شذوذ الأقلية عند رأس السنة الهجرية

دولة واحدة فتحها المسلمون لا تؤرخ بالتقويم الهجري وتطلق أسماء آلهتها قبل الإسلام على تقويمها وهي إيران (فارس).

كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول من أرخ التاريخ الهجري حين كتب إليه عامله في البصرة أبي موسى الأشعري رضي الله عنه من أنه تأتينا منك كتب ليس لها تاريخ فاستشار عمر الصحابة فقال بعضهم: "أرخ بالمبعث" وقال البعض الآخر أرخ بالهجرة"، فقال عمر: "الهجرة فرقت بين الحق والباطل"، فأرخوا بها"، وذلك سنة 17هـ.

التقويم الهجري ليس شهادة ميلاد كالتقويم الميلادي ولا نظام زمني لضبط وقوع الأحداث فقط انما بيان لتأسيس الدولة الإسلامية ومن ثم قيد لفعاليات شعوب متعددة تتكون منها أمة الإسلام مما لا نظير له عند الأمم الأخرى.

الرقم الذي بلغه التقويم الهجري اليوم (1440) هو مجموع حسابي لحقب سياسية توالت على الأمة  تولى القيادة فيها شعب من هذه الشعوب (عرب، أتراك، تركمان، أفغان، أكراد، ألبان) تعرف حصيلتها الحسابية بتاريخ الحضارة العربية الإسلامية.

في حين يتخذ الرقم 1397 في التقويم الفارسي من عيد النار (النوروز) مستهلا للعام الجديد ومن أسماء آلهة الفرس أسماءً للشهور فلا يمر يوم الإنسان الفارسي (الصفوي) وطقوسه على أحداث وشعائر الإسلام المدونة تحت عناوين التقويم الهجري؛ فلا عشر أوائل ولا عشر أواخر ولا أيام بيض ولا بدر في رمضان ولا أُحد في شوال ولا فتح للقسطنطينية في جمادى الأول.

التقويم الفارسي لا يرمز لمغزى غير الفرس وهذا هو الفرق بين الكيان السياسي للحضارة الإسلامية الذي يتسع للناس كافة وتتكون فيه مجتمعات مدنية متعددة الأعراق وبين كيان يؤسسه وينظّر له ويسوسه عرق أحادي ويبقى ـ أبد الدهر ـ جرثومة تفسد انسجام المحيط الاجتماعي الإنساني.

إعراض (تجاهل) إيران عن التأريخ الهجري هو رسالة فارس عن موقفها من الدولة التي هدمت أمجاد كسرى.

الهجرة حدث فرّق بين الحق والباطل قبل 14 قرناً وسيبقى خطاً فاصلاً بين من هو صديق ومن هو عدو.

وسوم: العدد 790