المسلمون ودعمهم الخارجي

دعت منظمة منتدى السلام في الشرق الأوسط في برلين / ‏13‏/12‏/2018/ ، وهي منظمة موالية للكيان الصهيوني بل هي بوقه الخفي داخل ألمانيا، فهذه المنظمة التي تتخذ من برلين مقرًا لها تحظى بدعم من الحكومة الألمانية ومن أعضاء داخل البرلمان الألماني، حيث دعت إلى ندوة مساء يوم أمس الأربعاء 12 كانون أول / ديسمبر بالبرلمان الألماني لمناقشة دعم دول مسلمة للمنظمات الإسلامية في ألمانيا وخطر هذا الدعم على الأمن والسلامة في هذا البلد وأيضا بعض الدول الأوروبية، وكان من بين المدعوين أحمد منصور وهو عضو فيما يُطلق عليه بـ / مؤتمر الإسلام / الذي تشرف عليه الحكومة الألمانية، وهو بمثابة لقاء دوري يجمع وزير الداخلية الاتحادية ووزراء داخلية الولايات الألمانية ومسؤولين عن الهيئات الاجتماعية والتعليمية مع المنظمات الاسلامية، وأستاذة علوم الاجتماع في جامعة مدينة فرانكفورت / أم ماين – جامعة يوهان فون جوتيه / سوزان شروتر، وشارك فيها أعضاء بالبرلمان الالماني من جميع الكتل النيابية فيه .

 حيث قامت أستاذه علوم الاجتماع "شروتر" وشرحت بشكل مسهب عن الإسلام بأنه: دين مثل المسيحية واليهودية ويوجد فيه مثل ما يوجد في غيره من الأديان الأخرى متطرفون بالفكر ومعتدلون، ثم تكلمت عن استعانة هذه المنظمات الإسلامية ببعض الدول الإسلامية "ماليا ومعنويا" موضحة سببه المباشر وهو عدم دعم الولايات الألمانية للمسلمين ببناء مساجد وتزويدهم بالكتب، وكل المقترحات والخطط الجهود المطالبة بدفع رواتب للأئمة كانت قد ذهبت أدراج الرياح، وبالتالي فإن خطط الحكومة الألمانية في تدريب أئمة وخطباء على حسب مزاج المجتمع الألماني، والسعي لجعل الإسلام دينا كنسيا لا تلقى قبولًا عند المسلمين في ألمانيا، مضيفة أن اكثر المنظمات الإسلامية بحاجة إلى الدعم من الدول الاسلامية، وفي مقدمتها السعودية وتركيا، إلا أن الدعم السعودي قد تراجع بشكل كبير جراء التغيرات السياسية داخل المملكة، في حين تدعم قطر والكويت وماليزيا بهدوء تام المنظمات الاسلامية في هذا البلد بما يتوافق مع الحكومة الألمانية، مع مطالبة الحكومة الألمانية بتنفيذ وعودها للمسلمين، وعدم التلاعب بشعورهم ومن الصعب أيضا تسييس الإسلام أو عَلْمَنَتِه وجعله دينا كنسيا .

 أحمد منصور ، بدوره حذّر من الدعم الخارجي للمنظمات الإسلامية لأن دولا مثل السعودية ترغم المنظمات الاسلامية التي تتلقى دعما منها على اعتناق ما يُطلق عليه بـ / الوهابية / التي تقف وراء التحريض على قتال النصارى واليهود، أما الدعم التركي فهو من أجل تأييد الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، متطرقا إلى الجماعات الإسلامية معتبرًا أن جميعها تخرج من عباءة الإخوان المسلمين وعباءة الوهابية مستطردا إلى أن الإخوان كلهم من مدرسة واحدة بالرغم من وجود من يعارض استعمال القوة، ولذلك فان خطر حماس على الكيان الصهيوني يكمن بأنهم من مدرسة الاخوان .

 تعليق أحمد منصور هذا لم يلق ارتياحا، بل انتقادا من عضو كتلة الديموقراطيين الاشتراكيين فريتس فيلجينتروي، إذ وصف مداخلة منصور بالانحياز التام للسعودية ومصر والإمارات التي تتهم الإخوان بالإرهاب، حيث قال: صحيح أن ألمانيا وأوروبا مهددة بالإرهاب الإسلامي إلا أن ذلك لا يعني بأن الارهابيين خرجوا من عباءة الاخوان، وعلى من يريد أن يتكلم عن الإسلام عليه الاستقلالية بفكره.

 مدير الندوة، عضو كتلة المسيحيين كريستوف دو ريس رأى بالإسلام خطر على الأمن والسلام الدوليين والضرورة لعلمنة الاسلام مؤكدا دعمه مطالب المسلمين الاعتراف بالدين الاسلامي في ألمانيا شرط أن يكون مثل الكنيسة تمامًا، أي دين وراء اربعة جدران.

 أوليفر لوكسيش من كتلة الديموقراطي الحر / ليبرالي/ رأى بمداخلة استاذ جامعة فرانكفورت شروتر وعضو / مؤتمر الاسلام / أحمد منصور انحيازا لأولئك الذين يسيؤون للإسلام وخاصة لأهل السنة والجماعة فإيران تدعم الشيعة في ألمانيا وأوروبا، والغرب يدعم القاديانية وروسيا واليونان ومصر يدعمون الأرثوذكس والكيان الصهيوني يدعم اليهود والبابوية تدعم الكنيسة الالمانية، ولذلك فالتحذير من مسلمي أهل السنة في ألمانيا انحياز مقيت.

 والحديث عن الدعم الخارجي لمسلمي أهل السنة في ألمانيا قديم بعض الشيء، إلا أن المناقشات حول دعم إدارة الشؤون الدينية التركية للمسلمين في ألمانيا فهو جديد، والذي أثارها أعضاء في البرلمان الألماني من أصول تركية وكردية وهؤلاء يعتنقون النصيرية، ويعادون حزب العدالة والتنمية وفي مقدمته الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، فهم أثاروا البرلمان ووزارات داخلية الولايات الألمانية على المراكز الإسلامية التي تتلقى دعمًا من إدارة الشؤون الدينية التركية، ويتلقى أئمة هذه المساجد رواتبهم من الادارة المذكورة مطالبين الحكومة الالمانية بإقصاء رئاسة المراكز الإسلامية التي تتلقى مساعدات من إدارة الشئون الدينية مما يُطلق عليه بـ / مؤتمر الإسلام / وكاد وزير الداخلية السابق توماس دو مايزير ووزير الداخلية الحالي هورست زيهوفر الاستجابة لمطالب النواب الاتراك، لولا موقف رئيس البرلمان فولفجانغ شويبله الذي يعود اليه فكرة / مؤتمر الإسلام / عندما كان وزيرا للداخلية وقبل ذلك رئيس كتلة المسيحيين بالبرلمان الألماني، وبدعم من رئيس الدولة فرانك فالتر شتاينماير، اللذين أكدا بأن المراكز الإسلامية التي تتبع إدارة الشؤون الدينية شريك هام بمباحثات الحكومة الألمانية مع المسلمين و/ مؤتمر الإسلام / مضى عليه أكثر من عشرين عاما قبل استلام حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم بتركيا.

 وقد دأبت منظمة منتدى السلام في الشرق الأوسط منذ تأسيسها عام 2010م دعم المعادين للإسلام الذين يحملون اسماءً إسلامية، مثل علاقتها الوطيدة مع السوريَيْن كمال اللبواني الذي يزعم بأنه معارض لنظام بشار اسد، وبسام طيبي الذي كان يعمل أستاذا للعلاقات الدولية في إحدى الجامعات الألمانية واضطر لمغادرة المانيا إلى نيويورك بعد اكتشاف حقيقة أن جميع محاضراته ورسالة الدكتوراه كانت مزورة، إضافة الى المصري المرتد عن الاسلام حامد عبد الصمد وغيرهم.

 فالافتراء على الإخوان المسلمين واتهامهم بالإرهاب ليس بجديد، فالسعودية التي أعلنت في السنوات الأخيرة من حكم الملك السابق عبد الله بن عبد العزيز وضعت الإخوان ضمن لائحة الإرهاب، إلا أن وزير الخارجية السعودي الراحل سعود الفيصل، ووزير الخارجية البحريني خالد آل خليفة أكدا بأنهم لا يعادون الإخوان وهم غير إرهابيين، وإعادة وضع الاخوان ضمن قائمة الإرهاب في السعودية إثر زيارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب للسعودية من أفدح الأخطاء كبير حسب تأكيد كريستيان شنايدر ورئيس قسم العلاقات الاوروبية العربية والحوار مع الإسلام بالمجلس الأوروبي الأعلى "ميشائيل آري" وخبراء شؤون الإرهاب بأن الاخوان المسلمين يمثلون الإسلام الوسطي.

 وتعتقد خبيرة شؤون الإسلام والشرق الأوسط في جامعة برلين الحرة "جودرون كريمر" أن اتهام السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين دولة قطر بإيوائها الإخوان غير واقعي والمعاداة لحزب العدالة والتنمية واعتباره ضمن المحرضين على الإسلام في ألمانيا وأوروبا، والأخوان ساهموا ببناء البنى التحتية لدول الخليج في مقدمتهم السعودية والأمارات العربية المتحدة على حسب أقوالهم.

وسوم: العدد 803