ما حكم المصريين على 10 سنوات من حكم السيسي؟

بعد مظاهرات مفاجئة تطالب برحيله عام 2019، دافع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن إنجازات حكمه ورد على الانتقادات لمشاريع الإنفاق الهائلة التي تنفذها، بعد أن واجه بعض النقد لقضية إنشاء قصور رئاسية قائلا إن تلك القصور ليست باسمه بل باسم مصر وأنه «يعمل دولة جديدة».

السيسي هو الحاكم العسكري الرابع منذ ثورة 1952 بعد القائد العربي الأكثر شهرة في العصر الحديث، جمال عبد الناصر، الذي كان عهده مشروعا نهضويا واستقلاليا عربيا كبيرا لكنه مُني بهزائم كبيرة كان على رأسها نكسة حزيران عام 1967، وخليفته محمد أنور السادات، الذي ترك إرثا تاريخيا عبر خوضه حرب تشرين/أكتوبر 1973 ضد إسرائيل ثم اتفاقية السلام معها عام 1978 التي كانت أحد عوامل اغتياله عام 1981، ثم حسني مبارك الذي انتهى حكمه بثورة شعبية فتحت الطريق لأول حكم مدنيّ، تولاه الرئيس محمد مرسي، لكنها فتحت الطريق أيضا لعودة مباشرة للجيش، وقائده السيسي، إثر مظاهرات أعطت المبرر له للانقضاض على السلطة في 3 تموز/يوليو 2013، وبدء مرحلة فاصلة بدأت عمليا نهاية الحراك الشعبيّ الكبير للتغيير السياسي.

لابد أن سير الحكام السالفين كانت في ذهن السيسي حين اندفع لتجديد البنية التحتية للبلاد والتي تضمنت بناء عاصمة إدارية جديدة كلفت 58 مليار دولار، وعشرات من شبكات السكك الحديدية بكلفة قاربت 23 مليار دولار، وفتح تفريعة موازية لقناة السويس بتكلفة 14 مليار دولار، وضمنها مشروع القطار السريع من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر، وهي مشاريع تعبّر فعلا عن طموحات كبيرة ببناء «جمهورية جديدة» ينافس بها السيسي حكام مصر السابقين.

في المقابل فقد تضاعفت ديون مصر الخارجية، وارتفع الدين العام من 80٪ من الناتج الإجمالي إلى 93٪ هذا العام، وفقد الجنيه قرابة خمس قيمته وزادت معدلات التضخم وتزعزعت الثقة بالاقتصاد المصري فسحب المستثمرون الأجانب ما يقارب 20 مليار دولار، وتراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي من 44 مليار دولار إلى 35 مليارا، بحيث أخّرت الحكومة دفع ثمن القمح الشهر الماضي، وأدى كل ذلك إلى تزايد مستويات الفقر بحيث طال، حسب المعدلات العالمية، نصف الشعب المصري.

لا تقتصر المصاعب الاقتصادية على الطبقات الشعبية فأصحاب الشركات والأعمال يتذمرون بشكل واضح من المنافسة غير العادلة مع شركات الجيش التي تسيطر على الاقتصاد وتتحصل على امتيازات وإعفاءات لا قبل للقطاع الخاص بمنافستها، ولم تتحقق وعود السيسي للدول المانحة بخصخصة 32 شركة تابعة للجيش.

دعمت بعض دول الخليج العربي صعود السيسي وتعزيز سيطرته على البلاد بتقديم حوالي 100 مليار دولار على شكل منح ووقود رخيص وقروض لكن هذا الدعم تراجع بشكل كبير وتحوّل إلى مطالبة بمقايضة الديون الكبيرة بأصول اقتصادية مهمة.

على المستوى السياسي فقد بدأ السيسي حكمه بمطاردة عناصر جماعة «الإخوان المسلمين» وبمجزرة رابعة الشهيرة التي قتل فيها المئات، ثم امتدت الحملة لتشمل الصحافيين فقتل ما لا يقل عن ستة منهم، واعتقل العشرات وتم حجب مئات المواقع، ثم شملت وسائل الإعلام الأجنبية والعربية، كما شملت ناشطين سلميين ومدافعين عن حقوق الإنسان ومحامين وأساتذة جامعات، وهناك حاليا أكثر من 60 ألف سجين رأي وسجين سياسي في مصر.

بعد عمليات بيع الأصول العديدة، وأزمة جزيرة الوراق، وجزيرتي تيران وصنافير، هناك حديث يدور حاليا عن إمكانية تأجير الدولة المصرية لقناة السويس أيضا، وهو أمر يعيد تذكير المصريين، حسب تقرير حديث عن مصر لمجلة «إيكونوميست» بالخديوي إسماعيل الذي أدت مشروعاته إلى إفلاس مصر، فاضطر إلى بيع قصوره، ثم خسر حصته في قناة السويس، وخسرت مصر في النهاية سيادتها بالكامل.

وسوم: العدد 1040