أوقفوا خطاب الكراهية ..

لم يقتصر مفهوم الكراهية على علاقة الإنسان مع الإنسان الآخر بل تطور هذا المصطلح إلى أبعاد أكثر تأثيرا في حياة المجتمعات وما أكثر ما أصلح منها وما قتل.وأن محاربة الكراهية ساهمت بشكل أو بآخر في إصلاح الحياة والمساهمة في تعزيز سمات أساسية في حياة الإنسان منها الحب والتسامح، وهي الأكثر قبولاً من قبل العامة في المجتمعات الراغبة لتحسين أحوال الحياة فيها.

ففي المجتمع الفلسطيني كانت ولا زالت عادات أصيلة يمارسها المواطنين بحق بعضهم البعض ولا سيما منها حب التوادد والوقوف إلى جانب بعضهم البعض في السراء والضراء، إضافة إلى ذلك نشر الرسالة السامية التي تحتاجها بعض المجتمعات كالتسامح وتعزيز مبدأ ما يجمعنا أكثر ما يفرقنا، خاصة وأننا نعيش في ظروف تجعلنا أن نتمسك بها، فما أحوجنا إلى الرأفة بحالنا وظروفنا الصعبة.

 كيف لا، وأن الإعلام الفلسطيني كان يلعب دورا بارزا في هذا الجانب الهام مما يعزز ثقافة الوحدة والقابلية في التشارك وتعزيز العمل الجمعي أي التكاملي لبعضنا البعض.فإن الإعلام الفلسطيني كان منارة هامة في تحقيق رغبات وتطلعات شعبنا على مدار تاريخه الكفاحي، بل سطر إنجازات كبيرة على صعيد الحياة الثقافية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في ظل أن أصابع الاتهام كانت واحدة والنظرة كانت جامعة وهي البوصلة نحو محاربة الاحتلال وما يمارسه من تعطيل لحياة الفلسطينيين من خلال محاولة بث سموم التفرقة والكراهية وذلك بشكل مباشر أو غير مباشر.

 لكن في السنوات الأخيرة كانت هناك أدواراً غير محببة وغير مرغوبة لبعض المنابر الإعلامية الفلسطينية فيما يتعلق بالدور الإعلامي وما بثته طيلة فترة الانقسام الأسود من خطاب مليء بالدمار على كافة الأصعدة، ولهذا لم نعد نسمع عن قضيتنا الأم فلسطين وأرضنا التي احُتلت عام 48، وصولاً إلى ما يريده عدونا وما آلت إليه الظروف في يومنا هذا.

حيث قدمت المنابر الإعلامية لدى طرفي الانقسام نتائج ملموسة خلال نشر خطاب الكراهية بين أفراد المجتمع الواحد وما أودى ذلك بتعطيل حياة الكثير من الفلسطينيين على الصعيد الاجتماعي بالتحديد، وانعكاساته السلبية على جميع مناحي الحياة، وهذا يأتي نتاج تحقيق رغبات المتنفذين في سدة الحكم والقرار الحزبي الخادم لأهداف حزبية غير وطنية .

لذلك لا بد أن ننوه ونحمد الله على أن إشكالية شعبنا في خطاب إعلامي وليس طوائف، كما تبقى إمكانية إنهاء الانقسام وإعادة اللحمة بين أبناء الشعب الواحد خطوة هامة وسهلة التنفيذ إذا توفرت النوايا الإيجابية والإيمان بالشراكة، وهنا نستند إلى قضية لبنان عندما تعرضت لأطول حرب أهلية مما أدى ذلك إلى خسائر فادحة على كافة المناحي الحياتية اللبنانية، وذلك ساهم في توصيلهم إلى قناعة تامة بأن الخلاف الداخلي لا يخدم وطن أو إنسان.

 ففي الوقت الذي تعيش فيه القضية الفلسطينية أزمة سياسية داخلية وهجوم إسرائيلي مبرمج وممنهج، علينا أن نتحلى بمزيد من الصبر والحكمة حتى لا نترك الفرصة لإسرائيل أن تستغل هذا التحريض تحت مبررات عدة، وأن يبدأ إعلامنا الفلسطيني بتعزيز الوحدة الداخلية وتحصين الحالة الشعبية وتمكينها من أجل التصدي لكافة المشاريع الخارجية التي تستهدف قضيتنا بشكل أساسي وحياة شعبنا عامة.

وسوم: العدد 793