سفكوا دماءَ شركائهم ، ولمّا يستلموا سلطة ، بَعد !

هم كذلك ؛ إذا ملكوا قوّة ، في السلطة ، وخارجَها !

إنهم معروفون: بسيماهم ، وبلحن القول ، وبتاريخهم كلّه : المكتوب منه ، والمسموع ، والمشاهَد ، والمحفوظ في تلافيف الأدمغة !

هكذا علّمهم سيّدهم لينين : اهجموا .. فإذا جوبهتم بالرصاص ، فتراجعوا .. وإذا قوبلتم بالعويل والدموع ، فتابعوا هجومكم !

هكذا ربّاهم مربّوهم ، وعلّمهم معلّموهم ، وأدّبهم مؤدّبوهم .. ونقش ، في عقولهم ، فلاسفتهم !

إنهم كذلك ، جميعاً : الأحمر منهم ، والأصفر، والملوّن !

ليس المهمّ مَن هُم ، المهمّ مَن عدوّهم الأول والأوحد .. إنه دين أمّتهم ، إنه الإسلام !

هم يتخاصمون ، فيما بينهم : سياسياً .. اجتماعياً..إعلامياً..ثقافياً .. لكنهم لا يَتعادّون !

الليبرالي والقومي والاشتراكي ، واليساري الوسط ، واليساري أقصى اليسار.. وسائر الماركات المتنوّعة ، في بلادنا .. لا قضية ، لأيّ منهم ، سوى قضية واحدة ، هي : إبعاد دين الأمّة عن السلطة ، وإبعاد السلطة ، عن أهداب الدين ، وعن أحكام الدين ، وعن أخلاق الدين .. وعن كلّ ماله علاقة ، وكلّ من له علاقة ، بالدين !  

المهمّ مَن يعادون ، لا مَن يحالفون ، أو يصادقون :

ليس لهم أعداء ، في الشرق أو الغرب ، أو الشمال أو الجنوب .. لا صليبية متربّصة ، ولا رافضة كسروية متحفّزة !

لايرقبون إلاّ ولا ذمّة ، في أيّ إنسان ذي خلق ، ولا يَرعَون عهداً ولا ميثاقاً ،  لأيّ امرئ ذي مروءة !

عرفناهم ، أوّل ماعرفناهم ، في بلادنا ، في سورية : بطبائعهم كلّها ، وبطبعاتهم المختلفة ، السوداء والملوّنة ، وعلى مدى السنين !  

عرفناهم ، بأسمائهم المتعدّدة : الرفاق .. المناضلين .. وأخيراً ، بطبعتهم الأخيرة : الشبّيحة !

هم شبّيحة في سورية ، وهم بلطجية في مصر! أمّا في السودان ، والجزائر، وليبيا ، واليمن .. فلا يعرف أسماءهم ، إلاّ أبناء بلادهم ، الذين عايشوهم ، عبر السنين ، وخاصموهم ، في عمل سياسي ، أو فكري ، أو اجتماعي .. وتحالفوا معهم ، في انتخابات ، وخرجوا معهم ، في مظاهرات !

هم في السودان ، اليوم ، قوى مجتمعة ، سمّوا أنفسهم ، تسمية ما ، وقدّموا أنفسهم ، لعسكر بلادهم ، على أنهم هم الشعب : هم ممثلوه ، وهم نُخَبه الفاعلة ، وهم قواه السياسية الضاربة .. ولا أحد ينافسهم ، في الساحات : ساحة التظاهر، وساحة الاعتصام ، ثمّ ساحة : (البلطجة) ، أو (التشبيح) ، أو (السفاهة) !

وكي يُثبتوا ، أنهم سادة الساحة الأخيرة ، هجموا ، على مؤتمر، لبعض شركائهم ، في الثورة : أفسدوا المؤتمر، وجرحوا العشرات ، من المشاركين فيه ! أجَل ، جرحوا العشرات .. أراقوا دماءهم ، ولمَ ؟ لأنهم حضروا مؤتمراً ، لفئة ، غير فئتهم ، التي ظنّت أن الساحات ، كلّها ، لها ، وحدها !

هكذا هم ، في السودان ، اليوم ، وهم بلا سلطة ! ولا يعلم أحد ، ماذا سيكونون ، غداً ، إذا استلموا السلطة !

وهم في سورية ، اليوم ، حلفاء لكلّ شيطان ، من شياطين الإنس : أحمرّ كان ، أم أبيض ، أم أصفر، أم متعدّد الألوان !

هم أذناب ، للسلطات الحاكمة .. وأبواق للمَسقوف .. وخدم للروافض .. وزعماء للثورة السورية !

من حقّهم ، وربما يرون ، أن من واجبهم ، أن يحاصروا شركاء الثورة ، جميعاً ، بسائر فئاتهم ، ليثبتوا ، أنهم ، هم ، وحدهم ، أهل الثورة ، والأوصياء عليها !

أساليب الحصار، عندهم ، كثيرة ، من أهمّها ، الحصار الإعلامي والسياسي : حصار الكلمة ، وحصار الرأي، وحصار الموقف..! ثمّ ، حين تظهر الكلمة ، أوالرأي ، أو الموقف .. يَصبّون شآبيب حقدهم ونقمتهم ، على كلّ مايسمعون ، أو يشاهدون : تسفيهاً ، أو تشويهاً ، أو اتّهاما ، أو انتقاصاّ ..!

كذا هم ، في الشام ، وفي سائر بلاد العرب ! ويمدّهم قوم آخرون ، شياطينُ أكبر منهم ، وأخبث ! فهؤلاء الصغار، هم عصيّ ، أو خناجر، في أيدي هؤلاء الشياطين ، الأكبر والأخبث .. تُمزّق جسد شعبهم ، وأمّتهم، تقرّباً ، إلى الشياطين الكبار، ومن ورائهم الكبار، جدّاً !

وسوم: العدد 822