معجم التقاعد ...

ليلة طويلة ...  كتلك الليالي الطِّوال التي ما أدركها فجرُ الأفق الذي يزيل الكآبات ، ويهزم ظلمةَ الخيالات التي تغتذي عادة من وطأة الأحزان ...  اللهم لست جَزِعًا ولا متشائما ، ولست من طلاب الراحة التي ينعم في محيطها مَن اعتزلوا بعضَ  تلك العادات ، لتنجو نفوسُهم من تفكك مابقي من شرف الجلسات التي كانت تمنح الهدوء والطمأنينة ... واستطرد أبو مروان يحدث نفسَه ، ويجتاز ماشاء من مسافات الصَّمت حينا ، ومن مسافات الارتداد إلى النفس أحيانا أخرى . حتى أيقظتْه تحيةُ أبي نبيل صديقه الوفي ، وبدا وكأنه يترنَّحُ بعد انكساره في معركة ، قيل إن جنودها مازالوا في مدرسة تعليم اجتياز  صياغة الأنفاس المناسبة في قيظ الحيرة . وابتسم أبو مروان كابتسامته أمس ، ليعدد هموما جديدة أضافها إلى قائمة أثقال العصر ، وعرف أبو نبيل هذا الجديد الذي ألمَّ بصاحبه ، وكأنَّ أصواتا تتلاحق خطواتها صوب أهل النجدات ، ولا يستطيع أن ينكر شدَّةَ وهجها ... القدس ، بغداد ، كابل ، جروزني ، مقديشو ، كشمير ، سراييفو ... ق.ش.ل.ت. أ ... حتى ... الياء . ثم أنطقتْه النصيحة في ثوب الأخوة الطاهر : لا يا أبا مروان ، ماكان اللهُ ليغلق في وجوهنا أبواب الرجاء ،ولا ليسلبنا روحَ السكينة ، فقد عشنا ستة عقود في ظلال الإيمان ، ونعترف بتقصيرنا ، بل وبندمنا على مافرطنا ببعض العمر ، فقد كانت أيدينا تعمل ، وعقولنا تعمل ، ومشاعرنا تعمل ، لقد بكينا عندما بكت أمتنا ، وابتسمنا عندما كانت أمتنا تتبسم ساعات فرحها ، ولعل ماقدمناه يرضي مَن يقرأ سيرتنا ، فوالله مااقعَنْدَدَ منا رجل واحد ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، أما الآخرون ... قاطعه أبو مروان قائلا : اللهم لاتجعلنا ممَّن خبا نورُ الأمل بين أعينهم ، ولا ممَّن جعلوا أنفسَهم قُعَديِّن عاجزين لاعن العمل ، بل حتى عن النهوض الذي أرخى جناحيه لهم !! هـزَّ أبو نبيل رأسه وقال : نعوذ  بالله من تحول العافية ، ومن زوال نعمة البصر والبصيرة والعقل ذي الحكمة ، ومن زوال الهمَّة التي هي نور الرجال مهما تقدم بهم العُمُر ... أتُريدُنا ـ يا أبامروان ـ أن نتمنَّى الموت ؟ وما هو الضُّرُّ الذي أصابنا حتى نتمنَّاه ؟ الدنيا بخير يا أخي ، صدِّقْـني أنَّ الدنيا بخير ، مازال بأيدينا كتاب الله وسُنَّةُ رسوله r ، وما زلنا ندحرج السَّواتر المصطنعة عن رؤانا ، وعن خطوات أقدامنا ، ونشعر أن وقت الفرج ينمو في ضمائرنا ، وأن أمتنا بمنجاة من كل مايحاك لها . نسأل الله أن يبارك لنا جميعا فيما بقي من أعمارنا وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدا . تبسَّم أبو مروان وهو يقول : مازلت تبعث في جنبات صدري نور الأمل الذي يتجدد برؤياك والله ياأخي ، كنتُ متضايقا حزينا ، بل أكاد أن أكون متشائما ـ والعياذ بالله ـ ولكني أجد نفسي تنطلق وأنت تلقي هذه البشارات ، بل و أشعر بوضوحها وقربها فأقوى حتى على تهديد الانحناء الذي يشهر سيف سطوته على المتقاعدين أمثالنا . وجدها أبو نبيل فرصة ليغير مجرى هذا الحديث ، ويهيئ أخاه وزميله إلى الموعد الذي يُنتظر في هذا اليوم . فقال : هل تعلم ياأبامروان لِـمَ سُمِّيَ شهرُ ذي القعدة بهذا الاسم ؟ اعتدل أبو مروان في جلسته وقال : لأن الناس كانوا يقعدون فيه عن الأسفار ... وجدها أبو نبيل ـ بعد أن تحيَّر في طريقة إيجادها ـ ولعلها المناسبة التي تُخرجُ أبامروان من عقدة الملل ، و دوَّامة التفكير التي لاطائل منها ، فقال : الحقُّ عليهم . وكان على مَن تجاوزوا الستين من العمر أن لايقعدوا ، وإنما عليهم السعيُ من جديد لإعادة شبابهم بما يناسب المرحلة ، ليجدوا النَّضارةَ في الوجه ، والحكمة في التفكير والتوجيه ... وهنا طُرق البابُ فهبَّ أبو نبيل ففتح الباب ، وإذْ بصديقهم المتقاعد  أبي يحيى يلقي السلام ، وهو ينظر إلى ساعته : مالكم هيَّا فموعد الحفل قد اقترب . خرج الثلاثة يحثون خطاهم إلى مكان حفل إكرام المتقاعدين ، وأبو يحيى يحدثهم عن أثر أمراض الوراثة ، ومعاناة الجسد من الشيخوخة المبكرة ، ويحمد اللهَ الذي عافاه من داء تصلُّبِ الشرايين ، ضحك أبو مروان وقال : كنت تأكل ياصديقي حتى بعد الشَّبع ، وتتخيَّر مكان الدهون من اللحم فتقبل عليها يدُك بهمة ونشاط . تبسم أبو يحيى وقال : هذا والله صحيح . رحم الله أيام زمان ولكني أبشرك بأني لم أهجر تعليمات الطبيب ، وخصوصا متابعة طريقة المشي يوميا . فإني أصلي الصبح في مسجد الحي ، وأنتهز الفرصة إلى قبيل طلوع الشمس . قال أبو نبيل : هنيئا لك إنها أصفى وأجمل الساعات هواؤُها عليل ، وأتمَّ أبو مروان : وهدوؤُها ماله مثيل .ضحك الثلاثة ، وشدَّ أبو نبيل على يد أبي يحيى وقال : اغتنم هذه الساعة واذكر الله سبحانه ، فإنك تجمع بين طلب العافية ، والثواب من الله . قال أبو يحيى : ما فاتني ذلك والله يا أبانبيل . فلله الحمد قد جعلتُ وِردي اليومي في هذه الساعة {لا إله إلا الله وحده لاشريك له،له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو على كل شيءٍ قدير } أقولها مِئة مرَّة . وأنا على ثقة بأنها من أسباب عافيتي ممَّا كنت أعاني ، كما أنها تمنحني بشعور عظيم يخفف عني الكثير الكثير ممَّا أُلاقيه .

دخلوا قاعة الاحتفال المزدانة بالمصابيح الكهربائية والورود ، ومكبرات الصوت ، وبالتنسيق الجميل لمواقع الكراسي والمناضد . وبهؤلاء النفر من مسؤولي الحفل ، الذين أشرقت وجوههم بابتسامات الحبور والاحتفاء برواد العلم ، وانشرحت رحاب  صدورهم بلقاء الأحباب الذين أبعدهم { التقاعد } عن اللقاءات اليومية ، والمشاركات الهادفة في بناء الوطن ، و رفعة شأن أبنائه من طلبة العلم في مجتمعهم الفاضل . أخذ الضيوف أماكنهم ، وابتدأ الحفل بآيات من كتاب الله عزَّ وجلَّ ، تلتها كلمة ترحيبية مؤثرة ، فأنشودة شنَّفت آذان الحاضرين ، وكانت الكلمة الأخيرة لأحد المتقاعدين ، ثم وُزِّعت الهدايا والدروع التذكارية على المتقاعدين لهذا العام . وخرج القوم تملأ صدورهم البهجة ، ويحدوهم الأمل ، ويناغي هممَهم نداءُ العمل . فما من آية في كتاب الله سبحانه تتحدث عن الإيمان بالله  إلا وهي مقترنةٌ بالعمل الصالح ، وأن المرء إذا طال عمُرُه وحسُنَ عملُه فقد فاز بالخير ، ونال أسباب السعادة . وقف أبو مروان ليعلن أن المفاجأة  هي غياب عبدالحميد عن الحفل ، وأنَّ مفاجأة هذه المفاجأة صعود ولده سعيد إلى المنصَّة لاستلام هدية والده . وتنويه عريف الحفل بأنَّ سعيدا الذي يقف أمامكم الآن ليستلم هدية والده هو الحائز على الدرجة الأولى في الثانوية العامة لهذا العام ، وراح عريف الحفل يثني على سعيد وأبيه الذي كان معلما مثاليا بكل مافي الكلمة من معنى ... وأردف أبو نبيل قائلا : فرخ البط عوَّام يا أبا مروان ، فعبدالحميد كان متفوقا في أدائه وفي قدرته الفائقة في مجال اختصاصه ، وكان مهتما إلى أبعد الحدود بأبنائه من الناحية الخُلُقية والعلمية . قال أبو يحيى : لكننا لم نعلم سبب غيابه اليوم في هذه المناسبة الأثيرة  ؟!       قال أبو نبيل : أجل ... ولكن سنعلم ولو بعد حين . وصاحب الهمَّةِ يا أبا يحيى إن غاب يرجع وأردانه عطرة ، فللتفوق أجنحة لاترفرف إلا فوق القمم ، وأقدامه لاتتحرك إلا على إشراقات الهداية والتوفيق من الله سبحانه . وينظر أبو يحيى إلى ساعته ، ويذكر مَنْ حوله بأنَّ حفل العشاء للمتقاعدين قد حان . وابتسم أبو مروان وقال : إنَّ مُنَبِّهَ ساعتك حسَّاسٌ يا أبا يحيى ، ومواعيدك دقيقة ، تدخَّل أبو نبيل بابتسامته المعهودة وقال : نعم ... ذكَّرَنا أبو يحيى بموعد الحفل الخطابي ، وهاهو يذكرنا بموعد العشاء . قال أبو يحيى : الحفاظ على المواعيد دليل الإيمان والمروءة ، أليس كذلك يا أبامروان ؟ أجاب أبو مروان : بلى والله . ولكن احذر من الدهون والنشويات ، فهي مأدبة لكبار السنِّ فقط ، وأردف أبو يحيى: وإنَّ مَن أعدَّها نفرٌ من كرام القوم . وضحك أبو نبيل وقال : والمتقاعدون يستحقون الإكرام والتقدير .

وتقودُهم خطاهم إلى فِناءِ بهوٍ واسعٍ ، مُدَّت فيه السَّجاجيد ، و وُضعت الوسائد ، وأضاءت المصابيحُ المتلألئة أرجاء الفِناء التي اتسعت بأفراح القلوب ، وتوافدَ المدعوون وجلُّهم من المتقاعدين ، حيثُ أخذ كلُّ واحد منهم مكانه ، وانطلقت الأحاديثُ فكانت صدى للأيام السَّالفات ، والذكريات بحلوها ، وبمُـرِّها الذي أمسى حُلوا ، فمعاناة السنين ، وتجارب العمل ، إضافة إلى جراحات الأمة على امتداد ستين عاما . قال أحدُهم : من نعم الله علينا أن يسَّر لنا هذا اللقاء ، وقلوبنا ملأى بحب بعضنا ، وحب الخير لأبناء أمتنا وللناس أجمعين ، ونحن متفائلون وربما شعر أكثرُنا بأنَّ النشاط والحيوية والآمال مازالت ترافقه على امتداد دربِه ... وفاجأ أبو مروان أكثر معارفه حينما بدأ الحديث ، وهو الذي يميل إلى الصَّمت ... وكأنه غيَّرَ مجرى حياته : التفاؤل عنوان حياة المؤمنين ، وبه يجابهون غياب الأفق الباسم في حياتهم ، فلا يحتجزهم الألم ، ولا ينأى بهم النكد العريض عن مجتمعهم . التفاؤل والأمل ومباشرة العمل الإيجابي ... هي نسيج الحياة المباركة ، وشجرتها التي تزهر وتثمر إذا ما سُقيتْ بماء الإيمان بالله ، وهي خضراء دائما وإن رآها اليائسون جرداء يابسة ... ارتسمت آثار الفرح على وجه أبي نبيل ، وحمد الله ـ في نفسه ـ على مارأى وعلى ما سمع . أجل : هذا أول تصريح من أخٍ وزميل لم يعرف عنه من قبل إلا التشاؤم والنظرة السوداء للحياة . وراح يهمس في أُذن جاره في تلك الجلسة أبي يحيى : أسمعتَ ما يقول أبو مروان ؟ أجاب أبو يحيى : لقد سمعتُ وفرحتُ وحمدتُ اللهَ . أتظنُّ يا أبا نبيل أنَّ ما قيل في حفل التكريم شيءٌ عاديٌّ !! والله لقد تلا قارئُ القرآن من الآيات ما اقشعرَّت له الجلود ودمعت له العيون ، ووجفت له القلوب . ألم تر الرجل الذي كان يجلس  جانبك وهو يمسح آثار الدموع من عينيه ؟ أجاب أبو نبيل : بلى والله . تلك هي الحقيقة ولقد كانت فقرات الحفل مؤثرة ، والحقيقة تُؤلمُ في بعض المرَّات ، ولكنها تتحول إلى نور يهدي به الله مَنْ يشاء من عباده . ولعل أصحاب الإحساس بنشوة الحق في النفس هم أكثر الناس إحساسا بالمسؤولية ، إذا ضاقت صدورُهم بتزاحم تراكمات اليأس والضَّجر ، فإنهم يخرجون على قانون اليأس والإحباط ، حين بشَّت في حنايا أنفسهم روعة أنوار الرجاء والأمل بالله الكريم  وجاذبيتها وبشرياتها ، قال أبو يحيى : الحقُّ ماتقولُه يا أخي . والله إني لأشعرُ بالمسرة حتى هذه الساعة من أثر صعود الشاب سعيد بن عبدالحميد ليستلم هدية والده المتقاعد ، فالولد بتفوقه وحيويته أعاد لأبيه قدرته الفائقة التي كان يملكها قبل تقاعده ، وهاهو لم تُدوِّخْه أيام انتقاله من طور إلى طور ، وبذلك الشعور الذي لازم قلوبنا في هذه الأمسية وطَّن مسيرته بعيدا عن معترك أحلام اليقظة ، وزيف النشوة الوهمية المبتذلة التي قد يشعر بها المتخاذلون .

كانت الأحاديث الجانبية بين الحاضرين مدعاةً لتعميمها ، وربما تقصَّد بعضُهم استدراج الآخرين لرفع أصواتهم حتى يسمعها بقيةُ القوم . وينتفعون بما فيها من رشد وتوجيه . وصمت الجميع يصغون لصوت أحدهم وهو يذكر كيف تغيرت بعضُ أنماط الحياة ، ويؤكد أنَّ الإنسان السَّوي هو الذي يعيش زمانه ، ويحافظ على أصالته وذاته ، بسُمُوِّ نفسِه وثقته بربه ... وتداخلت الأصوات عند باب الدار ، حيثُ عبارات الترحيب الحارة ، وارتفع صوتُ منظم الحفل قائلا : أهلا وسهلا بأبي سعيد أهلا يا أستاذ عبدالحميد ... ظننا أنك هجرتنا ، فلم تحضر حفلنا !! ردَّ عبدالحميد : وكيف ذلك لايمكن أن أستغني عن هذه الوجوه المباركة المشرقة بالوفاء ، حيَّاكم الله جميعا ... لاأريد  أن يبرد طعام فرحتكم بهذه الأمسية الميمونة ، هيا إلى الطعام ، بسم الله الرحمن الرحيم ، بدأ القوم بتناول الطعام ، مستأنسين بعبارات تنطلق بين الفينة والأخرى ... كلوا بأيمانكم ومما يليكم فإن البركة تنزل على وسط القصعة ، قال آخر : لم تنس الدروس التي كنت تلقنُها للطلاب في آداب الطعام ، ارتفع صوتُ آخرُ : البركة في الطعام لا تغادر قوما اجتمعوا على طعامهم وذكروا اسمَ الله عليه . ويضع أبو يحيى لقمةً في فيه ويقول : كلوا وتحدثوا ، فالكلام الطيب والطعام الطيب صنوان لابفترقان ...كانت ساعة مباركة استثارت كوامن المودة في النفوس ، وفوَّحَ المجلسُ بعنبر الإخاء والبهجة والذكريات الحلوة . ويسأل أبو نبيل زميله وأخاه أبا سعيد : تأخرتَ اليوم فعسى الأمرُ خيرا إن شاء الله . أجابه عبدالحميد : الحمد لله كنت في سفرة ، رحلة عمل ناجحة بفضل الله تبارك وتعالى ، تبسم أبو يحيى وهو يلوك قطعة اللحم في فمه ، وقال : رحلة عمل بعد التقاعد !! أجابه عبدالحميد : أجل . وراح يوجه حديثه للحاضرين  قائلا : البطالة موت بطيءٌ ، والإنتاج سفير النشاط والعمل ، والمرهقُ ياإخواني فكريا أو جسديا بحاجة إلى آفاق الطبيعة الساحرة ، والقاعد عن العمل بحاجة إلى مساحة عملٍ تناسب قدراته الجسدية والعقلية ، وأوضاعه المادية ... قاطعه أبو مروان باهتمام : لمَ هو بحاجة إلى العمل ؟ استطرد أبو سعيد : ليتفادى هجوم الكآبة عليه ، وهي تلوِّحُ بالآفات والآلام الخفية والمؤذية للجسد وللنفس على حد سواء . وربما ألقت بصحته إلى براثن الهموم التي هي نَفَسُ الشيطان المتربص بنا ... كانت العيون مشرئبة إلى حُلو هذا المنطق ، ولذيذ هذا الخطاب ... قال أبو نبيل : كم من عاطل عن العمل ضلَّ الطريق ، وانحدر إلى مستنقعات الموبقات والمخدرات ، وحين تحذره ... يعاجلك بقوله : أريد أن أنسى همومي ، فكان كمَنْ يستجيرُ من الرمضاء بالنار المحرقة .

اعتدل أبو يحيى بجلسته ، وهو يحمد الله ، وقال : لم تحدِّثْنا عن رحلة عملك يا أباسعيد . ها قد أكلنا وشبعنا ودعونا لمَنْ أطعمنا وسقانا بأن يبارك الله له . قال أبو سعيد : لقد تمَّت الموافقة ـ بحمد الله ـ على فتح فروع لمؤسستنا في عدة مدن ، لتوزيع المواد الغذائية ، ومنها مدينتنا هذه ، وأنا أبحث الآن عن موظفين لإدارة العمل . التفتَ أبو نبيل إلى أبي سعيد يذكره بأخيه المتقاعد أبي مروان وأنه كفءٌ لهذه المهمة . تبسم أبو سعيد و وجَّه سؤاله إلى أبي مروان : مارأيك . قال أبو مروان : القول ما قاله أخي أبو نبيل ، فإن وافقتَ فسأكون عند حُسْن الظن إن شاء الله . قال عبدالحميد : توكلنا على الله . الموعد غدا صباحا بإذن الله ومشيئته ، لنكتب العقد ونتفق على بقية الأمور . انفضَّ المجلس وكلٌّ يقول : { سبحان الله وبحمده ، سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك }

وتتهادى خطوات أبي مروان شطر منزله ، ليحدث شريكة عمره بأخبار المتقاعدين ، ويزف لها البشرى ببدء العمل غدا ـ إن شاء الله ـ في شركة السعادة للمواد الغذائية .

وسوم: العدد 835