أخطاء أخ سيّدنا الأمير عبد القادر في حقّ الجزائر

مقدّمة القارىء المتتبّع:

قرأت كتاب: "سيرة الأمير عبد القادر، تأليف أخيه الأمير بن أحمد بن محي الدين الحسني الجزائري[1]"، وعرضته عبر مقال[2] لمن أراد الزيادة. لكن نقاطا ظلّت عالقة وذكرها الكاتب، ومنها:

أوّلا:   سعي الخائن المجرم محمّد علي لاحتلال الجزائر     

قال: لم تكن في نية الاستدمار الفرنسي  احتلال الجزائر، ولذلك طلب من محمّد علي احتلال الجزائر. وفي الأخير أعرض محمّد علي عن احتلال الجزائر.

أقول: يفهم من حديث أخ سيّدنا الأمير عبد القادر أنّ فرنسا المجرمة لم تكن تخطّط لاحتلال الجزائر. وهذا يتنافى وسعي فرنسا المجرمة لاحتلال الجزائر عبر عدّة محاولات فاشلة من قبل سنة 1830.      

أضيف: طلبت فرنسا المجرمة من الخائن المجرم محمّد علي احتلال الجزائر ليس لأنّها "لم يكن في نيتها احتلال الجزائر"، بل لكي لاتظهر أمام العالم أنّها تحتلّ دولة عربية من طرف الصليبية فرنسا، وأنّ احتلال الجزائر من طرف الخائن المجرم محمّد علي سيظهر على أنّه أخ عربي ومسلم مع جزائريين عرب ومسلم، بالإضافة إلى أنّ احتلال الجزائر من طرف مصر غير مكلّف، وآمن باعتبار تونس تقدّم له الدعم، والرّاحة، والمرورالآمن، وفي الأخير تتدخل فرنسا المجرمة فيما بعد عبر سفنها البحرية لاحتلال الجزائر.

وقد ذكرت ذلك في مقال مفصّل لمن أراد الزيادة[3] وأنا أنهي قراءة كتاب[4] "مشروع حملة محمّد علي الجزائر 1829-1830".

ثانيا: احتلال الجزائر عبر سيدي فرج كان مبرمجا من قبل سنة 1830 وبسنوات: قال: بالصدفة وبعد تعرّض سفن البحرية الفرنسية المحتلّة للأمواج العاتية، لجأت لسيدي فرج كملاذ أخير وحماية لها، وعاودت على إثرها احتلال الجزائر، وهي التي لم تكن تنوي احتلال الجزائر.

أقول: يفهم من حديثه أنّ فرنسا المجرمة لجأت بالصدفة إلى سيدي فرج، وألجأتها الأمواج العاتية إلى سيدي فرج، وكانت في نيتها العودة النهائية إلى فرنسا، والكفّ عن محاولة احتلال الجزائر.

أضيف: والصواب أنّ احتلال فرنسا للجزائر عبر سيدي فرج كان مبرمجا منذ سنوات، وقبل سنة 1830. والقارئ لكتاب وليام شارل[5] يدرك ذلك جيّدا، فقد كتب كتابه عن الجزائر، وقدّمه هدية لفرنسا، وترجمته فرنسا سرّا، وطبّقت نصائحه بالحرف.

والكتاب يصف بدقّة بالغة نقاط ضعف الجزار، والمتمثّلة خاصّة في سيدي فرج، وأوصى قنصل الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر فرنسا باستغلال نقطة ضعف سيدي فرج إذا أرادت فرنسا احتلال الجزائر، وهو ماحدث بالحرف، وكما جاء في الكتاب.

ثالثا: التدريبات العسكرية الفرنسية البحرية لاحتلال الجزائر     

قال: حين احتلّت فرنسا المجرمة الجزائر تراجعت على إثر المقاومة التي تلقتها، وغادرت شواطىء الجزائر بصفة نهائية عائدة إلى فرنسا.  

أقول: جاء في كتاب "غزو الجزائر[6]": أنّ فرنسا ظلّت تعدّ العدّة لاحتلال الجزائر، وأقامت مناورات عسكرية للتدرب على إنزال الجيش الفرنسي المحتلّ على الشواطئ، تمهيدا لإنزال سفنها وجنودها على شواطئ الجزائر. وضمّ الجيش الفرنسي المجرم عدد ضخم من الجنود، وأعداد هائلة من الجنرالات، وكبار الضباط، والعتاد بأنواعه، والخيول، والمؤونة التي يحتاجها الجيش أيّام الحصار المضروب على شواطئ الجزائر، ومستشفى متنقل، وكلّ مالايخطر على البال. مايؤكّد أنّ فرنسا كانت تعدّ العدّة لاحتلال الجزائر، وبقوّة عسكرية لاقبل للجزائر بها. وقد تطرّقنا للكتاب عبر مقال[7] لمن أراد الزّيادة.

رابعا: محاولات احتلال الجزائر قبل سنة 1830:

أضيف: جاء في كتاب: "الزّهرة النّائرة فيما جرى في الجزائر حين أغارت عليها جنود الكفرة[8]"، أنّ الجزائرتعرّضت لتسع محاولات قصد احتلالها. مايدلّ  أن احتلال الجزائر لم يكن صدفة وإنّما كان مخطّط له من قبل ومنذ عقود، وقرون.

خاتمة:

احتلال فرنسا للجزائر كان مبرمجا من قبل وبسنوات، واختيار سيدي فرج كنقطة ضعف لاحتلال الجزائر كان مخطّط له من قبل، وإنزال القوات البحرية الفرنسية المحتلّة عبر شواطىء الجزائر كان معدّا له من قبل وعبر تدريبات إنزال ضخمة جدّا.

وأخطأ أخ سيّدنا الأمير عبد القادر فيما ذهب إليه، وحسب ماذهب إليه القارىء المتتبّع.

 

[1] الكتاب: "سيرة الأمير عبد القادر، تأليف أخيه الأمير بن أحمد بن محي الدين الحسني الجزائري، مستخرج من مخطوط كتاب: تعطير الشام في محاسن تعطير دمشق الشام للشيخ جمال الدين القاسمي"، مؤسّسة الأمير عبد القادر الجزائري، 14442هـ-2020، من 194 صفحة. 

[2] للزيادة، راجع من فضلك مقالنا بعنوان: سيّدنا الأمير عبد القادر كما يراه أحمد بن محي الدين - معمر حبار.

وبتاريخ: السبت 30 شوال 1444 هـ، الموافق لـ 20 ماي 2023.

[3] للزيادة، راجع من فضلك مقالنا بعنوان: سعي الخائن المجرم محمّد علي لاحتلال الجزائر – معمر حبار

وبتاريخ: الخميس 28  شعبان 1443 هـ، الموافق لـ: 31 مارس 2022

[4] الكتاب: "مشروع حملة محمّد علي الجزائر 1829-1830"، جورج داون، ترجمة عثمان مصطفى عثمان، مراجعة عبد الرؤوف أحمد عمرو، الطبعة الأولى: 2010، وثائق وزارة الخارجية الفرنسية، المركز القومي للترجمة، القاهرة، مصر، من 476 صفحة.

[5] كتاب: "وليام شارل، قنصل الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر 1816-1824"، تعريب، وتعليق، وتقديم الأستاذ: إسماعيل العربي، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, 1982، من 350 صفحة.

[6] "غزو الجزائر" لـ: أ.م.بيرو، ترجمة: الأستاذة: ليلى بن عرعار، دار التنوير، الجزائر، الطبعة الأولى، 2014 من 157 صفحة.

[7] للزيادة راجع من فضلك مقالنا بعنوان:  غزو الجزائر - معمر حبار

وبتاريخ: الجمعة 20 جمادى الثانية 1441 هـ - الموافق لـ 14 فيفري 2020

[8]  "الزّهرة النّائرة فيما جرى في الجزائر حين أغارت عليها جنود الكفرة"، تحقيق خير الدين سعيدي الجزائري، دار أوراق ثقافية، جيجل، الجزائر، السداسي الأول 2017، من 174 صفحة.

وسوم: العدد 1036