تقرير جديد للأورومتوسطي يرصد تصاعد العنف وخطاب الكراهية ضد المهاجرين والمسلمين في أوروبا

أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرًا حول انتهاكات حقوق الإنسان التي طالت المسلمين والمهاجرين واللاجئين في أوروبا خلال الأشهر الثلاثة الماضية منذ مارس/آذار حتى مايو/آيار 2019.

وقال المرصد الحقوقي الدولي -مقرّه جنيف- في بيان صحفي اليوم الإثنين إنّ التقرير يهدف إلى تنبيه الحكومات الأوروبية والمدافعون عن حقوق الإنسان بالانتهاكات المتصاعدة التي يتعرض لها المسلمون في أوروبا، معربًا عن أمله في سرعة تحرك الجهات المعنية للحد من ظاهرة الكراهية المتزايدة ضد المسلمين، والتي تتناقض والقوانين والقيم التي يتبنّاها الاتحاد الأوروبي.

واستعرض التقرير نماذج من حوادث وخطابات الكراهية ضد المهاجرين المسلمين في أوروبا، موضحًا أنّ الفترة ما بين مارس إلى مايو 2019 شهدت زيادة ملموسة في تلك الحوادث.

وسجّل التقرير عددًا من حوادث الكراهية في بريطانيا، منها تظاهرة لمتطرفين في لندن احتجاجًا على زيادة تواجد المسلمين في البلاد، وحادثة أخرى في مدينة ليفربول لاعتداء مجموعة من المتطرفين على مسلمة لارتدائها الحجاب في شوارع المدينة. وفي حادثة أخرى، أطلق رجل مسلح النار على مسجد "سيفين كينغز" في "ألفورد" دون إصابات. وفي  تقرير أصدرته وزارة الداخلية البريطانية، سجّلت الشرطة أكثر من 94 ألف جريمة كراهية في إنجلترا وويلزعام 2018، وهي زيادة بنسبة 17% مقارنة بعام 2017.

ورصد التقرير ارتفاع الخطاب المناهض للمسلمين في إسبانيا تزامنًا مع الانتخابات العامة، إذ استخدمت شعارات مثل "استعادة غرناطة"، إشارةً لحكم المسلمين في المدينة منذ ما يقرب الـ400 عام. وقد اختار العضو السابق في حزب الشعب، السياسي اليميني سانتياغو أباسكال إطلاق حملته بمقطع فيديو يظهر فيه على شكل القائد  الذي "سيسترد إسبانيا من المسلمين".

وفي النمسا، أصدر البرلمان قرارًا يحظر على فتيات المدارس الابتدائية المسلمات ارتداء الحجاب، وقد قوبلت هذه الخطوة بغضب في أوساط المجتمع المسلم في النمسا، إذ أن قرار الحظر إجراء تمييزي واضح كونه لم يشمل الطلاب اليهود أو السيخ الذين يرتدون قبعاتهم الدينية.

وفي فرنسا، أصدر مجلس الشيوخ الفرنسي قرارًا يحظر فعليًا النساء المسلمات اللائي يرتدين الحجاب من مرافقة الأطفال في طريقهم إلى المدرسة، لكن الحكومة الفرنسية تعمل على إلغاء الحظر في البرلمان بدعم من نوابها.

ورصد التقرير هجمات ضد المهاجرين واللاجئين  في أوروبا، إذ قالت المتحدثة باسم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، رافينا سمداساني، إن التقارير تشير إلى أن المهاجرين في المجر والموقوفين في مراكز الاحتجاز حُرموا عمدًا من الغذاء، وهو ما يمثل انتهاكًا للقوانين الدولية. وأشارت الأمم المتحدة إلى أنه "وبينما ينتظر هؤلاء المهاجرين ترحيلهم،  فإن البالغين - باستثناء النساء الحوامل والمرضعات - محرومون من الطعام عن عمد، مما قد يؤدي إلى سوء التغذية ويضر بصحتهم، فضلاً عن أنه أمر لا يتسم بالإنسانية بطبيعته".

وفي بلجيكا، تم العثور على صبي فلسطيني اسمه دانيال ميتًا بالقرب من مخيم للاجئين بعد الإبلاغ عن فقده، واتهمت الشرطة خمسة لاجئين بقتله، ثلاثة منهم يقيمون في نفس المخيم.

وفي الدنمارك، استخدم السياسيون اليمينيون المهاجرين لتبرير خطابهم الذي يحض على الكراهية ضد المهاجرين، وقالت ميت فريدريكسن، زعيمة الحزب الاشتراكي الديموقراطي المعارض في الدنمارك، إنه بالنسبة لها فقد أصبح من الواضح وبشكل متزايد أن ثمن العولمة غير المنظمة والهجرة الجماعية وحرية العمل تتحمله الطبقات الدنيا في المجتمع.

وفي الوقت نفسه، اقترحت السلطات الإيطالية فرض غرامة قدرها 5500 يورو على أي منظمة غير حكومية تقدم المساعدة للاجئين والمهاجرين، وسيتم مناقشة المقترح في الحكومة قبل إحالته إلى البرلمان ليتم تبنيه رسميًا كقانون.

وفي سياق متصل، أظهرت قاعدة بيانات كشفت عنها Open Democracy أن 250 شخصًا في أوروبا تم اعتقالهم أو تجريمهم بسبب توفيرهم المأوى، والنقل، والطعام، وغير ذلك من "الأعمال الإنسانية الأساسية" للمهاجرين.

وعلى صعيد المدافعين عن حقوق  الإنسان من المهاجرين، وثق التقرير مثول ثلاثة نشطاء، بمن فيهم ماجد أبو سلامة، الذي حصل على جائزة حرية التعبير في عام 2011 بسبب كتاباته عن مواضيع هامة مختلفة حول حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية في فلسطين ، أمام محكمة ألمانية بسبب احتجاجه على خطاب لشخصية إسرائيلية.

 وبيّن التقرير أن ألمانيا تعدّت على حرية التعبير من خلال قرارها في البرلمان القاضي باعتبار حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، المعروفة بالـ (BDS)، شكلاً من أشكال معاداة السامية، لتصبح بذلك أول دولة في الاتحاد الأوروبي تجرم الحركة.  جدير بالذكر أن اثنين من النشطاء الثلاثة الذين مثلوا أمام المحكمة في برلين هم من اليهود الإسرائيليين.

في وقت سابق، ظهر ملصق في محطة القطار المركزية في برلين دعا باللغة العربية المهاجرين واللاجئين "للعودة إلى ديارهم".

وقالت الباحثة القانونية  في المرصد الأورومتوسطي أودري  فرديناند أن على الدول الأوروبية احترام التزاماتها القانونية بشأن اللاجئين، إذ تحفظ  المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان  لعام 1948 حرية التعبير، وكذلك المادة 10 من الإعلان الأوروبي لعام 1950 لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.

وأشارت فرديناند إلى أنّ التمييز محظور في أوروبا بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز لعام 1965 (ICERD). إذ وتدعو المادة 4 من الاتفاقية إلى القضاء على جميع أشكال التمييز العنصرية وإدانة جميع الدعاية وجميع المنظمات التي تستند إلى أفكار أو نظريات تؤمن بتفوق عرق أو مجموعة واحدة من الأشخاص من لون واحد أو أصل عرقي، أو التي تحاول تبرير أو تشجيع الكراهية العنصرية و التمييز بأي شكل من الأشكال. كما تدعو الاتفاقية الدول الأطراف إلى اتخاذ تدابير فورية وإيجابية تهدف إلى القضاء على جميع أشكال التحريض.

وخاطب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في نهاية تقريره الاتحاد الأوروبي لرفض الخطاب الذي تتبناه المجموعات اليمينية واتخاذ جميع الاجراءات التي تحد منه ، كذلك الحد من الدعاية المعادية للمسلمين، وعدم السماح للسياسيين اليمينيين بخوض الانتخابات البرلمانية للاتحاد الأوروبي بسبب خطابهم الذي يمثل انتهاكاً صارخًا لمبادئ الاتحاد.

ودعا المرصد الحقوقي الاتحاد الأوروبي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التأكيد على أن المسلمين يمكنهم ممارسة دينهم دون قيود بناءً على مبدأ الحق في العبادة المنصوص عليه في القوانين الوطنية والإقليمية والدولية، كذلك تسليط الضوء على قصص نجاحهم في دول الاتحاد الأوروبي لتثقيف الجمهور حول امكانياتهم التي يتمتعون بها.

وطالب الأورومتوسطي بمكافئة المنظمات الغير حكومية التي تساعد اللاجئين لا أن يتم معاقبتها مشددًا على ضرورة إلغاء القوانين التي صدرت لمعاقبة المدافعين عن حقوق الإنسان والمهاجرين واللاجئين، إَضافة إلى ضمان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان ضد أي تهديد من قبل أنظمة مناهضة لحقوق الإنسان في الداخل وفي الشرق الأوسط.

وسوم: العدد 827