آفة المهرجانات عندنا أنها تهدم منظومة القيم الأخلاقية لدى فئة شبابنا

بالرغم من ارتفاع العديد من الأصوات كل صيف للتحذير من خطورة المهرجانات التي تقام عندنا على منظومة قيمنا الأخلاقية لدى فئة الشباب  على وجه الخصوص ، فإن المشرفين عليها لا يبالون بتلك الأصوات بل يتهمونها بمحاولة عرقلة مهرجاناتهم وبالتحريض على مقاطعتها ، كما يتهمونها بمعاداة الفن ، ومنهم من يمضي بعيدا في وصفها بالجمود والتخلف والتزمت ... إلى غير ذلك من الأوصاف والنعوت القادحة  فيها ، كما أنهم يهللون بمهرجاناتهم ويشيدون بكثرة من يحضرونها ، ويرون ذلك نجاحا باهرا ومشجعا على الاستمرار في إقامتها سنويا  دون التعرض إلى ما تحدثه من خراب في منظومة القيم الأخلاقية .

وواضح أن هؤلاء لا تعنيهم منظومة القيم الأخلاقية لأنهم لا يلتفتون إلى ما تحدثه مهرجاناتهم في سلوك سواد فئة الشباب وهم يعربدون ويصخبون  متهتكين ومستهترين بالأخلاق ، وتعكس ذلك تصرفاتهم أقوالا وأفعالا وأحوالا.

  ومما يدل على صحة  خطر هدم منظومة القيم الأخلاقية  فيديوهات انتشرت عبر وسائل التواصل على أوسع نطاق لشباب وهم يستجوبون  بخصوص حضورهم  تلك المهرجانات  وذلك من عين المكان والموسيقى الصاخبة تصدح وهم بهيئات تشي بالتهتك من خلال ما يرتدون من ملابس  ، وما تكشف عنه مما يوجب الستر وقد كسا الوشم أجسادهم ، ومن خلال أنواع  قزع الرؤوس وأصباغ الوجوه ، وطول الأظافر  ،فضلا عن أساليب الحديث على طريقة المسطولين  أو السكارى مع صراخ  يشي بالهلوسة وإخراج الألسنة ، وغير ذلك مما لا يحسن ذكره.

ولقد تبيّن من خلال أحاديث المستجوبين أنهم فئتان : فئة ما يسمى بعبدة الشيطان ، وأخرى فئة المقلدين التي استهوتها الفئة الأولى ، ذلك أن بعض هؤلاء كشفت تصريحاتهم أنهم ليسوا من الفئة الأولى، وقد أقروا بوجودها بينهم بالفعل وأنهم مسلمون ، وأن كل ما في الأمر أن صخب المشيطنين قد استهواهم ،ونال إعجابهم ،فحذوا حذوهم في أحوالهم وتصرفاتهم . ولقد كشفت الفيديوهات المسجلة رقصهم الجنوني  أو جذبهم على أنغام الموسيقى الصاخبة ،وقد اختلط نابلهم بحابلهم كما يقال ذكورا وإناثا  وتشبه بعضهم ببعض ، وصرح بعضهم بوجود مثليين بينهم مدافعين عن حقهم في حرية الشيطنة والمثلية وغيرها مما استباحوه لأنفسهم وسموه حريات .

وفي فيديوهات أخرى تم تبادلها  أيضا عبر وسائل التواصل على أوسع تطاق ، وهي تصور انتظار نوع آخر من الجمهور  شيخة راقصة ، وقد استجوب بعضهم فعبروا عن سبب حضورهم وهو التفرج على رقص هذه الراقصة المعروفة بفاحش الأرداف ، وبكل وقاحة كان بعض المستجوبين يصرحون بأن ما جاء بهم إلى المهرجان إنما هو  التفرج على تلك الأرداف التي ترقّصها الراقصة لإثارة غرائزهم .

هذه الفيديوهات لا يبالي بها منظمو المهرجانات ، ولا يرون فيها بأسا، ولا يرون فيها ما يرى فيها المدافعون عن منظومة قيمنا الأخلاقية التي تهدمها مهرجاناتهم هدما . ولقد بات من المؤكد أن الأمر يتعلق بنوايا مبيتة لهؤلاء من أجل هدم تلك المنظومة  ، وأن الأمر يتعلق بمشروع تخريبها عن طريق  تلك المهرجانات وباسم الفن والفرجة ، وأن وراء هذا المشروع أياد خفية تهدف إلى نقل مجتمع من منظومة قيمه الأخلاقية الإسلامية إلى منظومة استهتار وتهتك لخدمة أجندات تم التخطيط لتمريرها تحت غطاء تلك المهرجانات وما تحمله من شعارات  مضللة تموه عليها لتجنب نقدها وفضحها أمام الرأي الهام .

ومن المؤسف أن ينصب النقد على ما يصرف من مال  على تلك المهرجانات  والبلد في أمس الحاجة إليه بسبب إفلاس منظومة التعليم ومنظومة الصحة وغيرهما من المنظومات  دون أن ينصب على إفلاس منظومة قيمنا الأخلاقية . وإذا كانت الخسارة المادية قابلة للتعوض ، فإن خسارة القيم لا عوض لها .

والمطلوب من ذوي الضمائر الحية ممن لهم قدرة على التحكم في  مصير المهرجانات بشكل أو بآخر أن ينصتوا إلى الأصوات التي تقرع أجراس الخطر محذرة من خطر يتهدد الأمة في شبابها وفي قيمها الأخلاقية .

وعلى الجهة المسؤولة عن صيانة منظومة  القيم وعلى رأسها الوزارة الوصية على الشأن الديني أن تقوم بواجبها وألا تنزل عقوبة العزل على خطبائها حين يعالجون استهداف المهرجانات لتلك المنظومة كما نسمع بين الحين والآخر.

وعلى أولياء أمور الناشئة تقع مسؤولية تربيتها التربية التي تصون أخلاقها منعا لشيوع مظاهر تهتكها وانحلالها الخلقي. ولا ندري كيف يرى هؤلاء الأولياء أبناءهم وبناتهم على هيئات عبدة الشياطين وعلى غيرها من الهيئات المعبرة عن الانحراف دون أن يحركوا ساكنا وكأنهم يقرون بذلك ، ويشجعون عليه، وفي المقابل يحرصون على ارتياد المساجد وأداء الصلوات في وقتها ، وأداء مناسك الحج والعمرة وغير ذلك من مظاهر التدين في الوقت الذي يعيش أبناؤهم وبناتهم خارج منظومة قيمنا الأخلاقية الإسلامية بأحوالهم وأقوالهم وتصرفاتهم ؟ أليس هذا من النفاق الذي ينقض التدين ؟  

وسوم: العدد 833