الهيئات العلمية الإسلامية العالمية هي وحدها المؤهلة لتقويم العلماء والبث في شأن مؤلفاتهم

الهيئات العلمية الإسلامية العالمية هي وحدها المؤهلة لتقويم العلماء والبث في شأن مؤلفاتهم وليس ذلك من حق غيرها مهما كان  

للعلماء في دين الإسلام مكانة متميزة كما تدل على ذلك نصوص القرآن الكريم و نصوص الحديث النبوي الشريف حيث يقول الله تعالى إشادة بهم : (( يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات )) كما يقول : (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) ،ففي النص القرآني الأول إشارة إلى رفعة خص بها الله عز وجل عباده العلماء ، فهم أصحاب رفعة باعتبار إيمانهم ، وأصحاب مزيد من الرفعة باعتبار مكانتهم العلمية . أما النص الثاني، ففيه  إشارة إلى أحقيتهم بخشية الله تعالى باعتبار علمهم ، وهذه إشادة بهم، لأنه لا يدرك درجة خشية الله تعالى إلا من كانت له وسيلة توصله إليها ، ووسيلة العلماء إلى خشية الله تعالى هي علمهم ، ذلك أن خشيته سبحانه وتعالى تكون على قدر العلم به .

أم الحديث النبوي الشريف فقد جاء فيه : " العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر " . ففي هذا الحديث الشريف  تشريف للعلماء حيث نزّلوا منزلة ورثة الأنبياء  لأنهم ورثوا عنهم العلم ،والأخذ به أخذ بحظ وافر ، وهذا دليل على أن حظ العلماء أوفر من حظ غيرهم بسبب علمهم . ولا يجادل في مكانة العلماء في دين الإسلام بعد ما جاء في هذه النصوص إلا منكر أو جاحد أو مكابر .

ولقد سجل التاريخ الإسلامي أن صفوة من علماء الإسلام تعرضوا لمحن في منتهى الشدة بسبب ثباتهم على الحق في عصور شهدت استبداد بعض الحكام من الذين كانوا يستخدمون الدين لأغراضهم الخاصة  عوض خدمته كما أوجب عليهم ذلك الله عز وجل . ولا زال حال علماء الإسلام  الربايين كذلك إلى عصرنا هذا وما بدّلوا تبديلا .

ولقد بدأت محن هؤلاء العلماء في العصر الحديث مع الغزو الأوروبي لبلاد الإسلام بعد ضعف الخلافة الإسلامية  العثمانية حيث وزعت الدول الأوروبية تركتها فيما بينها احتلالا واستغلالا .

 ولمّا كان العلماء ورثة الأنبياء، فإن مهمتهم اقتضت إنقاذ الأمة الإسلامية من جور الاحتلال الأوروبي لأراضيها وعلى رأسها أرض فلسطين المقدسة بقداسة مسجدها الأقصى المبارك الذي خصه الله تعالى بالذكر في القرآن الكريم . ولقد تولى العلماء الربانيون في العصر الحديث قيادة الأمة للتخلص من الاحتلال  الغربي عن طريق الجهاد والمقاومة  تماما كما كان سلفهم من العلماء  يقودونها لمواجهة الحملات الصليبية . ونظرا لمركز هؤلاء العلماء القيادي فقد استهدفهم المحتل الأوروبي بالمتابعة والحبس والنفي والتصفية الجسدية ، وقد استشهد منهم عدد كبير ، ومر معظمهم بمحن في منتهى الشدة والقسوة .

وبسبب تسليم المحتل البريطاني  الذي كان يحتل منطقة الشام أرض فلسطين لليهود، اضطلع علماء الإسلام الربانيون في كل بقاع العالم الإسلامي بالدفاع عنها ، وقد لاقى كل من أدى رسالته  تجاهها ثمنا غاليا كلف كثيرا منهم حياتهم . ولا زال إلى يومنا هذا كل عالم مسلم رباني يدافع عن استقلال الأرض المقدسة يواجه المتاعب إما عن طريق الملاحقة أو السجن أو النفي أو القتل ، وهي نفس المتاعب التي كان يواجهها الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، ويواجهها ورثتهم  من العلماء في كل عصر.

ومباشرة بعد ما يسمى بأحداث الحادي عشر من شتنبر التي اتخذت ذريعة لغزو بعض البلاد الإسلامية بعد أن حملت مسؤولية تلك الأحداث وعوقبت شعوبها  بسبب ذاك ، وكان ذلك بداية إشاعة الفوضى العارمة في كل ربوع العالم الإسلامي خصوصا الشطر العربي منه حيث صنعت المخابرات الغربية عصابات إجرامية تتدعي الانتماء إلى حظيرة الإسلام ، وتتحدث باسمه ، وهي تطبق أجندة غربية من خلال ممارسة العنف الأعمى والإرهاب لتوفر بذلك الذرائع للدول الغربية كي تتهم الإسلام بالإرهاب والعنف ، وتضيق عليه من خلال التضييق على الأمة الإسلامية وعلى رأسها علماؤها الربانيون الذين انبروا لفضح التآمر على الإسلام من خلال تحميله مسؤولية إجرام عصابات إجرامية هو براء منها .

ودأب الغرب كلما ارتكبت جرائم من طرف تلك العصابات الإجرامية  تحريك آلته الإعلامية للنيل من الإسلام ، ومن أهله وعلمائه الربانيين ، وآخر استهداف لهم هو تحميل بعضهم مسؤولية ما  وقع مؤخرا في فرنسا ، وذلك باعتبارهم محرضين لها على العنف الأعمى والإرهاب الأهوج ومنظرين له مع أن علماء الإسلام الربانيين منزهون عن ذلك لأنهم بسبب وراثتهم لنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومكانتهم العلمية ورشدهم وحكمتهم وبعد نظرهم لا يمكن أن يكونوا ضحايا ما يدبره لهم الغرب من مكائد للإيقاع بهم وحشرهم مع تلك العصابات الإجرامية ظلما وعدوانا  .

ولقد أوعز الغرب لطوابيره الخامسة في البلاد العربية الإسلامية من فلول العلمانيين العزف على وتر تجريم العلماء المسلمين الربانيين واتهامهم بالتحريض على  العنف والإرهاب  والتنظير له من خلال ما يلقونه من محاضرات ودروس وخطب ومواعظ أو ما يؤلفونه من مؤلفات .

والغرض من كيلهم هذه التهم الباطلة لهم هو ترهيبهم من أجل التخلي عن دورهم كورثة النبوة التي جعلها الله عز وجل مخلصة للبشرية جمعاء . فإذا ما تناول هؤلاء العلماء قضايا مما جاء في كتاب الله عز وجل أو في أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم، اتهموا بنشر الكراهية والدعوة إلى العنف والإرهاب  ... إلى غير ذلك من التهم الباطلة ، علما بأن تلك القضايا هي مما خاض فيه علماء الإسلام منذ البعثة النبوية دون أن يقال في فترة من فترات التاريخ أن ذلك دعوات لنشر الكراهية والعنف... أو ما شابه ذلك .

والغرض من هذه التهم المفبركة هو تعطيل تلك القضايا الإسلامية من خلال تعطيل نصوص القرآن الكريم، ونصوص الحديث النبوي الشريف لينتقل التجريم من تجريم  مجرمين يمارسون الإجرام وينسبونه إلى الإسلام إلى تجريم العلماء الربانيين ،ومن ثم تجريم تلك النصوص الدينية المقدسة كما يريد العلمانيون.

ومع وجود هيئات ومنظمات ومجالس علمية  إسلامية عالمية ، وهي وحدها المؤهلة لتقويم العلماء، والبث في أمر مؤلفاتهم العلمية  في كل أرجاء العالم الإسلامي فليس من شأن ولا من حق شرذمة هؤلاء العلمانيين المأجورين الذين باتوا ينعتون بالمتخصصين والخبراء في الشأن الإسلامي  وهم لا يفرقون كوعا من بوع الخوض في هذا الموضوع بحال من الأحوال ، ولا  ذلك من شأن وحق الدول الغربية  التي تستأجرهم لذلك .

ولئن استمر التآمر على هذه الوتيرة المكشوفة ، فإننا سنصبح ذات يوم فنسمع بتجريم القرآن الكريم والحديث الشريف ، وبتجريم من يشتغل بهما من العلماء وتجريم حتى من يطالعهما أومن  يستمع إليهما أو من يملك نسخا منهما في بيته أو يسجل شيئا منهما على هاتفه الخلوي أو حاسوبه . أما مؤلفات العلماء التي تتناول ما جاء فيهما من قضايا وأمور فستعامل تعامل المحجوزات الممنوعة .

وما لم تتحرك هيئات ومنظمات ومجالس العلماء المسلمين الربانيين لفضح التآمر على الإسلام قرآنا وسنة ، وما يتصل بهما من علوم  شرعية ، فإن وتيرة التآمر عليه ستزداد، وسيكون ذلك إجهازا على دين الأمة الإسلامية قاطبة . وما دام العلماء في بلاد الإسلام يلتزمون الصمت على تآمر المتآمرين ، فإن الجهلة سيزدادون جهلا  وتجاسرا على الإسلام. وما لم تحم الأمة الإسلامية علماءها الربانيين من كيد من يكيدون لهم ، فإنها ستصير دون توجيههم كاليتيمة في مأدبة اللئام  كما جاء في الخطبة الشهيرة للقائد العظيم والفاتح المسلم طارق بن زياد رحمة الله عليه .  

وسوم: العدد 906