اللعب بالرأي العام الفلسطيني

حادثة مقتل الناشط السياسي (نزار بنات) حادثة تحدث في كثير من دول العالم وخاصة العالم الثالث واغلب دول العالم العربي حيث يقتل المعارضين بطرق مختلفة وهناك يعتقل الكثيرين  ويودعوا  في سجون سرية وينساهم الزمان ولا يعترف احد بوجودهم ولا تعلم اي هيئة دولية او منظمات حقوقية بمكان وجودهم ومن يخبر عن وجودهم يكون قد ارتكب جريمة ضد الدولة . ليس دفاعا عن اجهزة الامن التي اعتقلت نزار فان ماحدث لم يكن مبرر او مقبول مهما كان هناك من تمادي واساءة معارضة الحكم والتطاول علي حقائق وثوابت وطنية  لا يبرر اي تجاوزات قانونية ويجب تقديم مرتكبيها للعدالة  .المسألة التي اتحدث فيها ليست جريمة قتل (نزار) وانما كيف استخدمت هذه القضية سياسيا لتاليب الرأي العام وتحشيدة ضد النظام السياسي الفلسطيني واثارة القلاقل والفوضي في كافة مناطق الوجود المركزي للسلطة اي في رام الله بل والاعتداء علي اجهزة الامن واتهامها بالخيانة والعمالة والعمل لصالح اسرائيل فقط وان هذه الاجهزة ما هي الا ادوات احتلال اوجدها الاحتلال لخدمتة...!! . سمعنا كلام كثير ومهاترات كثيرة وراينا وشاهدنا فيديوهات كثيرة تم تركيبها وانتاجها بعناية معظمها  يحمل اهداف تحريضية  لضرب الصف الوطني وافشال اي محاولة لحوار وطني جديد وتوسيع المسافة بين الفلسطينين لصالح اطراف تسعي لقيادة الشعب الفلسطيني ليس بسلطة افضل ولا نظام دولة يحترم حقوق الانسان اكثر وانما بذات النماذج واكثر قمعا واقل سيادة علي الارض , ادركنا حجم ( الحكاية ) لا اريد ان اتحدث بشيء غير هذا المصطلح وعرفنا حجم الاستهداف المخطط لاستغلال اي حادثة او اي واقعة لرجم السلطة الفلسطينية واجهزتها المختلفة بالشعب عبر تحريك الشارع في محاولة للعب بالراي العام  وتوجيهه حسب المصالح الحزبية الخالصة والاجندات الخاصة  .

الاحداث التي تفجرت في الضفة الغربية علي خلفية مقتل الناشط ( نزار بنات ) اوضحت ان هناك لعب بالراي العام الفلسطيني  للتحريض ليس لاحقاق الحق والدفاع عن حقوق الانسان وانما للاساءة للقيادة الفلسطينية واتهام السلطة بالعمالة وتأليب الراي العام علي الاجهزة الامنية هناك ولعلنا منذ الوهلة الاولي قلنا ان هذا استخدام سياسي سيئ للقضية  لحرف البوصلة دون الاكتراث بان هذا سيؤثر علي مسار الحوار الوطني  بين الفصائل الفلسطينية ويباعد بين اتفاقهم  علي برنامج واحد ويجعل الشراكة الوطنية في الحكم امر مستحيل وبالتالي يطيل عمرالانقسام ويجعل من استمرارة امر حتمي   . اليوم نقول انه من السهل توجيه الراي العام وتفجير ازمة لكن من الصعب الاستمرار باقناع الراي العام ومن الصعب الحفاظ علي ذات الموجة من التحريض وخاصة ان الكثيرين يفكروا بعد الاندفاع الاول من المواجهة انهم اصبحوا ادوات بايدي الغير  . توجيه الراي العام لاي قضية يعتبر مقبولا دون اثارة القلاقل وضرب الامن والسلام المجتمعي والحفاظ علي لغة وطنية يفهمها الجميع  وتحقيق مطالب شعبية لكن العكس هو الذي حدث , وهذا امر من اخطر ما نتعرض له اليوم في الارض الفلسطينية لان هذا في النهاية يصب في مجاري الاحتلال ويخدم اجنداته . فبالرغم من الهجمة الشرسة علي المقدسيين في الشيخ جراح وحي البستان وهدم البيوت والتهديد باقتلاع المئات من ابناء الشعب الفلسطيني وهدم بيوتهم  ونري اللعب بالراي العام يحول المواجهة مع الاحتلال الي  فلسطينية فلسطينية وتتاثر الحركة النضالية والاسناد الشعبي لما يجري في القدس وجبل صبيح كادت ان تصاب في مقتل .

لا يحق لاي كان العبث بالراي العام وتوظيفة لصالح برنامج سياسي حزبي ,ولا يحق لاي كان ان يوظف بعض الاحداث لصالح برامج مدفوعة الثمن من قوي خارجية  لاننا نعيش اليوم سويا في هذا الوطن ونعرف كل شيء عن بعضنا البعض ,ولا يحق لاحد التقوي علي الاخر بالمال الخارجي  لاننا عادة ما نشتم رائحة نتنية لاي مال غير وطني . اننا نحتاج الي التقوي ببعض ورص الصفوف والتخلي عن الذات لاجل الوطن والتخلي عن البرنامج الخاص لصالح البرنامج التحرري واستكمال المشروع الوطني والفلسطيني اليوم بحاجة لجهد الفلسطيني لنصنع استراتيجية نضالية حقيقية تجبر الاحتلال علي الرحيل لا ان تتعدد الاستراتيجيات وكل استراتيجية لها اصحابها واصحابها يجمعوا لاستراتيجيتهم الكثير من المصفقين والطبالين والعرابين .ان الكل الفلسطيني اليوم  في حاجة الي  كافة  العقول والجهود والسواعد والبنادق والمقدرات وفي حاجة لان تنخرط كافة الاستراتيجيات في استراتيجية واحدة تبني علي اسس كفاحية طويلة الامد واساليب مقاومة تنهك المحتل وحصار مستوطناته  , استراتيجية تحرر  وشراكة حقيقية في الجهد المقاوم علي كافة الجبهات  ,ولعل اهم اشكال الشراكة تنحصر في شراكة لتحقيق المشروع الوطني والتحرر من الاحتلال وشراكة حكم رشيد لتقديم الافضل للمواطن الصابر الذي يحتاج الي تعزيز ودعم ليصمد في وجه اي متغيرات داخلية وخارجية تهدد كينونته السياسية  وبالتالي يحيدها عن اعاقة الطريق امام المسيرة الوطنية باتجاه تحقيق المشروع الوطني واقامة الدولة بسواعد الرجال . لعل اهم عوامل قوة الصف الوطني اليوم هي العمل سويا علي  صيانة حقوق المواطن  دون عبث ودون انتهاك ونشر مبادئ العدل والمساواة بين الناس  دون تمييز بسبب الانتماء السياسي بما يضمن تحريم الاعتقال السياسي واعتباره جريمة وطنية  و وقف كل تجاوزات من اي اجهزة او قوي  بحق اي مواطن لان الدستور الفلسطيني حفظ كينونة الانسان وحقه وعدم الاعتداء عليه وان كان مذنبا يقدم الي محكمة عادلة  وعلنية  معترف بشرعيتها .

وسوم: العدد 935