سورية التي أرادها الكيان الصهيوني وقدمها له بشار الأسد

في الأخبار عن حصاد عام ٢٠٢٠ يتحدث الناطق باسم الجيش الصهيوني عن خمسين غارة جوية في العمق السوري خلال عام مضى ، وعن عشرين عملية برية عبر الأراضي اللبنانية .

وإذا تذكرنا أن العام ٥٢ أسبوعا فإن خمسين غارة في العام تعني غارة كل أسبوع ، تقريبا ؛ دون أن تلقى هذه الغارات المتعاقبة المتتابعة أي رد فعل تستحقه ، وأي محاولة علمية لإطلاق مشروع عملي للتصدي " للمقاومة والممانعة" العتيدة .

أحب أن أذكر القارئ الكريم أننا كسوريين سنظل نستنكر مثل هذه العدوانات الصهيونية على أرضنا ، مهما تكن طبيعة أهدافها ، فحرمة الأرض عندنا حقيقة قائمة في عقولنا وقلوبنا ، ولن يفتننا عنها محتل أو متسلط ..

وسوف نظل نذكر أن مسئولية الدفاع عن الأرض السورية ضد هذه العدوانات الصهيونية ما تزال معلقة برقبة المتسلطين على القرار الرسمي ، من أدعياء المقاومة والممانعة تفضحهم على مدى السنين والأعوام ..

أحب أن يتذكر القارئ الكريم معنا عدد التصريحات التي صدرت عن مصنع الكذب في طهران ، وهم بعد كل عدوان يقولون للعدو الصهيوني " جرب نفسك " بعد هذه المرة. وتستمر المتتالية بعد كل مرة ، مرة ومرة !!

ومع أن الأرض السورية كانت منذ البدء المحك الذي فضح ادعاءات محور "المقاومة والممانعة " بطريقتين نظرية وعملية ؛ إلا أننا ما زلنا نسمع مع الأسف من بعض من يختانون أنفسهم ؛ عن بشار الأسد المقاوم ، وعن إيران الداعمة للقدس ولفلسطين !!

بجهد خبيث من بشار الأسد ، وبدعم مباشر من ملالي طهران وأمثال قاسم سليماني ، وحسن نصر الله تحولت سورية ، وتحول معها لبنان إلى مجال استراتيجي مفتوح للعدو الصهيوني ، أو حديقة خلفية يقضي بها هذا العدو ما يشاء وكيف يشاء !!

ومن يدري فقد يكون هذا شرط البقاء الذي وقع عليه بشار الأسد كما وقع على مثله أبوه يوم تسليم الجولان ..

في عالم السياسية لا ينفع أن نقول نشجب ونستنكر وندين ..

وفِي عالم السياسة لا يجوز أن ننسى أن هذه العدوانات ما كانت لتتم لولا موافقة الروسي الحليف الأول لبشار ...

دائما يجب أن نتذكر المعلومة الجديدة التي أتحفنا بها حسن نصر الله في مقابلته الأخيرة : أن المجرم القاتل قاسم سليماني هو الذي أقنع الروس باحتلال سورية ، ولم يستطع فعل ذلك بشار . وبناء على هذه المعلومة المهمة يجب أن تتغير الكثير من التحليلات والتأويلات ، ويجب أن نعيد الاعتبار للروسي بوصفه الحليف الأول في سورية لإيران ..

على ضوء كل هذا ، وفِي عهد هرولة بعض الأنظمة العربية للتطبيع مع من كان وصفه من قبل "العدو "، وعلى ضوء ارتفاع صورة المجرم قاسم سليماني في غزة .. تحتاج شعوب أمتنا ونخبها إلى إعادة شمولية للحساب ..

نتذكر فقط أنه في عمليات ترويض بعض الحيوانات يتغير فقط ثوب الجلاد.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 910