متى يعترف بالأقلية كأقلية ... وما هي حقوق الأقلية ؟

سؤال في العلم المجرد ...

متى تستحق أي مجموعة ، عرقية ، دينية ، مذهبية، تعيش في ثنايا مجتمع من المجتمعات ، أو في ظل دولة من الدول ، وصف " أقلية " ؟!

صحيح أن الإنسان الفرد أينما كان ، ومهما كانت هوياته التي قد تتعدد وتتراكب ، يستحق أن يستمتع بكافة الحقوق الأساسية والفرعية ، التي يتمتع بها كافة أبناء المجتمع الآخرين ..من مساواة تامة أمام القانون ، وفي الحقوق والواجبات العامة ؛ إلا أنه يبقى للصبغة العامة لأبناء المجتمع حضورها في كثير من الأمور التي لا يمكن استيفاؤها بالمعيار نفسه .

وهذه دول الغرب ، ما تزال تحتفل بأيام أعياد الميلاد ، وعيد الفصح . وتعطل دوائرها ومؤسساتها الرسمية بهذه المناسبة ، ولا يحصل هذا في المناسبات نفسها مع بقية الأقليات ، ولا مع بقية أشكال الوجود الإنساني الفردي ..ولو طالبنا الدولة - أي دولة - أن تحتفي بجملتها بكافة المناسبات لجميع المقيمين على أرضها ، أصليين كانوا أو طارئين ، لألحقنا في الحياة العامة ضررا كبيرا .

كثيرا ما نسمع بعض الناس يقولون : المسيحية في سورية هي الديانة الثانية بعد الإسلام ..

أو يقولون العلويون في سورية هم المذهب الثاني بعد أهل السنة ..

أو يقولون : الكرد في سورية هم القومية الثانية بعد العرب ..

نعتقد أن المشهد المجتمعي العام يحتاج إلى أكثر من تحديد ..والتحديد يجب أن يستنبط من واقع العشرات من الدول ذات التنوع ، والتي لا تخاف من التنوع ، ولا تنبذ على أساسه ..وليس أن يفصل تفصيلا مضادا بمقص الأهواء والشهوات ..!!

إن لتحديد الأول الذي يجب أن نصير إليه : متى يعترف بأي مجموعة بشرية ، في أي مجتمع على أنها أقلية ، ذات كيان فعلي يعترف به . والمسألة ليست إحصائية رقمية في تصورنا فقط ، بل تشترك في تحقيق هذا الوصف عوامل رقمية ديمغرافية وجغرافية وثقافية أيضا ..

ثم التحديد الثاني الذي نحتاج إلى أن نكون واضحين فيه : ما هي حقوق الخصوصية الدينية أو القومية أو الثقافية أو الاجتماعية ، التي يمكن للأقلية المعترف بها أن تتمتع بها ..

سيكون علم الإحصاء - الذي يعتبر في أوطاننا من أسرار الدولة ، هو المدخل الأساس لكل هذا ، ولكن علم الإحصاء هو المدخل ، وليس هو كل شيء .

نحن على صعيدنا الوطني أمام إشكالات تفرض علينا نضعف عن مواجهتها بمعطيات المعرفة العملية التي تسود كل العالم ..

عندما وصل بريمر إلى العراق فاجأنا لأول مرة بمصطلح "العرب السنة" . وكان القصد منه معلوما ، والمراد منه مريبا ..كلنا يعلم أنه كان المقصود من هذا العنوان " تقليل الكثير وتكثير القليل " وكذلك يفعلون .

ومع أن الكثيرين من العراقيين والسوريين أدركوا مرماه ومغزاه إلا أنهم ما يزالون ، يسترسلون معه ، ويقولون بقوله ، ويرضخون إلى معاييره ..

في علوم السياسة كثير من المقررات تتحدث عن جواب : متى يحظى الوجود البشري في ثنايا مجتمع ما بوصف أقلية ..ثم ما هي حقوق الخصوصية لأي أقلية تحت مظلة أي دولة تعترف بها كأقلية ...!!

أنبئوني بعلم ...

كذا يقول القرآن الكريم ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 899