واجبات الأفراد تجاه الأزمة في مصر

في ظل تدهور الأوضاع في مصر و غياب العمل الجماعي المنظم و الموجه من قبل رافضي الانقلاب ، يتساءل المخلصين من أبناء الوطن و الأمة عن ما يجب فعله لتحريك الأوضاع و حلّ الأزمة  و قد كتبت كثيرا في ما يجب فعله من الكيانات و المؤسسات و لكن حتى الآن لا يوجد فعل جماعي حقيقي مؤثر على الانقلاب .

لذلك كتبت هذا المقال لأوضح الواجبات الفردية التي يمكن للجميع أن يقوم بها و لا تحتاج الى إطار جماعي لتنفيذها ، حتى يأذن الله بتوحيد الجهود و تتحول هذه الأدوار الفردية الى عمل جماعي لصالح القضية و يحقق النصر بإذن الله .

١- معركة الوعي  : من أهم الأمور التي يجب أن يهتم بها كل فرد يبحث عن حل للأزمة في مصر ، و الوعي هنا لا أقصد به المعنى السطحي من أن الانقلاب سيء و الآخرون صالحون .

الوعي يعني فهم طبيعة المعركة و ابعادها و كيف يستخدم الخصم أدوات القوة لديه بكل أشكالها للبقاء و السيطرة ، الوعي بالقضية يعني استلهام الدروس و العبر من التجربة التي خضناها و التعلم من أخطائها .

الوعي بالقضية يعني محاولة قراءة الموقف من مختلف الزوايا و الانفتاح على كافة الأفكار حتى التي تختلف معها و ترفضها و معرفة حجج كل وجهة نظر و مدى قوتها و ضعفها .

هذا الوعي الكامل يحتاج الى شخصية تقرأ و تبحث عن الأجوبة و تناقش لتفهم لا لتجادل ، و الفهم يولد الإحساس بالمسئولية  و المسئولية تولد العمل  و العمل يصنع التقدم لصالح القضية .

٢- الثبات على الموقف مهما كانت الإحباطات و مهما تساقط الرجال و الرموز فالحق لا يعرف بالرجال فالحق والعدل من المبادئ و ليس الأشخاص  ، فانت مطالب بالثبات على المبدئ و ليس مع الشخص ، و ألّا تبيع أو تتخلى عن موقفك و تكون دائما مستعد أن تدفع الثمن عن طيب خاطر فالدنيا وسيلة و ليست غاية و الآخرة هي مقر السعادة وهي الحياة الحقيقية و كل ما نعيشه الآن هي سطر في موسوعة الآخرة الأبدية .

٣- اذا كنت داخل مصر فعليك أدوار منها حماية نفسك من هؤلاء الظلمة و الاحتيال لذلك بكل وسيلة ممكنة ما دمت لا تبيح لنفسك حراما ، و الحماية هذه ليست فقط لنجاتك بنفسك و لكن لأنك صاحب مبدأ و أصحاب المبادئ في هذه الأيّام ندرة و المعركة جولات و ستأتي الجولة التي نحتاجك فيها بإذن الله . 

فاذا ما قدّر الله لك الاعتقال فقد خرجت من حولك الى حول الله و قوته و انتزعت منك الأسباب وواجبك حينها الصبر و الثبات و الرضا بقضاء الله و التفويض الأمر اليه و التأقلم نفسيا مع الوضع الجديد حتى يأذن الله بالفرج من عنده ، أمّا زوجات و أسر المعتقلين و الشهداء فهؤلاء مدرسة التضحية و الفداء و الثبات نحن من نتعلم منهم و نقتفي أثرهم تقبل الله منهم.

كذلك الأحرار خارج السجون من كان لديه منهم قوة نفسية و إيمانية لإكمال المهمة رغم الصعوبات الموجودة داخل مصر فلا تهدر نفسك الا فيما يستحق كملف المعتقلين و الشهداء وأسرهم أو عمل يؤدى الى ثمرة و لو غير مباشرة لصالح القضية  غير ذلك عليك بالخمول و بناء الذات في صمت حتى تأتي الفرصة التي تتشوق اليها للانضمام لميدان المعركة من جديد  .

٥- من الأمور الهامة كذلك تطوير قدراتك و توسيع الفرص أمامك ، فأصحاب الحق لا يجب أن يكونوا ضعفاء أو معدومي الحيلة بل أقوياء علميا و مهاريا و بدنيا ، بل يجب على المتميز فيهم أن يبحث عن الثغرات التي أوتينا من قبلها – و هذا من باب الوعي أيضا - فيسدها بالعلم و الدراسة و الفراسة و التدريب و التأهيل .

فهناك ثغرات كبرى في ملف الكفاءات تحتاج الى مرابطين و أصحاب همم لشغلها و الاستعداد للمعارك المقبلة فنحن نحارب الباطل و ليس السيسي و المعركة مع الباطل و الظلم لن تنتهي بانتهاء السيسي بل هي مستمرة حتى قيام الساعة أو نوارى التراب .

٦- البحث عن أصحاب الهمم و العزائم ليشدوا من أذرك و تتقوى بصحبتهم و تجد لك عون و رفيق في وسط هذه الظلمات ، ليس بالضرورة  أن تنتج معهم عملا خاصة اذا كنت في داخل الوطن السليب يكفيك من صحبتهم أن تظل بعد توفيق الله على ثباتك على الحق و الا تنحرف عن الطريق فالصاحب ساحب الى الخير أو الشر .

٧- من هم خارج الوطن اختيارا أو اضطرارا و مؤمنين بالقضية عليهم واجبات عديدة – كأفراد - لنصرتها بالإضافة الى ما سبق منها أن يعرف كل شخص ما هي النعم التي رزقه الله إيّاها سواء كتخصص علمي أو مهاره يتقنها أو نفوذ أو سلطة أو علاقات أو مال فعليه أن  يبحث مخلصا عن الطريقة التي يجب  أن يوظف  بها هذه النعم لخدمة الحق و العدل يبحث بنفسية الملهوف و ضمير المظلوم و قلب المكلوم و يعرض نفسه و خبراته على من يتوسم فيه الخير لتوظيف هذا الجهد و توحيد السبل .

فالأتقياء أنقياء لا يتكبرون و لا يتعالون و لا يكثرون من حسابات و موائمات العقل يبحثون بإخلاص عما يمكنهم أن ينصروا به القضية لا يهمهم تحت أيّ راية و لا مع أي قيادة المهم أن يطمئنوا لسلامة الطريق و صحة المنهج .

٨- لا تخدعك نفسك و الشيطان و تهرب من المسئولية و تلقي التبعة على غيرك فانت يوم القيامة ستسأل عن نفسك و ليس عن غيرك ، و لا تكن هما للناس فوق الهموم فتخذّل من يعمل و تسخر ممن يتحرك و لا تكن كذلك أملا كاذبا للناس فتنشر بينهم وهما أو خداعا أو تضليلا أو تحريفا لسنن الله في كونه بحجة بثّ الأمل و أنت في الحقيقة تنشر التواكل و الاستضعاف و التثبيط بين الناس .

و لا تضحك على نفسك كذلك بعمل يحسنه الجميع و لا يكلفك مجهودا و لا بذلا و تقول هذه طاقتي بل هي همّتك الضعيفة و شيطانك ، ما يجب عليك هو ما تحسنه و هو في حقك فرض عين ما دام لم يقم به أحد أو من يقوم به غير قادر على ايفاءه حقه .

فاذا كنت شيخ مثلا فواجبك الأول هو توعية الناس و ايقاظ الجماهير و فضح الظالمين و شحذذ الهمم و تبيان مواطن الشبهات و مقارعة الباطل بالحجة ثم يأتي بعد ذلك أي شيء آخر .

و اذا كنت سياسيا أو إعلاميا أو أستاذا  مثلا فواجبك في دائرة تأثيرك هو في حقك فرض عين و غير ذلك هو نفل و هكذا في كل التخصصات و الكفاءات و هناك من يجعل النفل هو الفريضة ليخدع نفسه و يريح ضميره من استحقاقات العمل .

٩- التبرع بالمال و الجهد و الوقت إمّا لإغاثة المأزومين في مصر و تفريج كربهم و إمّا دعما لمشاريع تخدم الثورة و الوطن فالمال عصب الحياة و به توظّف الطاقات و تنظم الأعمال .

١٠ – العمل الجماعي و ليس معنى كلامي  الانضمام الى حزب أو تنظيم و لكن فلتتفق كل مجموعة من الأفراد تنسجم فيما بينها نفسيا و فكريا على التباحث و التشاور و العمل فاليد الواحدة لا تصفق و الساحة خالية تحتاج من يملأها نشاطا و حركة  ، و لعل و عسى يجعل الله على يديكم فتحا لخير أو دفعا لظلم . 

تلك عشرة كاملة أذكر بها نفسي أولا و هي الأحق بالتذكير ثم المؤمنين جميعا بالقضية في مشارق الأرض و مغاربها .

إنها حياة واحدة فلتكن نصرة للضعفاء و المظلومين و المكلومين ، لا تستصغرن نفسك فانت كبير بإخلاصك و همّتك و لا تحقرن عملا فالله هو من يقيّم العمل و يجازي عليه و ليس أنت أو غيرك ، جدد نيتك و اشحذ همّتك و ارسم طريقك و ابحث أعوان الحق و استعن بالله و لا تعجز ، اللهم إنّي قد بلغت اللهم فاشهد و تقبل .

وسوم: العدد 808