بيان وتوضيح حول ما أطلقه المفتون عن موقف علماء المسلمين من ذكرى يوم عاشوراء

في محل بيع الحوم يسألني اليوم شاب سوري يعرفني على استحياء ..

صحيح لماذا أهلنا وعلماؤنا في المساجد لم يحدثونا عن ذكرى يوم عاشوراء ، غير أنه يجب صيامه ؟ لماذا لم يحدثونا عن كربلاء وما كان فيها ؟ !

وكان سؤال الفتنة هذا قد طرحه المفتون على المنبر في حلب بقوله الملحون منذ ما يقرب من عشرين سنة ، وسمعته مسجلا يترقق في جنباته ماء الكذب والنفاق ..

فهمت من الشاب أن السؤال طرح عليه وعلى زملائه في جلسة من الجلسات التي يعمل فيها أعداء الإسلام بلا كلل بينما المسلمون في غمراتهم ساهون ..

قلت للشاب وأجيب جوابا عاما على كلام المفتون ..

أما حديث علماء المسلمين وخطبائهم - جزاهم الله كل خير - عن يوم عاشوراء بوصفه اليوم الذي نجّى الله فيه سيدنا موسى من الغرق ؛ فذلك لما ارتبط بهذه الذكرى من نسك شرعي في صيام رسول الله يوم عاشورا وفي أمره بصيامه وفي إلحاق يوم به ..

سألت الشاب

: متى قتل سيدنا عمر ؟

قال : لا أدري

قلت فما تاريخ مقتل سيدنا عثمان ؟

قال : لا أدري ..

قلت فمتى تم اغتيال سيدنا علي ؟

قال لا أدري ..

قلت وأنا أيضا لا أحفظ ..

ولم يحدثنا عن تلك الأيام الخطباء على المنابر ، ولم يدعونا إلى تطبير ولا إلى لطم ولا إلى شق الجيوب ..

أسأل عدو الله الأول مطلق هذه الشبهة أو مثير هذه الفتنة المفتون لو كان وراء إغفال هذه الذكرى الأليمة أي بعد طائفي نتن كما يزعم هو ومن اشتروه بثمن بخس.. لكان هؤلاء العلماء قد عظموا من ذكرى مقتل الفاروق عمر ، ويح الأمة يوم كسر باب الفتنة عليها ولم يبق له باب يغلق بمقتل عمر ، أو لعظموا يوم مقتل عثمان ..أواه على مجهز جيش العسرة ، واقف بئر أريس ، جامع القرآن ، ذي النورين عثمان ، أو لكانت لهم محطة يوم اغتيال علي رضي الله عن علي ، النائم في فراش الرسول ليلة الهجرة، ولي كل مؤمن ، عدو كل منافق ، الرجل الذي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، زوج البتول ، رضي الله عن الثلاثة وأرضاهم وكل واحد منهم أجلّ وأعظم عند الله والناس من الحسين وطبقة الحسين رضي الله عنهم أجمعين ..

قتل سيدنا عمر وهو في محراب رسول الله يصلي الفجر بالمسلمين لعن الله من قتله ومن دبر قتله ومن فرح بقتله أو رضي به ..

قتل سيدنا عثمان رضي الله عنه وهو عاكف على مصحفه ووقعت قطرة من دمه على قوله تعالى " فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ .." تسور المجرمون الفجار عليه داره وقتلوه اللهم العن قتلة سيدنا عثمان ومن فرح بقتله وأعان عليه ورضي به ..

وقتل سيدنا علي رضي الله عنه وهو في طريقه إلى المسجد ليصلي بالناس اللهم العن من اغتاله ومن دبر غيلته ومن فرح أو رضي بها إلى يوم الدين .

وقتل سيدنا الحسين ، ثائرا ، بعد أن استخرجه القوم الذين خذلوا أباه ، وجربهم حتى ملّهم أخوه الأكبر الحسن رضي الله عنه ، من مأمنه ، وأسلموه لعدوهم ، وكان أعجب ما في أمره رضي الله عنه أنه أصغي للكذابين وأعرض عن نصح الناصحين وعلى رأسهم ابن عمه ترجمان القرآن عبد الله بن عباس ، وغيره من أهل الرأي والمشورة كثير . ونقول لعن الله قاتل سيدنا الحسين ولعن من استدعاه ثم قعد عن نصرته وخذله ولعن الله من فرح بمقتله إلى يوم الدين

أقول للمفتون ولمن استرقّ قلوبهم فأصغت إليه ولو كان في التذكير بيوم الذكرى هذا خير لذكّر علماء المسلمين بيوم وفاة رسول الله صلى الله وسلم عليه ، وترانا كأمة مختلفين في الاحتفاء بيوم المولد فما بالنا لم نحتف بيوم الوفاء .. وإنها لذكرى أليمة لانقطاع خبر السماء عن الأرض إلى يوم الدين ..

ثم أقول للمفتون ولمن شروه ولمن يقولون بقوله : إن الأمم الفارغة هي التي تظل تدور لتشغل جماهيرها بأحداث التاريخ يوم ولد فلان ويوم ختن ويوم فطم ويوم مات وذكر الأربعين لموته أو لمقتله كما يفعل هؤلاء الطغام في وقائع يزعمون أنها تتعلق بأئمتهم الاثني عشر ، الذين هم برآء منهم ومن افترائهم وكذبهم إلى يوم الدين ..

اللهم ولّ مفتون سورية ما تولى وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن إنك سميع مجيب.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 791