توظيف إسرائيل والتهديد المبطن بها: «تريند» عربي صاعد!

كشف رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، عيدروس الزبيدي، في تصريح متلفز لقناة «روسيا اليوم» أمس الأربعاء، عن أن لدى المجلس «نية التطبيع الكامل مع إسرائيل في حال استعادة دولة جنوب اليمن» وعن استعداد المجلس لفتح سفارة لإسرائيل في عدن، واصفا تطبيع العواصم العربية مع تل أبيب بـ«العمل المثالي» لتحقيق السلام في المنطقة.

في سياق جغرافي وسياسي عربي آخر، هدد رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، الأحد الماضي، بتشكيل حكومة طوارئ، في تجاوز للوثيقة الدستورية والأحزاب السياسية والقوى المشاركة في الحكومة، وذلك في رد فعل على تأخر تشكيل الحكومة نتيجة التنازع بين القوى السياسية، وإذا كان البعض اعتبر التهديد ضغطا للإسراع في تشكيل الحكومة، فإن آخرين رأوا فيه إعلانا بانقلاب قريب، يشابه ما حصل في ميانمار مؤخرا، وكذلك ما حصل، بأشكال أخرى في بلدان عربية وأجنبية.

على عكس تصريحات «السلام» الجنوب يمنية، فإن تهديدات «الحرب» والانقلاب السودانية، لم تذكر فيها كلمة إسرائيل، لكن حقيقة وجود الدولة العبرية حاليا ضمن معادلات السلطة في السودان لم تعد خافية على أحد، وقد باتت واضحة بعد الزيارة السرّية لوفد أمني إسرائيلي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي التي نفت الحكومة السودانية آنذاك علمها بها، ثم الزيارة العلنية لوفد أمنيّ آخر إلى الخرطوم، برئاسة وزير المخابرات الإسرائيلي إيلي كوهين في 25 كانون الثاني/يناير الماضي.

أحد النجوم الصاعدين في هذا السياق هو رئيس النظام السوري بشار الأسد، فبعد خبر اجتماع ضباط أمن إسرائيليين مع مسؤولين سوريين في قاعدة حميميم الروسية على الساحل السوري، أشار تقرير لـ«القدس العربي» ينشر اليوم عن وجود «اتصالات سرية بين النظام السوري وإسرائيل عبر قنوات متعددة» وأن الموضوع سيستخدم كورقة ضمن الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، كما حصل مع عمليات التطبيع مع الدول العربية الأخرى، ويقول مستشرق إسرائيلي حسب التقرير إن الأسد يتحدث مع الإسرائيليين «كي يثبت حكمه».

تتابع هذه الأمثلة على ما يظهر «تريندا» أو اتجاها صاعدا (بلغة الرقميات العالمية) صار علامة بارزة ضمن السياسات الداخلية العربية، تستخدم فيه إسرائيل لتحسين شروط الطبقة الحاكمة، في ظل ضغوط أمنية أو سياسية كبرى، كما تستخدم، لتهديد الخصوم الداخليين، وأحيانا الخارجيين، وتميل اللغة حسب اتجاه الاستخدام، فيتم الحديث عن السلام والأمان والازدهار الاقتصادي، حين يكون المقصود إقناع شرائح شعبية بفوائد الانفتاح على إسرائيل، أو يتم التهديد بانقلاب في الحالة السودانية، وبانفصال، في الحالة اليمنية، وبالتغلّب الوحشي والتسلّط والاستئثار في الحالات السورية والمصرية والليبية الخ.

إحدى التفريعات الجانبية لهذا «التريند» المتفاقم، هو اشتغال بعض الدول على لعب دور «الوكيل» أو «الكفيل» الحصريّ لإسرائيل، وهي وظيفة تطلق مشاعر الغيظ والحسد والتنافس مع شركاء أثبتوا جدارتهم السابقة لإسرائيل، والمستجد في هذا السياق هو الدور الذي تلعبه أبو ظبي، والذي تظهر آثاره الواضحة في تصريحات المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني، وفي تصريحات وأفعال سابقة للجنرال الانقلابي الليبي خليفة حفتر وغيرهم.

تؤمن هذه العلاقة الوكالية، العمل باتجاهين، الأول هو ترويج التطبيع مع إسرائيل لدى أطراف جديدة، والثاني هو تمتين جبهة الطغيان العربي، بما في ذلك الترويج لأنظمة غارقة لعنقها في دماء شعوبها، كما هو الحال مع النظام السوري، فحسب التقرير المنشور، فإن تطبيع الأسد مع إسرائيل، سيفتح له باب العودة إلى «الجامعة العربية» وهو ما يعني أن إسرائيل، ووكيلها، هما «عضو الشرف» المقرر في الجامعة العربية، وليس فقط عصا التهديد والترهيب ودعم الاستبداد!

وسوم: العدد 915