افندينا والراقصة

 

يحمل على كتفيه ماضيه الاجوف. لا يشعر بثقل. فماضي كهذا خفيف, لا يعجز جسمه النحيل على حمله. ولا يشهد لصاحبهه اي نشاط او عمل, ساهم في تطوير قريته التي تحتضنه. 

اما حاضره , عبارة عن يومه كامسه. لا يطرأ عليه تغيير الا على انواع الطعام اللين, الذي يداعب لسانه, يريح اسنانه ويدلل امعائه.

اما لو اضطررنا ان نخمن مستقبله, فلن نجد صعوبة في رسمه. فهو نفس مستقبل قريته قبل عشرات السنوات. مستقبل يتواجد هو االان فيه كما ستتواجد ذريته في فلك المستقبل الاتي. لن تفعل شيئا فيه سوى استهلاك الاكسوجين من الهواء. او تلويث ما ترك منه الاباء والاجداد نظيفا .

أوصلكم الان نبأ مدى كرهي للقرية؟!

القرية هي الحضن الدافئ لتنمية هذه الدودة الطفيلة. التي تسير على رجلين وتملك يدان . تماما مثلنا.

لو ولدت هذه العاهة في المدينة, لما ورثت آلاف الدونمات من الارض, فاقت اسعارها الخيال. فبيع دونم واحد مكنتها انت تتحول الى شخصية محترمة, رافعة الرأس , مسموعة الكلام, لا يمكن لمجلس اتخاذ القرار الا باستشارة ابا فلان.

ابو فلان اصبح فهمان. اشترى فهمه بابخس الاسعار. لم يكلفه الا ذبح شاة لاهل فقيد في مأتم. او كيسا من الرز وعلبة سمن في فرح.

كعادتي في قنص القصص اثناء ترحالي بين القرى. جلست في احدى مقاهي هذه القرية. وشاءت الاقدار ان دخل ابو فلان الفهمان اثناء تواجدي. وقف كل من تواجد لاستقبال ابا فلان قبل ان يلقي عليهم السلام. حتى انسوه ان يلقيه اوتعمد ذلك كي تكون اهانة لهم ذات معنى صارخ.

جلس ابو فلان متكئا, الرجل على اختها والرأس تلف في اتجاه كل المحاور. حتى وقع نظره على ذلك الشخص الغريب. الذي اخل بقواعد اللعبة ولم يقف احتراما لسيادته. وقال مخاطبا من يجرجرهم من اتباعه:- من هذا الشخص؟

رد عليه صوت الحاضرين بالاجماع: غريب يا افندينا.

قال:- قدموا له الشاي.

اما انا فوقفت وقلت له: انا صاحب هذا القلم الذي باذن الله سيقلب الموازين.

ابتسم افنديهم وقال: اذاستضطرني الى رفع التسعيرة من شاة الى عجل والى مضاعفة الرز مع السمن.

هذا بالنسبة لقصة افندينا.

اما قصة الراقصة فهي عاهرة تسكن المدينة المجاورة لقرية افندينا.

يزورها هذا السراب المدعو افندينا في يوم الجمعة بعد الصلاة. ليس لان يتبارك من انوارها . بل ليسكب تحت اقدامها الدنانير المدندرة (لا اعرف معنا لهذه الكلمة. طلعت معي).

يخلع في حضرتها ثوب افندينا المحترم. ليلبس رداء المتعة المنسوج من خيطان الرذيلة. والمصبوغ بلون الصهباء المتدفقة في اكواب السكر. يوزعها ما بينهم شوشو (اسم دلع الشيطان).

هناك في القرية يشتري رجالها بكيس رز وهنا في المدينة يبيع كرامته بثمن بخس.

وسوم: العدد 672