لا تحرير للقدس وفلسطين قبل تحرير سورية

تمر القضية الفلسطينية بمنعطف خطير بعد استسلام كثير من الدول العربية للطغيان الأمريكي، وهرولة بعض الدول العربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وهذا جعل حركة حماس في وضع صعب ليس معها إلا الله، ثم تأييد الشعوب العربية والإسلامية، لكن على المستوى الإقليمي برزت إيران بتصريحات عنترية، تعمدت بها اختراق جدار خوف الأنظمة العربية كي تتميز في الموقف العلني أمام الجماهير، ومن هنا نشأت علاقة بين إيران الفارسية الرافضية وحماس الإسلامية السنّية السلفية العربية، وقبل الدخول في تفاصيل المقال أتوقف عند نقطتين:

1- إيران دولة رافضية ينص دستورها في المادة 12 على أن دينها هو المذهب الجعفري الاثني عشر الرافضي، وتأكيداً على ذلك نص الدستور في المادة الخامسة على ولاية الفقيه الذي يتولى قيادة الروافض في غيبة إمامهم الاثني عشر (العسكري)، وولاء كل الروافض في العالم له واجب مقدس بحسب عقيدتهم الضالة، وعلى أرض الواقع تعمل إيران على نشر الفكر الرافضي الضال بكل الطرق خاصة منذ عام 1979 وزرع الخميني في طهران، وتعداد الشعب الإيراني ما يقرب من 80 مليون نسمة.

2- حماس حركة إسلامية سنّية جهادية تقاوم اليهود الصهاينة المحتلين لفلسطين، وتأسست عام 1987 وعمرها الحركي والسياسي والجهادي 34 عام فقط، وتقود قطاع غزة منذ عام 2007 ومساحته نحو 265 كم مربع، وبه نحو مليوني نسمة.

ونظرًا لأهمية الأقصى عند المسلمين تطلعت إيران لفلسطين لاستثارة عواطف المسلمين، ونظراً لتعقد الوضع الفلسطيني تطلعت حماس لإيران، وأثمرت التطلعات عن علاقة تطورت بشكل غريب، وقد ظن قادة حماس أنهم دهاة سياسة، ولكن أين يذهبون مع شياطين المكر والتقيّة والخداع، وقد تكاثرت الأخبار عن العلاقة الغريبة والغير شرعية لحماس مع وإيران، ومن مدح بعض قادة حماس لقادة الروافض، وتغاضي حماس عن مذابح الروافض للمسلمين السنّة، مما جعلها تلاقي الاستهجان والقدح والذم، في حين آثر البعض من محبي حماس (وأنا منهم) على غض الطرف لعدة اعتبارات:

أولاً - حماس من أفضل حركات الجهاد والمقاومة التي قَدمت الكثير من التضحيات من أجل فلسطين ومازالت تـُقدم.

ثانياً- أن المؤامرات التي تَستهدف حماس كثيرة بسبب إسلامها وصمودها في المقاومة فكان واجباً أن تكون الأولوية في كتاباتي لدعم حماس.

ثالثاً- أن الدماء الطاهرة التي تسيل من أبناء حماس والفلسطينيين جعلت من الأولى الدفاع عنها ودعم صمود أهلنا وإخواننا في فلسطين.

وكانت حجة المستهجنين أن الكيل قد طفح، بسبب العلاقة الغريبة وغير الشرعية بين حماس المجاهدة السنّية وإيران الرافضية قاتلة المسلمين السنة، وفي خضم المدح والثناء والانبهار بما قامت به حماس مؤخراً في معركة (سيف القدس)، من تلقين الصهاينة درساً قاسياً عرّى تمسكها وقوتها أمام العالم، وفضح حقيقة جيشها الذي لا يقهر، واستهجان البعض ومحاولة التقليل مما فعلته حماس، وسكوتها عما ارتكبته إيران الرافضية من مذابح ومجازر بحق المسلمين السنة في إيران والأحواز والعراق وسورية ولبنان واليمن، إضافة إلى سعيها لتكوين إمبراطورية صفوية فارسية ممتدة إلى المنطقة العربية السنّية، وزاد في الطين بلة المديح الذي كاله العديد من قادة حماس لإيران المارقة، التي لم تكتف بذبح المسلمين السنة، بل جرّت إلى فعل ذلك روسيا بكل ما تملك من قوة مدمرة غاشمة، لتفعل في سورية الأفاعيل من مجازر ومذابح ودمار وخراب امتد لنحو ست سنوات ولا يزال، إضافة إلى ما حشدت من نحو ثمانين ميليشيا رافضية، جيشتهم من عشرات من دول العالم وزجت بهم في سورية لذبح السوريين السنة وتهجيرهم من مدنهم وبلداتهم وقراهم.

ومن متابعتي لأخبار العلاقة بين حماس وإيران كان مما استفزنى كما استفز كل مسلم الصور التي جمعت بعض قادة حماس وقادة إيران وتصريحاتهم المجاملة للايرانيين الروافض، وحضورهم الاحتفالات البدعية المسماة عاشوراء، ولا أظن مطلقاً أن هؤلاء القادة من حماس يقبلون بسهولة أن يقوم رمز عربي ُسني بزيارة اليهود الصهاينة والتصوير معهم وحضور احتفالاتهم في ظل مذابح الصهاينة للفلسطينيين.

وهناك ثلاثة أمور على حماس أن تنتبه إليها:

الأولى- أن حماس تدرك أن الدول العربية كلها ضعيفة وخاضعة للقرار الأمريكي، لذلك هي ترى باجتهاد خاطئ أن إيران هي الدولة القوية التي تقول لا لأمريكا، والحقيقة أن إيران أيضا تقول نعم لأمريكا، ولكن سرًا في الغرف المغلقة، ثم الواقع يفضحها أمام كل ذي عينين، ويشهد بذلك في مساعدة إيران لأمريكا في احتلال العراق وأفغانستان.

ثانياً- الدعم المادي الذي تقدمه إيران لحماس وللفلسطينيين هو أقل بكثير مما تحصل عليه من الشعوب العربية بطرق كثيرة، ومع ذلك تقدم حماس إيران في علاقتها، وإيران تستغل ذلك في الظهور بشكل المدافع عن الأقصى والداعم الوحيد للفلسطينيين أمام الشعوب العربية والإسلامية.

ثالثاً- السياسة وفن الممكن أو بتعبير أدق فن المصلحة، ففي ظل خذلان العرب المنبطحين لأمريكا لحماس، اندفعت حماس إلى تقوية علاقتها بإيران ظناً من حماس أنها تناور وتلعب سياسة بعلاقتها بإيران، لكن واضح للجميع أن اللعب على المكشوف وإيران هي الرابحة من علاقة حماس بها. هذه النقاط الثلاث كانت سبباً في اختطاف إيران للقضية الفلسطينية، وارتفاع صوتها بعنتريات حول القدس وتحرير القدس ولعن أمريكا واليهود، وتزامن ذلك في وقت تلاشت فيه أصوات الدول العربية المنبطحة والمنتسبة للسنّة في الهجوم على أمريكا والصهاينة، لذلك كان الطريق سهلاً لاختراق الروافض لفلسطين المسلمة السنية.

أخيراً أتمنى على الإخوة الذين انبروا لشحذ السكين لذبح حماس أن يلتفتوا إلى قضيتنا السورية، التي هي برأي تتقدم على القضية الفلسطينية، وأن لا تحرير للقدس وفلسطين لطالما سورية تخضع لسيطرة نمرود الشام بشار الأسد، ولمجرم الحرب بوتين، ولمجرم الحرب خامنئي، ولمجرم الحرب حسن نصر اللات، فلا تحرير للقدس وفلسطين قبل تحرير سورية، وأمام الجميع مشوار طويل لتحرير سورية، فدعوا الخلق للخالق، واسعوا في مناكب قضيتنا فهي الأولى والأهم والأحق، وتحرير القدس وفلسطين هي تحصيل حاصل إذا ما تحررت سورية!

المصدر

*طريق الإسلام-6/10/2008

*عنب بلدي-27/12/2020  

*الميادين- 29/12/2020

وسوم: العدد 931