التحالف بين ترامب و بوتين حقيقة واقعه .. والخاسر الاكبر هي امريكا

يتساءل بَعضُنَا هل التحالف الروسي الامريكي حقيقة واقعه .؟

 أجيب على هذا السؤال : بنعم ، و أكمل الإجابة لأقول إن الدولتين تخوضان معاً بصورة مباشرة أو غير مباشرة ثلاث حروب .

الاولى : الحرب على الشعوب العربية وأفضل مثال لها  الحرب ضد الشعب السوري .

الثانية : الحرب ضد تركيا ، تشترك فيها روسيا بصورة غير مباشرة.

والثالثة : الحرب على الحلف الاطلسي/الناتو.

يجيبني احدهم : افهم الحربين الاولى والثانية ولكن لا افهم الحرب الثالثة ؟   

إذن لأبدأ اولاً بتحليل الحرب الثالثة وهي الحرب على الحلف الاطلسي لأن فك لغز هذه الحرب سيسهل علينا فهم الحربين الاولى والثانية.

يبدو لأول وهلة انه من العسير فهم لماذا يشن ترامب حربه على الأصدقاء في الحلف الاطلسي وهم شركاء تاريخ وحاضر بل و مصير ايضاً.

ولكن اذا تعمقنا بنفسية ترامب فاننا نصل الى الجواب التالي: 

اعزائي القراء 

 الرئيس ترامب ينظر إلى امريكا بمنظار شركة تجارية كبرى ويعتبر نفسه صاحبها و يريد من خلال مهنته التجارية  تحقيق الأرباح  بأي ثمن ، فهو يقارن بين بقائه في الحلف الاطلسي وخسارته فيه لحوالي  مليار ونصف المليار دولار سنويا ً وبين انهاء هذا الحلف ووضع يده بيد بوتين  لابتزاز العالم فانه بذلك سيحقق ربحاً اعلى بكثير من استثماره في الحلف الاطلسي ، فليس هناك مايمنع من عقد شراكة مع الروس بدلاً من الأوربيين اذا كانت هذه الشراكة تحقق له المال!.

هذا هو منطقه. ولكن سأسال نفسي السؤال التالي : وهل  يعتبر ترامب مقاولاً ناجحاً فيغامر بالشراكة الاوروبية  ليحقق أرباحاً تجارية  مع الشريك الجديد بوتين .

 من جهة  نظري المطابقة للكثير من الامريكيين اجيب : كلا وهذا هو تاريخه التجاري كرجل اعمال.

 لقد اعلن ترامب افلاسه ٦ مرات محتميا بالفصل الحادي عشر من القانون الأمريكي، ويختص الفصل الحادي عشر من القانون الأميركي والمعروف بقانون الإفلاس، المنظم لإعادة وضع الشركات المتعثرة لإبقائها قائمة وسداد المديونيات في فترات أطول، .

وكان إفلاس ترامب الأول مرتبط أكثر بأمواله الشخصية في عام ١٩٩١، فقد مول بناء كازينو تاج محل في اتلاتنك سيتي بولاية نيوجيرسي الأميركية بقيمة تجاوزت مليار دولار آنذاك، وبنهاية العام ذاته تخطت مديونية الكازينو ما يقرب من ٣ مليارات دولار، وسدد ترامب آنذاك ما يقرب من ٩٠٠ مليون دولار من مطالبات المديونية، الأمر الذي انتهى بطلب الإغاثة وفقا للفصل ١١ وباع آنذاك نصف حصته في الكازينو ويخت وإحدى شركاته للطيران وفقا لصحيفة الواشنطن بوست في تقرير بتاريخ ديسمبر ١٩٩١.

وفي غضون عام من إعلان الإفلاس الأول حققت إحدى قاعات القمار في فيلادلفيا خسارة كبيرة تخلى على أثرها ترامب وفقا لقانون الإفلاس عن ٥٠٪؜ من حصته في الصالة وتخلي عن سندات أميركية بقيمة ٣٣٨ مليون دولار، تلاها في  نفس العام اعلان ترامب وشريكه رجل الأعمال الأميركي وليام فيسك إفلاس فندق آخر في اتلانتيك سيتي الذي افتتح عام ١٩٨٤ بقيمة تكلفت ٢١٠ مليون دولار، وصلت مديونية الفندق إلى ٢٥٠ مليون دولار بحلول عام ١٩٩٢ وتراجعت التدفقات النقدية للفندق بنحو ٨٠٪؜. 

لن استرسل كثيراً فافلاساته تزكم الأنوف ، ولكن انهي (نجاحاته) الاقتصادية بتقرير للبروفيسور  آدم فيفت أستاذ الاقتصاد بجامعة جاورج تاون حيث يقول  إنه لا يلوم المرشح الجمهوري ترامب على فشله لكنه يلوم النظام المالي الأميركي الذي يسمح «لأمثاله» أن يستخدموا القانون «بسلسة متوالية من الفشل الفردي في الاستثمار.»

أكتفي بذلك لأبين ان سياسة هذا الرجل في الاقتصاد وفِي السياسة ستقود امريكا الى كارثة وان استفادة الشريك الروسي من هدم حلف الناتو هي استفادة محققة لاتحتاج لبراهين .

اعزائي القراء 

بعد ان فهمنا طريقة تفكير هذا الرجل في تدمير الناتو ، فنستطيع ان نفهم ببساطة  تدميره للعالم العربي ، وقد تكلمنا كثيرا عن ابتزاز  هذا الرجل لدول الخليج والذي حقق من خلاله مكاسب  ليس بسبب براعته بل بسبب العماله المزمنة للطرف الاخر ، فأدخل بدلاً عنهم اسرائيل بشكل مباشر  و أرخى العنان لروسيا لتفعل ما تشاء واقامت قواته في شرق سوريا لتعبث فيها مع احزاب كردية عميلة مبتزاً بنفس الوقت حلفاءه الخليجين بدفع ثمن اسكات ايران إعلامياً فقط.

اما الحرب الثانية  فهي الحرب المركزة على تركيا بالاشتراك  مع روسيا بشكل غير مباشر ، فتركيا وفِي خلال ١٢ عاماً ستنافس روسيا في تصدير السلاح وسيكون لها مطلق الصلاحية في عام ٢٠٢٣ بالتنقيب عن بترولها وغازها والذي منعت منه بموجب معاهدة لوزان وهذا يعني اعتمادها على نفسها  في استثمار مصدر الطاقة دون الحاجة لروسيا او ايران ،وبالتالي تكون تركيا قد تحررت من كافة الضغوط عليها وهذا هو سبب التحالف المقنع بين بوتين و ترامب فعلاقة بوتين مع تركيا هي علاقة مرحلية بعد ان اطمأنت لتحالفها مع ترامب حيث اقتضت مصلحة الطرفان التحالف السري بينهما ضد تركيا ومن المؤكد ان تركيا تعلم ذلك  ، فاخذ ترامب على عاتقه تبني المؤامرة المباشرة على تركيا منعاً لإحراج روسيا  فباتت تركيا الهدف الاول للحرب التجارية بعد إعلان الرئيس الأمريكي ترامب مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الألومنيوم والصلب التركي. ثم وقع  ترامب على قانون تفويض الدفاع الوطني  لعام ٢٠١٩ الذي ينص في إحدى مواده على وقف تسليم مقاتلات إف ٣٥ لتركيا.

وأدت هذه الإجراءات إلى الإضرار بالعملة التركية كما هو معروف، حيث فقدت الليرة قرابة نصف قيمتها منذ بداية هذا  العام، .

اعزائي القراء 

الإجراءات الامريكية ضد تركيا وراءها هدفان :الاول اضعاف تركيا الى اقصى حد ممكن  مما قد يغير اتجاه تركيا في المستقبل انتخابياً باستلام حلفاء امريكا لمستقبل تركيا والهدف الثاني الحفر تحت الحلف الاطلسي لإنهائه عن طريق تركيا ،فقد رأي مراقبون أن التصعيد الأمريكي ضد تركيا وتصريحات المسؤولين الأتراك عن عدم استسلام تركيا للابتزاز الأمريكي يشير  إلى أن أنقرة في طريقها إلى الانسحاب من حلف شمال الأطلسي، وأن ذلك قد يكون في وقت قريب للغاية.

وفي هذا الصدد يرى الكاتب الأمريكي ويليام كرايديك رئيس تحرير ومؤسس موقع الإعلام المتمرد أن الناتو أصبح ينظر إلى تركيا على أنها عائق لتحركاته، وهي نفس نظرة تركيا إلى الحلف، حيث إن الولايات المتحدة أكبر عضو في الناتو، تدعم الميليشيات الكردية المعادية لتركيا عبر الحدود.

وأضاف كرياديك في حديث لإذاعة سبوتينك، أن موقع تركيا المتميز بين آسيا وأوروبا يحتم عليها أن تضطلع بدور متوازن بين الولايات المتحدة وروسيا، وقد أدى الرئيس أردوغان هذا الدور على نحو جيد ، ولكن هذا السلوك المتوازن بدأ يزعج الأمريكيين ويوتر العلاقات مع واشنطن، ولا سيما حول مسألة استمرار دعم الأكراد ضد رغبات تركيا.

وأشار إلى أن الاستياء المتبادل بين تركيا والحلف  قد يكون حله الوحيد انسحاب تركيا من الناتو.

اعزائي القراء اختم واقول:

هناك تحالف واضح بين بوتين و ترامب لتحقيق شراكة ماليه وسياسية  على حساب اوروبا وتركيا والعرب  ولكن سيكون الخاسر الاكبر فيها ترامب صاحب التاريخ الفاشل اقتصاديا ومالياً وسياسياً  فهو يبحث عن ترقيع وضعه المالي الشخصي بالاعتماد على الروس الذين زينوا له القروض عبر بنوك يملكها رجال اعمال يهود في موسكو لدفع ديونه الضريبية للحكومة الامريكية  بعد امتناع البنوك الأمريكية عن إقراضه وهذا يعني مزيداً من الضغوط على ترامب . والمشكله في هذا الرجل انه يريد  بنفس الوقت ان يطبق هذه السياسة الفاشلة على اكبر دولة في العالم  وهي امريكا وهذا فشل مضاعف .

وسوم: العدد 785