مبعوث رئاسي روسي دائم في سورية !!

ولو كان بشار الأسد بشرا سويا .. لقال كل السوريين : نحن مع السوري ضد الروسي

ولعله قريبا سيجني بشار الأسد ثمرات حمقه وغبائه التي جرعها للشعب السوري صابا وعلقما على مدى عشر سنوات ..

بشار الأسد المعلق على غصن الطائفية الذي دبت إليه جرذان الشقاق ، فوق تنين الروافض الذين يعلم بشار الأسد أنه يتربصون به الدوائر ، ثم المهدد بأنياب بوتين الحداد ؛ يتعرض هذه الأيام لمزيد ومن الطرق والسحب والتصفيح ، ليصبح اليوم موضع العبرة لكل الخائنين والطغاة . ولا احد يستطيع أن يتنبأ متى سينشق ماهر عن بشار ، كما انشق رفعت عن حافظ ، هذا إن لم يكن قد انشق فعلا ..

إنه في فضاءات الاضطراب والفوضى وارتفاع الأصوات تبدو الدعوة إلى الحكمة والريث والتأمل نوعا من الحماقة المتعجلة التي لا تليق بأولي الأحلام .. فلنصمت يقول الحكيم لنفسه ، وعلى من قدّم المقدمات أن يتحمل النتائج .

ولكن من حقنا أن نتساءل في هذا السياق : هل يعقل السوريون ، كل السوريين ، معنى أن يكون في سورية مندوبا رئاسيا دائما لبوتين . قائمقام روسي . قديروف جديد يحكم الجمهورية الروسية الثانية والعشرين الملحقة على كره وازدراء بالاتحاد الروسي؟!

نعم أن في سورية قريبا من نصف مليون أرثوذكسي ، ولكن هل سينجح هؤلاء في ترقيق قلب بوتين على السوريين ، وهل سينجحون في تلقين بطرك الكنيسة الروسية حقيقة رسالة المسيح السوري : أحبوا أعداءكم .. باركوا لاعينكم . لنتذكر أيضا أن إيفان الرهيب كان أرثوذكسيا ..

وحين ستتحول سورية من الطائفية العلوية إلى الطائفية الأرثوذكسية هل سيكفي نصف مليون أرثوذكس لشغل المفاصل العامة للدولة ابتداء من زنازين التعذيب وانتهاء بالوزارات والسفارات والإدارات ..؟!

وفي الوقت نفسه أين ستصير أحلام الذين قالوا عن سورية : المحافظة الخامسة والثلاثون ؟! ربما قريبا سيعلم هؤلاء الذين طفوا طويلا على زبد السيل أي ركن هدموا ، وأي يد قطعوا ، وأي عهد نكثوا، وأي غد على أنفسهم وأجيالهم أفسدوا .. !!

ولقد تعودت دائما فيما أكتب أن أنحاز إلى ما أظنه أقرب إلى الحق والصواب والحكمة، وإن خالفت أهلي في منعرج اللوى .. ، ولكنني اليوم وأنا أتابع الناس يتتايعون في العب من نهر الجنون ، وإعلان الفرح بالمندوب الرئاسي الروسي ، فقط لأنهم يتوقعون منه أن يقمع بشار الأسد ، ويجدع أنف علي خمنئي ..؛ ومع إدراكي للعواقب الخطيرة لكل ذلك ... لا أستطيع إلا أن ألوذ بالصمت حيال ما يتوقعون ، وحيال ما يظنون . ومن قبل قالت العرب في مثل هذا الموطن : يداك أوكتا وفوك نفخ..

سأوجه الحديث في هذه المرة للرئيس الروسي بوتين ، ولمندوبه الرئاسي ، رئيس الرئيس ، لأقول لهما : ربما خمس سنوات من القتل والتدمير والإحراق والتهجير في سورية لم تفدكم كثيرا لتعلموا .

ولا أدري إن كان تعذر الفهم عليكم قد نشأ عن غباء أو جهل أو غرور ..ولكن نسل أبناء الفاتحين على الأرض السورية لم يكن سهلا ولن يكون ..

وبديل بشار الأسد ، كيفما رحل بشار الأسد ، لن يكون كما تريدون ، بل كما يريدون ، كما يريدون ..

إلى المبعوث الرئاسي الروسي باسمي وباسم كل من يوافقني من السوريين أقول : لا مرحبا بك ، وبؤسا لك ، وشؤما منك ..

وسورية لنا ، والله مولانا ، ولن يترنا أعمالنا ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 878