الحزن في الغناء السوداني لماذا !!!

الحزن في الغناء السوداني لماذا !!!

توثيقي للفن السوداني

مبدع  وزمن من ذاك الزمن الجميل

سليمان عبد الله حمد

هل يا ترى هموم الدنيا هي التي تدفعنا الى التفاعل مع مثل هذه الأغاني. أم ان كل منا يحمل داخله جرح غائر يأبى أن يندمل الا باجترار تلك القصص عن طريق سماع الأغاني الحزينة. وما اكثر الأغاني السودانية ذات اللحن الحزين. والغريب حتى أغاني الاطفال تحمل بصمة الحزن ...

أم اغنية الراحل مصطفى سيد أحمد ( والله نحن مع الطيور..) مليئة جدا بالحزن الدفين بالرغم من روعة اللحن وغيرها الكثير الكثير .ويمكنكم الاستماع بأنفسكم الى معظم الاغاني السودانية لتحسو بهذا الاحساس.

من منا لم يتذكر موقف قديم ترك أثرا محفورا بداخله برغم مرور السنين ومازالت ذكراه عالقة بالبال أو ان بباله قصة حب قديمه لم يكتب لها النجاح .. وما اكثر السودانيين الذين لم تكتمل قصص حبهم (ينتابني احساس بأن معظم السودانيين تلقو شواكيش) في حياتهم الأمر الذي ترك بدواخلهم (جراح غائرات ما لها عدد) والغريب انك عندما تستمع الى أغنيه حزينة من هذا النوع الذي أعني يأتيك احساس داخلى بأن كلمات هذه الأغنية كأنما كتبت لك انت بالتحديد وفصلت كلماتها على نفس القصة او الموقف الذي حدث معك بالتمام والكمال وليس لغيرك.

ومن الأغنيات الخالدات أغنية فنان السودان وأفريقيا المبدع الراحل محمد عثمان وردي الذي تغني ( ولا الحزن القديم أنت ) ...  والتي فيها كثير من مشاعر ولواعج الحزن كله في قصيدة مرجعيتها الحزن القديم تحت مظلة الحب والحزن القديم والتي لا زالت صدها على جدار الزمن القديم ... تلك الأغنية التي يتردد صداها في جيل وشباب ذاك الزمان الجميل ...  فهي شواهد ودلالات على اوجاع وجراحات السودانيين.

وبعيدا عن الغناء الحزين... احس بأن السودانيين بطبعهم بهم مسحة من الحزن الدفين – حزن مصحوب بغصة وحشرجة ... 

فهل يا ترى كتب على السوداني ان يحمل معه بصمة الحزن هذه في حياته وفي أغانيه طوال حياته ؟؟؟ ..

للإجابة على السؤال المطروح نسوق بعض وجهات النظر المتباينة  ...

فهناك فروق بين جيل اليوم والأمس في تفسير الظاهرة من زوايا مختلفة ، وقد تتباين وجهات النظر ولكن تبقي حقيقة ان الغناء السوداني فيه كثير من مضامين الحزن منذ بداية فترة أغاني الطنبور ثم أغاني الحقيبة مروراً بما يسمي بالأغنية الحديثة ثم أغاني البنات ثم أغاني الجاز التي تم تعريبها من الإنجليزية إلى العربية وهذه المدرسة فروادها النخبة الخاصة من ذوي التعليم العالي أو العامي أو من ممن لديهم القدرات المالية التي أهلتهم للذهاب إلى الخارج (إنجلترا أو أمريكا أو كندا) (يعني اولاد التجار والسياسيين القدماء في ذلك الزمان ) أو من الذين تلقوا تعليمهم على أيدي ما يعرف بزمن الخوجات في السودان او خريجي ما يعرف حينها بمدارس الكمبوني أو المدارس الخاصة في السودان أو لمن يحنون إلى زمن مضي ...  كلها اضاءات قد تكون موفقه او غير ذلك ...

هذه وقفات مع مبدع وزمن نتفيأ ظلالها في زمن قله فيه الإبداع و المبدعين ... إلى ان يحين اللقاء مع مبدع وزمن لكم تحياتي أحبتي ...