الفيل المغرور

م. محمد ماهر مكناس

الحكمة من القصة : ( المغرور مصيره الهلاك )

كان يا ما كان في قديم الزمان   ..

كان يحكم غابة الورود ..

 فيل اسمه نمرود  ..

وكانت جميع الحيوانات تخاف من بطشه  ..

وتحسب ألف حساب لقوته وسطوته  ..

سخَّر جميع الحيوانات في خدمته  ..

وجعلهم طوع أمره ومشورته  ..

فهذا مسخر لمأكله ..

وذاك مسخر لمشربه  ..

وثالث للنظافة ..

ورابع للضيافة  ..

...........................

وقد كان في ركن من أركان الغابة عصفوران  ..

يعيشان في الغابة بسلام وأمان  ..

الذكر اسمه ( قنبر )  ..

والأنثى اسمها ( قنبره )  ..

..........................

أراد العصفوران الصغيران  ..

بناء بيت لهما على الأغصان  ..

فاختارا شجرة الزعفران ..

في ركن من أركان البستان  ..

قرب شجيرات الأقحوان..

لينعما بالأمن والأمان  ..

..........................

وفي يوم من الأيام ..

وقف العصفوران الصغيران  ..

يتحادثان ..

ويتناجيان  ..

وعلى بناء العش الجديد يتفقان  ..

وماهي إلا لحظات حتى أخذا يتشاجران  ..

..........................

قالت القنبرة : أنا يكفيني الحمل والبيض وعليك بناء العش الجديد..

قال قنبر  : وأنا يكفيني اللف والدوران واحضار الماء والطعام..

قالت القنبرة : ألست تحبني ..

قال قنبر  : نعم أحبك ..

قالت القنبرة : إذن ابن لي عشي لأضع بيوضي وأحضن فراخي..

قال قنبر  : وهل المحبة تعب وشقاء ..

قالت القنبرة : أجل يا أعز الأصدقاء ..

قال قنبر  : حسبي الله ونعم الوكيل .. سأبني لك عشك .. وأفرشه وأجهزه لك ، وما عليك إلا البيض والقعود حتى تفقس البيوض ..

..........................

فرحت القنبرة بقبول العصفور الصغير ..

وكادت من فرحتها تطير ..

وأخذ العصفور الصغير ..

يجبل عيدان الرياحين ..

ليعد للقنبرة بيتها الجديد ..

لكنه أخطأ في التقدير ..

إذ ينا العش على خميلة صغيرة قرب مياه الغدير  ..

..........................

ودارت الأيام ومرت الأيام  ..

والعصفور قنبر فرحان ..

لأن زوجته قنبره وضعت له بيضتان ..

ورقدت فوقهما ليالٍ وأيام ..

حتى خرج منها صوصان ..

فأخذ العصفوران ..

ينشدان أعذب الألحان ..

..........................

وفي أحد الأيام ..

سمع العصفوران من بعيد ..

صوت الفيل نمرود ..

يعلو ليسمع الوهاد والنجود ..

يريد أن يصل إلى الغدير ..

ليشرب من مائه الغزير ..

ويروي ظمأه ..

بعد وجبة دسمة ..

يقدمها له الأعوان ..

الذين يعملون في خدمة السلطان ..

..........................

 لكنه قبل أن يصل إلى  الغدير ..

وجد في طريقه عش العصافير ..

فصاح في غضب شديد ..

وأصدر التهديد والوعيد ..

من سمح لكما ببناء هذا العش في الطريق ..

صاحت القنبره : أرجوك أيها الفيل العظيم ..

أن تبق لي على فراخي ..

وأعدك بأن لا أعود إلى  بناء عشي في الطريق . ..

ضحك القيل نمرود من قولها ..

وتقدم إلى عشها ..

وركله ركلة قوية ..

أطاحب بالفراخ في الهاوية ..

..........................

ارتجف العصفوران من الخوف ..

وطارا بعيداً عن العش ..

يرقبان الفيل العظيم ..

في مسيره إلى الغدير ..

بعد أن داس الخميلة الصغيرة ..

وخرّب العش وأطاح بالفراخ الصغيرة ..

وهو يضحك ويصيح  بصوته العالي القبيح ..

..........................

بكى العصفوران الصغيران ..

حزنا على خراب عشهما ..

ومقتل فراخهما ..

وقررت القنبرة الانتقام ..

من هذا القيل المغرور ..

ذهبت إلى  أصدقائها الطيور ..

تبكي وتشتكي ما حلّ بعشها وفراخها ..

..........................

أشفقت الطيور عليها وأردوا مساعدتها ..

ولكنهم طيور ضعاف ..

أمام حاكم الغابة الفيل العظيم ..

قالت القنبره : يجب أن نحتال عليه بحيلة ذكية ..

صاحت الطيور : ونحن مستعدون حتى تكوني سعيده بهيه..

أشيري علينا بحيلتك ..

ونحن طوع أمرك ..

..........................

أشارت القنبرة إلى  فريق الغربان ..

أن يجمعوا شملهم ..

ويعدوا عدتهم ..

وينقضوا على رأس الفيل ويفقعوا عيناه بمناقيرهم  ..

وبذلك تكون الطيور ..

قد انتقمت من الفيل المغرور  ..

وماهي إلا دقائق معدوادات ..

حتى تجمعت الغربان ..

وأخذت تطير في السماء ..

وانقضت دفعة واحدة ..

ووقفت على رأس الفيل ..

وأخذا تنقر عيونه..

حتى انتهت منها ..

والفيل يصيح ويستغيث       ..

ولكن ما من مغيث  ..

..........................

طارت بعد ذلك الطيور ..

وتركت وراءها الفيل المغرور ..

بعد أن فقأت منه العيون ..

وتركته لا يرى شيئاً في الوجود ..

ولا يهتدي في مسير أو قعود ..

ولا يستطيع تدبير طعام يسد جوعه ..

ولا ماء يروي عطشه ..

..........................

 ولم يمض إلا أسبوع أو أسبوعان  ..

حتى هلك الفيل المغرور ..

وعمت في الغابة الفرحة والسرور ..

وعاشت الحيوانات الصغيرة في هناء وحبور  ..

وسوم: العدد 800