البالون

حسين راتب أبو نبعة

حسين راتب أبو نبعة

[email protected]

  يبهرك و هو يتحدث بإسهاب عن طبيعة عمله و تنوع مواهبه ،و يعتذر في غمرة حديثة عن عدم مشاركته في المناسبات العائلية سيما و انه يعمل مندوباً  لعدة شركات  محلية و عربية إضافة إلى بعض الهيئات الدولية.  و إمعانا في التضليل  يخرج لك من ألبومه الصغير  بعض صور كان قد التقطها مع  نخبة من رجال الأعمال في أحد الفنادق التي  التقاهم فيها مصادفة .و عندما يحس  بشى من نبرة شك في مجاملتك له أو تعليقك على ما يتفوه به يقسم لك انه سيعمل على إدارة الوقت بطريقة  تتيح له مجالاً  للمشاركات الاجتماعية. ما أن يحس بالطمأنينة و أنك  لحديثه مصدق يبدأ مرحلة بيع الوهم من خلال تشجيعك على الدخول معه كشريك و بالمبلغ المتاح في بعض مغامراته التجارية سواء في شراء عبوات الزيت أو المضاربة في مجال الأسهم و بعض المشاريع الوهمية .

إسرافه في الخداع يضطرك لتذكيره بضرورة سداد بعض الاستحقاقات المالية المترتبة عليه ، بعد إن يلتزم الصمت ، ينسحب بهدوء مثل  سنجاب ذهبي رآى بعض الأفاعي الزاحفة لالتهامه و بعض طيور جارحة  تحلق في السماء بحثا عن فريسة ما.

استئناس

كان طيب النفس كريم الطباع و مع مرور الأيام بدأت  معالم الكهولة واضحة على قسمات وجهه. قيل انه كان في بدايات  شبابه كالنحلة لا تستقر في مكان ما . كان دائم الحركة ، قوي العود ، يتلذذ في نقل الأخبار من حارة لأخرى و طالما كان يحيك القصص فيصدقها  بعض البلداء.في الفترة الأخيرة قلت حركاته و أصبح يميل الى الانعزال في بيته. انتهز ذات يوم بعض أصدقائه الخبثاء خروجه النادر من منزله.كان على وشك الانطلاق للمدينة لشراء بعض  الحاجات.

"خير  يا طير . أين أنت ذاهب ؟الحمد لله الذي مكننا من مشاهدة أنوارك البهية" قال أحد الخبثاء

حرك حاجبيه باستغراب و حاول الإفلات من هذا الكمين.

" عفوا ، ليس لدي متسع لأكل لحوم الآخرين! هل تفهمون.لقد مللت ، إني في عجلة من أمري و أسرع للحافلة الوحيدة التي تنطلق صباحا للمدينة تاركا خلفه كثيرا من الأسئلة بلا إجابة.

احتار كثيرون في سبب عزوفه عن التجمعات و التسكع في الطرقات ، غير أن أحد المطلعين اخبرهم بأنه أكثر استئناساً بأطفاله و ببعض خرافه و أغنامه و دواجنه و ليس لديه متسع  من الوقت يضيعه