الثورة السورية محرقة حزب الله

عبد الله الطنطاوي

ما أسهل خديعة الشعوب العربية والإسلامية عامة، والشعب السوري خاصة، فما إن يزعم دعي أنه يسعى لتحرير فلسطين، وإعلاء راية العروبة والإسلام، حتى يلتف حوله الشعب، ويهتف له، مأخوذاً بالدعاية التي ينفق عليها الدعي من حر مال الشعب بسخاء، حسب خطة مدروسة، وضعها له من جاء به من الأغراب الطامعين بتلك الشعوب، وبخيراتها، ومن ذوي الأجندات المشبوهة.

هذا ما فعله الانقلابيون في سورية عامة، وحافظ أسد خاصة، وابنه من بعده، وهذا ما فعله حسن نصر الله، ظهيرهما، وعملت وسائل الإعلام عملها في تلميع حزبه الإيراني منشأً وتوجهاً، اللبناني أرضاً، حتى بلغ شأواً لا يستطيع ولا يجرؤ أحد أن يمسه بملاحظة أو نقد.

ثم جاءت الثورة السورية في الثامن عشر من آذار 2011 لتفضح المسمى (حزب الله) وزعيمه حسن، وكانت فضيحة مدوية، كشفت المستور عن وجهه الطائفي المقيت، عبر اصطفافه الطائفي إلى جانب رصيفه وشقيق روحه بشار، وإذا هما وجهان لعملة إيرانية فارسية شعوبية حاقدة على العروبة والإسلام، مثل أجدادهما من المجوس والقرامطة والحشاشين، بل تجاوزوهم جميعاً بجرائمهم الموثقة صوتاً وصورة، شكلاً ومضموناً. ارتكبوا مجازر بمئات الألوف من الشعب العربي، من فلسطينيين وسوريين ولبنانيين وعراقيين، وسوف تنكشف المخبآت عن أهوال غير مبسوقة لم يرتكبها جنكيز ولا هولاكو ولا حسن الصباح، ولا هتلر وموسوليني، ولا حتى ستالين – المثل الأعلى عند رفعت وأخيه وابن أخيه وأعوانهم – ولا مثل طغاة العصر الحديث.

قال لي الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، في مقابلة إذاعية مسجلة، أذعناها من إذاعة التحالف الوطني لتحرير سورية – إذاعة بغداد – وبحضور العقيد هواري (أبو طارق) عام 1985م-:

إن ما قتله حافظ أسد من الفلسطينيين، أضعاف ما قتله الصهاينة.

وسلوا المقاومة الفلسطينية واللبنانية ما فعل ويفعل (حزب الله) بالمقاومين الوطنيين الأحرار، وليس منهم وفيهم من (حزب الله) و (حركة أمل) من تثق بمزاعمه في المقاومة والممانعة، بعد الذي فعلوه في الجنوب والشمال والشرق والغرب من لبنان، وسلوهم عن مسرحياتهم مع الكيان الإسرائيلي، وادعائهم التحرير.. سلوهم قبل أن يقتلوهم..

والآن.. قد سجل التاريخ الذي لا يرحم، أن ما قتله بشار وحزب الله، وملالي قم وجنرالات طهران و(ميليشيات قوات بدر، وفيلق القدس، وعصابات أبي الفضل العباس وعصائب الحق العراقية) يستعصي على الحصر، وأحقادهم على العروبة والإسلام في كل مكان وزمان، أحقاد تاريخية دفينة، ما هدأت في صدورهم يوماً.

ورحم الله أستاذنا داعية العروبة والإسلام الأستاذ الكبير محب الدين الخطيب الذي كان يقول لجلسائه: إن كل ما أصاب المسلمين عبر التاريخ، كان وراءه اليهود، أو المجوس، أو كلاهما.

وهذا الكتاب الذي بين أيدينا من تأليف أربعة باحثين ومفكرين سياسيين وإعلاميين مشهود لهم بالموضوعية والصدق فيما كتبوا، وأبحاثهم هنا وفي كتاب (المشروع الإيراني في المنطقة العربية والإسلامية) الذي صدر عن مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية شاهد على ما نقول. ونقول لأعداء العروبة والإسلام في إيران والعراق وسورية ولبنان من السائرين في ركاب (الولي الفقيه):

(كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله)

***

هذا ما كتبناه مقدمة للطبعة الأولى من هذا الكتاب...

ونزيد في هذه الطبعة، بالتنويه إلى الإضافة النوعية على يد الكاتب ورجل الحقوق والمراقب الدولي الأستاذ الدكتور أنور مالك. ومَنْ من الناس، مَنْ من الأحرار والأشرار معاً، مَنْ لا يعرف أنور مالك... الأحرار عرفوه بصدقه ونزاهته ومتابعته في تقصيه للحقائق، حتى أشاد به ودعا له أحرار سورية المكافحة، وغيرهم من أحرار في هذه الدنيا الواسعة.

وعرفه الأشرار، فحقدوا عليه، وحاولوا تشويه سمعته، ولكن هيهات، وبلغ بهم الحقد أن يحاولوا اغتياله أكثر من مرة، في سوريا، وفي الجزائر، وربما في غيرهما.

وجاءت التوطئة التي كتبها الأستاذ أنور لهذه الطبعة، لتكون من روائع ما كتبه الكاتبون في هذا الموضوع.

وفي هذه الطبعة أضاف الكاتب الصحفي اللامع الدكتور فادي شامية، إضافات مهمة سوف يكون لها مكانها في كشف العصابة الأسدية وتوابعها البائسة التعيسة، في لبنان، وفي غير لبنان، فقد كشف المخبوء من شعوبيتهم وجرائمهم الشنيعة، والذي لم يكشف الستار عنه، أضعاف أضعاف ما جاء في هذا الكتاب القيم.

بقي أن نقول:

كان عنوان الكتاب: هل الثورة السورية محرقة حزب الله؟

وصار في الطبعة الثانية: الثورة السورية محرقة حزب الله، لماذا؟

لأن الأشهر القليلة بين الطبعتين، حملت الجواب بآلاف قتلى وجرحى الحزب المأفون زعيمه الذي أورده موارد المهالك، بزجه في المحرقة السورية، بعد أن سماه ظلماً وافتئاتاً بهذه التسمية التي يرفضها واقعه الغاشم المحمل بالجرائم والآثام التي يأباها الإسلام وتعاليمه السمحة.

والله غالب على أمره، وهو المستعان على القوم الظالمين.

وسوم: العدد 739