحفيظ الله أمين وجورج بوش وغيرهم كثير من الطغاة المستبدين المتجبرين نعلم إلى أي مدى انحدرت فيه السياسة العلمانية البعيدة عن الدين البعيدة عن الأخلاق .. لقد استباح هؤلاء الطغاة دماء ملايين البشر بحجج واهية بعد أن تخلوا عن الدين وتخلوا عن الأخلاق السامية التي تدعوا إليها الأديان السماوية بشكل عام والدين الإسلامي بشكل خاص ,, **   في مجال السياسة تم اتباع المبدأ الميكيافلي ( الغاية تبرر الوسيلة ) والتي تعني بشكل صريح ووقح إسقاط الأخلاق وبشكل كامل في مجال السياسة فلا مانع من القتل وإبادة الشعوب وتدمير المدن والاستعمار والاستعباد والفصل العنصري مادام ذلك يحقق مصلحة طائفة معينة أو دولة معينة مادامت تمتلك القوة والاستطاعة على تنفيذ ذلك .. بل لا مانع من استخدام الأسلحة النووية وجميع أسلحة التدمير الشامل المحرمة دوليا إذا شعرنا أننا سنخسر الحرب ..لا مانع من قتل الأطفال واغتصاب النساء وإبادة الملايين إذا اعتدى رجل ما على دولة عظمى .. واذكر في هذا المجال أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة عندما عرض عليها المآسي والمصائب وموت مليون طفل نتيجة الحصار المجرم على الشعب العراقي ، قالت وبدون أي إحساس إنساني : ( إنها الحرب...! ) أجل إنها الحرب التي تبيح للأقوياء كل الجرائم في حق الإنسانية أما قوانزاليزا رايز وزيرة الخارجية الأمريكية اللاحقة فعندما زارت جنوب لبنان ورأت بأم عينيها الدمار والخراب وعشرات الألوف من القتلى والجرحى الأبرياء من جراء الغزو الإسرائيلي المدعوم من أمريكا فقالت: ( الآن يمكننا تطبيق الديمقراطية في لبنان ) وهل الديمقراطية الغربية لا تطبق إلا بذبح ملايين الأبرياء في كل مكان ..؟!!! لقد تشابهت قلوبهم وأهوائهم وأقوالهم لأنهم ينطلقون من مبدأ علماني قذر واحد ( الغاية تبرر الوسيلة ) البعيد كل البعد عن الأخلاق السامية والمعايير الإنسانية الحضارية .

أما في المجال الاقتصادي ... فإن الظلم الاقتصادي في البلاد العلمانية يتجه إلى الابتعاد وبشكل كامل عن التعاليم الدينية والاعتماد على النظم الاقتصادية المادية التي هي من صنع البشر مبتعدة كل البعد عن التعاليم الدينية بل معارضة ومناقضة في كثير من الأحيان لتعاليم الدين .. وسواء كان التوجه العلماني الاقتصادي باتجاه الرأسمالية أو الاشتراكية أو الشيوعية أو غير ذلك من النظم فكله سيان من حيث التعارض والتناقض مع تعاليم الأديان السماوية .. فالحركات العلمانية التي قامت في أوربا ضد سلطة الكنيسة لم تتحول في نظامها الاقتصادي إلى ما هو أفضل وإنما ظلت تنحدر وترتكس وتنتقل من جاهلية إلى جاهلية أخرى ومن فساد إلى فساد أشد ومن ظلم إلى ظلم أدهى وأمر وكلما حاولوا أن يصلحوا الظلم جاؤوا بظلم جديد وهذا هو شأن البشر دائما يشرعون لأنفسهم وفق مصالحهم وأهوائهم وشهواتهم ويرفضون الهدى الرباني الذي يصلح أحوال الناس كافة .. إن البشر حين يشرعون لاقتصاد بلد معين إنما يقومون باغتصاب حق إلهي لأن التشريع هو من خصائص المنهج الرباني لا يجوز لبشر أن يشرع لبشر ولا يجوز لحاكم أو ملك أو رئيس أو أمير أو رجل دين أن يشرع للناس خارج المنهج الإلهي .. يروى أن عدي بن حاتم الطائي وكان على النصرانية دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلن إسلامه أمام الرسول صلى الله عليه وسلم  وكان الرسول يقرأ قوله تعالى : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم ) فقال عدي : ولكنهم لم يعبدوهم يا رسول الله فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم فتلك عبادتهم إياهم ) .. فالرسول الكريم عليه أفضل السلام والتسليم اعتبر أن مجرد تغير أحكام الشريعة الإلهية هو شرك وعبودية للناس من دون الله .. إن هذا الأمر كثيرا ما يغيب عن كثير من الناس فيخلطون ويقعون ببراثن الشرك والعبودية لغير الله فلا يمانع بعض الناس من أن يعتبر نفسه مسلما وفي نفس الوقت يتبع في واقع حياته نظاما بشريا شيوعيا أو علمانيا أو إشتراكيا أو رأسماليا أو ديمقراطيا أو غير ذلك من المذاهب والأنظمة الأرضية التي هي من صنع البشر تعارض أو تناقض المنهج الرباني في قليل أو كثير .. إن المشرعين من البشر خارج حدود المنهج الرباني القويم قد اغتصبوا لأنفسهم حقا إلهيا وإن المنفذين للتشريعات المتعارضة أو المناقضة للمنهج الإلهي هم قوم عبيد لبشر مثلهم لأن أي تشريع بشري أرضي لابد وأن يضمن مصالح المشرعين أو من حولهم على حساب مصالح الملايين من أبناء البشر فالأمريكي لا يمكن أن يشرع لصالح الصين أو الهند ضد المصالح الأمريكية والأبيض في أمريكا لا يمكن أن يعطي السود الأمريكيبن مصالحهم الكاملة على حساب الرجل الأبيض وهكذا نجد أن كل مشرع من بني البشر سيؤثر بني جنسه حتى ولو كان ذلك على حساب سحق الملايين من أبناء البشر ومن هذا المنطلق تظهر ضرورة تطبيق المنهج الرباني القويم العادل ليعم العدل والمساواة جميع البشر في جميع أنحاء العالم .. إن أي تشريع بشري لابد وأن يضمن مصالح المشرعين أنفسهم وأصحاب المصالح من الحكام والرؤساء والملوك ومصالح رجال الدين ومصالح رجال الدولة والمسؤولين ومصالح أصحاب رؤوس الأموال المتنفذين وذلك على حساب ملايين الفقراء والبسطاء والمعوزين واستعبادهم وتسخيرهم لخدمة طبقة الأسياد في المجتمع أو طبقة الحكام والمسؤولين كما هو الحال في الأنظمة الشيوعية التي سحقت شعوبها واستعبدتهم وجعلتهم يكدون الليل والنهار بقوة الحديد والنار من أجل لقمة عيش ذليلة أما المجتمعات الرأسمالية فالصورة لا تختلف كثيرا إلا من حيث الشكل أما المضمون فهو مضمون واحد طبقة رأسمالية غنية مترفة إلى آخر حدود الترف وطبقة كادحة عاملة في وضع مادي تعيس لا تستطيع أن تدخر شيئا  أو تتوسع في معيشتها أو تحظى على الحد الأدنى من الحياة الحرة الكريمة .. وهنا تطل الميكيافيلية برأسها البغيض على الاقتصاد في الدول العلمانية لتحتل مركز الصدارة في الإقتصاد العلماني سواء كان ذلك في الشرق والغرب .. **    أما في المجال الاقتصادي فقد تم أيضا إبعاد الأخلاق السامية والمعاير الإنسانية عن موضوع الاقتصاد فأباحوا الربا وحللوا الغش والتلاعب والخداع والكذب وسرقة أجر الأجير وإشغال الناس بتوافه الأمور لسلب أموالهم بطريقة جشعة إضافة إلى تحليل شن الحروب على الدول والشعوب من أجل مصالح الدول الاستعمارية .. لقد قامت الحروب الاستعمارية كلها في القرنين السابقين من أجل المادة ومن أجل سلب خيرات الشعوب ومن أجل سرقة أمول الشعوب ومن أجل تصريف بضائعهم في كل بقاع العالم دون أن يسمحوا بتطوير هذه الأمم والشعوب المستعمرة بل على العكس من ذلك تماما فقد تم فرض الجهل والفقر والمرض  والجهل على الشعوب المستعمرة من أجل تحقيق مصالح المستعمرين الغربيين ...

وفي المجال الاجتماعي ... نجد أن تأثير العلمانية على الاجتماع  والمجتمعات الإنسانية هو أشد خطرا وتأثيرا من التأثيرات الأخرى .. لقد جاءت الثورة الصناعية لتحرير المرأة فاستعبدت الرجل والمرأة على حد سواء لأغراضها الخاصة وكانت أغراضها قدرا من الشر لا يخطر على بال إنسان .. تحررت المرأة فتحللت من القيود كلها وفي مقدمتها قيود الدين والأخلاق .. وطالبت بالمساواة الكاملة مع الرجل فرفضت أن يكون الرجل قيما عليها لأن القوامة لا تصلح بين الأنداد .. واشتغلت فانشغلت عن مهمتها الأولى في الحياة وهي تربية النشء .. وتفككت الأسرة وانحل البيت وتشرد الأطفال وتكونت منهم عصابات جانحة ترتكب الجرائم لمجرد سد الفراغ .. وانحلت روابط المجتمع فصار كل إنسان يعيش وحده حتى داخل الأسرة الواحدة فالزوج له عمله ومغامراته والزوجة لها عملها ومغامراتها والأولاد يتركون البيت ولا يعودون ولا يربطهم بالأب والأم أي رباط إلا زيارات خاطفة في مناسبات متباعدة .. ويكبر الأبوان في تلك العزلة القاتلة فلا يجدان من يطرق عليهما الباب فينشدان سلواهما بالقطط والكلاب .. وانتشر الشذوذ لأسباب كثيرة منها رفض المرأة القوامة من الرجل .. وهكذا نجد الحضارة الغربية انحطاط اجتماعي هائل وهبوط في السلوك والأخلاق ينذر بسقوط هذه الحضارة المادية .. وفي مجال العلاقات الاجتماعية فقد هبط العلمانيون بمجتمعاتهم إلى أسفل السافلين وذلك في العلاقات الاجتماعية والإنسانية وفتحوا بضاعة الجنس بشكل سافر وميسر كنوع من السرقة والابتزاز وذلك بلا رادع من أخلاق ولا ضابط من عقيدة أو دين فكان أن تحطمت الأسرة وتشرد الأطفال وارتكست المجتمعات العلمانية إلى الحمئة الدنسة وتردت البشرية إلى السعار الجنسي المجنون الذي لا يشبع ولا يرتوي وبذلك تحطمت العلاقات الاجتماعية الحقيقية بين أبناء المجتمع الواحد .. أما في المجال الروحي فقد أطلق العنان للمشعوذين والعرافين والدجالين الذين يقرؤون المستقبل ويدعون كذبا وزورا علم الغيب عن طريق النجوم تارة وعن طريق الكواكب تارة أخرى وعن طريق الشياطين والجن وعن طريق قراءة الكف وما شابه ذلك وهكذا .. وهكذا بعد أن تم لهم القضاء الكامل على المنابع الروحية الحقيقية الأصيلة التي جاءت بها الأديان السماوية واتبعوا ما تتلو الشياطين فتحولت الروحانيات وبشكل كامل إلى خرافات وشعوذات وأباطيل .. ومن الطريف أن نذكر أن الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتيران كانت له عرافة مغربية الأصل مقيمة في باريس لا يقطع أمراً هاما إلا بعد استشارتها فهل بعد هذا الهبوط من هبوط وسخف ؟..  وهكذا قامت العلمانية الحديثة بإفراغ الأخلاق الإنسانية من مضامينها وجعلها كما يقول ماركس : ( انعكاساً للأوضاع المادية والاقتصادية ) بعيدا عن توجيهات الأديان وضبطها لما فيه صلاح الإنسان في هذا الكون.

وفي مجال العلم  والعلماء ... فقد كان لتأثير العلمانية الميكيافيلية أكبر الأثر فلقد ذكرنا سابقا الصدام العنيف الذي حصل في الغرب بين الكنيسة من جهة وبين العلم والعلماء من جهة أخرى .. الكنيسة التي كانت تتبنى الخرافات والأوهام والأفكار الخاطئة المنحرفة والعلماء الذين درسوا على علماء المسلمين في بلاد الأندلس في قرطبة وغرناطة وإشبيلية وفي صقلية وجنوة والبندقية وغيرها من مراكز الإشعاع الحضاري الإسلامي  في العالم آنذاك .. حيث تفتحت عقولهم واتسعت مداركهم على العلم والمعرفة الحقيقية وعلى المنهج التجريبي في البحث العلمي الذي وضعه علماء المسلمين فأخذوا ينبذون خرافات الكنيسة وأوهامها ويتسلحون بالنتائج العلمية التجريبية التي أخذوها عن المسلمين .. ولكن حماقة الكنيسة ورجال الدين المسيحي آنذاك لم تترك لهم فرصةالتعلم والتعليم والبحث ولكنها على العكس من ذلك فقد أخذت تلاحق العلماء وتجبرهم على ترك أفكارهم واتباع آراء الكنيسة الخاطئة المنحرفة واتباع الخرافات والأوهام التي ثبت للعلماء بطلانها والتي كانت تتبناها الكنيسة الغربية الأوربية .. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تطور بشكل كبير حتى وصل إلى حد اتهام العلماء بالهرطقة التي توجب عقوبة القتل أو الصلب أو الحرق .. ومن هذه النقطة بالذات بدأ الصراع الفعلي القوي بين الكنيسة والعلم وبين رجال الدين والعلماء يدعمهم في ذلك قاعدة عريضة من المجتمع التي سئمت خرافات الكنيسة وأباطيلها مما أدى إلى ظهور النزاعات والحركات العلمانية اللادينية التي ترفض آراء الكنيسة جملة وتفصيلا وتعادي رجال الدين المسيحي عداء مستحكما .. ولقد كان من المنطقي والواجب أن يتجه مثل هؤلاء العلماء والمفكرين باتجاه الدين الصحيح الذي أنتج العلم الصحيح وأنتج العلماء الذين تربى على أيديهم علماء الغرب .. كان من المنطقي والواجب  على هؤلاء العلماء أن يتجهوا إلى دين أساتذتهم المسلمين الذي يجمع بين العلم والعقيدة الروحية الصحيحة برباط قوي حيث كان الدين الإسلامي يحث على طلب العلم والبحث والتفكير في ملكوت الله ويعتبر ذلك نوعا من العبادة يثاب فاعلها إضافة إلى أن الدين الإسلامي قد رفع مرتبة العلماء إلى المستوى الذي يليق بهم في المجتمع الإسلامي .. يقول ربنا جل وعلا : ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) ويقول أيضا : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء )  ... إن التكريم الذي حظي به العلم والعلماء في الدين الإسلامي لا مثيل له في الوجود وكان من الواجب على علماء الغرب ومفكريهم أن يوجهوا عقولهم وأفكارهم نحو هذا الدين القويم وأن لا يتنكروا لمن علمهم من العلماء المسلمين ولكنها العصبية المقيتة التي دفعتهم بعيدا عن الكنيسة أولا ثم بعيدا عن كل الأديان أخيرا فكان هذا الخصام النكد بين العلم والدين ثم كانت الحركات العلمانية التي تقدس العلم والعلماء وتستخف بكل ما يمت إلى الأديان والمعتقدات بصلة .. حتى وصل الأمر إلى اعتبار أن مجرد الاعتقاد بوجود الله  كفيل بإخراج العالم من دائرة العلم والعلماء ووضعه في دائرة السخرية والاستهزاء .. لم يعد العلم هو الأداة السامية التي تخدم الإنسانية جمعاء وإنما أصبح يوجه في سباق التسلح والتسلط على الدول واستعباد الشعوب وأصبح العلم مسخراً لتنفيذ المصالح والأهواء والشهوات حتى وصل الأمر إلى نشر أبحاث علمية كاذبة لا تمتلك أي رصيد من العلم واعتبروها علوما أمثال خرافات داروين وفرويد وسارتر وكولن ولسون وغيرهم كثير ممن أساؤوا أشد الإساءة إلى المبادئ العلمية السامية وذلك كله تحت مبدأ إقصاء الدين والأخلاق وبشكل كامل عن جميع الفعاليات الإنسانية واعتماد مبدأ المكيافيلية القذرة .. لقد أصبح العلم يبتكر كل يوم مبتكرات براقة متطورة ظاهرياً ولكنها وسيلة خسيسة خبيثة لابتزاز الناس أذكر على سبيل المثال هنا ابتكار الهاتف الجوال الذي هو تطور علمي رائع وقفزة هائلة في مجال الاتصالات العالمية ولكن إغراق السوق كل يوم بأنواع جديدة تقوم بنفس الهدف القديم مع بعض الديكورات والتطويرات الشكلية ليس له تفسير إلا ابتزاز أموال الناس بأساليب شيطانية ويكفي أن نعرف أن أي هاتف جوال في مجال الإنتاج الغزير لا يكلف أكثر من خمسة دولارات إلى عشرة دولارات في حين يباع أقل واحد منها بخمسين دولاراً عدا عن الفوائد الكبيرة التي تجنيها من الشركات المكالمات في كل لحظة ونلاحظ أن سعر البيع لهذه الأجهزة يعادل عشرات الأضعاف للتكلفة فهل بعد هذه السرقة من سرقة ؟... وقس على ذلك كثير مثل القنوات الفضائية وشبكة الانترنت والأفلام السينمائية وغير ذلك كثير وكثير.. لقد أصبح العلم مسخراً للنهب والسرقة وتدمير الأخلاق والضمائر في جميع أنحاء العالم .. إن مرض الإيدز وأمراض السكري وأمراض القلب وأنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير والجمرة الخبيثة وغير ذلك كثير من الأمراض الفتاكة التي تقضي على الملاين من البشر لم يعد يلتفت العلم إليها إلا بمقدار ما تحقق من الربح أما العامل الإنساني فقد تم إعدامه وفق مفهوم العلمانية المكيافيلية في كل بلاد العالم إذ نجد أن العقاقير والأدوية الطبية أصبحت من أكثر البضائع رواجا وربحا في العالم بعد سوق الدعارة ...!!

أما في مجال الفكر وأقصد هنا كل ما يتعلق بفكر الإنسان من وسائل المعرفة والإدراك والإعلام والسياحة وغيرها من الأمور الثقافية الفكرية التي لا تدخل تحت بند العلوم المادية المعاصرة فلو نظرنا نظرة فاحصة إلى المجتمعات الغربية الرائدة في مجال العلمانية وإلى جميع المجتمعات العلمانية الأخرى لوجدنا كما هائلا من الغثاء مليئا من الكذب والتضليل والخداع والغش والفساد والإفساد والأفكار الضالة المضللة في الصحافة والإعلان والتلفزيون والمسرح والسينما والإذاعة وكلها تصب في مجال إبعاد الدين والأخلاق عن واقع الحياة في المجتمع.

في مجال الأخلاق :

وننتقل إلى نقطة هامة أخرى أنتجتها الأفكار العلمانية والحركات العلمانية على مستوى العالم والتي كان لها تأثيرا خطيرا مدمرا على كافة المجتمعات الإنسانية ألا وهي الأخلاق .. وفي مجال الأخلاق ربما لا أكون مبالغا إذا قلت بأن الأديان بشكل عام والأديان السماوية بشكل خاص والدين الإسلامي بشكل أكثر خصوصية هي التي وضعت أسس الأخلاق .. وأن الدين وحده هو المنبع الطبيعي للأخلاق على مستوى الشعوب كلها .. فإذا جف هذا المنبع أو أقصي عن واقع الحياة فأي أخلاق ننتظر بعد ذلك .. هذا ولقد حاول العلمانيون خلال تاريخهم الطويل أن يجدوا منبعا آخر للأخلاق بعيدا عن الدين ذلك لأن المجتمعات البشرية لا يمكن أن تحيا بدون أخلاق أو قيم إنسانية وإلا  أصبحت هذه المجتمعات الإنسانية أقرب ما تكون إلى قطيع من الحيوانات المنتشرة في غابة أو فلاة .. ولكنهم فشلوا فشلا ذريعا في هذا المجال مما أدى إلى الانحدار والهبوط المستمر في الأخلاق منذ أن ابتعد الإنسان في الغرب أو الشرق عن الدين أو العقيدة .. وحتى الديانات الوثنية والشركية كانت تلزم أتباعها بكثير من القواعد الأخلاقية والاجتماعية بعضها الصالح وبعضها المنحرف ولكنها كديانة وعقيدة تستطيع أن تفرض نموذجا معينا من الأخلاق والعادات الاجتماعية التي قد نتوافق معها أو نختلف معها أما العلمانيين اللادينيين الذين انسلخوا وبشكل كامل من الدين والعقيدة فهؤلاء لا يمكنهم أن يفرضوا  الأخلاق والعادات الاجتماعية إلا بالقوة وبالرقابة الصارمة .. إن أي منبع للأخلاق بعيدا عن الدين أيا كان قد أثبت عجزه في إثبات القيم الأخلاقية التي يحتاج إليها الإنسان في حياته .. هذا ولقد تطور الأمر لدى العلمانيين حتى وصلوا إلى مناقشة المبادئ الأخلاقية بحد ذاتها .. هل الأخلاق فعلا ضرورية في المجتمع الإنساني ..؟ وهل هي حقائق واقعية أم مجرد خيالات وأوهام .. ؟ فكانت نهاية المطاف بالنسبة للعلمانيين التفلت من جميع المبادئ الأخلاقية التي اعتبروها قيودا والهبوط وبشكل مزري إلى درجة الحيوانية أو إلى مستوى سافل تتعفف عن ارتكابه حتى الحيوانات .. إننا لو استعرضنا مراحل علاقة العلمانية بالأخلاق وكيف انحدرت بالمجتمعات الغربية من فساد إلى فساد أشد لتبين لنا مقدار الجريمة التي قامت بها الحركات العلمانية سواء كانت شيوعية أو اشتراكية أو ديمقراطية أو رأسمالية أو قومية أو غير ذلك من المذاهب والأنظمة والدعوات والعقائد الباطلة .. ذلك لأن تخلي الأمم عن أخلاقها أركسها في حمأة المادية المقيتة تارة وفي حمأة الحيوانية البهيمية تارة أخرى ولنتتبع مراحل تطور العلاقة بين العلمانية والأخلاق :

في المجال الروحي :

في بداية ظهور الحركات العلمانية قامت بمحاولات مركزة متكررة لإقصاء الدين أي دين عن واقع الحياة ونظرا لأن بداية ظهورها كان في أوربا المسيحية فإنها حاولت إقصاء الدين المسيحي أولا عن واقع الحياة .. خاصة وأن الدين المسيحي فيه العديد من الثغرات والمثالب والخرافات والتناقضات التي تسمح بانتقاده وغزوه وإبعاد الناس عنه .. ومع إقصاء الدين المسيحي في الغرب تم إقصاء الأخلاق أيضا لأن الأخلاق بشكل عام تكون مستمدة من العقيدة أو الدين بغض النظر عن سلامة هذا الدين أو العقيدة .. أما الأخلاق الفاضلة السامية  فهي وبدون شك مستمدة من الديانات السماوية فقط .. ويمكنني هنا أن أذكر دائما بعظم الجريمة وبشاعة الجريمة التي قام بها العلمانيون اللادينيون بحق الإنسانية جمعاء وذلك بإقصاء الدين عن واقع الحياة أولا ثم إقصاء الأخلاق عن واقع الحياة ثانيا وهذا الإقصاء قد تجلى في مواطن عديدة في الحياة البشرية وفي فعاليات المجتمعات الإنسانية التي بدأت في الغرب ثم أخذت تنتشر في المجتمعات الأخرى التي تبنت النهج العلماني فيما بعد ..

في المجال الفني :

وفي مجال الفن فلقد كان الفن يتبع الكنيسة حيث كان يحمل كل المعاني والتصورات الكنسية المنحرفة طبعا ولعل أروع ما أبدعه الرسامون والنحاتون في عصور ما قبل النهضة وبداية النهضة كان موجوداً في الكنائس والأديرة ولكن بعد ظهور الحركات العلمانية فقد أخذ العلمانيون في فنهم إلى تقديس الطبيعة وتقديس الإنسان حتى أصبح الإنسان وبصورة خاصة المرأة هو محط أنظار الفنانين والنحاتين الذين أبدعوا في تصوير المرأة  في أوضاع وأشكال متعددة عارية وغير عارية متبذلة وغير متبذلة وأصبح من الأمور الطبيعية في معاهد الفن والرسم أن تستلقي امرأة عارية في وضع معين  يقوم  بقية الطلاب برسمها والإبداع في إظهار مفاتنها .. نعم لقد كان الفن منحرفا في السابق ولكنه اليوم أصبح سافلا ومنحطا في عهد الحركات العلمانية .. أما في مجال الفن القصصي والشعر فحدث عن ذلك ولا حرج فلقد قام الشعراء والأدباء برفع كل الاعتبارات الأدبية والذوقية والأخلاقية عن الأدب فبدأت تظهر في عالم الأدب مبادئ السريالية والوجودية  والأدب الجنسي المكشوف والأدب البوليسي الذي يمجد  الجريمة ويؤكد عبقرية المجرمين حتى وصل الأمر إلى اعتبار الحياة الإنسانية حياة لا هدف لها ولا غاية واعتبار الإنسان الذي خلقه الله وجعله خليفة له في الأرض عبثا وضلالا وضياعا حتى وصل الأمر إلى إطلاق فكرة ( الإنسان اللا منتمي ) الذي يقوم بما يحلو له في هذه الحياة دون انتماء إلى مجتمع أو أسرة أو حي أو صداقة أو أخوة أو أي معيار من معايير الحياة الإنسانية .. لقد هبطت العلمانية بالإنسان إلى مادون الحيوان إذ أن الحيوانات ترتبط ببعضها تحت مبدأ القطيع أما الإنسان فأصبح يبتعد حتى عن قطيعة البشري وذلك وفقا لمعايير اللامنتمي التي أبدعتها العلمانية الحديثة .. إن الجريمة الكبرى التي قامت بها المبادئ العلمانية اللادينية هي إضفاء الشرعية على كل التيارات الهابطة المادية أو الحيوانية وتركيز الأضواء عليها وإعطائها صفة الفن .. ولعل أخر صرعات الفن العلماني الحديث هو القيام بممارسة الجنس في أوضاع شاذة قذرة أمام أعين المشاهدين في المسارح واعتبار هذه الممارسات السافلة أرقى ما توصل إليه فن العلمانيين .. لقد سقط الإنسان كله إلى السراديب وقرر المقام هناك وأضاء الأنوار على قاذوراتها وعرضها على أنها البضاعة الحاضرة فلم تعد سراً يستخفى منه ولم تعد قذارة تستنكر ولم تعد شيئا يتقزز منه الناس لم يعد أدب الجنس المكشوف قذارة يترفع عنها الفن إنما صار هو الفن الذي يتفنن فيه الكتاب يعرضون مفاتنه في تفصيل دقيق مكشوف ويعرضونه على أنه قاعدة الحياة أو قمة الحياة ...

العلمانيون والإسلام :

أما عن علاقة العلمانية بالإسلام فقد أطلق العلمانيون شعارهم القديم بأنهم ليسو ضد الدين وأنهم يتعايشون مع الكنيسة وأن الدين لله والوطن للجميع وبالطبع فإن هذه الدعوى كاذبة كذبها الواقع العملي لتطبيق العلمانية التي أقصت الكنيسة والدين وبشكل كامل عن واقع الحياة فلم يعد لها أي أثر يذكر في حياة الناس سوى سويعات قليلة في أيام الآحاد وأعياد الميلاد ورأس السنة التي ربما لا يحضرها إلا العجائز من الرجال أو النساء إضافة إلى مراسم المواليد والجنازات .. وكذلك فقد أقصت العلمانية الأخلاق وبشكل كامل عن حياة الناس كنتيجة طبيعية لإقصاء الدين المسيحي عن حياة الناس ونظرا لأن الدين المسيحي في الوقت الحاضر لا يمتلك تشريعا عاماً كاملا شاملا للحياة ونظرا لأنه يستمد تشريعه من العهد القديم ( التوراة المحرفة ) المتداولة بين أيدي الناس فقد قبل من العلمانية مبدأ التعايش بحيث لا تدخل الكنيسة في أمور الناس العامة وتقتصر على الأمور الروحية في الكنيسة فقط في المقابل تقوم النظم العلمانية بجميع شؤون الحياة دون التدخل في الأمور الروحية الكنسية ولكن عندما قام العلمانيون في تركيا المسلمة بقيادة كمال أتاتورك يساعدهم في ذلك العلمانيون العرب بقيادة الشريف حسين وأبنائه يساعدهم أيضا في الخفاء الدول الاستعمارية الغربية والحركات اليهودية العالمية فقد تم تقويض الخلافة العثمانية الإسلامية ومحاولة اتباع النهج الغربي العلماني بإقصاء الدين الإسلامي عن واقع الحياة وتقرير مبدأ فصل الدين عن الدولة واجهتهم الشعوب الإسلامية بمعارضة شديدة جداً تم قمعها بشدة وضراوة في تركيا على يد العلمانيين الأتراك الذين كانوا قد تسلموا قيادة الجيش والأجهزة الأمنية بشكل كامل وأبعدوا كل من لديه أي توجه ديني إسلامي .. لقد كانت المعارضة الإسلامية شديدة لأن الإسلام كدين إلهي يشمل التشريع الروحي والتشريع لكل أمور الحياة بل يشمل كل صغيرة وكبيرة في حياة الناس ولم يكن من السهل تطويع الإسلام والمسلمين لهذه المبادئ الكافرة المستوردة ولم يكن بالإمكان إيجاد معايشة كاملة أو جزئية دائمة أو مؤقتة مع المبادئ العلمانية اللادينية .. الإسلام دين ودولة وفق تشريع إلهي شامل متكامل يشمل كل شؤون الحياة لذلك لم تفلح محاولات العلمانيين وأذنابهم من دعاة القومية من إبعاد الدين الإسلامي عن واقع الحياة فعلى الرغم من محاولة تطبيق القوانين الغربية العلمانية في كثير من الدول الإسلامية إلا أن الوعي المتزايد لضرورة العودة إلى القوانين الربانية وإلى النظام الإلهي الإسلامي فوت على العلمانيين هذه المحاولات كلها وبقي الإسلام العظيم صامداً متحدياً كل الزوابع والأعاصير مما يجعله الملاذ الأخير للبشرية جمعاء للتحول إلى حضارة عالمية إنسانية إسلامية .. إن الدين الحق لا يمكن ابتداءً أن يكون عقيدة مفصولة عن الشريعة فالإلتزام بالشريعة في دين الله الحق هو مقتضى العقيدة ذاتها المتمثلة بشهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله بحيث لا تكون الشهادة صحيحةً وقائمة إن لم تؤدي عند صاحبها هذا المعنى وهو الالتزام بما جاء من عند الله والتحاكم إلى شريعة الله ورفض التحاكم إلى أية شريعة سوى شريعة الله .. لقد نزل هذا الدين ليعطي التصور الصحيح لحقيقة الألوهية وحقيقة العبودية وليقيم في عالم البشر واقعاً محكوماً بهذا التصور منبثقا عنه مرتبطاً به متناسقا معه في كلياته وجزئياته لا يتصادم معه ولا ينحرف عنه فالله هو الخالق البارئ المصور الرزاق المحي المميت المدبر اللطيف الخبير عالم الغيب والشهادة بكل أسماءه وصفاته الواردة في كتابه المنزل هو وحده المتفرد بالألوهية والربوبية وهو المستحق للعبادة وحده بغير شريك وكل ما في الكون وكل من في الكون غيره سبحانه هم خلقه وعباده واجبهم عبادته وحده بغير شريك .. إن العلمانية لا يمكن بحال من الأحوال أن تلتقي مع التشريع الإلهي المتمثل بالمنهج الإسلامي كلياً او جزئيا ذلك لأن العلمانية تعتقد بأنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين وتقول لا علاقة للاقتصاد في الدين والعلمانية تعارض وتخالف أحكام الدين المنزلة من عند رب العالمين في حين جاء الإسلام نظاما عاماً شاملاً لكل شؤون الحياة فمن فرق بين أحكام الاقتصاد وأحكام الصلاة في الإسلام فقد كفر ومن اعتبر أن السياسة لا علاقة لها بالدين فقد كفر ومن غير وبدل حكما من أحكام الإسلام بأحكام من صنع البشر فقد كفر يقول ربنا جل شأنه : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما ) .. ومن اعتقد بأفضلية نظام من الأنظمة الوضعية أو حتى مساواته في الإسلام فقد كفر حتى ولو صام وصلى وزكى ذلك لأن الإسلام هو المنهج الإلهي الوحيد الذي أنزله الله ليكون نظاما كاملا شاملا لكل شؤون الحياة ...

الدعوات الإنسانية العلمانية :

يحاول بعض المغرضين وخاصة من الديانات الأخرى يتبعهم في ذلك بعض المضللين والمهزومين روحياً أن يطلقوا دعوى الإنسانية كبديل للدين بشكل عام وللدين الإسلامي بشكل خاص ويحاولون من خلال هذه الدعوة أن يبعدوا الدين وبخاصة الدين الإسلامي عن واقع الحياة بأن يقتصر على العبادة في الأديرة والمساجد بينما تختص هذه الدعوة الخبيثة بالعلاقات الإنسانية على مستوى العالم بعيدا عن الأديان والمعتقدات لأن الدين لله والكرة الأرضية للجميع ولأن الدين يجب أن يكون بين العبد وربه فقط لا أن يكون فاعلاًَ ومؤثراً في جميع شؤون الحياة ولأن الإنسان يجب أن يرتقي فوق الفوارق الدينية أو الاعتقادية ليسمو ويرتفع إلى مستوى العلاقات الإنسانية والأخوة الإنسانية فوق الحواجز التي تفرق بين بني البشر على سطح الأرض هذا هو إدعائهم وهكذا يقولون .. إنها دعوة براقة ولكنها خبيثة ومغرضة والهدف منها تهميش الأديان بشكل عام والدين الإسلامي بشكل  خاص من أبناء المسلمين بعد أن عجزت كل الحملات التنصيرية والتشويهية والشبهات في النيل من هذا الإسلام العظيم .. دعوة خبيثة براقة تدعوك أخي المسلم لتكون كبير القلب واسع الأفق كريم المشاعر إنساني الأحاسيس .. إنها دعوة شيطانية خبيثة ماكرة لا رصيد لها في عالم الواقع ولا رصيد لها حتى في الأوهام والأحلام ونريد أن نسأل هؤلاء الإنسانيون أين طبقت هذه الدعوات الإنسانية ...؟ هل طبقها المحتلون الفرنسيون في الجزائر وسوريا ولبنان ..؟..  أم طبقها المحتلون الإيطاليون في ليبياوالصومال وإيريتيريا ..؟..  هل طبقها النازي هتلر في أوربا ..؟..  أم طبقها ستالين في الإتحاد السوفيتي ..؟.. أم طبقها ماوتسي تونغ في الصين ..؟.. هل طبقها الهندوس الوثنيون في الهند ..؟.. أم طبقتها حكومة تايلاند والفلبين ..؟.. هل طبقها بوش في العراق وأفغانستان ..؟..  أم طبقها اليهود المجرمون في فلسطين ولبنان ..؟..  لست أدري أي إنسانية خيالية هذه التي يتحدثون عنها .. روسيا الشيوعية قتلت أربعة ملاين مسلم .. يوغوسلافيا قتلت مليون مسلم .. وفي الفلبين وأوغندا وتنزانيا والصين والهند وفي المجر ورومانيا ملاين المسلمين يذبحون ولا تجد تلك الدعوات الإنسانية الكاذبة ترفع حتى صوت استنكار.. الصرب قتلوا من المسلمين عدة ملايين في حرب إبادة وتطهير عرقي فهل سمعنا صوت أولئك الإنسانين ولو بكلمة استنكار .. لقد كان الحكام الرومان في مصر قديماً يلهبون ظهور الأقباط المسيحيين بالسياط لمخالفتهم إياهم في المذهب فلا يتحرك الأقباط لرد العدوان ولم يجدوا ملجأً يلجؤون إليه يمنحهم الحرية الاعتقادية ويمنحهم العدل والكرامة الإنسانية إلا عندما حررهم الإسلام من الرومان فأعطاهم كامل حريتهم الدينية استطاعوا أن يقاضوا حاكم مصر كلها أمام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وقصة القبطي مع ابن عمرو بن العاص معروفة ومشهورة حيث توجه هذا القبطي الفقير إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب واشتكى ابن عمرو بن العاص حاكم مصر وقاضاه عمر بن الخطاب وحكم عليه بأن يقتص منه ويضربه كما ضربه وقال كلمته المشهورة التي تهز أركان التاريخ ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ) ..  إنها دعوة خبيثة لإخراج المسلمين عن دينهم وسلخهم من عقيدتهم بأسلوب حضاري متمدن ولكنه خبيث وماكر.. إن تمسك المسلم بإسلامه أمر يغيظ أعداء الإسلام وخاصة الصهيونيين والصليبين الجدد المتعصبين بصورة جنونية لذلك فهم يحاولون فك هذا الارتباط بين المسلم وإسلامه بأية طريقة كانت حتى ولو كانت خسيسة دنيئة ..  فإذا ترك دينه وتمسك بمبادئ الغرب احتقروه وأهملوه ونبذوه كما حصل للأتراك بعد أن تخلو عن دينهم واتبعوا ملة الغرب الصليبين حيث نراهم اليوم يتزلفون حتى لقبرص اليونانية تلك الدولة المسخ من أجل الموافقة على انضمامهم للإتحاد الأوربي وما أجمل قول أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب حيث قال: ( نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ) .. إن ما يخشاه أعداء الإسلام اليوم هو تمسك المسلمين بدينهم وتمسكهم بعقيدتهم وتمسكهم بروح الجهاد الإسلامي .. لنستمع ماذا يقول هؤلاء الإنسانيون :

**   يقول أحد المبشرين في كتاب " الغارة على العالم الإسلامي" : ( إن أوربا كانت تفزع من الرجل المريض لأن وراءه ثلاثمائة مليون من المسلمين مستعدون أن يقاتلوا بإشارة من يده ) .. طبعا يقصد بالرجل المريض الخلافة العثمانية ..

**   ويقول المستشرق الكندي المعاصر " ولفرد كانتول سميث" : ( إن أوربا لا يمكن أن تنسى الفزع الذي ظلت تزاوله عدة قرون من الفتوحات الإسلامية وإن هذا الفزع لايدانيه شيء في العصر الحديث ) ..

**   ويقول المستشرق الأمريكي روبرت باين في كتابه " السيف المقدس" : ( إن لدينا أسبابا قوية لدراسة العرب والتعرف على طريقتهم فقد غزو الدنيا كلها من قبل وقد يفعلوها مرة ثانية .. إن النار التي أشعلها محمد-صلى الله عليه وسلم- ما تزال تشتعل بقوة وهناك ألف سبب للاعتقاد بأنها شعلة غير قابلة للانطفاء أبداً ) ..

**    ويقول ربنا جل شأنه: ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون )...

إنه الخوف والفزع من قبل أعداء الإسلام في الشرق والغرب من روح الجهاد بل من مجرد كلمة الجهاد لذلك أرادوا أن يطمسوا معالم الدين الإسلامي وأن يشوهوا صورة الجهاد الإسلامي بالإدعاءات والافتراءات والشبهات والأكاذيب إن أوربا لم تصل إلى الرفاهية الناعمة التي تعيش بها الآن إلا باستعمار واستغلال  العالم الإسلامي ونهب خيراته وثرواته واستعباد أهله وإخضاعهم لنفوذها فماذا يكون إذا ما استيقظ المسلمون وعرفوا طريقهم وتمسكوا بعقيدتهم وحملوا راية الجهاد في كل أصقاع العالم الإسلامي ماذا سيكون لو استيقظ العملاق الإسلامي النائم كما يشبهونه اليوم ..؟ لاشك أن النتائج ستكون مذهلة حقاً للغرب الصليبي المتربص يوميا بالإسلام والمسلمين .؟.. وفي مقابل هذا الخوف والحقد والفزع لنستمع ماذا تقول تعاليم الإسلام :

ففي أخلاقيات الحرب والجهاد لم يسمح الإسلام لأية بادرة ظلم أواعتداء .. حيث يقول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( اغزوا باسم الله وقاتلوا من كفر بالله، اغزوا فلا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا ) .. إن الإنسانية الحقيقية والسماحة الحقيقية لا تكون إلا من خلال الإسلام المنهج الرباني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أما تلك الإنسانية المدعاة في ظل المناهج المادية البشرية الكافرة الملحدة فهي وهم وكذب وخواء لم يعرفها التاريخ في أي عصر من عصوره وهي مجرد شعارات خادعة كاذبة لا رصيد لها من الواقع .. إن هذه الدعوة اعلمانية الإنسانية التي يطلقونها هي دعوة لا رصيد لها من الواقع فهي تفتقد إلى الرصيد الفكري الذي يستطيع تجميع كل الأعراق والأفكار والشعوب في منظومة واحدة .. كما تفتقر إلى إمكانية التطبيق العملي في واقع مليء بالظلم والفساد والأحقاد والجرائم .. كما تفتقر أيضا إلى التأثير الفعلي على ضمائر وسلوكيات الناس الفردي والاجتماعي .. لقد فشلت هذه الأنظمة والدعوات وهي بعيدة عن الدين فشلا ذريعا في تطبيق أية مفاهيم حضارية سامية .. إن مثل هذه الدعوات العلمانية التي تدعي الإنسانية لايمكنها بحال من الأحوال أن تقيم في عالم الواقع حضارة إنسانية عالمية ...  

الدعوات الإلحادية الوجودية اللادينية  :

يقول "  جوليان هيكسلي " الذي انسلخ من الإيمان بالله في كتابه " الإنسان في العالم الحديث " : ( إن الإنسان قد خضع لله يسبب عجزه وجهله والآن وقد تعلم وسيطر على البيئة فقد آن له أن يأخذ على عاتق نفسه ماكان يلقيه من قبل في عصر الجهل والعجز على عاتق الله وبالتالي يصبح هو الله ) ..  نعوذ بالله ... ولاأريد أن أناقش هنا هذا الكلام السخيف ولكن أريد أن أسأل هيكسلي مادام الإنسان هو الله فلماذا لايدفع عن نفسه شبح الموت ولماذا لم يستطع الإنسان أن يحول المادة الميتة إلى خلية حية مادام يعرف تركيب الخلية الحية بأدق التفاصيل ... لاشك أن الذين كفروا عاجزون عن خلق ذبابة أو بعوضة لابل  خلق خلية واحدة حية تستطيع أن تتزاوج وتتكاثر وقد تحداهم القرآن الكريم منذ أكثر من أربعة عشر قرنا أن يخلقوا ذبابة ومرت القرون الأريعة عشر ولم يصلوا إلى خلق خلية واحدة من الذبابة وسيستمر هذا التحدي آلاف وملايين السنين حتى يقر الإنسان بعجزه ويقر بأن هناك قدرة الله التي تخلق كل شىء بكلمة كن فيكون يقول ربنا جل شأنه : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شىء وإليه ترجعون ) ...

**     وفي هذا المجال يثير الفيلسوف (وول ديورانت ) في كتابه القيم ( مباهج الفلسفة ) تساؤلات كثيرة يمكن أن نطرحها على هيكسلي وأمثاله من الملحدين والتي لم يسنطع العلم الحديث أن يجد لها أي تفسير حتى يومنا هذا يقول ديورانت : ( ماطبيعة العالم ...؟ مامادته وماصورته ...؟ مامكوناته وهيكله ...؟ ومامواده الأولى وقوانينه ...؟ مالمادة في كيفها الباطن وفي جوهر وجودها الغامض ...؟ وماالعقل ...؟ أهو على الدوام متميز عن المادة وذوسلطان عليها ... أم هو أحد مشتقات المادة ...وعبد لها ...؟ أيكون كلا العالمين الخارجي الذي ندركه بالحس والباطني الذي نحسه بالشعور عرضة لقوانين ميكانيكية ... أو حتمية أم ثمة من المادة ...؟ أو في العقل أو كليهما عنصر من الاتفاق والتلقائية والحرية ...؟ إننا نؤثر معرفة الإجابات عن هذه الأسئلة على امتلاك سائر خيرات الأرض .. ولنسلم أنفسنا في الحال لإخفاق لامناص منه .. لالأن هذا الباب من الفلسفة يحتاج في إتقانه إلى معرفة كاملة ومناسبة بالرياضيات والفلك والطبيعة والكيمياء والميكانيكا وعلم الحياة وعلم النفس فقط بل لأنه ليس من المعقول أن نتوقع من الجزء أن يفهم الكل .. فهذه النظرية الكلية هي فتنتنا في هذه المغامرات اللطيفة ستبعد عن فكرنا جميع الفخاخ والمفاتن ويكفي أن نأخذ أنفسنا بقليل من التواضع وشىء من الأمانة لنتأكد أن الحياة في غاية التعقيد والدقة بحيث يصعب على عقولنا الحبيسة إدراكها .. وأكبر الظن أن أكثر نظرياتنا تبجيلا وتعظيما قد تكون موضع السخرية والأسف عند الإله العليم بكل شىء .. فكل مانستطيع أن نفعله هو أن نفخر باكتشاف مهاوي جهلنا وكلما كثر علمنا قلت معرفتنا لأن كل خطوة نتقدمها نكشف عن غوامض جديدة وشكوك جديدة فالجزىء ينكشف عن الذرة والذرة عن الالكترون والالكترون عن الكوانتوم ويتحدى الكوانتوم سائر مقولاتنا وقوانينا وينطوي عليها والتعليم بحد ذاته هو تجديد في العقائد وتقدم في الشك ... وآلاتنا كما ترى مرتبطة بالمادة وحواسنا بالعقل ... ومن خلال هذا الضباب يجب علينا نحن الزغب الطافي على الماء أن نفهم البحر .. إلى أي نجم بعيد ذهبت نظريتنا السديمية المشهورة .. هل يؤيدها علم الفلك الحديث اليوم أو يسخر من وجهها المغبر ...؟ وأين ذهبت قوانين نيوتن العظيم حين قلب انيشتاين وميكوفيسكي وغيرهما لقوانين الكون رأسا على عقب بمذهب النسبية ...؟ وأين مكان نظرية عدم فناء الماء ومصونية الطاقة في الفيزياء المعاصرة ومايكتنفها من فوضى وتنازع ...؟ وأين إقليدس المسكين اليوم وقد كان أعظم مؤلف للمراجع العلمية ليرى كيف يصوغ الرياضيون لنا أبعادا جديدة بحسب أهوائهم ويبتدعون لامتناهيات وينعتون أن الخط المستقيم هو أطول مسافة بين نقطتين ...؟وأين علم الأجنة ليرى أن البيئة الناشئة تحل محل الوراثة التي كانت إله العلم ...؟ وأين غريغوري ومندل ليشهدا انصراف علم الوراثة عن وحدة الصفات ..؟وأين داروين الهدام الدقيق ليرى كيف حلت طريقة التغيرات السريعة محل الاختلافات الذاتية المتصفة بالتطور ...؟ وماذا نصنع ايوم بمعمل الأستاذ ( فوندت ) وباختبارات (ستانلي هول ) حين لايستطيع أي عالم نفساني أن يكتب صحيفة واحدة في علم النفس الحديث دون أن يلقي بمخلفات أسلافه في الهواء ...؟ وأين علم التاريخ .. وماذا أصاب علومنا ...؟ هل فقدت فجأة قداستها ومافيها من حقائق أزلية ؟ أيمكن أن تكون قوانين الطبيعة ليست سوى فروض إنسانية تفتقر إلى اليقين والاستقرار العلمي ...؟ ) .. وإلى آخر ماهنالك من تساؤلات يقف الإنسان أمامها عاجزا ولاأريد أن أطيل من الاقتباس من فلسفة (ديورانت ) وسخريته من الإنسان الذي لايزال جاهلا غافلا عن كل ماحوله ورغم ذلك يدعي أنه أصبح هو الله كما يقول جوليان هيكسلي الوجودي وأمثاله من المعتوهين ...

يقول " برتراندراسل  " : (  يقترب علم الطبيعة من مرحلة الكمال وجميع الدلائل تدل على عكس ذلك ) .. يقول هنري بوانكاريه فيرى : ( إن علم الطبيعة الحديث في حالة من الفوضى فهو يعيد بناء أسسه من جديد  وفي أثناء ذلك لايكاد يعرف أين يقف .. وقد تغيرت الأفكار الأساسية عن الطبيعة تغيرا تاما في العشرين سنة الأخيرة ) .. ويقول " يوري غاغارين "  أول رائد فضاء روسي بعد عودته من رحلته الفضائية : ( حين صعدت إلى الفضاء أخذتني روعة الكون فمضيت أبحث عن الله ) .. وهذا الكلام بعد أن غرست الشيوعية مبادىء الكفر والإلحاد في نفوس أبناء الاتحا د السوفياتي منذ أن فتحت عيونهم على الحياة .. ويقول  " كريسي موريسون "  رئيس أكادمية العلوم في نيويورك : (في خليط الخلق قد أتيح لكثير من المخلوقات أن تبدي درجة عالية من الذكاء فالدبور مثلا يصيد الجندب ويحفر حفرة في الأرض ويخز الجندب في المكان المناسب تماما حتى يفقده وعيه دون أن يموت فيعيش كنوع من اللحم المحفوظ الطازج .. والعلم لايرى تفسيرا لهذه الظاهرة الخفية ولكنها مع ذلك لايمكن أن تنسب إلى المصادفة ) ...                    

الحركة الماسونية العالمية :

الماسونية  حركة علمانية إلحادية عالمية سرية لا تعترف بالأديان أسسها اليهود لتخدم مصالحهم على مستوى العالم أجمع من خلال تسخير شعوب العالم وتوجيههم وفق أهداف بعيدة المدى ظاهرها الرحمة وباطنها من قبلها العذاب .. حيث تقوم الدعوات الماسونية العالمية بطرح شعارات عالمية إنسانية خادعة تصب منافعها وفوائدها في خدمة اليهود .. ولقد استطاعت هذه الحركة السرية أن تستقطب العديد من السياسيين والزعماء والمفكرين والعلماء والمهندسين والأطباء على مستوى العالم كله بأساليب شيطانية وتسخيرهم وبشكل غير مباشر لخدمة اليهود على مستوى العالم وخدمة الحركة الصهيونية العالمية .. فالماسونية إذن حركة يهودية أصلا أنشئت لخدمة اليهود بالدرجة الأولى وإن كانت شعاراتها المعلنة شعارات جذابة براقة مثل الحرية والإخاء والمساواة والبناء وغير ذلك .. وبالفعل فقد استغلت الماسونية العالمية هذه الشعارات البراقة في خدمة الصهيونية العالمية .. فتحت شعار الحرية كانت الماسونية تحارب الأديان والمعتقدات وتنشر الفساد والفسق والفجور وتفتح المجال واسعا للحرية الجنسية حتى ولو وصلت هذه الحرية إلى الدرك الأسفل من الانحطاط والقذارة والشذوذ والبهيمية .. وتحت شعارات المساواة تم نشر الأفكار الشيوعية والاشتراكية والديمقراطية وكلها أوصلت غالبية الشعوب والمجتمعات إلى المساواة بالذل والهوان والفقر والجهل والمرض ولم يستفد من هذه الدعوات إلا الرجل الغربي الأبيض من الصليبيين أو الإسرائيليين .. وتحت شعار الإخاء عقدوا صلات الأخوة القومية والمذهبية والعرقية فكانت دعوة الإخاء هذه تفرق الأمة إلى شيع وأحزاب متعددة تجمعها عنصرية قبلية أو فئوية أو عرقية أو طائفية بغيضة وبذلك نجد أن المخطط العام يسير نحو تجزئة الدولة الواحدة إلى عدة دول عرقية أو طائفية أو إقليمية وهذ مانلاحظه وبشكل واضح في العراق وهذا هو الإخاء المطلوب ...     

الماسونية تقول : ( اخلع عقيدتك على الباب كما تخلع نعليك ) .. لذلك فإن هذه الحركة تنطلق من إنكار وجود الله جل وعلا واعتبار أن المادة وجدت هكذا بدون خالق منذ الأزل وستستمر هكذا إلى الأبد وأنها هي الخالق وهي المخلوق وهذه المفاهيم العجيبة تتصادم أول ماتتصادم مع العقل البشري الصحيح .. وهذه بدعة حديثة لم يعرفها التاريخ من قبل حيث عرف التاريخ الشركيات والوثنيات التي تعترف بوجود آلهة ووجود شركاء لها ولكن الاعتقاد بأن جميع السموات والأرض والمجرات والشهب والنيازك والإنسان والحيوان والشمس والقمر والكواكب وكل مافي الوجود صدفة وجدت منذ الأزل وأنها هي الخالق وهي المخلوق فهذه بدعة لم يعرفها حتى تاريخ المجانين والمهلوسين ... ولقد تحدى الله سبحانه وتعالى البشرية جمعاء أن يخلقوا ولو ذبابة ولكنهم عجزوا وسيعجزون حتى يرث الله الأرض ومن عليها يقول ربنا جل وعلا : ( إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لايستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ) ... إننا لنتساءل ونتعجب كيف أن الناس كانوا لايؤمنون  بوجود خالق في عهود التاريخ السحيقة أما في عصر العلم في عصر الفضاء في عصر المجاهر الاكترونية التي تكبر ملايين المرات وتكتشف حتى الكرومزومات في نواة الخلية الحية وفي عصر التلسكوبات التي تقرب ملايين بل بلايين المرات وتكتشف الفضاء الواسع الهائل فالعجب لاشك يصل إلى الذهول والدهشة أو أكثر من الدهشة من قوم لايؤمنون بوجود الله بعد هذه المكتشفات التي توصل إليها العلم الحديث  ...

إن الكنيسة الغربية بما فيها من حماقات وبما فيها من خرافات وبعدائها التاريخي السافر للعلم والعلماء والمعرفة دفعت الناس هناك إلى الكفر الكامل بالكنيسة والكفر الكامل بإله هذه الكنيسة .. وهذا هو السبب الرئيسي المباشر لظهور الدعوات الالحادية الكافرة في أوربا خاصة وفي بلاد الغرب بشكل عام .. أما السبب غير المباشر فهو اليهود الذين أعلنوا في بروتوكزلات حكماء صهيون : ( أنهم سينشرون الالحاد في الأرض ليصبح الناس كل الناس بلا دين ولاعقيدة ويصبحوا هم وحدهم أبناء الله وأحباؤه وهم وحدهم أصحاب الدين والعقيدة ) .. وبالفعل فإننا نجد الأصابع اليهودية وراء كل الحركات التي تدعوا إلى الكفر والالحاد بدءا من الثورة الفرنسية إلى الداروينية إلى الثورة الصناعية .. إلى النظريات التي يقال أنها علمية والتي تنشر الكفر والالحاد إلى نشر الإباحية والانحطاط الخلقى وذلك لإنشاء مجتمعات لادينية .. لقد استغل اليهود أخطاء الكنيسة وحماقاتها لينشروا الكفر والإلحاد والفساد والإفساد ليبقى اليهود وحدهم هم أصحاب الديانات والمعتقدات وهذا هو الهدف الرئيسي للماسونية العالمية .. ولا أريد هنا الإطالة في البحث والتنقيب عن هذه الحركة التي تدعى العالمية أو  الإنسانية  ولكني أريد أريد أن أقرر أن هذه الدعوة هي دعوة فاسدة باطاة لا تملك الأسس الفكرية والنظرية ولا تمتلك التشريح والمنهج العالمي الإنساني إضافة إلى أنها حركة عنصرية صهيونية كرست كل جهودها لخدمة الصهيونية العالمية .. وبالتالي فلا ينكن لها بحا ل من الأحوال أن تقوم ببناء حضارة عالمية إنسانية ...

 

الدعوات الحديثة :

**   الدعوات الديمقراطية .

**   دعوة اللامنتمي ..

**   الفكرة الإليوتية ..  

الديمقراطية .

الديمقراطية كلمة يونانية الأصل مشتقة من كلمتين كلمة ( ديموس ) التي تعني الشعب وكلمة ( كراتوس ) والتي تعني الحكم والسلطة .. وبالتالي يكون معنى الديمقراطية سلطة الشعب أو حكم الشعب حيث كانت هذه الكلمة تطلق على نظام الحكم الذي يكون الشعب فيه رقيبا على أعمال الحكومة بواسطة المجالس النيابية المنتخبة من الشعب والتي تمثل الشعب ويعتبر اليونانيون القدماء الإغريق أول من مارس نظام الحكم الديمقراطي بشكله البدائي وذلك في مدينتي أثينا وإسبارطة حيث كان أفراد الشعب في المدينة يجتمعون في ساحة عامة مخصصة لذلك يشاركون في إصدار الأحكام وانتخاب الحكام ويصدرون القوانين ويشرفون على تنفيذها ويضعون العقوبات على المخالفين وهذه الطريقة تخص طبقة الأسياد فقط أما العبيد فلم يكن لهم في المجتمع اليوناني القديم أي كلمة أو رأي .. إلا أن هذه الطريقة اضمحلت وزالت مع توسع المدن والدول وتعقد أمور الحياة بشكل عام حيث استبدل النظام الديمقراطي القديم بأسلوب جديد إبان الثورة الفرنسية يعتمد على انتخاب الحكومات التي تحكم البلد نيابة عن الشعب دون الرجوع إلى الشعب في كل قضية وكان هذا الأسلوب هو الحل الجديد بدلا عن الظلم والطغيان والطبقية والإقطاع وبدلا عن حكم رجال الدين الظالم الجائر آنذاك وذلك حين رفضت الثورة الفرنسية الحل الإسلامي العادل المتطور الذي حكم العالم فترة طويلة من الزمان كحل بديل متزرعة بصلفها وكبريائها وحقدها على الإسلام والمسلمين وكان هذا الخطأ الجسيم هو بداية الإنحراف السياسي والاجتماعي والاقتصادي والروحي ليس في فرنسا وحدها بل في القارة الأوربية كلها .. أخذت فرنسا بعد الثورة الفرنسية الشهيرة تنبش في الجذور الرومانية واليونانية حتى وجدت ضالتها في تلك الصورة البسيطة الناقصة التي كانت تسمى بالديمقراطية فقامت بعملية تحوير وتطوير لهذا النظام البدائي البائد الذي عفا عليه الزمان ثم تتابعت عمليات التحوير والتبديل والتطوير حتى وصل الأمر إلى مايسمى الآن بالديمقراطية الحديثة .. فالدمقراطية إذن نظام رجعي متخلف يعيد البشرية آلاف السنين إلى الوراء إلى العهود اليونانية الوثنية لولا ماجرى عليه من التعديل والتحوير والتطوير .. وعلى الرغم من أن النظام الدمقراطي الحديث نظام رجعي متخلف إلا أنه قام بخطوة تعتبر هامة وجريئة حيث ألغت الثورة الفرنسية بنظامها الديمقراطي الجديد الحق الإلهي المقدس في الحكم الذي كانت تدعيه الكنيسة في تسلطها واضطهادها للناس والذي كانت تدعم فيه سلطة الحكام المستبدين الظالمين وبهذا أحرزت الديمقراطية  تقدما هائلا لما كان عليه الحال في عهود الإقطاع وعهود الحق الإلهي المقدس الذي تدعمه الكنيسة .. إنه مما لاشك فيه أن الديمقراطية الحديثة استطاعت أن تحقق الكثير من الإصلاحات والضمانات والحقوق للشعب ولكنها لم تصل إلى الكمال ولم تصل إلى العدل المطلق الذي تحققه الشريعة الإسلامية بمنهجها الإلهي السامي .. كما أنني أريد أن أؤكد أن الديمقراطية التي نراها اليوم لم تأت هكذا دفعة واحدة وإنما تغيرت قوانينها مئات المرات وتبدلت قراراتها ألوف المرات ولا بد أن  تتغير وتتبدل ملايين المرات في المستقبل ولن تصل إلى المستوى الذي وصل إليه النظام الإسلامي المنبثق عن الشريعة الإلهية السمحاء .. وهذه طبيعة المنهج البشري يلغي ما أثبته في الأمس ويعدل ما أقره اليوم ولن يصل في النهاية إلى العدل المطلق بحال من الأحوال إلا بتطبيق المنهج الإلهي العادل .. ولا أريد هنا أن أسهب في ذكر مراحل التطور للنظام الديمقراطي عبر مئات السنين فهذا أمر تاريخي له مجال آخر في غير هذا الكتاب وإنما أريد أن أناقش الديمقراطية من خلال الواقع الحالي الذي وصلت إليه ومن خلال الواقع العملي في الدول التي تنادي بالديمقراطية .. وللرد على الديمقراطيين المتعصبين أنقل وجهة نظر الشيوعيين أعداء الديمقراطية الغربية يقول الشيوعيون عن الديمقراطية : ( إن الذي يملك هو الذي يحكم في الأنظمة الديمقراطية وإن الطبقة التي تملك وتحكم هي التي تضع التشريعات لحسابها الخاص على حساب الطبقات الأخرى .. وإنه في الديمقراطية اللبيرالية يكون المال في يد الطبقة الرأسمالية فهي التي تملك وهي التي تحكم وهي التي تضع القوانين والتشريعات لحسابها الخاص والتي تحمي مصالحها ضد مصالح الطبقة الكادحة ) وكلام الشيوعيين هذا صادق إلى حد بعيد رغم كذبهم وضلالهم فلم نجد في يوم من الأيام سواء في أوربا أو أمريكا أن اعتلى سدة الحكم رجل فقير كادح وإن امتلك أعلى الدرجات العلمية أو الحقوقية رغم وجود الملايين من الفقراء ..   

**   إن مفهوم الديمقراطية مفهوم قديم ولكنه تم تنظيمه وتأصيله بوضع الأسس والقوانين والأنظمة التي تحدد مفهوم الديمقراطية خلال القرون الأربعة الماضية وكثيرًا ما يخلط المهزومون روحيًا في بلاد الإسلام بين النظام الإسلامي والديمقراطية حتى أن بعضهم أصبح ينادي بشيء غريب عن الإسلام اسمه ( ديمقراطية الإسلام ) .. وأريد هنا أن أصحح هذا المفهوم الخاطئ لأنه لا توجد ديمقراطية في الإسلام وإنما نقول إسلام وحسب دون ترقيعات من الشرق أو من الغرب فتارة يرقع بعضهم الإسلام بالاشتراكية فيقول ( اشتراكية الإسلام ) وتارة يرقع بعضهم الإسلام بالديمقراطية فيقول ( ديمقراطية الإسلام ) وتارة يقولون ( القومية الإسلامية ) وتارة ( التقدمية الإسلامية ) حتى نحصل  في النهاية على إسلام مرقع من هنا وهناك مزقت أصالته وملامحه وقوانينه وشخصيته المميزة .. الإسلام هو الإسلام فقط دون أي إلصاق أو ترقيع لهذا الإسلام وذلك لأن هذا الدين قد أكمله الله وأتمه لنا يقول ربنا جل شأنه : [ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا ] {المائدة:3}  وبعد أن أكمل الله هذا الدين وأتمه علينا نعمة الإسلام لا يجوز لنا بعد ذلك أن ننسب شريعة الله الكاملة التامة إلى شرائع البشر الضعيفة القاصرة لأن في هذا النسب إهدار لسمو الإسلام وشموليته وإلهيته بشكل كامل ...

**     بعد القضاء على الخلافة الإسلامية العثمانية على يد الصليبيين الجدد وأتباعهم في بلاد المسلمين أخذت تظهر على الساحة ادعاءات وأفكار شتى حاول أصحابها تزيينها وتزييفها لتظهر كبديل على الفكر الحضاري الإسلامي الذي انتشر في طول البلاد وعرضها وانتشر في جميع بلاد العالم كفكر عالمي إنساني رباني قدم للعالم أجمع أروع الأمثلة الإنسانية الحية .. وبذلك ظهر الفكر الشيوعي وظهر الفكر الوجودي وظهر الفكر الاشتراكي والفكر القومي وغير ذلك من الأفكار التي انتشرت لطمس معالم الفكر الإسلامي الأصيل الذي ارتضاه الله سبحانه للعالمين .. إن الإسلام فقط بشكله المتكامل الشامل الذي أنزله الله تبارك وتعالى وهو النظام المتميز المتفرد لا يمكن أن يكون مرقعاً برقع الاشتراكية ولا برقع القومية أو التقدمية أو الديمقراطية .. إن النظام الإلهي الإسلامي الذي ارتضاه الله سبحانه لعباده حتى تقوم الساعة  ليس نظاماً اشتراكياً ولا نظامًا ديمقراطيًا أو شيوعيًا وإنما هو النظام الإسلامي الرباني الذي أنزله الله سبحانه وتعالى لصالح البشرية جمعاء ...

**  إن محاولة استبدال أو خلط مفهوم الديمقراطية بمفهوم الحضارة الإسلامية إنما هو مؤامرة على الإسلام والمسلمين لطمس معالم الحضارة الإسلامية وأنه مما يؤسف له أن كثيراً من المفكرين الإسلاميين قد تبنوا مبادئ الديمقراطية الغربية وألصقوها بالإسلام وما هي من الإسلام في شيء .. وأخذوا يناقشون ما يسمى ( ديمقراطية الإسلام ) وذلك لتشويه حقيقة الإسلام .. فالحضارة الإسلامية كل لا يتجزأ ومبدأ وشريعة متكاملة ومنهج متكامل لا يحتاج أن ننسبه تارة إلى الاشتراكية وتارة إلى الديمقراطية وغير ذلك من المفاهيم الغريبة كل الغرابة عن هذا الدين .. وحتى لو التقت بعض المفاهيم الإسلامية مع بعض المفاهيم الغربية أو الشرقية فهذا لا يعني أن نتخلى عن أصالتنا ونتخلى عن إسلامنا لنصفه تارة بتلك الصفة وتارة بصفة أخرى علماً بأن الإسلام هو النظام الشامل المتكامل الجامع لكل صفات الخير الناهي عن كل صفات النقص والشر فالإسلام كل لا يتجزأ لأن الله خالق الكون هو الذي وضع أسس هذا الدين ومناهجه وحدد له الأطر العامة التي تسمح للمسلمين التحرك ضمنها دون إفراط أو تفريط  .. أما الأنظمة  والأفكار الأخرى القادمة من الشرق أو الغرب فنقول لهم : [ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ] {الكافرون:6} وذلك لأن الإسلام بمنهجه المتكامل لا يقبل التغيير والتبديل في الأسس والشرائع والمناهج إنما يتطور ضمن الأطر الثابتة التي وضعها الله سبحانه وتعالى ...

**  إن جميع الأمور في الدول الغربية الديمقراطية تسير بشكل عام في مصلحة الرأسماليين وطبقة الأغنياء بينما الفقراء لايحصلون إلا على الفتات فكيف يصل إلى الحكم رجل فقير والحملة الإنتخابية تكلف مئات الملايين من الدولارات .

**  إن الديمقراطية الحديثة سمحت لأصحاب رؤوس الأموال بتضاعف أموالهم أضعافا كثيرة على حساب طبقة العمال والفلاحين الكادحين المنتجين الفعليين وأريد هنا أن أنوه إلى أنه من الخطأ إلغاء دور رؤوس الأموال وأصحاب العمل بشكل كامل كما تصور الشيوعية ولكني أريد أن أؤكد على مبدأ العدل في توزيع الثروة في المجتمع بين العمال والمالكين وأصحاب رؤوس الأموال ..

**   إن الديمقراطية الغربية قد أجازت استغلال رب العمل للعمال أبشع استغلال حين وضعت قوانين تحديد الأجور القائم على أسوأ أنواع الإستغلال ..

**   الديمقراطية الغربية الحديثة أجازت استغلال وقت العامل بشكل بشع فقد فرضت عليه العمل ساعات طويلة ومرهقة ولم تستجب هذه الديمقراطيات لحقوق العمال إلا نتيجة صراع مرير وإضرابات خانقة حتى حصلت الطبقات الفقيرة على جزء بسيط من حقوقها وليس على كامل حقوقها ..

**    إن الديمقراطية الغربية سمحت بتضخم زؤوس الأموال بشكل هائل وذلك على حساب طبقات الشعب الفقيرة ولم تضع في حسابها أبدا مبدأ تفتيت هذه الثروات وتوزيعها على أكبر عدد ممكن من أبناء الشعب ..

**    إن النظام المالي في الدول الديمقراطية الغربية هو نظام ربوي ظالم جائر يستغل ظروف الناس الضعفاء وحالتهم السيئة لامتصاص أكبر قدر ممكن من الأرباح لصالح الشركات والبنوك الرأسمالية وأصحاب رؤوس الأموال وهنا أريد أن أضرب مثالا بسيطا جدا على الظلم والاستغلال وفق هذا النظام الربوي والذي يعاني منه أكثر الفقراء في المجتمعات الغربية ألا وهو بطاقات الإئتمان حيث تقوم الشركات الرأسمالية بإغراء الفقراء والبسطاء باستخدام هذه البطاقات  التي ظاهرها التيسير على الناس وباطنها الظلم المحتم ومن خلال التسهيلات في السحب والدفع على مستوى العالم يقع كثير من الناس في المصيدة فما تلبث هذه البطاقة أن تصبح عبئا ثقيلا على هؤلاء الناس البسطاء حيث تتراكم  الفوائد البنكية يوما بعد يوم وبنسب قد تصل إلى أكثر من 20 % ويصبح الفرد الفقير عاجزا عن تسديد الفوائد البنكية فقط والمبلغ الرئيسي يدور كل شهر دون أدنى فائدة بينما فوائد هذا المبلغ اصبحت قسطا شهريا واجب الدفع وهكذا يقع ملايين البشر هناك في هذه المصيدة الأكيدة التي يعاني منها كل الفقراء والبسطاء في الغرب ومن عاش في بلاد الغرب يعرف مدى الظلم والإجحاف الذي يقوم به أصحاب رؤوس الأموال على أبناء الغرب الكادحين .. هذا مثال بسيط جدا أما عمليات التمويل الكبرى فحدث عن المآسي والظلم ولا حرج ...

**     قام البرفسور الاقتصادي الألماني ( شاخت ) منذ أكثر من ستين عاما .. بدراسة اقتصادية للنظام الربوي الغربي الذي تقوم عليه الحضارة الغربية والديمقراطيات الغربية فخلص إلى النتيجة التالية : ( إن النتيجة الحتمية للنظام الربوي هي تزايد رؤوس الأموال في يد فئة من أفراد المجتمع يتناقص عددها مع الزمن وبشكل مستمر دائم مما يؤدي إلى زيادة الفقر في فئة من الناس يتزايد عددها مع الزمن بشكل مستمر ) .. وهذا مانراه اليوم في أعتى البلاد الديمقراطية الغربية  ..

**     إن الديمقراطية بنظامها الحر هي التي توجه رؤوس الأموال نحو التضخم عن طريق إعطاء الحرية الكاملة للفعاليات التافهة غير المنتجة والتي تمتص من الناس وعلى شكل نزيف دائم مستمر يتلقاه الرأسماليون ليزيد من أرباحهم وثرواتهم .. أذكر هنا بعض الأمثلة للتوضيح وليس للحصر لأن هناك عدد كبير من الفعاليات البشرية يمكن اعتبارها بشكل كامل أوجزئي عمليات سرقة أو ابتزاز للأموال ..  فمن الصناعات التافهة الغير منتجة التي تدخل في حيز الكماليات وتبتز أموالا طائلة من ملايين البشر أذكر صناعة السينما وصناعة أدوات التجميل وبيوت الأزياء والموضة العالمية والتفنن في تطوير السلم الإستهلاكي لابتزاز أكبر قدر من أموال الناس في جميع أنحاء العالم وما صرعة الهواتف المحمولة والتي تقذف إلى الأسواق كل يوم بمظهر جديد أو شكل جديد أو مميزات جديدة أو أنغام موسيقية جديدة أو غير ذلك من أشكال التطوير والتحديث التي تهدف وبشكل أساسي لابتزاز أموال الناس .. إننا كدول فقيرة أو نامية على أقل تقدير يجب أن لا ننصاع وننجرف وراء هذا التيار الجارف ونحاول الحد قدر الإمكان من عملية الابتزاز هذه فالطالب في المرحلة الإعدادية أو الثانوية ليس بحاجة إلى هاتف جوال بقيمة ألف دولار حيث يكفيه أبسط أنواع الجوالات التي تسمح له بالإتصالات الضروية أو ربما لا يحتاج أصلا إلى جوال .. أما الجوالات الحديثة جدا والمتطورة جدا فلا يستفيد منها إلا عدد قليل جدا من الناس أضف إلى ذلك أن عددا كبيرا من الناس لا يعرف كيف يستفيد من مثل هذه الميزات فلماذا تهدر الأموال في أمر لا فائدة منه إلا الشهرة والتكبر والتعالي على عباد الله .. ومثال آخر من أمثلة الإبتزاز أيضا أجهزة الكمبيوتر حيث تخرج شركات الكمبيوتر كل يوم بشكل جديد و لون جديد وذاكرة جديدة وسرعة تردد عالية فهذه الأجهزة ربما تفيد الباحثين والشركات الكبرى وطلاب الدراسات المتخصصة بالكمبيوتر أما صاحب بقالة أو طالب في المرحلة الإبتدائية أو الإعدادية فلماذا يخصص له كمبيوتر من أحدث الأنواع والذي قيمته تزيد على عشرة أضعاف الكمبيوتر الذي يكفي إحتياجاته بشكل عام .. أليس من الجريمة تبزير الأموال فيما لا فائدة منه ..

**     إن الديمقراطية الغربية المقيتة في العصر الحديث أوصلت إلى سلم القيادة العليا رجلا معتوها مختل العقل ورجلا إرهابيا مجرما ورجلا تابعا عميلا ورجلا لصا من عصابات المافيا ورجلا يؤمن بالخرافات والعرافين والمشعوزين .. ولو فتشنا في جميع الزعامات الديمقراطية لما وجدنا فيهم الرجل المناسب الكفؤ الذي يسعى لخير بلده أولا ولخير الإنسانية جمعاء في نهاية المطاف .. 

**     إن عمليات التطوير والتحديث والتغيير وسد الثغرات التي جرت على المبادئ الديمقراطية منذ أن بدأت وحتى اليوم قد تغيرت مئات بل ألوف المرات مما يثبت عجزها وضعفها أضف إلى ذلك الاختلاف الكبير في المفاهيم الديمقراطية بين بلد وآخر وبين شعب وشعب آخر وبين مفكر ومفكر آخر إذ لا يوجد حتى يومنا هذا دستور شامل كامل ثابت لهذه الديموقراطية التي يودون نشرها وتصديرها ضمن قوالب تضمن أول ماتضمن مصالح الديمقراطيات الغربية ومصالح تجار السياسة والحروب والمستعمرين ...

**      لقد اقترنت الديمقراطيات الغربية المادية ومنذ نشأتها الأولى إبان الثورة الفرنسية بنشر الفساد والفسق والفجور والمخدرات والخمور والتفلت والشذوذ حتى وصل الأمر إلى حافة الانهيار للمجتمعات الغربية التي تدعي الديمقراطية وذلك تحت شعار الحرية الفردية وحقوق الإنسان المزعومة ..

**      إن التقدم المادي العلمي للديمقراطيات الحديثة بعيدا عن التقدم الروحي والأخلاقي والإنساني جعل الحضارة  المادية الغربية كالهيكل الجميل الجذاب الخاوي من كل المعاني والقيم السامية فهي كتمثال عظيم أجوف  لابد وأن ينهار أمام الزوابع والأعاصير في فترة ليست بعيدة في عمر التاريخ ...

**      قامت الديمقراطيات الغربية بمحاولات عديدة لتشويه الفكر الإسلامي والعقيدة الإسلامية وإضعاف الصلة والارتباط بهذا الدين الإلهي القويم الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عزيز حميد .. وقاموا بتشويه سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ومن محاولاتهم الماكرة تشبيه الرسول بالبطل والعبقري  الفذ والفيلسوف وأنه هو الذي صنع العقيدة الإسلامية وهو الذي كتب القرآن الكريم من بنات أفكاره وذلك في خطة خبيثة لإبعاد فكرة إلهية هذا الدين وربانية هذا التشريع المحكم المنزل من عند الله جل وعلا ونسوا أو تناسوا أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يكن فيلسوفا ولا كاتبا ولا مؤلفا وإنما كان عبدا ورسولا لله أميا لا يكتب ولا يقرأ وهنا تكمن المعجزة الخالدة لهذا الدين وأن هذا الدين منزل من عند الله .. وأن هذا القرآن هو كلام الله المنزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. يقول كنت بيللي في كتابه " موسوعة الأبطال الحديثة " : ( محمد هو مؤسس الدين المحمدي .. ولد في مكة التي أصبحت فيما بعد مدينة مقدسة بالنسبة للمسلمين .. يتخيل أنه نبي الإله .. والذي سماه القرآن هو الكتاب المقدس المحتوي على أقواله ) .. هكذا يقوم كتابهم بتشويه الحقائق ..

**      إن الديمقراطية هي مجموعة أفكار ومفاهيم علمانية لادينية لاتنبثق من الدين ولا تخضع لتعاليم الدين ولا تتفق مع مبادئ الدين ..

**      الديمقراطية هي نتاج فكر بشري قاصر ومحدود عاجز عن الإحاطة بكل الوجود فهو بالتالي نظام قاصر عاجز لايتماشى مع حاجات الإنسان ولا يتوافق مع كل الأعراق والشعوب وهو بالتالي نظام إقليمي محلي لا يمكنه بحال من الأحوال إقامة حضارة عالمية إنسانية ...

**     الديمقراطية دعوة إقليمية قطرية عنصرية ذات نهج ميكيافيلي تعطي الحق لدول الغرب باستعباد الناس واحتلال بلادهم ونهب ثرواتهم وقتل وسحق وتعذيب شعوب الأرض مادام ذلك يصب في مصلحة الشعوب الغربية ..   

        **     إن الديمقراطية التي يتشدق بها أصحابها ليست نظامًا كاملاً شاملاً صالحًا للتطبيق قد تغير وتبدل مئات المرات حتى وصل اليوم إلى هذه الصيغة التي يمكن أن تكون ملائمة لمجتمع مادي لا يملك شريعة ومنهاجًا ودستورًا إلهيًا ساميًا .. ولا أدل على زيف هذا النظام من أن لكل دولة من الدول التي تتبناه مفهومًا خاصًا لهذه الديمقراطية.

        **     إن الديمقراطية لا يمكن أن تكون مجدية وفعالة بدون بناء الفرد بناءً خاصًا بحيث تكون الأنانية والغيرية متعادلتان في نفسه على أقل تقدير بحيث تولد هذه الغيرية المفعمة كل المبررات والتسهيلات الكفيلة بتحقيق العدل والإيثار وحب الآخرين في جميع أفراد المجتمع وبالتالي تحقيق المؤسسات والمنظومات الديمقراطية الحقيقية وتضمن استمراريتها وحمايتها على جميع الأصعدة.

        **     إن الديمقراطية التي تسوق الشعوب الضائعة المضللة بأهداف مادية ولأهداف مادية وتسعى للحصول على أصوات الناخبين بأساليب مادية لا أخلاقية في كثير من الأحيان إن هذه الديمقراطيات لهي أسوأ الأنظمة التي عرفها التاريخ لأنها تتصرف دون وازع ديني أو خلقي وتسعى لإشباع أنانيتها وحب ذاتها بأية طريقة مهما كانت دنيئة أو خسيسة.

        **      ولو نظرنا إلى عملية الانتخابات التي يقال عنها ديموقراطية لوجدنا مثلاً استغلال الأقليات العرقية مثلاً يزور الصين ويعقد معها صفقات معينة وذلك من أجل كسب أصوات الجالية ذات الأصول الصينية في بلدٍ ما  واستغلال اللولبي الصهيوني وذلك بتقديم خدمات جليلة للصهيونية العالمية أو لما يسمى دولة إسرائيل .. وذلك من أجل كسب أصوات الناخبين اليهود واستغلال عواطف الجماهير وحاجات الجماهير بالوعود الكاذبة والإعلام المضلل وتشويه الحقائق .. وهناك العديد من نقاط الاستغلال الكثيرة جدًا مثل استغلال الجنس أحيانًا بالسماح لأسراب الشاذين اللوطيين بممارسة سفالتهم تحت حماية القانون أو استغلال المراهقين بإعطائهم الوعود بتسهيل موارد المتع المحرمة وهناك أمور عديدة جداً وأساليب كثيرة جداً وأكثرها أساليب هابطة لا أخلاقية ..

        **      كل هذه الأمور وغيرها كثيرة هي أساليب الديكتاتورية في قشرة واهية من الديمقراطية إذ أن دور المواطن ينتهي عند الإدلاء بصوته فقط حيث يتم تجميع الأصوات بطرق ملتوية في أغلب الأحيان وبوعود مختلفة للناخبين قد تصدق وتنفذ بعد استلام الحكم وقد لا تصدق ولا تنفذ ذلك لأن النظام الديمقراطي يجب أن يضاف إليه معايير أخلاقية تلزم المرشح الواصل إلى السلطة بأخلاقيات معينة لا يمكن تجاوزها كما تلزم المرشح الواصل إلى الحكم بتنفيذ وعوده وطروحاته وسياساته التي طرحها أثناء العملية الانتخابية على أقل تقدير.

        **      إن الديمقراطية لا تجلب الأصلح للدولة ولكنها تجلب الأكثر خبثًا ودهاءً وكذباوضحكًا على الجماهير واستغلال عواطفهم وحاجاتهم وضروراتهم.

**      الديمقراطية نظام علماني لاديني لايعتمد مبدأ دينيا أو شريعة إلهية أو منهجا ربانيا صحيحا ..

**      على الرغم من أن النظام الديمقراطي يعطي الحرية الكاملة لأفراد المجتمع بممارسة الشعائر الدينية بشكل شخصي إلا أنه يمنع أو يحد من حرية الدعوة الدينية ونشر الأفكار الدينية بل لا يسمح في بعض الأحيان حتى إظهار الشعائر الدينية خارج المعابد والكنائس والمساجد ...

**     النظام الديمقراطي يعطي للحرية الشخصية نوعا من القداسة حتى لو أدت هذه الحرية إلى الفساد والفسق والفجور وهذا ما نلاحظه بشكل واضح وجلي في المجتمعات الديمقراطية الحديثة حيث تفشى فيها الفسق والفجور والدعارة والمنكرات في جميع البلاد التي تنتهج المبادئ الديمقراطية ..

**     الديمقراطية لم تكتف بنشر الفواحش والمنكرات في بلادها وإنما قامت بنشر وتوزيع هذه الموبقات والمنكرات في جميع بلاد العالم وبصورة خاصة البلاد الإسلامية .. وذلك عبر وسائل الإعلام والإتصالات الحديثة وذلك لنهب وسرقة خيرات البلاد مقابل هذه التوافه ...

**     النظام الديمقراطي غير محدد المعالم ذلك لأنه خاضع للتغيير والتبديل والتطور .. ولأنه خاضع أيضا  للآراء والأفكار المختلفة فهو نظام متذبذب متغير غير مستقر ..

**     إن عمليات تصحيح وتعديل القوانين الديمقراطية المتكررة كثيرا مايصاحبها موجات عنف ومعارضة شديدة قد تؤدي إلى صدام مسلح في كثير من الأحيان مع السطات الحاكمة وهذا ما نلاحظه في هذه الأيام عندما أرادت الحكومة الفرنسية تعديل قانون العمل بطريقة برلمانية ديمقراطية إلا أن الشارع الفرنسي لم يرضه هذا التعديل وتصدى له مما أدى إلى صدام وأعمال عنف مع السلطات الحاكمة ..

**     النظام الديمقراطي غبر شمولي فما يصلح لشريحة معينة من الشعب قد لايصلح لشريحة أخرى وما يصلح لبلد معين قد لا يصلح لبلد آخر ولا يمكن بحال من الأحوال وضع نظام ديمقراطي شمولي يرضي جميع فئات الشعب ويراعي مصالح كل الشعوب في آن واحد ...

**     النظام الديمقراطي غير عالمي حيث وبعد قرون عديدة من تطبيق النظام الديمقراطي ورغم التعديلات المتتالية لم تستطع الدول التي تنتهج النهج الديمقراطي أن تضع نظاما ديمقراطيا موحدا يمكن تعميمه على الدول الديمقراطية ناهيك عن تعميمه على دول العالم أجمع .. لأن مايصلح من النظام الديمقراطي للشعب الفرنسي مثلا قد لا يصلح للشعب الهندي أو الصيني وما يصلح منه للشعب الأمريكي قد لا يصلح للشعب الصومالي أو السوداني .. والجدير بالذكر أنه رغم هذا الاختلاف الشديد بين الشعوب في نظرتها وقابليتها لتطبيق الديمقراطية نجد أن الدول الغربية تعلن وتؤكد عزمها على نشر الديمقراطية رغم إرادة الشعوب ..

**     لقد أثبتت الأيام أن الديمقراطية التي يريد الغرب نشرها في الشعوب المغلوبة على أمرها هي ديمقراطية خاصة تابعة للغرب بل عميلة لدول الغرب وخائنة لشعوبها وأي ديمقراطية تنحرف عن مسار الخيانة والعمالة للغرب فهي ديمقراطية مرفوضة يجب أن تقاوم بالقوة وهذا ماحصل في تركيا حيث تم إسقاط حكومة الدكتور نجم الدين أربكان أكثر من مرة رغم وصولها إلى الحكم بطريقة ديمقراطية وتم إسقاط حكومة عباسي مدني في  الجزائر وتعطيل الحكومة الفلسطينية المنتخبة ديمقراطيا واعتقال زعماء البرلمان الفلسطيني في سجون العدو تالإسرائيلي وفي سجون السلطة الفلسطينية العميلة للغرب رغم وصولهم إلى سدة الحكم بطريقة ديمقراطية نزيهة ..  وكل ذلك تم بالضغط والقوة والانقلابات العسكرية وبدعم من الدول الغربية الديمقراطية ...

**      الديمقراطية الغربية التي يريدون نشرها في ربوع العالم هي ديمقراطية عنصرية تخدم مصالح الدول الغربية وهذا ما نلاحظه في العملية الديمقراطية في أفغانستان والعراق وفلسطين المحتلة وغيرها من الدول  ... 

**     الديمقراطية باعتبارها نظاما هيوليا غير محدد المعالم يمكنها التعايش مع أي فكر أو نظام آخر فيمكن أن تتعايش مع الاشتراكية أو مع الشيوعية أو مع الفكر الرأسمالي الجائر أو مع الفكر العنصري المستبد فالدولة الصهيونية العنصرية المجرمه في فلسطين المحتلة هي دولة ديمقراطية في مقاييس الغرب رغم كونها عنصرية لا تعترف إلا بالعنصر الإسرائيلي اليهودي فلم نجد حتى اليوم وزيرا حقيقيا واحدا فلسطينيا أو عربيا أو مسلما في الحكومة الإسرائيلية منذ نشأتها وحتى اليوم رغم أن غير الإسرائيليين يشكلون أكثر من ثلث السكان .. وقس على ذلك كثير من الدول الديمقراطية ..

**     إن العملية الانتخابية في الأنظمة الديمفراطية غير عادلة ففي مجال الانتخاب والترشيح للمناصب البرلمانية نجد أنها تساوي بين العالم المفكر وبين الإنسان الفاسق الشاذ جنسيا مثلا .. وتساوي بين الإنسان الأخلاقي المخلص لوطنه وبين الإنسان السافل المتفلت المجرم الذي لايهمه إلا المادة والشهوات كما أنها تساوي بين صوت الإنسان المراهق الذي لايفقه عن اللعبة السياسية شيئا وبين أستاذ العلوم السياسية أو الاقتصادية في أرقى جامعات هذا البلد .. أضف إلى أن عمليات التزوير والغش والمحسوبيات وشراء الأصوات بالمال وهذا قد يحدث حتى في أرقى الدول وهذا ماحدث فعلا في فضيحة ووترغيت والتي أسقطت الرئيس الأمريكي نيكسون عن منصب الرئاسة ...

**     الأنظمة الديمقراطية موجهة ومنحازة وليست نزيهة حيث لم نجد أن وصل إلى قمة الحكم رجل من أصل صيني أو عربي أو من ديانة بوذية أو رجل مسلم رغم وجود أعداد كبيرة من هؤلاء في المجتمعات الغربية الديمقراطية ..

**     كثيرا ماتكون عملية التصويت منخفضة لاتصل فيها نسبة المصوتين على ( 40 % ) أو ( 50 % ) وهذا يعني أنها لاتمثل رأي الأغلبية العظمى للشعوب ..

**      كثيرا مايكون الفارق بين الأصوات التي اكتسبها المرشحون متقاربة بفارق صوت أو صوتين فهل هذا الفارق يكفي لتقديم الأفضل إلى سدة الحكم ..

**     إن الأجهزة الإعلامية تسخر لصالح فئة من المرشحين بينما يحرم كثير من الناس من هذه الميزة الهامة وبذلك تكون العملية الانتخابية غير عادلة ..

**     البرامج الانتخابية التي يطرحها المرشحون كلها كاذبة بشكل كلي أو جزئي إذ أن هذه البرامج تطرح لاصطياد الناخبين وبعد الوصول إلى السلطة لا ينفذ أغلب هذه البرامج ...

**     الحرية الانتخابية حرية فوضوية عددية لا تميز بين الصالح والطالح وبين الطيب والخبيث وبين الخير والشر ...

**     الديمقراطية الغربية كثيرا ما تعتمد على الأهواء والمصالح المادية والشخصية وقلما اعتمدت على الغيرية ومصلحة الوطن ...

**     الديمقراطية الغربية كثيرا ماتعتمد على الرشاوى والمحسوبيات والتي قد توصل إلى الحكم من هو ليس أهلا للحكم وهذا أمر ملاحظ وملموس في كل العمليات الانتخابية المتبعة في الديمقراطيات الغربية ..

**     الديمقراطيات الغربية وفق المعطيات السابقة ووفق الطبيعة المعقدة المختلفة المتضاربة لأفراد المجتمع لايمكن أن تقدم الأفضل والأصلح لقيادة البلد ولمصلحة المواطنين ولكنها قد توصل الأسوأ إلى سدة الحكم في كثير من الأحيان ...

**     الديمقراطية الغربية تعتمد على الأنانية الشخصية للفرد لأن كل فرد في المجتمع ينظر إلى الديمقراطية من وجهة شخصية مصلحية فالحاكم قد يتصرف لصالح شريحة من المجتمع من أجل إعادة انتخابه مثلا وإن كان هذا الأمر يضر بمصلة الوطن ككل ...

**      في الديمقراطية الغربية من السهل تضليل عدد كبير من الناس من أفراد المجتمع بالحملات الإعلامية الماكرة الخبيثة والدعايات المضللة والأباطيل والوعود الكاذبة والمناقشات التلفزيونية والمهرجانات الخطابية والولائم والهدايا التذكارية .. وهذا ما نراه بأعيننا وما نسمعه بآذاننا صباح مساء ..

**     العملية الديمقراطية تكرس الحزبية البغيضة إذ نادرا ما ينجح مرشح فردي لا ينتمي إلى حزب معين .. وهذه الحزبية البغيضة كثيرا ماتجعل المجتمعات الديمقراطية مشتتة مضطربة متذبذبة تارة نحو أقصى اليمين وتارة نحو أقصى الشمال وهذا مايؤدي إلى عدم الاستمرارية في النهج البناء والخطط والتوجهات السياسية والاقتصادية والتعليمية وغير ذلك في المجتمع إذ سرعان ماتنقضي الفترة الدستورية لحكومة معينة لتبدأ فترة دستورية لحكومة أخرى قد تتناقض مع الأولى في التوجهات والخطط وأسلوب العمل ..

*   الدول الغربية التي تدعي الديمقراطية هي أبعد الناس عن الديمقراطية حيث يتناوب على الحكم ومنذ مئات السنين حزبين أو ثلاثة أحزاب أو أربعة والتي لايشكل عدد أعضائها عشر سكان البلد بينما تسعة أعشار السكان في هذا البلد ليس لها في الكعكة السياسية أي شيء ..

**     إن التركيبة الحزبية هذه والتكتل على أساس حزبي يؤدي في كثير من الأحيان إلى التناقضات والصدامات التي تعبث بمصير الأمة وأمنها واستقرارها ..

**     الحرية المطلقة التي تعطيها الديمقراطيات للفرد في المجتمع كثيرا ماتؤدي إلى نشوء أفكار متضاربة متناقضة متصارعة وكثيرا ماتكون هذه الأفكار ضارة ومنحرفة .. إذ لابد من ضوابط لحرية الفكر ولحرية الفرد في المجتمع وهذا ما تفتقدة الديمقراطيات الحديثة .. إن الحريات الشخصية في الديمقراطيات الحديثة والتي تسير دون ضوابط وأطر محددة ستؤدي غالبا إلى تفكك المجتمعات وتضارب المفاهيم ..

**     إن عدم وجود دين أو عقيدة سماوية صحيحة تهذب الأخلاق وتصحح الضمائر سيؤدي إلى زيادة الأعباء الأمنية والاجتماعية على الدولة .. ذلك لأن الرادع الأخلاقي الناتج عن الإيمان بعقيدة سماوية أقوى من كل قوى الأمن مهما بلغت من القوة والدقة .. إذ لايمكن وضع شرطي يراقب كل فرد في المجتمع في كل لحظة في حين أن العقيدة تستطيع وضع شرطي ضابط في ضمير الإنسان .. وهذه الميزة تفتقدها كل الأنظمة الديمقراطية ..

وقبل أن أختم هذه الفقرة أريد أن أقدم للقارئ الكريم نموذجا واحدا من آلاف النماذج على مستوى العالم عن نتاج الديمقراطية الحديثة والذي أثر وبشكل سلبي على مقدرات شعوب العالم كله  ألا وهو الرئيس جورج بوش الإبن الذي ترافق عهده بالظلم والقهر والقتل والمصائب والتدمير وإشعال الحروب المجرمة القذرة وذلك في الفقرة التالية :

جنون أم التظاهر بالجنون :

عند وقوع حادث الحادي عشر من سبتمبر وخلال دقائق معدودات وقبل معرفة الفاعل الحقيقي خرج بوش الإبن ليصرح بتصريحات نارية هوجاء مجنونة فقال : ( إن أمريكا تتعرض لحرب حضارية من نوع جديد .. إنه هجوم على العالم الحر المتحضر .. إن الهجوم وقع على الأرض الأمريكية ولكنه كان هجوما على قلب وروح العالم المتحضر .. وقد اتحد العالم لخوض حرب جديدة ومختلفة .. هذه الحرب الجديدة هي حرب صليبية .. يمكننا بما لا يدع مجالا للشك أو التخمين معرفة إلى أين ستتجه هذه الحرب ومن هم أطرافها ) .. وعن المجاهدين الفاسطينيين قال : ( إنهم يقومون بحرب على الحضارة وما يقوم به هؤلاء القتلة هو فصل من فصول الحرب على الحضارة التي بدأت فصولها في الحادي عشر من سبتمبر ) .. وقال مخاطبا كل دول العالم في لفة جنونية لم يعرف لها التاريخ مثيلا : ( ينبغي على كل طرف أن يختار إما أن تكونوا مع العالم المتحضر وإما أن تكونوا مع الإرهابيين .. يجب على كل الأطراف في الشرق الأوسط أن تختار أيضا بصورة حاسمة قولا وفعلا ضد الأعمال الإرهابية  ) .. ويقول عن دول الشرق الأوسط : ( إنها مكمن التخلف الذي يحارب الحضارة الغربية .. والشرق الأوسط طالما تخلف إلى الوراء في مسيرة التقدم السياسي والاقتصادي في العالم .. هذا التخلف الذي ينبع من الإرهاب الذي ينبغي على الجميع أن يحاربه ) .. وهكذا يمضي بوش الإبن في تصريحاته المضطربة المتناقضة الغبية في كثير من الأحيان مما يثير أمامنا سؤالا هاما وخطيرا . .سؤالا محيرا هل كان بوش متدينا فعلا أم أنه كان يستغل الدين والمتدينين الإنجيليين لمصالحه السياسية  ..؟!! .. هل تصرفاته وتصريحاته وأقواله جنون أم تظاهر بالجنون ؟!!!.. 

الحقيقة أن بوش الإبن لم يكن متدينا بالمعنى الصحيح للتدين ولكنه كان الأكثرصليبية وحقدا وتطرفا من بين رؤساء الولايات المتحدة بعد الرئيس القسيس رونالد ريغان وكان يردد عند نجاحه بالانتخابات : ( الله أرادني رئيسا ) .. ( الله اختارني ) .. هكذا دفعة واحدة .!!!.. ولقد كان للمسيحيين الإنجيليين أثر كبير في نجاحه .. ولقد بدأ بوش رحلته الدينية بعد حياة عاصفة بالفساد والمراهقة والإدمان على الخمور وتعاطي المخدرات وغيرذلك من صفات الفساد والفجور فقد كان يشرب حتى الإدمان وكان إهماله لزوجته وولديه  سببا رئيسيا للكثير من الأزمات العائلية .. وكانت حيانه العائلية مضطربة لإهماله عائلته وانغماسه في الشهوات وإدمانه للكحول بشكل مسف وقيل أنه كان يتعاطى المخدرات أو مدمن على المخدرات مما ترك آثارا واضحة على تفكيره حتى آخر حياته رغم أنه عولج في أرقى المصحات في أمريكا .. كان بوش الإبن على خلاف كبير مع توجهات والده ووالدته الذين كانا يعارضان سلوكه غير المتزن وتصرفاته المشينة إلا أنه بدأ عملية التحول إلى التدين في كنيسة ميدلاند الإنجيلية حيث التقى بجماعة ميدلاند الكنسية التي تعنى بدراسة الكتاب المقدس وذلك في عام 1985 م .. قال لكاهن الكنيسة مرة : ( سأطرق باب الرب وأترك الإدمان وأحافظ على أسرتي وأرعاها ) ..  انتقل فجأة إلى التدين المتطرف وترك المفاسد والإدمان وقال : ( إن المسيح قد قبله لدخول الجنة ) .. !!! جنون أم تخريف .. دخل كنيسة ميدلاند مع الجماعة الإنجيلية وأخذ يدرس الكتاب المقدس بجدية وعمق وأخذ يقرأ الإنجيل كل يوم مع زملائه في الجماعة الإنجيلية ثم مالبث أن أقنع زوجته لورا واصطحبها معه إلى الكنيسة وهو يقول : ( لقد غيرت الجماعة الإنجيلية حياتي كلها ) .. وعلى الرغم من أن بوش الإبن كان من عائلة ثرية جدا إلا أنه اضطر إلى بيع إحدى شركات أبيه لفشله في إدارة حياته العملية ولانغماسه بالفساد والإدمان في تلك الفترة .. كانت عائلة بوش من البروتيستانت ولكنهم لم يكونوا من المتدينين وكان اهتمامهم بأمور الدين ضئيلا جدا على عكس بوش الإبن في الفترة المتأخرة من حياته .. حيث كان اهتمام الأب بالسياسة والاقتصاد والأمور العملية .. بدأ بوش الإبن حياته السياسية في مدينة تكساس ونشط فيها حتى أصبح حاكما لمدينة تكساس وذلك بفضل مركز عائلته القوي و بدعم من الإنجيليين البروتستانت وهذا مما أثار هذا التساؤل هل هو متدين حقا أم أنه يستغل المتدينين الإنجيليين المتعصبين لأغراضه السياسية ..؟.. كان يردد دائما : ( الإنجيل يعني البشارة ونشر الدعوة ونحن جميعا في خدمة واحد أعظم منا هو المسيح ) .. انخرط مع الإنجيليين البروتستانت وكان يردد عباراتهم الكنسية في كل مناسبة وكان يقول : ( شكرا لك يا يسوع لأنك غيرت حياتي ) .. ( الكنيسة منهجنا وهدفنا .. الله يريدني أن أكون رئيسا لبلادي .. المسيح هو الذي غير حياتي  ) .!!!. .  لقد كان اعتناقه للمسيحية المحرفة بشدة وكان يؤمن بالتعاون بين الكنيسة والدولة وقد حمل هذه الفكرة معه في جميع مناصبه الحكومية حتى وصوله إلى منصب الرئاسة .. وبسبب هذا التدين الظاهر حاز على ثقة الإنجيليين وتأييدهم مما كان له أكبر الأثر في فوزه بمناصب متعددة آخرها منصب الرئاسة لفترتين وعند فوزه هتف الإنجيليون : ( فليباركه الله ) .. عندما وصل إلى منصب الرئاسة كان يتبنى المسائل الأخلاقية والدينية بشكل لافت للنظر .. مثل الصلاة والعبارات الدينية المسيحية ومنع الإجهاض وكان يردد في المناسبات : ( هذه أمريكا الحقيقية التي نبحث عنها .. أمريكا الإنجيلية .. إنني مسيحي وابن مسيحي ) .. وكان يقول عن الإنجيل : ( هذا هو الدليل المرشد وليس الأنظمة الفيدرالية ) .. مخالفا في هذا الكلام دستور الدولة العلماني رغم أنه أقسم على هذا الدستور الذي يخالف الكتاب المقدس في أمور كثيرة .. وصل عدد الكنائس الإنجيلية في عهد بوش الإبن إلى أكثر من ( 45000 ) كنيسة والتي تشكل جمعية الكنائس الإنجيلية حيث تصرف الحكومة الأمريكية أموالا طائلة في بناء هذه الكنائس رغم مخالفة ذلك للدستور العلماني ورغم قلة عدد روادها أو ندرتهم في كثير من الأحيان وفي عهد بوش الإبن تم إصدار المجلة المسيحية الإنجيلية المتعصبة للدين المسيحي وللكتاب المقدس بعهديه القديم  ( التوراة ) والحديث ( الإنجيل ) ومن هنا نستطيع أن نفهم العلاقة الحميمة بين الإنجيليين واليهود الصهاينة والتي تجاوزت كل الحدود المنطقية ووصلت إلى مناصرة الظلم والإرهاب والإجرام الصهيوني بعيدا عن منطق الحق والعدل والإنصاف .. كان بوش ومجموعته المتعصبين يشكلون الإدارة الحكومية الفاعلة في المجتمع الأمريكي انطلاقا من فكرة التدين المتعصب وذلك في جميع الوزارات والإدارات وكان يدفع الأموال والمخصصات الضخمة لما يسمى بمجموعات الإيمان المسيحية الإنجيلية المتعصبة مخالفا بذلك دستور الدولة الديمقراطي العلماني .. شكل ما يسمى صندوق الرحمة الخاص بالإنجيليين ودفع له مليون دولار من صندوق الدولة بينما بقية الأديان والمجموعات الأخرى لم تحصل على أي دعم من الدولة رغم أن هذا العمل مخالف لدستور الدولة العلماني .. في مسرحية الحادي عشر من سبتمبر خصص يوما للصلاة لإرضاء الرب وقداسا دينيا للضحايا رغم أن الضحايا ليسوا كلهم من المسيحيين الإنجيليين وكان يردد آنذاك : ( الخير والشر كما هو في الكتاب المقدس .. يجب أن نقضي على أعداء الحرية .. سنحرر العالم من الأشرار .. يجب أن نحارب أعداء اليسوع .. يجب أن نزيل الشر من العالم وفق الكتاب المقدس .. يجب أن نحارب أعداء الصليب وأن نشن حربا صليبية جديدة ) ... وهكذا قام بوش ومن ورائه كل الدول الغربية بشن حرب صليبية حاقدة ضد الآمنين العزل من الناس فقتل من المدنيين من الشيوخ والنساء والأطفال والشباب العزل في أفغانستان والعراق مايزيد على مليون شخص وذلك ليرضي حقده الصليبي الدفين على حساب ملايين القتلى والأيتام والثكالى دون أن تهتز في قلبه بارقة من رحمة أو أثارة من إنسانية ونحن نتساءل في ذهول شديد هل هذه حقا تعاليم الكتاب المقدس أم تعاليم إلاه الحقد والتعصب والدمار ..؟!!! وبعد جريمة الحادي عشر من سبتمبر التي تشير كل الدلائل على أنها من تدبير المخابرات الأمريكية ظهرت على ساحة الأحداث الكثير من الشعارات العنصرية الصليبية المقيتة التي تتجاوز كل المفاهيم الإنسانية والمنطقية والحضارية مثل : ( إما أن تكونوا معنا أو مع الإرهابيين .. الله منحاز للحرية والديمقراطية .. إني أرى النور المشع في الظلام .. هذه امبراطورية الخير والله اختارنا لننقذ العالم .. الحرب الدينية الصليبية ضد قوى الشر .. صدام الحضارات .. إن أمريكا ترفض كل أسباب التعصب الديني والعرقي لذلك يجب أن نعود إلى الله ) .. وهكذا كانوا يستغلون هذه الشعارات وهذه المفاهيم في حروب إجرامية لم يعرف التاريخ لها مثيلا .. قام بوش الإبن بتعيين العديد من القضاة الإنجيليين في مناصب مرموقة في الدولة مما كان له أكبر الأثر في توجيه دفة الحكم في الإتجاه الصليبي العنصريالمتعصب المنحاز .. بعتقد الإنجيليون حسب تعاليم العهد القديم " التوراة " بأن نزول المسيح لا يتم إلا إذا قامت الدولة اليهودية وسيطرت على كل ماحولها وقامت ببناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى .. وبناء على هذه المعتقدات الضالة يقومون بدعم الظلم والإرهاب والإجرام الصهيوني بأمر من الرب يسوع لتعجيل نزوله إلى الأرض .. ونظرا لأن بابا الفاتيكان الكاثوليكي عارضه في حربه المجرمة على العراق أو في أمور أخرى فإن بوش يعتقد أن هذا مخالف لإرادة الرب يسوع المسيح ذلك لأن بوش مكلف بمهمة إلاهية من الرب يسوع المسيح .. ومن هذا المنطلق نستطيع أن نفهم القرارات التعسفية الظالمة المجرمة المنحازة بشكل كامل للإجرام الصهيوني ذلك لأن كل هذه التوجهات إنما تنطلق من اعتقادات توراتية تلمودية إجرامية متعصبة .. وبهذا الدعم اللامحدود للصهيونيين  وللمسيحيين الإنجيليين من قبل الحكومة الأمريكية فقد ازداد عددهم بشكل كبير وملحوظ  علما بأن هذا الدعم الحكومي لطائفة دون طائفة في المجتمع الأمريكي أمر عنصري مخالف للدستور الأمريكي العلماني ..          

**     أعلن الرئيس الأمريكي بوش الإبن قبل إعلانه الحرب على العراق : ( أن الله أوحى إليه بغزو العراق وأنه هو موسى العصر ) .. وقال أيضا  : ( إن الله كلمني هو أيضا وأمرني بتحرير العراق ) ...

**   عندما طلب بوش من إسرائيل وبشكل مؤدب جدا وقف حملتها الإجرامية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ... وصل إلى البيت الأبيض أكثر من ( 100000 ) رسالة إلكترونية تشجب هذا الطلب ..

**   تفيد التقارير والمعلومات الأمريكية أن خسائر أحداث الحادي عشر من سبتمبر تجاوزت تريليون دولار أمريكي ..

**   وردت إشارات من العهد القديم ( التوراة ) تفيد بأن شخصا من العرق البابلي أو الآشوري يقيم مملكة في بلاد مابين النهرين سيقوم بتدمير اليهود والقضاء عليهم وهذا أحد أسباب ضرب وتدمير واحتلال العراق ومن ثم القضاء على صدام حسين الذي يمكن أن يكون هو ذلك الرجل ...

**   وهناك إشارات أيضا في العهد القديم ( التوراة ) إلى تدمير بلاد مابين النهرين مقابل تدمير نبوخذ نصر البابلي لبلاد اليهود في فلسطين وقتلهم وتشريدهم وسبي نسائهم ...

**   يقول القس المسيحي مورتن : ( إن الصهيونية التوراتية  التي هي أمنية كل مسيحي والتي تتعلق بكل مسيحي هي جزء من اللاهوت الديني وإن دولة إسرائيل في فلسطين هي مجرد البداية ...

**   يتساءل المرء أمام الدعم اللامحدود من قبل بوش الإبن للدولة العبرية الصهيونية هل هو يهودي فعلا حيث استصدر قانونا سماه معاداة السامية والذي يجرم كل قول أو فعل يسيء إلى اليهود أو إلى الدولة العبرية المجرمة فعلا .. وهذا القانون لم يتجرأ حتى اليهود أنفسهم بالمطالبة به وذلك أمام الجرائم البشعة التي ارتكبتها إسرائيل في حق الشعوب العربية وبحق الفلسطينيين بشكل خاص ..

** يقول بوش بعد محاولاته فرض قانون تجريم معاداة اليهود : (  لن أدع لأعداء اليهود موطئ قدم في العالم ) ..!! أمر عجيب هذا الحب العنيف من قبل بوش لليهود رغم كل جرائمهم ورفضهم لقرارات المجتمع الدولي والمحاكم الدولية ورغم اعتقاد أكثر المسيحيين بتورطهم بصلب المسيح عليه السلام واعتقاد معظم النصارى أن اليهودي يهوذا الأسخريوطي هو الذي دل على مكان المسيح عليه السلام لاعتقاله وصلبه ولا يزول هذا التعجب إلا إذا كان بوش يهوديا متعصبا فعلا .. 

**   يقول أستاذ اللاهوت في جامعة ماريمونت جيفري سيكر : ( إن الرئيس بوش لديه القناعة الكاملة بأنه موسى العصر الذي كلمه الله هو أيضا وأمره بإنقاذ شعبه الأمريكي كما أنقذ موسى شعب الله الإسرائيلي من فرعون .. ويعتقد تماما أن أمريكا هي إسرائيل الجديدة التي أرادها الله أن تكون صاحبة رسالة إلى العالم ) ..

**   يقول بوش : ( إن لشخصية موسى أثر كبير في قناعاته الدينية وقيادته السياسية .. وقد جاءه نداء من الله في مدينة أوستين وهو يسمع إلى الواعظ " مارك كريغ " فأحس بأنه يخاطب قلبه وعقله ويعد له المعجزات .. ومن آيات ذلك أن الشمس انكشفت له من وراء السحب بينما كان يؤدي اليمين لتولي حاكمية ولاية تكساس تعبيرا عن مباركة السماء ) ... 

هذه المعاني تم نقلها بتصرف من كتاب ( كابتن أميريكا ) للمؤلفين ( روبرت جويت ــ وجون لورنس ) والكتاب مليء بمثل هذه الخرافات والأكاذيب المضللة .. فهل هذا جنون أم أنه تظاهر بالجنون لغاية في نفس بوش ..!! ..

**    يقول الكاتب " ك . م . أبنهايمر " : ( حين يريد الإنسان أن يتصرف وكأنه الله .. فإنه سيتصرف وكأنه الشيطان ) ..  وهذا ماحصل فعلا للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش فكانت تصرفاته الإجرامية يعجز عنها حتى الشيطان إبليس عليه لعنة الله ..

**   يقول أدولفو بيرير راسكوفيل الحائز على جائزة نوبل للسلام في خطاب موجه إلى الرئيس بوش : ( تتحدث عن الله وأنت تكفر بالله .. وتتحدث عن الحرية وأنت تدمر الحرية وتتحدث عن الديمقراطية والكرامة وأنت لا تتردد بالتضحية بهما على مذبح مولوخ إله الدمار والدم الذي لاتعبد إلا إياه ) ...

**   في مقال للأستاذ أحمد منصور تحت عنوان " الرجل الذي قاد العالم إلى الهاوية " والذي تحدث فيه عن جرائم  بوش الذي يعتبر نفسه موسى العصر نقتطف وبشكل مختصر بعض الفقرات الهامة حيث يقول : ( بعض الأحيان ينسى الناس أن هناك إلها يسير الكون وذلك حين يظهر حاكم متجبر ظالم يتحدث إلى الناس وكأنه هو الذي يسير شؤون الدنيا ثم يفتتن الناس به حين يرون شيئا من البطش الظاهر أو النفوذ الطاغي .. ولقد لعب الرئيس بوش الإبن هذا الدور خلال السنوات الثماني التي انقضت من حكمه فقد سير الأساطيل ودمر حياة شعوب كاملة وانهى حياة الاستقرار التي كانت تنعم بها دول كثيرة وجعل الدول الكبرى قبل الصغرى تهاب من جنونه وبطشه وتنصاع لسياسته الأحادية المتغطرسة ولكن خالق الكون ومسير شؤونه أراد أن يخذيه ويلحق به العار قبل أشهر قليلة من نهاية رئاسته للولايات المتحدة الأمريكية .. جورج بوش الذي قضى فترة حكمه يهدد ويتوعد ويمارس كافة أشكال جرائم الحرب ظهر في صورة مخزية أمام شعبه وهو يتحدث عن الانهيار المالي الذي أوصل إليه بلاده بل العالم كله فيقول : إن الوضع خطير للغاية ولأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة يجمع رئيس أمريكي على وشك الرحيل من البيت الأبيض مرشحي الرئاسة ليضع أمامهم الحقائق وأبسط هذه الحقائق أن الحلم الأمريكي قد انتهى وأن الولايات المتحدة شاءت أم أبت سوف تنكفئ على نفسها في الفترة القادمة في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاقتصاد الذي وصل إلى مرحلة الانهيار .. يقول جاكوب هايلبرون مراسل صحيفة " ديرتاج شبايجل " الألمانية في مقال تحت عنوان " نهاية الحلم الأمريكي " : ( إلى وقت قريب ظلت منطقة كانساس الغنية في ولاية فرجينيا من أبرز مفاخر الولايات المتحدة لارتباطها بانتصارالخيرعلى الشر في الحرب الأهلية الأمريكية وإنهاء نظام الرق والعبودية لكن هذا بات شيئا من الماضي بعد تحول مانساس الواقعة على مشارف العاصمة الأمريكية واشنطن من شاهد على تحقيق الحلم الأمريكي إلى رمز لكابوس الفزع الذي تعيشه الولايات المتحدة لأن المنازل المشهورة بأناقتها وحدائقها أصبحت خرائب مهملة رفعت عليها لافتات " محجوز عليها " بعد طرد ملاكها المثقلين بديون باهظة .. أغلقت محطات الوقود أبوابها وأفلست مطاعم الوجبات السريعة وبلغ الفقر مداه بتسليم السكان قططهم وكلابهم إلى دور رعاية الحيوانات لعجزهم عن إطعامها .. ونحن نتساءل إذا كان هذا ما حدث  في واحدة من أغنى مناطق الولايات المتحدة فما الذي يحدث في بقية المدن الأمريكية .. إن مايحدث في أمريكا هو بداية الطوفان ومهما بذلت الإدارة الأمريكية فلن يكون كافيا لإنقاذ الحلم الأمريكي .. لقد انتهى الحلم الأمريكي على يد جورج بوش ليدخل التاريخ من أسوأ أبوابه ) ..  

من فضائح الديمقراطية :

**  وزير الخزانة الأمريكية السابق فجر قنبلة في وجه الرئيس بوش عندما كشف النقاب عن قصور كبير في صفات بوش الشخصية وفي عملية صنع القرار داخل الحكومة الأمريكية يقول أونيل : ( إن الرئيس بوش يحضر إجتماعات الحكومة كرجل أعمى في غرفة مملوءة بالصم .. إن بوش لا يستطيع التواصل مع وزرائه وأنه لا يستطيع التعبير بوضوح أو بدقة عما يريده من الحكومة وبالتالي فإن كبار مساعديه ومستشاريه يتحركون لتنفيذ ما يعتقدون أو مايخمنون أن الرئيس يريده ولا يعرف من المسؤولين على وجه الدقة ما إذا مايفعله هو ما يريده بوش .. واشتهر أونيل خلال فترة توليه وزارة الخزانة الأمريكية بتصريحاته اللاذعة التي أوقعته مرارا في خلافات مع مساعدي بوش .. حتى قرر بوش إقالته من منصبه في ديسمبر 2002 م .. ويقول أونيل أنه اجتمع مرة مع بوش ليعرض عليه اقتراحات اصلاحية فخلال هذا الاجتماع أصيب بخيبة أمل عندما وجد بوش لا يتكلم مطلقا ولا يحاوره طيلة ساعة كاملة بل اكتفى بالاستماع مما جعل اللقاء يبدو وكأنه حوار من طرف واحد أمام شخص أصم ) .. هذا هو م نتاج الديمقراطية التي يريدون فرضها على العالم بالقوة ويريدون استبدال النظام الإسلامي الإلهي المحكم المنزل من عند رب العالمين رحمة للعالمين بالأنظمة البشرية التي أوصلت إلى سدة الحكم العديد من المجانين والمعتوهين والمجرمين والظالمين والديكتاتوريين أمثال بوش وهتلر واستالين وأتاتورك وميلوزوفيتش وغيرهم كثير  ...   

**   دعت الولايات المتحدة زعيمة الديمقراطية في العالم إلى مصادرة كل أسباب العلم والمعرفة والقوة من شعوب العالم تحت دعاوى باطلة مختلقة باسم الإنسانية تارة وباسم الإخاء الإنساني وباسم العولمة وباسم القضاء على الإرهاب فلو كانت الولايات المتحدة صادقة في دعواها فلماذا لا تدمر أسلحتها النووية والكيميائية والجرثومية تدميرا كاملا لتكون قدوة لغيرها ولماذا تمتلك الولايات المتحدة رؤوسا نووية قيل أنها تستطيع تدمير العالم كله ستة مرات ..!! ألا تكتفي بتدمير العالم مرة واحدة ..؟!! دون أن تسمح لأحد أن يمتلك مثل هذه القوة أو جزء منها

**   إن الولايات المتحدة التي تطالب العالم بالديمقراطية وتطلب العالم باحترام تنفيذ القرارات الدولية هي التي رفضت الانصياع للإرادة الدولية وهي التي رفضت الانصياع لقرارات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ورفضت الانصياع للمحكمة الدولية ومنظمات العدل الدولية وضربت بمبادئ حقوق الإنسان عرض الحائط تريد الآن أن تفرض على العالم دورا امبراطوريا ديكتاتوريا قسريا لم ير العالم مثله عبر تاريخه الطويل وذلك من خلال الأسس والمبادئ التالية :

*   العدوان من طرف أمريكا ديمقراطية أما من طرف الدول الأخرى فهو إرهاب ..   

*   الإرهاب من طرف أمريكا وربيبتها إسرائيل عدلا ومن طرف الدول الأخرى جريمة كبرى يجب أن تعاقب عليه أشد العقاب  .. *   فرض القيم الأمريكية المنحرفة الفاسد على شعوب العالم بالقوة ومحو جميع القيم والأعراف والتراث والعادات والتقاليد الأخرى

*   التدخل في مناهج الدول الأخرى التعليمية والثقافية وتوجيهها بما يخدم المصالح الغربية ...

*   محاولة تغيير وتبديل وتشويه الكتب المقدسة بغرض توجيهها وفق الخط الغربي المنحرف والتركيز على القرآن الكريم ليصبح القرآن الكريم الذي حفظه الله محرفا مبدلا مشوها مثل التوراة والإنجيل التي بين أيدى الناس اليوم ...

*   احتكار القوة بكل أشكالها وأنواعها ومنع الآخرين من امتلاكها .. وتكريس مبدأ الهيمنة والتسلط على العالم وذلك باستخدام جميع الوسائل العسكرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والدبلوماسية المتغطرسة حتى ولو كانت هذه الوسائل لاأخلاقية لا إنسانية

*   العدوان على الأمم والشعوب واحتلال أراضيها وقتل وتشريد شعوبها وسلب خيراتها واستغلال ثرواتها ..

*   فرض نظام ثقافي جديد على العالم يعتمد سياسة الصرف والبذخ واستهلاك نواتج الحضارة بشكل جشع ...  

وسوم: العدد 738