إلى أصحاب النيّات الحسنة في " الدستورية " وفي ثلاثية " أستانا " و" سوتشي" كفى ..يكفي .. كُفْكُفان ..

وانتهت الجمعة جولة التسلية الخامسة ، التي يمارسها أقطاب اللعبة المثلثة الأضلاع فيما يسمى اللجنة الدستورية . وكما في الجولة الرابعة والثالثة والثانية والأولى يخرج علينا " اللعيبة " كما إخوة يوسف يبكون ، ويقولون لاشيء ، ويرددون : والآخر عطّل ، والآخر لم يقبل ، والآخر ما زال يماطل وأنهم سيتوجهون إلى مجلس الأمن ويتمسكون 2218 / 2013 و 2254 -2015

وكل ما يريده بشار الأسد من الاستمرار في هذه اللعبة ، هو كسب مزيد من الوقت ، في ظل " تهدئة " مبرمجة، مؤقتة ، ملغومة ؛ يحتاج إليها كثيرا لتمرير انتخابات تكرسه رئيسا للجمهورية لفترة رئاسية أخرى ...

هذا الوقت الذي يقدمه له حسنو النية ، إن وجدوا ، مستقطع من آلام السوريين ومعاناتهم ، من حاضرهم ومستقبل أجيالهم ، هو السيف الذي يقطع الطريق على سورية الجديدة ؛ بعد أن حوله بشار الأسد وكل شركائه في الدستورية في أيدي مخالفيه إلى سيف دبكة شعبية ... يحسن البهلوانات الراقصين فيها القفز والقمز وجلوس القرفصاء ...كوميديا ..أو تراجيديا .. أو دراما ؛ لا يهم .. المهم أن على هذا السيرك أن ينفض صيوانه ، وعلى كل حسني النية المشاركين فيه ، أن يتوقفوا عن التلاعب بأعين الناس وأسماعهم وقلوبهم ..

يكفي فقد كفانا من الشر والإثم ما كان ...

وعلى الطرف الآخر نقول بمثل القول الأول لحسني النية من المشاركين في ثلاثية أستانا وسوتشي ..

فقد أنجزت هذه الثلاثية من الشر والسوء للسوريين ما لا يخفى على ذي عين أو قلب .. ومنذ 2017 ، كانت هذه اللقاءات وما صدر عنها القرحة المثخنة في جنب كل الذين يؤمنون بالحق والعدل وكرامة الإنسان .. وكانت الذريعة ، وورقة التوت تلقى على عورة فما تكاد تستر منها إلا القليل ..

إن أبرز ما صدر عن هذه الثلاثية ، مع طبيعة الخلل الذي فيها ، هو ما سمي بمناطق خفض التصعيد ..وآن لمتحدث أن يحدثنا عن مصير هذه المناطق بدون لعثمة ولا لف ولا دوران ..

ثلاثية أستانا - سوتشي ، بنيت على وهن ، ومثلت شراكة " ضيزى " كيفا وكما .. كما : اثنان في مواجهة واحد ، وكيفا دولة عظمى على مستوى العالم في مواجهة الذين تعلمون ..!!

النيّات الحسنة لا أثر لها في تقويم الفعل لا في عالم السياسة ولا في عالم القضاء . وإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا وسدادا - ابن تيمية - شرطان لا ينفكان ..

سيقول قائل : والسياسة فن الممكن ، ويبقى لدينا سؤال محتاج إلى جواب هل تهذيب عملية التوحش البوتيني - الخمنئي ، لتمريرها في صورة أقل إثارة للفزع وللهول وللاستنكار لدى الناس ، هو من فعل الخير أو من فعل الشر .." لا تقتله بضربة سيف فتطيح برأسه كما يفعل متطرف وغال ، اقتله صبرا واسفك دمه قطرة فقطرة ، موّته في سجنه بالجوع والعطش ، ولتستمع بمشهد موته أطول أسعفه كل يوم بلقمة وقطرة ماء .. وبدل أن يطول الفيلم الممتع ثلاثة أو أربعة أيام ، يمكن أن يطول ثلاثين أو أربعين .. ويطول ربيع سورية الدامي بدل العام عقودا ..

هل إعطاء الذريعة للمجتمع الدولي وللمجتمع الإقليمي برسالة مفادها : اطمئنوا عن الوضع في سورية ، ونحن نكفيكم ،... ثم الانخراط في مشروع "لوحش الجميل " بوتين وخمنئي ونصر الشيطان ، هو من فعل الخير أو الشر.. ؟؟؟

ماذا سيفعل السوتشيون بعد أسبوعين حين سيلتقون ؟؟ منذ الأمس كانوا متفقين على أن يترك بشار الأسد على راحته!! وكان بيان وزارات الخارجية السوتشية عن بشار الأسد "" لا ترزموه ...لا ترزموه "" ولا بد أنكم تحفظونها جيدا ... لا ترزموه ودعوه يكمل مشروعه براحته وعلى دلاله " وتنكبر بعد بكير شو صاير .. شو صاير "

وقالوا - الثلاثة - لا ينبغي أن يُفرض على الدستورية حساب زمن . ولتتوقف كل العدادات عن العد ..," والذي عند أهله على مهلو " والسياسة فن الممكن ، ونحن نسمح " لما لا يمكن أن يكون ليكون " ثم نقول وهذا هو الممكن في اليكون ..!!!

هذا ليس عتبا ولا نقدا ولا نقضا ...إلا على السوريين وللسوريين . وعلى السوريين أن يتعلموا كيف يعيشون أيتاما !! وهذه هي خلاصة الخلاصات ... وأن تعيش يتيما لا يعني أن تحسد من له أب ، ولا أن تنقم على الآباء ، ولا أن تنتظر منهم أن يرعوك ، فكل أب أولى بنيه ، وكل فتاة بأبيها معجبة ..كن الفتى اليتيم

إذا ما راية رفعت لمجد .. تلقاها عرابة باليمين

كل الآباء في السوق يتسوقون لأبنائهم ، وهذا حقهم . واليتيم لا يدخل السوق حتى يكسب بعرقه ويجد في جيبه ما يتسوق به. اليتيم غير متعود أن يقف أمام أبيه عند الصباح ليقول " يا بو بدي ..." كفى يكفي كفكفان

يجب أن نذكر أن كل الأطراف السورية العاقلة والواعية رفضت أستانا ورفضت سوتشي ، رفضت الأصل والفرع ، ولكن الأمر لم يكن ليتوقف عند إعلان الرفض .. وأجمل ما يكون الرفض إذا أعقبه ما يقتضيه...

أكثر كلمة كانت تثير سخريتنا حين كانوا يطيرون البرقيات باسمنا ونحن فتيان ختمها بالقول : سيروا ونحن من ورائكم ...

ونحن الذين في قرآننا سورة جميلة أول كلمة فيها : براءة ... براءة من هؤلاء .. ومن أولئك .. ومن هؤلائكن ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 914