فشلتم فاتركوا الساحة لمن هو أقدر على إلحاق الهزيمة بالاحتلال

afsdg913.jpg 

أولا وثانيا وثالثا وحتى رابعا، وبدون كلل ولا ملل، نعود للحديث عن ردود الأفعال الفلسطينية اللفظية، أو المحدودة جدا،على الهجمة الاستيطانية، وهي في أحسن الأحوال لا تتجاوز التصريحات الهزيلة، تصريحات إن كان لها أي مفعول فهو سلبي ومسيء، يعكس العجز الفلسطيني الرسمي والفصائلي أمام الاحتلال.

تصريحات وردود لا ترتقي إلى مستوى العدوان الاستيطاني المتواصل على كل شيء فلسطيني، من البشر إلى الشجر، وحتى الحجر في الضفة والقدس، الذي شهد خاصة أواخر أيام إدارة دونالد ترامب تصاعدا غير مسبوق، لغرض القضاء على أي أمل في العودة إلى مفاوضات سياسية تفضي إلى حلول تشمل دولة فلسطينية ذات سيادة عاصمتها القدس.

لهذه الأسباب أشعر بغضب شديد وأنا أستمع إلى بعض المسؤولين الفلسطينيين وهم يكررون، بدون كل أو ملل تصريحات من قبيل «دولة الاحتلال بسياستها هذه ستقضي على أي حل لدولتين» و»النشاط الاستيطاني غير قانوني بموجب القانون الدولي».

للمرة العشرين نكرر القول، إن دولة الاحتلال وحكومة الاحتلال وجيش الاحتلال ومستوطني الاحتلال، يعملون بجهود مشتركة وخطى حثيثة لقتل أي فرصة لقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس. أعلنها بصراحة نتنياهو وعلى رؤوس الأشهاد، أنه لن يسمح بدولة فلسطينية. وكما ذكرنا من قبل فإن زعماء المستوطنين يرفضون حتى إقامة دولة، أو بالأحرى معازل فلسطينية وفقا لمعايير ومواصفات ما يسمى صفقة القرن المشؤومة، التي نأمل أن تكون قد ذهبت إلى غير رجعة، كما خرجت إدارة صاحبها من البيت الأبيض وإلى الأبد. دولة بلا سيادة وبلا قدس وبلا حدود أو فضاء، ولا مياه أو لاجئين، دولة يتحكم بمداخلها ومخارجها جيش الاحتلال.

الخطورة ليست فقط في البناء الاستيطاني، بل في آثاره المدمرة على القطاع الزراعي في الضفة الغربية، وعلى التوسع العمراني الفلسطيني، فإلى جانب مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية، ترتكب قوات الاحتلال وقطعان مستوطنيها اعتداءات على البشر، ومجازر شبه يومية بحق منازل الفلسطينيين، لاسيما في القدس، والأراضي الزراعية، خاصة حقول الزيتون التي تعتبر عماد اقتصاد الفلاح الفلسطيني، لتدمير مصادر رزقه، ناهيك من الاعتداءات اليومية على المزارعين وعوائلهم، لحملهم على ترك أراضيهم. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تجثم على أراضي محافظة نابلس شمال الضفة 13 مستوطنة، و55 بؤرة استيطانية، و24 معسكرا لجيش الاحتلال، الذي يفرض إغلاقا على 80 منطقة، ويقطع أوصال المحافظة بشبكة طرق استيطانية التفافية بطول104 كيلومترات، تسببت في تدمير ما مساحته10 آلاف و393 دونماً. ويعتبر الشارع الالتفافي الاستيطاني البديل، الذي يمتد بطول 5.7 كيلومتر، واحداً من أخطر المشاريع الاستيطانية في نابلس. وسيدمر 594 دونماً من أراضي المحافظة المزروعة بأشجار الزيتون، يضاف إلى ذلك 2820 دونماً كمناطق عازلة على جانبي الشارع يمنع المزارعين من الاقتراب منها. وما تشهده محافظة نابلس ينسحب على المحافظات الجنوبية من القدس مرورا ببيت لحم وحتى الخليل، ولن نتحدث عن منطقة الأغوار الشمالية، وغيرها من المحافظات التي تعاني من المصائب نفسها، ولا يختلف وضعها كثيرا، بهدف إقامة كانتونات ومعازل تمنع قيام دولة فلسطينية متواصلة الأطراف. وبما أن قيادات الشعب الفلسطيني من سلطة إلى كل الفصائل، لا تفعل أكثر من الكلام والتحذيرات والتهديدات غير المجدية، فلا نتوقع من دول العالم أن تكون أكثر حرصا منهم لتقول شيئا مختلفا. هذه التصريحات يصبح لا معنى لها إذا لم تقرن بأفعال على الأرض، وإلا ما معنى أن يكون عام2020 الأكثر هدوءا من الناحية الأمنية، كما تقول ذلك إحصائيات جيش الاحتلال، وهو العام الذي شهد النشاط الاستيطاني الأكبر، بإقامة 12159 وحدة سكنية، وهو عدد قياسي، مقارنة بالأعوام السابقة. وبدلا من معاقبة دولة الاحتلال، تكافئونها بتجديد التنسيق الأمني، والتعامل بالاتفاقات السابقة، التي أوقفتموها في 19 مايو الماضي، ردا على جريمة ضم الأراضي، بدون أن يتغير شيء على أرض الواقع.

وإذا لم تفعّلوا قراراتكم الكثيرة وتتخذوا التدابير الرادعة، فلن يبقي النشاط الاستيطاني من الضفة شيئا، وهي تسحب دونما تلو دونم من تحت أقدامكم، ولن تجدوا أرضا لتقفوا عليها، وستجدون أنفسكم في معازل لا وصال بينها. أوقفو ا مجددا التنسيق الأمني، أوقفوا التعامل بجميع الاتفاقات التي لا يحترمها الاحتلال، اقرنوا الأقوال بالأفعال حتى تكونوا قدوة لغيركم واحترموا شعبكم. وإذا عجزتم عن ذلك وقد ثبت عجزكم وفشلكم فاخلوا الساحة لغيركم، لمن هو أكثر جرأة منكم، ولمن هو أقدر منكم على المواجهة وعلى استغلال طاقات الشعب الفلسطيني الجبارة، القادرة على إلحاق الهزيمة بالاحتلال ومستوطنيه، فها هي الانتخابات على الأبواب، ونرجو ألا تكون مجرد إعادة توزيع الحصص ويبقى الوضع النضالي على ما هو عليه.

وسوم: العدد 913