مناشداتٌ لتركيا بضبط الإيقاع في الشمال السوريّ

في هذه الأيام التي فيها السوريون ( كما العالم ) مشغولون بجائحة كورونا؛ نجدُ ثلةً من المنتمين إلى الفصائل في الشمال السوريّ، تقوم بأمور هي مثار جدل و خلاف لدى الحواضن المجتمعية.

و غالبًا ما نراها تُبرِّر هذه الفعال، بأنّها تصبّ في خانة السوريين: قضيةً، و شعبًا، و بأنّهم في ظرف ضاغط، و بأنّ الغاية تبرِّر الوسيلة.

ليستْ الشرائح المجتمعية في تلك المناطق، على رأيّ واحد في تسويغ عمليات التبادل التجاريّ مع قسد أو النظام، و ليستْ كلّها أيضًا متفقة على تفكيك البُنى التحتية، سواءٌ بيعتْ كخردة لمعمل حديد حماة، أو دُشِّمَتْ بها نقاطُ الرباط.

فهناك مَنْ لم يرَ في التدشيم مسوغًا لتفكيك سكة حديد ( حلب ـ اللاذقية )، التي أُنشِئت قبل ( 60 سنة ) من جيوب الفقراء السوريين، مثلما لا يرى ذلك لتفكيك أبراج تبريد محطة زيزون الحرارية، التي أنشئت سنة ( 1997 ) بتكلفة تزيد على ( 500 مليون $ )؛ لأنهم ينظرون إلى سير الأمور في الكبينة، أو في شرق إدلب و شمال حماة، كأمرٍ يحمل في ثناياه كثيرًا من علامات التعجب و الاستفهام.

تمامًا كما ينظرون إلى مقطع الصوت الذي انتشر قبل يومين، و يحثّ فيه صاحبه الراغبين من التجار لتهريب عدد محدّد من الشاحنات إلى إدلب من مناطق قسد، ففي ذلك إساءةٌ للفصيل الذي ينتمي إليه، قبل أن يكون إساءةً شخصية له، و هو فضلًا على ذلك يرسل تصوّرًا مشوَّهًا عن المنظومة القيمية لدى السوريين.

إنّ الحواضن المجتمعية في تلك المناطق باتتْ تنتظر من تركيا، كراعٍ إقليميّ في الملف السوريّ، يتحتَّم عليها أن تقوم بما يمليه عليها الواجب القانوني، برعاية الحقوق و الأملاك الخاصة و العامة، و المحافظة على البنى التحتية، و فرض سلوكيات تحفظ لها هيبتها، و تحمي المدنيين من تغوّل قوة السلاح.

فإذا كان يُعاب على روسيا و أمريكا ما تشهده مناطقُ سيطرتهما من تجاوزات مسلكية، فإنّ ذلك أيضًا سيقال بحقّها؛ فهي قد سوَّقت لنفسها صورةً أمَّل فيها السوريون الخير كثيرًا، و عقدوا الآمال عليها، و انتظروها بفارغ الصبر.

إنّه من غير المقبول أن يمرّ مرور الكرام هروبُ ( 8 ) من عناصر وقيادات داعش من سجن الزراعة التابع لفرقة الحمزة في مدينة الباب، يوم الاثنين: 27/ 4، قبيل يوم واحد من تفجير عفرين الدموي.

و من غير المقبول أيضًا أن تستمرّ عملياتُ تهريب الشاحنات التجارية تحت نظر فصائل الجيش الوطني، في مناطق شمال و شرق حلب: معبر أبو الزندين، و السكرية، و تفريعة، و أم الجلود (الحمران)، و توخار، و براد، و الباسوطة.

إنّه مع الوعود التي قطعتها تركيا للرعاة الدوليين حينما أدخلت قواتها إلى عدد من مناطق الشمال، فإنّها مطالبة أيضًا بأن تقنع السوريين بقدرتها على ضبط الإيقاع فيها.

وسوم: العدد 876