هآرتس: الكولونيالية اليهودية- نسخة “واتساب”… من يحصي إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية؟

ظهرت رسالة على “واتساب كتب فيها:  “قرية بورين تتعرض لهجوم من قبل عصابات المستوطنين… وأثناء محاولة السكان لإطفاء الحرائق تم الاعتداء عليهم”. فيلم الفيديو لـ “يوجد حكم” رافقه نبأ لجاكي خوري، الذي ظهر فيه خمسة شباب ملثمين بأسلوب المستوطنين وهم يخرجون من حقل زيتون، كان الدخان يتصاعد منه، وصعدوا إلى قمة الجبل نحو مستوطنة “يتسهار”، قال سكان بورين. نشر “واتساب” صورة لقطعة أرض تشتعل فيها نار قوية، وفيلم يظهر فيه صوت شخص يلهث ويصف ما يراه: أربعة شباب، ملثمون كما قلنا، ينزلون نحو من يحاولون إطفاء الحريق.

ظهرت الصور على مجموعة “واتساب” باسم “توثيق هجمات المستوطنين”. والسبت، ظهرت فيها تقارير مقتضية: “للمرة الثانية خلال بضع ساعات، يهاجم المستوطنون أبو عامر على أطراف قرية تقوع” و”يتجول المستوطنون بين بيوت السكان في منطقة عرب الكعابنة (المعرجات) الواقعة شمال غرب أريحا، صباح اليوم”. فيلم نشر في نفس اليوم والقرية، ظهرت فيه أربع مجندات مسلحات يقفن قرب الجدار، ثلاثة منهن يصرخن على فلسطيني “هيي هيي، اسكت، أغلق فمك”، وأصوات غير واضحة. كان يقف وراءهن يهودي متدين يرتدي قبعة كبيرة وقميصاً بلون أبيض (يوم السبت، أليس كذلك؟) وتتدلى منه خيوط الثياب ومسلح ببندقية. لم ينبس بكلمة. كان خلفه قطيع أغنام ويصرخ “اخرجوا”.

المشهد غير واضح، لكن لغة الجسد وصراخ المجندات وصمت اليهودي المسلح تقول كل شيء: ها هو السيد، وهناك مَن حمايته مِن مهمتهن، أما الفلسطينيون فمكرهة يجب التخلص منها.

أحد سكان المعرجات شرح لي ما حدث: مستوطنون من بؤرة استيطانية عنيفة قريبة أرسلوا قطيعهم إلى القرية البدوية ليدعوا لاحقاً بأنه سرق، وعقب ذلك يبررون اقتحام القرية بحماية الجيش. أصر السكان على التصدي للمستوطنين وإبعاد القطيع. هذه إحدى الخدع في سلسلة الاستفزازات اليومية التي أصبح الرعاة الفلسطينيون بسببها يحبسون المرعي أمام أغنامهم؛ فبحيل المستوطنين ورفقة الجنود الذين يقومون بحمايتهم، اضطر عدد من الرعاة الفلسطينيين إلى ترك بيوتهم في السنتين – الثلاث الأخيرة.

في كل يوم تنشر تقريباً في مجموعة “الواتساب” خمسة تقارير مشابهة، تكون مرفقة أحياناً بتوثيق عمليات هدم لمبان ولآبار مياه تنفذها الإدارة المدنية. هذا بث حي للتقدم الائتلافي الاستيطاني اليهودي والهجوم المخطط له والموازي له، والذي هدفه مواصلة طرد الفلسطينيين من أراضيهم.

مقابل كل هجوم يصل إلى وسائل الإعلام بسبب سقوط ضحايا في الأرواح وخسائر في الممتلكات، هناك عشرات الهجمات التي هي مجرد استفزازات يومية وتصل إلى “الواتساب”. هذا البث المباشر والمستمر يوضح بشكل مؤلم عجز الذين يعارضون إرهاب الدولة والمراسلات اللواتي يردن التحقيق في كل قضية، لكن بدون نجاح في التحقيق بكل حالة. ويوضح أيضاً ضياع القيادة الفلسطينية التي تواصل التنسيق الأمني مع إسرائيل، لكنها لا تقوم بحماية أبناء شعبها من المشاغبين.

وسوم: العدد 1043