أزمة فقهاء أو أزمة فقه ...!!

ما تشهده الساحة الإسلامية من تناقض وتدابر ، على المستويين الفقهي والسياسي ، يثير المزيد من الريبة والشكوك والتساؤلات حول الفقيه وحول الفقه ، وحول واقع الأمة ، ومستقبلها ومستقبل مشروعها . حتى في صفوف بعض الجماعات الإسلامية تجد أن حجم الاختلاف في الرؤية الفقهية وليس السياسية فقط أكبر من أن يُحتوى أو أن يحاط به . ...

فكيف يمكن أن نفسر حجم هذا الاختلاف بين العلماء المسلمين ، على مستوى الأفراد ، وعلى مستوى التجمعات والهيئات ، ودون أن نستند إلى معيار الاتهام والتشكيك والنبذ ، على طريقة : نحن أولياء الرحمن ، وهم أولياء الشيطان ؟؟؟

لقد أصبح المشهد الإسلامي على صعيد من يفتي ويوجه ويعلم أيدي سبا ، وأصبحنا كمسلمين ؛ وكل من يفتي، أو يتوجه ، أو يوجه بغير ما نرى فهو ، مفتون مخذول عميل بائع للذمة والدين!!

وأصبحنا وكل مسلم يحسب نفسه قرأنا يمشي على الأرض . يشهد لنفسه أنه لا مسلم إلا هو . ثم يفرد جناحيه على دوائر من العصبية ، لا تلبث أن تنقضّ عليه .

الاعتماد على الاتهام في تفسير الاختلاف الفقهي والشرعي والسياسي ليس مسلّما دائما ، ولا صحيحا دائما ؛ وقد يخالفني المخالف لرأي يراه ، وفقه يحفظه أو يعتقده .؛ ومع ذلك يجد كل فريق منا مرجعيته الفقهية لتدعيم وجهة نظره . وينقلب على الآخرين تفسيقا وتبديعا إن لم نقل تخوينا وتكفيرا !! إن تفسير هذه التعددية الفقهية ، التي تذهب إلى حد دعم الأمر ونقيضه . في الحكم على القضايا والأشخاص لا يمكن حلها دائما بتبادل الاتهام . بل إن تبادل الاتهام في الحقيقة هو نوع من الهرب من مواجهة أزمة حادة يعيشها الفقيه المسلم أو المرجعية الإسلامية .

قديما رأوا في هذه التعددية وفي هذا الاختلاف نوعا من الرحمة ، ولكنه ومع غياب المرجعيات الضابطة والمنضبطة أصبح نوعا من الفوضى والفتنة والعذاب .

عدد كبير من الفقهاء على المستويين الإسلامي والعربي والقطري لا نشك أصلا في علمهم ولا في دينهم يختلفون على 180 درجة من مسطرة" الفقه " " الرؤية " " القرار " و" الموقف " ومن منطلق شرعي فقهي محض . وهذا بحد ذاته ، إشكال كبير يجب أن نواجهه بتقوى الله وبشجاعة المسلم .

قال : " لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم حيران "

اللهم إنا نعوذ بك من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن .

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 905