أيّ صَلاح لمُلك عَربيّ ، يَصنعه قيصر؟

قال امرؤ القيس ، حين ذهب يرجو قيصر، أن يصنع له مُلكا :ً

تذكّرت أهليْ الصالحين ، وقد أتتْ      على خَمَلى خُوصُ الرِكاب ، وأوجرا !

فأيّ مُلك ، يصنعه قيصر، لعَرب صالحين ؟ وما نوع الصلاح المقصود ، هنا ؟

وإذا كان العرب ، قبل الإسلام ، يُعَدّون ، في نظر الآمم القويّة المتحضّرة ، آنذاك ،  هملاً ورعاعاً ، تستخدمهم الدول المختلفة ، لتوسيع إمبراطورياتها ، وحفظ حدود ممالكها ، من قطّاع الطرق ، ولصوص القوافل .. فيسمي سادة تلك الأمم ،بعض زعماء القبائل العربية القويّة ، ملوكاً ، خاضعين لسيطرتهم ، لهذه الأهداف ؛ كما صنع أباطرةُ الروم دولة الغساسنة ، في الشام .. وكما صنع أكاسرة الفرس ، دولة المناذرة، في العراق .. نقول : إذا كان هذا قد حصل ، قبل الإسلام ، وقبل دولته العظيمة ، التي دكّت معاقل الفرس والروم .. فهل يحصل هذا ، اليوم ؟  وهل دار الزمان دورته ، فعاد العرب ، كسابق عهدهم ، رعاعاً يحكمهم مغامرون ، يسمّيهم الروم والفرس ملوكاً ، ليستخدموهم ، في ترويض أقوامهم ، وتسخير هؤلاء الأقوام ، لخدمة مصالح الدول العظمى ، في العالم ، ونهب الثروات ، التي في أراضي هؤلاء الأقوام ، ليتقوّى بها أبناء الدول المسيطرة ، ويظل أغلب أبناء العرب ، فقراء جهلة ، يَقتل بعضهم بعضاً ، بتسليح الدول الكبرى ؟

هل دار الزمان دورته ، حقّاً ، ليعود العرب ، هكذا ، اليوم ؟

إذا كانت الأمور هكذا ؛ فأين الإسلام ، الذي أعزّ به الله أمّة العرب ، وأمما عدّة مختلفة ؟

وإذا كانت أكثرية العرب ، اليوم ، هكذا ؛ تخضع لحكّام يصنعهم الأجانب ، ويصفّق بعض هؤلاء العرب لحكّامهم ، ويتغنّى موظّفو الإعلام ، بمزايا هؤلاء الحكّام ، ويُصدر بعض علماء السلاطين ، الفتاوى المناسبة ، لأمزجه هؤلاء الحكّام ..إذا كانت الأمور هكذا < فأين النخب الواعية ، التي عرفت الإسلام ، وعزّة المسلمين ؟ وإذا كانت أغلبية العرب ، محكومة على أمرها ، بأيدي حكّامها ، المصنوعين خارجيا؛  فأين الدول الإسلامية المختلفة ؟ وأين حكّامها الأحرار المستقلون ، الذين عرفوا معاني العزّة الإنسانية ، باعتناقهم الإسلام ، وتشرّب نفوسهم أحكامَه وآدابَه ؟

وسوم: العدد 875