الولاءات الجانبية في صفّ ما : أيّها أقلّ سوءاً : الشخصية ، أم الفكرية ؟

إذا كان لابدّ ، من ولاءات جانبية ، في صفّ ما ، فهي للأشخاص ، أقلّ سوءاً ؛ فقد يموتون ، أو يستبدل  بهم  غيرهم ! أمّا الشَرذَمة الفكرية ، فتستمرّ وتدمّر !

تجارب البشر كثيرة ، في هذا المجال ، واختلافاتهم كثيرة ، كذلك ! بَيدَ أن ثمّة سنناً اجتماعية مألوفة ، من أهمّها :

أن الصفّ البَشريّ - أيّ صفّ - إنّما يشقّه الكبار، الكبار: اجتماعياً ، أو سياسياً ، أو اقتصادياّ ، أو عسكريا .. سواء أكان الشَقّ ، على أساس شخصي ، أم فكري !

وأن الصغار، تَبعٌ للكبار؛ سواء أكان الصغَر: في السنّ ، أم في العلم ، أم  في الحالة الاجتماعية ، أم في المستوى الفكري ، أم في المستوى السياسي.. !

لذا :

يتمحور الكبار، حول ذواتهم ، أو حول أفكارهم ، أو حول مصالحهم .. فيشقّون الصفّ ؛ قبيلة كان ، أم حزباً ، أم نادياً ، أم نقابة ..!

وقد أثبتت التجارب الكثيرة ، للبشر، أن التجمّعات القائمة ، على أسس فكرية ، تكون الانشقاقات الفكرية فيها ، أعمق وأصعب ، من الانشقاقات المستندة ، إلى ولاءات شخصية ! لأن الولاءات الشخصية ، ضمن التجمّعات الفكرية   ، تظلّ محافظة ، على الولاء الأساسي للتجمّع ، وهو: الفكرة الأساسية ، أو الهدف الأساسي ، أو القيَم الأساسية ، التي يقوم عليها التجمّع .. ويظلّ المنقسمون ، محافظين على التجمّع ، وكلّ منهم يدّعي ، أنه هوالممثّل الأساسي : لفكرة التجمّع ، أو هدفه ، أو قيَمه ؛ برغم الاختلافات الشخصية ، بين الكبار ، وأتباعهم الصغار ! كما أن الكبار، الذين يشقّون الصفّ ، قد يموتون ، فيعود  كما كان !

لقد انشقّت أحزاب كثيرة : علمانية وقومية  .. ليبرالية ، واشتراكية ، وشيوعية .. كما انشقت أحزاب إسلامية ، عدّة ! وقد كان بعض الانشقاقات ، مستنداً إلى ولاءات شخصية ، وبعضها مستنداً إلى عوامل فكرية ! وتبيّن أن الانشقاقات الفكرية ، سرعان ماتؤدّي ، إلى تشكيل أحزاب جديدة ، بصرف النظر، عن قوّة الأفكار، التي تشقّ الأحزاب ، أو ضعفها !

وقد تكون الأفكار، التي تنشقّ الأحزاب ، على أساسها ، برامج عمل متباينة ، مع محافظة الجميع ، على : الأفكار الأساسية ، والاهداف الأساسية ، والقيَم الأساسية.. للتجمّع ؛ فيشكّل المنشقّون حزباً جديداً ، أو تجمّعاً جديداً .. وهكذا !

وسوم: العدد 878