وزير الكهرباء يشاطر المصريين الأحزان: عاد الكابوس وما عادت لميس!

هل تذكرون أيام حكم الإخوان، وكيف كان التيار الكهربائي دائم الانقطاع؟ يا لها من ذكرى أليمة!

تقوم دعاية الأبواق الإعلامية للمرحلة الحالية بتذكير المشاهدين بهذه الأزمة، كلما اشتد الخناق على الشعب المصري من جراء فشل سياسات أهل الحكم الآن، لدرجة أن مسلسل «الاختيار 3»، قام في جانب منه على التذكير بهذه الأزمة، التي عاشها المصريون، وكيف أنها تحولت إلى ذكرى في العهد الحالي، وفي أكثر من حلقة من المسلسل التلفزيوني كانت الإشارة للأزمة، وقد عرضت إحدى الحلقات لاجتماع للحكومة حضره عبد الفتاح السيسي، بصفته وزير الدفاع، ورفض اقتراح وزراء الإخوان خداع الشعب، وطالب بإعلان الحقيقة كاملة له، وفي الحلقة الرابعة كان التأكيد على أن الحكم الإخواني عجز عن حل أزمة الكهرباء!

في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، وفي برنامجها على قناة «أون»، أعادت لميس الحديدي التذكير بمرحلة انقطاع الكهرباء في عهد مرسي، وقالت كنا نعيش في كابوس، بسبب انقطاع الكهرباء، وكان التذكير بمناسبة افتتاح السيسي لمحطة للطاقة الشمسية، وصفتها لميس بأنها الرابعة عالمياً، والأولى أفريقيا. ولم تنس أن تشير إلى أن أحداً لم يكن يتخيل أو يتصور أن كل هذه الأزمة ستختفي في سنوات قليلة، وأصبح هناك استثمارات في قطاع الكهرباء بلغت 355 مليار جنيه!

وفي هذه الحلقة التي كانت عن افتتاح السيسي للمحطة المذكورة وعدد من المشروعات الأخرى الخاصة بقطاع الكهرباء استضافت وزير الكهرباء الحالي ومازحته، وهي تقول له «فاكر انقطاع الكهرباء في مدينة الإنتاج الإعلامي؟!»

1,8 تريليون جنيه لتطوير قطاع الكهرباء أين ذهبت

ويا لها من مفارقة! عندما تتكرر الأزمة الآن، وفي هذا الصيف، ورغم الأموال المعلن انفاقها في قطاع الكهرباء وهي ليست بالمليارات، ولكن بالتريليون، وهي فئة مالية في التعامل عرفتها الحياة السياسية في عهد السيسي، ولم تكن تستخدم في القاموس السياسي البتة؛ إذ قال فخامته إن كلفة تطوير قطاع الكهرباء هي 1.8 تريليون جنيه، وكان هذا التصريح في 13 فبراير/شباط الماضي، أي منذ خمسة شهور!

ومع كل هذه الاستثمارات، ومع كل هذه الدعاية للمرحلة، عادت ريمة لعادتها القديمة، وتعيش مصر الآن من جديد ما وصفته لميس الحديدي بـ (الكابوس)، ولم يخرج السيسي ليصارح الشعب بالحقيقة، التي طالب حكومة الإخوان (في المسلسل) بإعلانها للمصريين، وظهر رئيس الحكومة متأخراً، وهو يرجع الأمر الى الموجة الحارة، التي تتعرض لها البلاد، بينما وزير البترول يرجع الأزمة لشهر الصيف، وكأن الصيف فاجأ القوم، وكأننا في كل عام كنا نستقبل شهر يوليو/تموز بأغنية الجو بديع والدنيا ربيع، وأن الصيف كفيروس كورونا، وكالحرب الروسية الأوكرانية، حل علينا إذ فجأة وبدون سابق انذار!

بينما وزير الكهرباء، الذي مازحته لميس الحديدي بتذكيره بـ (الكابوس)، غرق في شبر ماء مع هذه التريليونات، التي أنفقت على تطوير قطاع الكهرباء، وهذه الاستثمارات في القطاع التي أعلنت عنها لميس، ولم يجد ما يقوله إلا أن يشاطر الشعب المصري الأحزان بإعلان أنه يغلق أجهزة التكييف في منزله ليشعر بما يشعر به الشعب المصري!

دع عنك كل ما قيل من أن انقطاع الكهرباء في عهد الرئيس محمد مرسي كان بفعل فاعل، والفاعل معلوم، وأنه كان مدبراً من الطرف الثالث، وأشار الى ذلك الرئيس محمد مرسي في خطاب له، عن الولد الذي يتحكم في «سكينة الكهرباء»، إغلاقاً وتشغيلاً، وهو ما اتخذه اعلاميو المرحلة مادة للسخرية والتندر، وكذلك فعل مسلسل «الاختيار»، ليشعر المصريون بـ (الأملة) التي هم فيها الآن!

فما يهمنا التأكيد عليه، أن انقطاع التيار كان من الأزمات التي كانت سبباً في غضب الناس، ولهذا نفخ فيها الإعلام من روحه لتزكية حالة الغضب وتعميقها، للوصول إلى مرحلة الانقلاب العسكري على الرئيس المدني المنتخب، فإن ريمة عندما عادت لعادتها القديمة، لم يجد أحد من هؤلاء لديه القدرة على أن يمارس حقه في فتح فمه، ولو من أجل أن يأخذ هواءً، والوحيد الذي نطق هو أحمد موسى في قناة «صدى البلد»، وكل ما قاله هو أنه طالب الحكومة بإصدار بيان، وقال رئيس الحكومة إنها الموجة الحارة، دون أن يجرؤ أحد لسؤاله، وأين خطط الحكومة للتعامل مع الصيف، وكيف ينقطع التيار الكهربائي مع هذه التريلونات المنفقة، وملايين الاستثمارات، ومحطة الطاقة الشمسية الرابعة عالميا، والأولى افريقيا؟!

في إبريل/نيسان من العام الماضي علق أحمد موسى على ما جاء في مسلسل «الاختيار»، بأن الإخوان عجزوا عن حل مشكلة الكهرباء. فما الوضع الآن؟!

عندما تكلم محمود سعد وعمرو أديب

لقد راعني هذا المنشور لـ «محمود سعد»، الذي لا يستنكر فيه انقطاع الكهرباء، أو يسأل عن سبب انقطاعها، وقد تخلصت منه البلاد بعزل الحكم الإخواني الفاشل، لكنه طالب الحكومة في وداعة (هل أقول في مذلة؟)، بأن المطلوب فقط هو مواعيد انقطاع الكهرباء في المناطق المختلفة، وكفى، وقد تمدد بالحرارة في عهد الرئيس محمد مرسي وتحدث في برنامجه في قناة «النهار» عن فشل الحكم الإخواني، في حل مشكلة انقطاع الكهرباء على النحو، الذي لم تعرفه مصر، سواء في عهد مبارك، أو في مرحلة حكم المجلس العسكري، وقال «كنا في عهد مبارك زي الفل ولم نكن نشعر بهذه الحكاية خالص»، الأمر الذي يؤكد أن حكومات مبارك أفضل من حكومة الإخوان.. هكذا قال!

سخر محمود سعد من اصطلاح «تخفيف الأحمال»، الذي اعتمدته حكومة هشام قنديل، ويقصد به تبادل قطع التيار الكهربائي عن المناطق بالدور، وهو الإصطلاح الذي تعتمده الحكومة الحالية في تصريحاتها، لكن الجديد أن محمود سعد وإخوانه، لا يستطيعون الاعتراض أو التندر ولو بشطر كلمة!

أما عمرو أديب، فقد ذهب بعيداً بالتطاول على مقام الرئاسة بأن قال كما خطب الرئيس محمد مرسي وسط القمح (في عيد الفلاح)، فعليه أن يخطب في الظلام، ليكون مع الشعب المصري في الحلوة والمرة. هكذا قال!

فهل يجرؤ الآن على أن يطلب من عبد الفتاح السيسي أن يشارك الشعب المصري الأحزان، فيعقد اجتماعاته بدون تشغيل مبرد الهواء، أو أن يخطب في الظلام؟!

خطاب هشام «قطونيل» :لقد كان خطاب هشام قنديل، رئيس الحكومة في عهد محمد مرسي مثاراً لتندر الإعلام، عندما طلب ممن يملكون أكثر من «تكييف هواء» في الشقة الواحدة، أن يستخدموا جهازاً واحداً، وأن يجلسوا في حجرة واحدة، لتقليل الاستهلاك، وأن يرتدوا ملابس قطنية للتخفيف من شدة الحر، فكان موضوعاً للسخرية في الصحف، وفي البرامج التلفزيونية، ووصف بـ «هشام قطونيل»، نسبة لشركة الملابس القطنية التي تحمل هذا الاسم!

الأزمة في عهد مرسي، وإن كانت بفعل فاعل، إلا أنها كانت دون هذا الانفاق المبالغ فيه للغاية، ودون الإعلان عن تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الكهرباء لحد تصدير الفائض، ودون ظهور حقل ظهر وغيره مع الإعلان عن تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز وتصديره، وعندما يحدث هذا كله الآن مع توافر كل هذه الإمكانيات، فلا بد من أن يستعين المرء بفقه المتصوفة في فهمه، وكأن الله أراد بما يحدث وفي أكثر من مشهد أن يكشف عن القوم ستره، جزاء وفاقاً لظلمهم الرئيس محمد مرسي، الأمر نفسه بالنسبة لهذه المذلة التي فرضت على الأبواق الإعلامية، فيصمتوا الآن ومن يتكلم فإنه يذكرنا بقصة كان يرويها المصريون في زمن مبارك لعدم ثورة المصريين!

تقول الحكاية إن مبارك ارتاب في عدم رد فعل المصريين على الأزمات ورأى أنهم يخفون اتجاهاً للثورة عليه، وأن الصمت تقية، فكلف ضباطاً، بأن يقفوا على كوبري «السادس من أكتوبر»، وينظموا المارة في طابور، فلا يمر أحدهم إلا بعد صفعه على قفاه، استعجالا لرد فعلهم، فكان طلبهم بزيادة أعداد الضباط للقيام بالمهمة للإنجاز وتيسير حركة المرور، وهكذا هو الطلب المتواضع لمحمود سعد، أحد النشامى في عهد الإخوان!

لقد عاد (الكابوس) وما عادت (لميس)، فـ (لميس) في العراق مريضة!

وسوم: العدد 1042