تحية لنائبة الكونغرس بيتي ماكولوم

يوم الخميس الماضي، في الخامس عشر من هذا الشهر، تقدمت رسمياً عضوة مجلس النواب في الكونغرس الأمريكي، النائبة عن ولاية مينيسوتا، بيتي ماكولوم، بمشروع قانون حمل رقم 2407 وعنوانه المختصر «دفاعاً عن حقوق الإنسان الخاصة بالأطفال الفلسطينيين وعائلاتهم الذين يعيشون تحت تشريع الاحتلال العسكري الإسرائيلي». أما عنوان المشروع الكامل فهو «مشروع قانون لتأييد وحماية حقوق الإنسان الخاصة بالفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي والتأكد من أن أموال دافعي الضرائب في الولايات المتحدة لا تُستخدم من قِبَل حكومة إسرائيل من أجل دعم الاعتقال العسكري لأطفال فلسطينيين، والاستيلاء على ممتلكات فلسطينية وتملّكها وتدميرها بصورة غير قانونية، والنقل القسري لمدنيين في الضفة الغربية، والتمادي في ضمّ أراضٍ فلسطينية بمخالفة القانون الدولي».

وقد احتوى مشروع القانون على 19 صفحة، تضمنت قائمة بانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، مع التأكيد على أن هذه الممارسات «مخالفة لقيَم الشعب الأمريكي وجهود الولايات المتحدة لدعم تقرير المصير وحقوق الإنسان والكرامة للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، وتُحبط جهود الولايات المتحدة لتحقيق سلام عادل ودائم بين إسرائيل والفلسطينيين». أما أخطر ما جاء في مشروع القانون فهو حظره على حكومة إسرائيل استخدام أي شكل من أشكال التمويل والمساعدات الرسمية التي تتلقاها من الولايات المتحدة لأي من الأغراض التالية:

«(1) دعم الاعتقال العسكري لأطفال فلسطينيين، أو استجوابهم، أو إذلالهم، أو سوء معاملتهم بخلاف القانون الدولي، أو دعم أي من الممارسات التالية إزاء أطفال فلسطينيين:

(أ) التعذيب، أو المعاملة الوحشية، أو غير الإنسانية، أو المذلّة. (ب) العنف الجسدي، بما فيه الحصر في وضعيات مرهِقة. (ج) تغطية الرأس، أو الحرمان من الحواس، أو التهديد بالقتل، أو أشكال أخرى من الإذلال النفسي. (د) الاعتقال مع الحرمان من الاتصال، أو الحبس الانفرادي. (ه) الاعتقال الإداري، أو السجن بلا اتهام قضائي أو محاكمة… (و) الاعتقال التعسفي. (ز) الحرمان من الاتصال بالأهل أو بوكيل قانوني أثناء الاستجواب. (ح) اعترافات تم الحصول عليها بواسطة القوة أو الإكراه. (2) دعم الاستيلاء على ممتلكات فلسطينية، أو تملّكها، أو تدميرها والنقل القسري لمدنيين بخلاف القانون الدولي الإنساني في الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل وتحتلها».

حملة مقاطعة إسرائيل، التي لا يتوهّم أحد بأنها ستقود بذاتها إلى تحصيل كافة حقوق الشعب الفلسطيني، لكنّها تشكّل وسيلة أساسية في حملة توعية شاملة

وقد انضم إلى تبنّي مشروع القانون الذي تقدمت به بيتي ماكولوم، النائبات والنواب الستة المنتمين إلى يسار الحزب الديمقراطي والمعروفين باسم «الفريق» (The Squad). كان هذا «الفريق» مؤلفاً من أربع نائبات في المجلس النيابي السابق، وهنّ ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز عن ولاية يويورك، وإلهان عمر عن ولاية مينيسوتا، وأيانا بريسلي عن ولاية ماساتشوستس، ورشيدة طليب عن ولاية ميشيغان. وقد التحق بهنّ بعد الانتخابات الأخيرة عضوان من السود الأمريكيين، النائبة كوري بوش عن ولاية ميسوري والنائب جمال بومان عن ولاية نيويورك. كما تبنّى مشروع القانون سبعة نواب آخرين، هم بوبي راش وداني دايفيس وماري نيومان وخِسوس غارسيا عن ولاية إلينوي، وأندري كارسون عن ولاية إنديانا ومارك بوكان عن ولاية ويسكنسن ورؤول غريخلفا عن ولاية أريزونا.

نحيي النائبة الشجاعة بيتي ماكولوم والنواب الثلاثة عشر الذين ضمّوا أصواتهم إلى صوتها في إدانة الممارسات الصهيونية في الضفة الغربية. ومع أننا نعلم، كما يعلمون هم، علماً يقيناً أن حظ المشروع بأن يحصل على أغلبية في الكونغرس الأمريكي معدومٌ تماماً، وقد أسرع إلى انتقاده ورفضه الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه، فإنه لعمل رمزي بالغ الأهمية إذ يسلّط الأضواء على التعسّف الإسرائيلي والدعم الأمريكي الذي ينعم به هذا التعسّف، ويشكّل محطة بارزة في تطوير التضامن مع شعب فلسطين في الولايات المتحدة، الدولة المسؤولة عن كافة ممارسات الدولة الصهيونية التي ترعاها وتدلّعها.

والأمر نفسه يمكن قوله عن حملة مقاطعة إسرائيل، التي لا يتوهّم أحد بأنها ستقود بذاتها إلى تحصيل كافة حقوق الشعب الفلسطيني، لكنّها تشكّل وسيلة أساسية في حملة توعية شاملة، يجوز الأمل بأن تفلح يوماً بإيصال كتلة تقدمية ومناصرة للحق إلى الكونغرس الأمريكي تؤثر على موازين القوى بحيث تضطرّ الحكم الأمريكي بشتى مؤسساته إلى تغيير موقفه.

والحال أن الحدث الذي نحن هنا في صدده يمثّل إنجازاً كبيراً لحملة التضامن الأمريكية مع شعب فلسطين، وهو ما أثار قلق وسخط الصهاينة الذي شنّوا على النائبة ماكولوم وحليفاتها وحلفائها هجوماً مسعوراً شمل اللوبي المؤيد لإسرائيل، أيباك (لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية) وغيره من الأبواق الصهيونية التي جهدت لتحاول نفي وصف الممارسات الإسرائيلية الذي تضمنه مشروع القانون مستنداً إلى تقارير أبرز منظمات حقوق الإنسان الدولية. وقد لجأ بعض الصهاينة إلى «نظرية المؤامرة» على غرار كافة جماعات نصرة الاضطهاد التي لا تحوز على حجج، فتسعى وراء التشهير بأخصامها بأوصاف بوليسية. وقد وصلت الأمور في هذه الحالة إلى اتهام أحد المواقع الصهيونية للنائبة ماكولوم ومن تبنّى مشروعها بأن «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» تحركّهم من وراء الستار!

تحية للنائبة ماكولوم والنائبات والنواب الذين تكافلوا معها في هذا الموقف المشرّف، والعار، كل العار، على الحكومات العربية التي تعاكس التطور العالمي لحملة التضامن مع شعب فلسطين ومقاطعة إسرائيل بقيامها في هذا الوقت بالذات بـ«تطبيع» علاقاتها بالدولة الصهيونية.

وسوم: العدد 925