إيران وحزب الله

تستمر إيران في مدها الشيعي في شمال الشرق الأوسط والمكون من ثلاثة دول ومنظمة إرهابية حزب الله , إيران العراق وسوريا , إيران لا تهمها حدود الدول وما زالت تسعى لتحقيق حلمها في إعادة الماضي وبناء إمبراطورية الفرس التي انهارت قبل 1500 عام تقريباً , إيران تريد عن قصد متعمدة الوصول إلى مليشياتها وجنودها المتواجدين في منطقة شمال شرقي سوريا منطقة الفرات السورية عن طريق وسط العراق وشمالاً لتمدها بالعتاد والسلاح والغذاء , هذا الأمر بات سهلاً بالنسبة لإيران لأنها تستخدم المحادثات السطحية مع الحكومة الاتحادية العراقية بنوايا مبطنة ذات عمق سياسي لا تعلن عنها في هذه المرحلة متعمدة التستر عليها حتى لا يتمكن أحد الأطراف التراجع والفكاك من الوضع الجديد الذي تخطط له إيران في المنطقة وكذلك بعد الاعتياد عليه فهذا الوضع القائم والمنفذ على أرض الواقع ستعتاد عليه في ظاهر الأمر الشعوب في هذه الدول الثلاثة دون أي تراجع , إيران اليوم تدخل وبكل راحة الأراضي العراقية وتتوغل فيها شمالاً نحو الأراضي الكردية وغرباً نحو الأراضي السورية لتؤمن تمرير كل ما يحتاجونه أفراد مليشياتها في المناطق السورية وخاصة منطقة نهر الفرات السوري في حربها ضد داعش عن طريق هذه المناطق التي تضع يدها عليها في النهاية وتحتلها بهدوء دون إعلان عن ذلك بشكل رسمي , ومن هناك تتوجه وتتركز كل القوات الإيرانية بمجهود كبير نحو لبنان وحزب الله , فتمرر للمنظمة الإرهابية حزب الله كل العتاد والأسلحة " لينعم بها " ويقوي موقفه في لعبته السياسية البشعة القذرة , داخل لبنان وخارجه ولتصبح تصرفات نصر الله الأمين العام للمنظمة الإرهابية حزب الله , مثل من له جيش ودولة في المنطقة.

جهود إيران المضاعفة وأفرادها شمالي الشرق الأوسط وجنوبه في اليمن وبعض الدول العربية الأخرى وجهود كبيرة لخلايا إيرانية بشكل نائم , يقلق جميع الدول العربية وسرعان ما ستطلب هذه الدول المساعدة من الدول العظمى والدول التي لها نفوذها في الشرق الأوسط وغيره , فبوجود العنصر الإيراني على أراض الشرق الأوسط , تصبح قضايا الشرق الأوسط شائكة جداً ولن تحل بطريق سلمي والحلول السلمية المطروحة على يد الحكام العرب بشكل أو بآخر مرفوضة عند إيران ونهاية وتنظيمها الإرهابي حزب الله , وما كنا نسميه - الحرب الباردة - بين الدول العظمى في سنوات الستينيات والسبعينيات سرعان ما سينقلب في منطقتنا إلى حرب طاحنة لا ترحم أحد , فسيادة لبنان هامة للبنان واللبنانيين ووجود منظمة إرهابية قوية كحزب الله , تجعله ينفذ ما يريد بدون أن يكترث لأحد في لبنان وهذا بحد ذاته يشكل خطراً مداهماً على كل من يطالب باستقلالية لبنان ومتابعة الشرعية الدستورية اللبنانية دون أي عراقيل لأن هذه المبادئ لا تناسب منظمة إرهابية مدعومة من إيران كحزب الله , إستراتيجية هذه المنظمة الإرهابية الممتدة من الإستراتيجية الإيرانية في المنطقة ستدفع إلى طريق تصعيد الأمور في المنطقة أكثر خاصة في مناطق سيطرة المنظمة الإرهابية حزب الله وستقود لبنان من جديد إلى حرب ضروس تأتي على الجميع بالشر والخراب والدمار , لبنان اعتاد الحروب الأهلية وخبرته القاسية جراء هذه الحروب تدفع بالقيادة اللبنانية بالابتعاد عن الحرب كل البعد , لكن عناد وإصرار منظمة إرهابية كحزب الله على السيطرة على أجزاء إضافية من لبنان لتنفيذ استراتيجية إيران , ستكلف لبنان والمواطنون اللبنانيون ثمناً باهظاً جداً يكاد لبنان لا يحتمله وربما سينهار تماماً ولن يشاركه في دفع الثمن أحد من الدول المجاورة أو الدول في المنطقة , فلبنان دولة لها سيادتها وكيانها وعليها حل مشكلاتها الداخلية بنفسها بالرغم من كل العقبات وخاصة العقبة الرئيسية التي عانى ويعاني منها لبنان حتى الآن وهي المنظمة الإرهابية حزب الله.

إيران أسست حزب الله في منتصف سنوات الثمانينيات على خلفية دينية محض لخدمة مصالحها الخاصة في المنطقة فقط , وما زال هذا الغزل موجوداً بينهما حتى الآن لهذا السبب لن تتخلى عنه في كل السيناريوهات الشرق أوسطية وستدعمه في كل الحالات , لبنان ضعيف في مواجهة المنظمة الإرهابية حزب الله الذي يبيض الأموال ويسيطر على ميناء بيروت ويتاجر بالمخدرات والأسلحة وغيرها تحت عيون أجهزة النظام اللبنانية , لبنان لا يملك نصف ما يملك حزب الله من عتاد وأسلحة وصواريخ , فباستطاعة هذه المنظمة الإرهابية حزب الله قصف جميع المدن اللبنانية تقريباً , بداية بصور صيدا عليه بيروت بحمدون حتى طرابلس من مدينة النبطية في الجنوب اللبناني , وهذا المؤشر خطير جداً ويعرفه الرئيس الحريري وجميع أفراد القيادة اللبنانية من دون استثناء لذلك يلوذون إلى حالة غريبة غير اعتيادية مع هذه المنظمة الإرهابية حزب الله وهي من أخطر الحالات السياسية التي يعرفها العالم حالة لا حرب ولا سلام.

طريقة هذه المنظمة الإرهابية حزب الله التي اتبعها تحت ظل إيران هي السيطرة على الأرض والشعب رويداً رويداً , فنرى أتباع هذه المنظمة في جميع البلدات اللبنانية المشتركة المختلطة التي يعيش فيها مواطنين من أبناء جميع الطوائف , هذا الاختلاط يفهم في مفاهيم الغرب الحضارية كحسن للجوار والتعايش السلمي المشترك بأمان وسلام بين الجيران والأفراد في المجتمع الواحد , إلا أنه في مفاهيم إيران ومنظمته الإرهابية حزب الله يفهم في مقياس السيطرة التامة على الأوضاع وعند اللزوم تستعمل أفراد الشيعة في كل بلدة لصالح ما تقتضيه مصلحة إيران وحزب الله , حتى بالطريقة الديمقراطية والتعبير عن الرأي كأفراد متعاونين مع حزب الله وإيران وهذا بحد ذاته خرق لحسن الجوار والتعايش السلمي المشترك في كل الأحوال والظروف وفي النهاية هناك من سيدفع الثمن باهظاً جداً إذا حصلت أي مواجهات مع هذه المنظمة الإرهابية.

أتمنى لدولة لبنان وجميع دول الشرق الأوسط والعالم بأسره , أن نعيش بسلام وأمان في ظل تعايش مشترك للبشرية جمعاء وأن تزول الحروب من قاموس لغاتنا ويبعد الفكر البشري كل البعد عن التطرف الديني وليتقرب من التعايش السلمي المشترك واستيعاب الآخر المختلف المغاير عنا في كل شيء وليكون الشرق الأوسط والعالم بأسره أرض ممنوعة فيها الحروب.  

وسوم: العدد 757