لماذا تشن الإمارات حملة تشويه ضد حركة النهضة التونسية ورئيسها راشد الغنوشي؟

قال خبراء سياسيون تونسيون، إن رئيس حركة النهضة، ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، يتعرّضان إلى حملة تشويه مُمنهجة من أطراف إقليمية وداخلية معادية للثورة، وذلك نتيجة لمواقف الغنوشي وباعتباره يمثّل ضمانة أساسية وصمّام أمان للانتقال الديمقراطي ومسار الثورة في تونس.

وأوضح الخبراء أن “حملة التشويه ضد الغنوشي تقودها أطراف إقليمية تتزعمها الإمارات العربية المتحدة بإسناد من قوى الثورة المضادة داخل تونس، وانخرطت فيها وسائل إعلام محلية وعربية، وهدفها ليس الغنوشي فقط بل ضرب التجربة التونسية وإجهاضها”.

والثلاثاء، قالت حركة “النهضة” إنها ستقاضي كل من تورط في شن “حملة التشويه والتحريض ضدها”.

جاء ذلك في بيان صادر عن الحركة استنكرت فيه ما اعتبرته “حملة تشويه وتحريض ممنهجة” يتعرض لها عدد من قياداتها وفي صدارتهم رئيسها راشد الغنوشي، وأنها ستقاضي المتورطين في ذلك.

** الهدف ضرب ثورة تونس

وفي هذا الصدد، اعتبر رئيس كتلة النهضة بالبرلمان التونسي نور الدين البحيري أن “هذه الحملة ليست جديدة وهي حلقة من حلقات خطّة إقليمية لضرب ثورة تونس وإجهاضها والزج بالبلاد في الصراعات، ولم لا حرب أهلية مثلما حصل في بعض البلدان العربية الأخرى التي عاشت ثورة بعد تونس”.

وشدّد البحيري على أن “المستهدف الحقيقي في هذه الحملة ليس راشد الغنوشي والنهضة، بل تونس وثورتها ونظامها السياسي وسيادتها الوطنية وحقّ التونسيين في اختيار من يحكمهم وتقدّمهم ونهضتهم”.

ويتّهم البحيري “بعض الأطراف الإقليمية وعلى رأسها دولة الإمارات بقيادة الحملة رفضا للثورة؛ لأن الشعب التونسي يمارس سيادته عبر انتخابات حرّة، رغم أن تونس لم تقم بأي عمل يمس بجوهر العلاقات التونسية الإماراتية منذ 2011”.

** وسائل إعلام إماراتية على الخط

وأكّد رئيس كتلة النهضة أن “بعض وسائل الإعلام الإماراتية معروفة الهوية (لم يسمّها) تقود جزءا من هذا المخطط لاستهداف الثورة والمس من سيادة تونس وحقّها في تقرير مصيرها ولتعطيل وإرباك الأوضاع في تونس والحيلولة دون نجاحها في تحقيق النهضة الاقتصادية والاجتماعية”.

ويعتبر البحيري أن “هذه الحملة لها أدوات داخلية عبر بعض الأحزاب من رموز النظام السابق على غرار عبير موسي (رئيسة الحزب الدستوري الحرّ– ليبيرالي دستوري 16 نائبا) واستغلال الوضع وما تعانيه تونس والعالم بسبب أزمة كورونا والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية لإجهاض الثورة”.

ويُضيف: “حركة النهضة ورئيسها هما صمّام الأمان في البلاد وضمانة أساسية لاستمرار الدولة والديمقراطية والحرية في تونس”.

ويتابع: “من أسباب هذه الحملة، أيضا، موقف الغنوشي المساند لحكومة الوفاق الليبية التي لها شرعية دولية”.

وموضّحا، في ذات السياق: “تطورات الأوضاع في ليبيا والهزائم المتتالية لحفتر دفعت هؤلاء (من يشنّون الحملة) وجعلت الأطراف الإقليمية الراغبة في ضرب الثورة يحوّلون الوجهة لاستهداف تونس بشكل مباشر من خلال تصعيد إعلامي وتحركات ميدانية وربما التصعيد يشمل وجهات أخرى”.

ويرى البحيري أنه “بعد هزيمة حفتر في ليبيا رجعت هذه الأطراف لإرباك الأوضاع في تونس من خلال استهداف النهضة وراشد الغنوشي باعتبار أن وجود الأخيرين يحميان للثورة وسيكون عائقا أمام تنفيذ المشروع الانقلابي لهؤلاء في تونس”.

ويختم بأنه “مثلما فشلوا في حربهم في ليبيا التي صرفوا فيها آلاف المليارات ومولوا حفتر بالسلاح والعتاد والمرتزقة من كل مكان، سينهزمون في تونس؛ لأن الشعب التونسي لا يبيع كرامته وسيادته وحقّه في تقرير مصيره”.

* * حملة مقترنة بفشل حفتر في ليبيا

بدوره يرى المحلل السياسي والكاتب الصحافي بولبابة سالم أن “هذه الحملة ليست جديدة وتقودها ذات الأطراف المعادية للثورات العربية وللحرية والديمقراطية في الدول العربية، وهي تخشى من انتقال عدوى الحرية والديمقراطية إلى شعوبها”.

وقال سالم إن “الحملة تكثفت حاليا وأصبحت أكثر وضوحا في السابق كانت تظهر وتختفي فجأة، أمّا الآن فهي تنطلق من بعض الأبواق المأجورة في تونس، ثم تلتقطها وسائل إعلام إماراتية ومصرية تحاول شيطنة الغنوشي”.

وأضاف بأن “الحملة لا تستهدف فقط الغنوشي، بل كل ما يرمز للثورة التونسية والمؤسسات الديمقراطية المنتخبة، مثلما تعرض رئيس الجمهورية قيس سعيد بدوره لحملة تشويه سابقا”.

واعتبر بولبابة أن “تونس هي مهد الثورات العربية لذلك يُراد ضرب تونس التي حافظت على مسارها الديمقراطي”.

وتوقّع بأن “تحتد هذه الحملة أكثر في الأيام القادمة بعد الخسائر التي تلقتها ميليشيات حفتر في ليبيا وهو المدعوم أساسا من الإمارات وفرنسا، هذه الأطراف التي تدعو للفوضى وتقود حملة التشويه لرئيس البرلمان كلها قريبة من فرنسا والإمارات”.

ويُشدّد بولبابة أن “حملة التشويه تستهدف الغنوشي دون غيره من السياسي لأنه رئيس الحزب الأكبر في تونس وهو حزب مناهض للمنظومة القديمة وكان مقاوما للاستبداد ومن ضحاياه”.

ولفت إلى أن “أطرافا داخلية تونسية قريبة من فرنسا والإمارات، فشلت في الانتخابات الأخيرة وهي معزولة شعبيا وانتخابيا تشارك في حملة التشويه عبر بعض وسائل الإعلام المحلية المرتبطة المرتبطة بمراكز نفوذ قديمة وتخدم أجندات خارجية إلى جانب إعلام خارجي تابع خاصة للإمارات”.

وشدّد بولبابة سالم على أن “هذه الحملات لها تأثير إعلامي لكن على مستوى الشارع ليس لديها أي تأثير”.

** استهداف الغنوشي استهداف للتجربة

من جانبه، قال المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة إن “الحملة التي تستهدف رئيس حركة النهضة تقترن مع دعوات لحل البرلمان والاعتصام لإيقاف المسار السياسي كلّه وهذه المنظومة الحالية والدعوة لتغيير النظام السياسي”.

وأضاف بوعجيلة أن “الاستهداف الذي يواجه الغنوشي هو جزء من الاستهداف الذي يواجه البرلمان ومخرجات انتخابات 2019 ومحاولة إقحام رئاسة الجمهورية والأطراف المعترضة على حركة النهضة ومحاولة جمعها لمواجهة النظام السياسي كلّه”.

واعتبر بوعجيلة أن “الحملة تقترن مع التحولات التي جرت في ليبيا، وهناك مؤشرات بأن ليبيا ستتجه شيئا فشيئا نحو استعادة العملية السياسية وسقوط المراهنة على حفتر من قبل النظامين الخليجيين السعودي والإماراتي والنظام المصري”.

وأشار إلى أن “دور هذه الأطراف في تونس غير خفي عبر استهداف الانتقال الديمقراطي والثورة”.

وشدّد بوعجيلة على “وجود أطراف سياسية داخلية تغذّي هذه الحملة وهي أطراف خاسرة في الانتخابات ومتضررة من عملية الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي ستتجه إليه البلاد”.

ووفق بوعجيلة: “المستفيدون من هذه الحملة جزء من المنظومة القديمة لا يقبلون التغيير عنوانها الحزب الدستوري الحرّ ورئيسته عبير موسي، واليسار الوظيفي المتطرف الرافض للديمقراطية باعتباره يسارا عميلا مرتبطا بالغرب المتصهين وكل القوى المعادية لنجاح التجربة التونسية”.

والأربعاء، تقدّم الغنوشي للنيابة العامة بعدد من القضايا العدلية في حق بعض الأشخاص والمؤسسات التي تعمدت نشر الإشاعات والأكاذيب، بحسب ما أوردته النائبة عن كتلة حركة النهضة يمينة الزغلامي عبر صفحتها الرسمية على موقع “فيسبوك”.

وتتداول مواقع التواصل الاجتماعي “عريضة إلكترونية” موقعة من عدد من التونسيين بدعوى التدقيق في ثروة الغنوشي وبعض الشخصيات السياسية الأخرى.

وسوم: العدد 878