الملفّ السوريّ على وقع المصالح الروسية - التركية المشتركة

" إنّ الدولتان تحرصان على رعاية مصالحهما المشترك، وتسعيان لتطويرها بكلّ السبل المتاحة، ولاسيّما أنّ كلتيهما باتتْ تخضع لعقوبات أمريكية غير مُحقَّة ".

بهذه العبارة الموجزة، وفي مؤتمرهما الصحفي، عقب محادثاتهما في يوم الثلاثاء: 29/ 12- الجاري، في مدينة سوتشي، وفَّر الوزيران: لافروف، وجاويش أوغلو الكثيرَ من الكلام الذي يمكن أن يقال بخصوص الكثير من التحليلات والرؤى حول الملفّ السوريّ، ولاسيّما حول أهمّ نقطتين ساخنتين فيه: عين عيسى/ الرقة، وإدلب.

فبين الحين والآخر تعجّ وسائل التواصل الاجتماعيّ، بتسريبات حول قرب عمل عسكريّ ينتظر (إدلب)، سيعيدها إلى حضن النظام، ويجعل منها آخر منطقة تخضع لسلطة الفصائل المسلحة، وفي ذات الوقت الذي تستعدّ فيه الوحدات الكردية (قسد) للانسحاب من مدينة عين عيسى/ بمحاذاة m4- جنوبًا، وتسليمها إلى النظام، بموجب محادثات تمّت معه برعاية روسية.

حول ذلك يمكن أن يقال الكثير من الكلام، غير أن ما هو مفيدٌ منه يمكن أن يلخّص في النقاط الآتية:

  • لقد فنَّدت قوات سورية الديمقراطية المزاعم والتسريبات، حول توصّلها إلى اتفاق مع النظام، برعاية روسية، يقضي بتسليمها إليه، واصفةً ذلك بأنّها تكهنات لا تستند إلى أية مصداقية؛ فلم يكن هناك أيّة مشاورات معه حولها، وليس في النيّة تسليمها له بتاتًا، وحتى إنّ ما يشاع عن البحث في صفقة حولها مع تركيا عارٍ عن الصحة أيضًا؛ لأنها جنوب الطريق الدولي (m4)، وليست ضمن المنطقة التي تخوّل تركيا دخول الأراضي السورية لحماية أمنها القوميّ، كما هو منصوص عليه في الملاحق السريّة لاتفاقية (أضنة/ لعام 1998).
  • لقد أكّدت أنقرة وعلى لسان أكثر من متحدِّث باسمها، أنّ الانسحاب من إدلب ليس موضع نقاش مع موسكو، ولاسيّما بعد الانسحاب من نقاط المراقبة، التي كانت محاصرة، بعد التغيير الميداني لصالح النظام.

وهي بذلك قد أنهت كثيرًا من الجدل حول حدود تحرّكها في إدلب، حيث عادت إلى المناطق التي تخولها الملاحق السرية لاتفاق (أضنة) في الوصول إليها، كجزء من حماية أمنها القوميّ، هي لا تتعدّى جنبات طريق (m4).

وقد عزّز من ذلك نقاط المراقبة الحديثة الإنشاء، ومنها النقطتان اللتان تطلان على مدينة «سراقب» شرق إدلب، وطريق الـ«M5».

فقد نقل عن مصدر عسكري أن النقطة العسكرية الأولى الجديدة أنشئت، على خطوط التماس مع قوات النظام من الطرف الجنوبي الغربي لبلدة (آفس) شرق إدلب، وتطل بشكل مباشر على مدينة (سراقب) عند تقاطع الطرق الدولية (M4،M5)، والثانية داخل بلدة (كدورة)،التي تعدّ بوابة جبل الأربعين في ريف إدلب، وتطل على (كفربطيخ، وداديخ)، الواقعتين على طريق دمشق - حلب الـ (M5).

  • إنّ كثيرًا من اللغط والجدل حول عودة النظام إلى إدلب قد حسمته تصريحات (جيمس جفري)، المبعوث الأمريكي السابق في الملف السوريّ، إلى صحيفة الشرق الأوسط، الأحد: 13/ 12- الجاري، التي استبعد فيها احتمالية عودة قوات النظام إليها.

وقال:" لا أظن أن قوات الحكومة ستعود إلى إدلب في أيّ وقت قريب، بسبب انتشار الجيش التركي في المحافظة، الذي لديه القدرة على منعها من الذهاب إليها، إذ لديه حوالي 20 ألف جندي، وربما 30 ألفًا، هناك ".

وأضاف: " إنني متأكد من أنّ تركيا بدعم من أمريكا والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو) لن تسمح بذلك ".

وهو ذات الموقف الذي كان ترامب قد أعلنه في أيلول / 2018، ونقله أيضًا السفير ديفيد ساترفيلد، في رسالته إلى حلف الناتو، لدعم تركيا في: آذار/ 2019.

وسوم: العدد 910