هل حقًا أنّ طبولَ حربٍ كبرى تُقرع في سورية؟

أخذت مصادر إعلامية تردّد أنباء عن أن طبول حرب كبرى تقرع في سورية، و أن التحالف الدولي يتحضر لهجوم موسع على الحرس الثوري الإيراني في المنطقة الشرقية، من محافظة دير الزور الخاضعة لسيطرته.

فبحسب موقع فرات بوست، المتخصص بنقل أخبار المنطقة الشرقية من البلاد، فإن كلاً من ميليشيات الحماية الكردية، وقوات مجلس دير الزور العسكري، وقوات مغاوير الثورة المدعومة من قِبَل التحالف الدولي، تستعد لشن هجوم عسكري على مدينة البوكمال شرق دير الزور، الخاضعة لسيطرة الحرس الثوري الإيراني.

وأن الهدف الأساسي من الهجوم المرتقب هو قطع الطريق الذي تستخدمه إيران المسمى طريق البادية، الذي يصل سورية بالعراق، مرجحًا أن تكون الشرارة الأولى للمعركة في البوكمال لتصل إلى مناطق أخرى.

وأضاف أن التحالف الدولي أجرى استعداداته للمعركة المرتقبة؛ حيث قام خلال الفترة الماضية بتزويد ميليشيات الحماية بكميات كبيرة من الأسلحة والمعدات الثقيلة.

مثلما قام الحرس الثوري والميليشيات المساندة له بتعزيز تواجدهم في المنطقة المتوقع أن تُهاجم، فنشروا أسلحة ثقيلة في حي الكتف القريب من البوكمال، فضلاً على قيامه بإخراج جميع عناصر النظام من المنطقة الآنف ذِكْرها.

تأتي هذه الأنباء بعد أيام من تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية لميليشيا الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية؛ وذلك بسبب نشاطه في تمويل الإرهاب و دعم الأنشطة الإرهابية.

و في التعليق على هذه الأنباء، يذكر المراقبون أنّها جاءت عقب فوز حزب الليكود، في انتخابات الكنيست التي أجريت يوم: 9/ نيسان الجاري، و التجديد لنتياهو لولاية خامسة، و هو الأمر الذي عُدّ استمرارًا لسياسة الحلف المناهض لإيران في المنطقة برعاية أمريكية من الرئيس ترامب.

غير أنّ هناك وجهات نظر أخرى، لا تَقِلُّ وجاهةً عن الأخرى في أعلاه، تذهب إلى أن رغبة الأطراف الممسكة بالملف السوريّ، و على وجه التحديد أمريكا، ليست على عجلة من أمرها، فهي ما تزال ترى في الساحة السورية مكانًا أمثل لجرجرة أطراف عدّة للغوص في وحوله.

و هي و إن تخلّصت بشكل أو آخر من ملف داعش، و هي بين الحين و الآخر تسمح لإسرائيل بتعقب الأنشطة الإيرانية في سورية، فإنّ أعينها قد توجهت صوب مناطق أخرى فيه، و هناك من يرى أنّ إدلب باتتْ تحت نظرها، و أن جملة التحركات الروسية ـ التركية، لا تعدو أنّ تكون إدارة للأزمة و ليست حلحلة لها، و أنّ ملف إدلب قد رُحِّل على المدى المنظور، ريثما تنتهي أمريكا و حلفاؤها الإقليميون من جردة الحساب، التي أعدّوها لمناكفة تركيا و إيران.

و عليه فإنّ هناك جملة من المخططات لن تبرح ساحة الأمنيات، فعلى سبيل المثال أصبح ملف منبج من الماضي، و أنه ليس في حسبان تركيا أن تقوم بأيّ تحرك فيها أو في شرق الفرات ما دام العلم الأمريكي مرفوعًا، و غير بعيد عن ذلك التغطية الإعلامية التي قامت بها أقنية إعلامية لمنطقة منبج، و إظهار مدى ارتياح القاطنين في المنطقة للوضع الحالي، و لإعطاء رسالة ما بأنّ التفاهمات التركية ـ الأمريكية لن تجد طريقها إلى التنفيذ.

مثلما هي الحال مع إيران التي لن تجد طريق البادية ممهدًا، فهي لن تجد فرصة لاستكمال سيطرتها على المنطقة، لا بلْ سيكلفها ذلك ثمنًا اقتصاديًا باهظًا من غير عائد مرضٍ، و أنّ سيل العقوبات عليها سيتوالى، و سيكتفى بذلك في الوقت الحاضر، لأنّ الحرب ليست في ذهنية المخطط الاستراتيجي الأمريكي في الوقت الراهن، فدونها وسائل أخرى أقلّ تكلفة و أفضل نجاعة، في مقدمتها الاستنزاف الاقتصادي، و التعقّب الاسرائيليّ لتحركاتها اللوجستية بين الحين و الآخر.   

وسوم: العدد 821